لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

تفسير إنجيل متى

بنيامين بنكرتن

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

تفسير إنجيل متى

بقلم

المرحوم بنيامين بنكرتن

طبعة ثالثة منقحة

عام 1981

بنيامين بنكرتن

إن بعضًا ممن عاصروا بنكرتن وعاشروه شهدوا عنه أنه كان تقيًا غزير العلم في كلمة الله عميق الشركة مع الرب. وتشهد على ذلك كتاباته التي لا تزال بين أيدينا وهي تفسير العهد الجديد من إنجيل متي إلى رسالة كولوسي وغير هذه من النبذ والكتب التي تعتبر في مقدمة المراجع التفسيرية.

كانت الحاجة شديدة إلى خدام الكلمة وكان بنيامين بنكرتن يشعر بهذه المسئولية، لذلك لم يكن يتأخر قط عن زيارة القرى في أي وقت دون أن يقيم اعتبارًا لما يكلفه ذلك من ضيق أو جهد واضعًا أمامه خير النفوس ومجد الله قبل كل شيء.

وقد رقد في الرب في شهر مايو سنة 1890 في مدينة بيروت وهو في الثانية والخمسين من عمره بعد أن خدم جيله بأمانة في تقوي كثيرة وفي جهاد الإيمان.

 قصة جهاد الشارح

في الأقطار العربية

كان بنيامين بنكرتن واحدًا من المرسلين الذين جاءوا من أمريكا لخدمة الإنجيل في الشرق الأوسط. وكان مقره مدينة بيروت عاصمة لبنان. ولكنه كثيرًا ما كان يجول بين بلدان القطر المصري. وقد تعرف بكثيرين من المؤمنين في البلاد.

وحدث حوالي سنة 1870 ميلادية أن وقعت بين يدي بنيامين بنكرتن كتابات يوحنا داربي ويوحنا ج بللت، وشرح الكتاب المقدس لوليم كلي وغيرهم، ووقف على آرائهم في موضوعات حرية الروح القدس في العبادة و كسر الخبز وخدمة الكلمة وتعليم اختطاف الكنيسة والملك الألفي.. الخ

عكف بنكرتن على دراسة هذه الكتابات بروح الصلاة، مدققًا وفاحصًا، مستودعًا الأمر بين يدي الرب الذي يستطيع وحده أن يوصل الحق إلى النفوس، إلى أن أنتهي به الرأي إلى كتابة خطاب إلى مجلس إدارة الإرسالية بأمريكا يعلن اقتناعه بتلك الحقائق ويفصح عن رغبته في خدمة الرب حسب مبادئ كلمة الله التي اقتنع بها، وعن امتناعه عن قبول أية مساعدة مالية من مركز الإرسالية، تاركًا سداد أعوازه الزمنية للرب الذي يعرف حاجاته ويستطيع أن يسددها في حينها.

ثم حدث بعد ذلك أن سافر إلى إنجلترا وتعرف هناك بالأخ تشارلس ستانلي، أحد الأخوة البارزين هناك الذي شجعه كثيرًا وزوده بمطبعة عربية بجميع معداتها. فرجع إلى بيروت وبدأ يذيع الحقائق الكتابية قولاً وكتابة في بلاد سوريا والعراق ومصر.

وتميزت الفترة ما بين سنة 1875 وسنة 1885 بكثرة انتشار النبذ والكراسات الصغيرة التي كان يرسلها بنيامين بنكرتن إلى مرسل ألماني من الأخوة كان يقيم في الإسكندرية، هو الأخ لويس شلوطهاور، الذي كان يوزعها في جهات كثيرة.

وكان بنكرتن يتردد على القطر المصري سنويًا ليقضي بين بلدانه حوالي أربعة أشهر متجولاً مناديًا بكلمة الله في اجتماعات صغيرة يعقدها في البيوت. ورغم المقاومات التي كان يلقاها، تشجع على مواصلة التجوال، والزيارات لأن الرب كان يحرك القلوب ويوقظ النفوس بواسطة خدمته التي تميزت بمسحة الروح القدس وبقوة تأثيرها. وبدأ البعض يكسرون الخبز في تلك الاجتماعات البسيطة ويفرحون بالحق.

أن الذين عاشروا بنكرتن يشهدون بأنه كان تقيًا ورعًا غزير العلم في كلمة الله، عميق الشركة مع الرب. تشهد بذلك كتاباته التي لا تزال بين أيدينا، وهي تفسير العهد الجديد من إنجيل متى إلى رسالة كولوسي، وغير ذلك من النبذ والكتب التي تعتبر في مقدمة المراجع التفسيرية.

واشتهر بأنه كان يحمل في تجواله نسخه من العهد القديم، مطبوعة صفحاتها باللغتين الإنجليزية والعبرانية، كل آية مقابل نظيرتها، ونسخة أخرى من العهد الجديد مطبوعة صفحاتها باللغتين الإنجليزية واليونانية القديمة على نفس النمط. وكان إذا ما سئل عن معنى عبارة في الكتاب، يخرج موضعها ثم يصلي صلاة قصيرة سريه ثم يقرأ النص في اللغتين، وحينئذ يتكلم مفسرًا الكلمة بالاستقامة وموصلاً إلى النفوس فائدة حقيقية.

كانت الحاجة شديدة إلى خدام الكلمة. وكان بنيامين بنكرتن يشعر بهذه المسئولية، لذلك لم يكن يتأخر قط عن زيارة القرى في أي وقت دون أن يقيم اعتبارًا لما يكلفه ذلك من ضيق أو جهد واضعًا أمامه خير النفوس ومجد الله قبل كل شيء. وقد عانى الكثير من التعب من ركوب الدواب التي كانت هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى القرى في تلك الأيام. حتى أنه سقط مرة من على ظهر دابته وهو في طريقه إلى بلدة هور إحدى قرى مركز ملوي فانكسر ذراعه. وكم من مرة نام في البيادر (الأجران) أو في الأكواخ أو افترش فراشًا من اللباد في العراء.

ومرة كان على سفر في طريق الخدمة مع قافلة تقطع الصحراء على ظهر الجمال (وأغلب الظن بين العراق وسوريا) وفي أحد الدروب أناخت تلك القافلة لتستريح من حر النهار ونام الرجال في ظل صخرة. وبعد قليل قاموا وواصلوا السير. واستيقظ بنكرتن فوجد نفسه وحيدًا، فتمسك إيمانه بالله واعتمد على مواعيده نحو الذين قلوبهم كاملة أمامه موقنا أن الرب يهتم به (مزمور 17:40) وبعد ست ساعات كان قد قضاها في الصلاة ومطالعة الكتاب، إذا بالقافلة نفسها تقترب لأن الرب حول طريقها وأتاهها ليصنع إحسانا مع عبده. وكان ذلك درسًا تدريبيًا عميقًا له.

وفي شتاء سنة 1889 انتابته حمى الملاريا وظلت الحمى تعاوده إلى أن كان شهر مايو سنة 1890 حين رقد في الرب في مدينة بيروت وهو في الثانية والخمسين من عمره بعد أن خدم جيله بأمانة في تقوى كثيرة وفى جهاد الإيمان.

مقدمة الطبعة الثانية

هذه هي الطبعة الثانية من (تفسير إنجيل متى) للمرحوم بنيامين بنكرتن. الحلقة الأولى من سلسة تفاسيره القيمة من إنجيل متى إلى رسالة كولوسي. نقدمها لمحبي درس كلمة الله، والراغبين في كشف غوامضها. نقدمها شاكرين الرب الذي أعاننا على إخراجها لفائدة اخوتنا المؤمنين وتقدمهم الروحي، لما تميزت به من غزارة المادة ونقاوة التعليم، ودقة التعبير ومن روح التقوى والوقار التي تترك أثرها القوى في نفوس القراء.

ولا يُخفى أن المرحوم بنيامين بنكرتن كتب تفاسيره باللغة العربية. فأنه وإن كان أجنبيًا، إلا أنه كان بنعمة الله ضليعًا في هذه اللغة. فضلاً عما تميز به أسلوبه من سلاسة وسهولة. ولكن لأنه كان مستوطنًا في قطر شقيق، غلبت عليه لهجته في التعبير، لذلك رأينا من اللازم تغيير بعض الألفاظ، وأحيانا بعض الفقرات، لتتفق والأسلوب العربي الصحيح.

كما قد رأينا لإيضاح المعنى واستكمال الفائدة أن نضيف بعض حواشي، أو بعض شواهد هامة.

والرب الذي بارك هذه التفاسير في إفادة القديسين في العالم العربي زهاء سبعين عامًا، يتولى هذه الطبعة برعايته، لمجده وفائدة قديسيه إلى يوم مجيئه. آمين.

 

 أ  ب  1    2    3    4    5    6     7    8    9    10    11    12    13    14    15    16    17    18    19    20    21    22    23    24    25    26    27    28   ج  

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة