لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

جولة مع يسوع إلى السامرة

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

خادم الرب الأخ: حليم حسب الله

الفصل الحادي العشرون

إنجيل النعمة وجهل الإنسان

"فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره" (2كو8: 9)

مع أن الرب يسوع هو الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن الخراف (يو10: 11) وهو الذي "يذهب لأجل الضال حتى يجده" (لو15: 4) لكنه قال للمرأة السامرية "أعطيني لأشرب" (يو4: 7) فكان جوابها له "كيف تتطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية" (يو4: 9). لقد بدأ الرب بالطلب منها، لكنها لم تعرف كيف تعطي. وبالفعل كان الرب عطشانا لنوعين من الماء:-

1-  ماء يروي العطش الطبيعي باعتباره الإنسان الذي تعب في السير لمسافة طويلة.

2-  ماء يروي نفسه التي كان بها عطش أعمق بكثير وهو أن هذه النفس تولد من جديد، وتحصل على الحياة الأبدية وتصير من ضمن خرافه الخاصة.

إنجيل يوحنا يقدم المسيح باعتباره ابن الله (يو1: 18). الكلمة الأزلي الذي حل بيننا وأخذنا منه نعمة فوق نعمة. هذا الذي ظهر في الجسد مقتربا من البائسين. لذلك ترد قصة المرأة السامرية في هذا الإنجيل، والروح القدس له قصد من ذلك. وهو أن يعلن لنا الله المحب، صاحب القلب المملوء بالرحمة والحنان مشفقا على البؤساء والمساكين، وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة (2بط3: 9). لذلك أرسل وحيده مملوءا نعمة وحقا. طريقا وحيدا للخلاص وبابا وحيدا للدخول فيه (يو10: 9). فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس (يو1: 4). قال عن نفسه "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يو14: 6). إنه كلي الجلال والعظمة، هذا الشخص الذي اقترب إلى النفوس البائسة ولازال يقترب منها حتى الآن. كل نفس لازالت على قيد الحياة تشكر الرب لأجل طول آناته وصبره عليها وهو يقترب إليها بمياه الحياة. 

  أولا: إنجيل المسيح لكل البشر

قال الرب يسوع للمرأة السامرية "لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيا" (يو4: 10). إن هذه العبارة هي الإنجيل المقدم من الرب لكل البشر، وفيها نرى الرب لا يريد أن يأخذ من الإنسان، بل يريد أن يعطيه. وفي هذه العبارة نرى أربعة أمور هامة هي:-

1- عطية الله "لو كنت تعلمين عطية الله"

"لو كنت تعلمين عطية الله"، يا لها من عبارة تعلن عن مشاعر رقيقة ومحبة غامرة متدفقة من قلبه. وفيها نرى أيضا أن الله يسر بالعطاء أكثر من الأخذ.

كثيرا ما شوه الشيطان جمال الإنجيل، وصورة الله أمام الإنسان، فصوره وكأنه يريد أشياء كثيرة منا. لقد ذهب الشيطان للعبد وجعله يفكر السوء في سيده، فلما جاء سيده ليحاسبه قال العبد له "يا سيد عرفت أنك إنسان قاس تحصد حيث لم تزرع وتجمع من حيث لم تبذر" (مت25: 24). من أعلمه هذا؟!. الإنسان في جهله يظن أن الله يريد أن يأخذ منه، لذلك يعلن الله في كلمته أن الخلاص "ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد" (أف2: 9)، وهنا المقصود الأعمال الصالحة في نظر الإنسان حتى لا يفتخر بها.

2- طلب العطية "لطلبت أنت منه"

مع أن محبة الله للجميع وخلاصه مقدم لكل البشر، لكن لا يحصل عليه إلا من يطلب. لنلاحظ القول "لطلبت أنت منه". "أنت" أي أنه شخصي ولا يجوز لواحد أن يطلب بدلا عن آخر بل كل واحد يطلب لنفسه، وأيضا "منه" من الرب شخصيا ومباشرة. أنه تلاقي فردي وشخصي، الرب والمرأة السامرية، الرب ونيقوديموس وهكذا. يذكر عن الأبرص الذي أتى إلى الرب يسوع "فأتى إليه أبرص يطلب إليه جاثيا" (مر1: 40). ويذكر عن قائد المئة "ولما دخل يسوع كفر ناحوم جاء إليه قائد مئة يطلب إليه" (مت8: 5) لنلاحظ تكرار كلمة "إليه"، فكل منهما جاء إلى يسوع وليس لآخر سواه وكل منهما طلب مباشرة إليه.

3- العطاء الإلهي "فأعطاك"

 الأمر لا يتطلب مصارعة ودموع وصراخ وتوسل، لنلاحظ القول "لطلبت أنت منه فأعطاك". كثيرا ما يتعطل الإنسان من الطلب وبالتالي لا يأخذ، فواحد يزعم أنه جيد الصفات وهو لا يحتاج إلى الخلاص، وآخر يشعر أنه أردأ البشر ولا يستحق شيء من الرب. فالبعض يعتمد على البر الذاتي والاستحقاق الشخصي، والبعض الآخر يشعر بالمذلة وعدم الاستحقاق، وهذه تقود إلى البر الذاتي أيضا. بمعنى أن مثل هذا الشخص يريد أن يقول: عندما أحسن من حالي وأغير من حياتي أكون أهلا ومستحقا لهذا الخلاص. يا له من بر ذاتي!! بينما يقول الرب "هلم نتحاجج يقول الرب إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج وإن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف" (إش1: 18).

  كما  أنا  آتي  إلى  فادي الورى مستعجلا          إذ قلت نحوي أقبلا يا حمل الله  الوديع

لقد قال الرب يسوع "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى...لأني لم آت لأدعو أبرار بل خطاة إلى التوبة" (مت9: 12و13). لقد "جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك" (لو19: 10).

4- نوعية العطاء "الماء الحي"

لقد شبه الرب الخلاص بالماء الحي، وإليك بعض المشابهات:-

1- الماء عطية من عطايا الله. الإنسان بكل حكمته وعلومه التي يفتخر بها لا يستطيع أن يكون الماء أو يصنعه لنفسه. الماء يعتمد في وجوده على الله فقط. هكذا الخلاص أيضا هو عطية الله للإنسان (أف2: 8و9). أساسه موت ربنا يسوع المسيح على الصليب وقيامته ومانحه هو الله للإنسان (إش45: 22، أع4: 12).

2- الماء ينزل من السماء (ماء المطر) فهو ليس من نتاج الأرض بل يأتي من فوق، هكذا الخلاص أيضا هو من عند الرب. أساسه موت ربنا يسوع المسيح على الصليب وقيامته ومانحه هو الله للإنسان (إش45: 22، أع4: 12).

3- الماء يعطى من الله بدون مقابل من الإنسان والرب يقدمه مجانا لكل البشر، هكذا الخلاص أيضا يقدمه الله لكل البشر بدون مقابل لأنه لا يمكن للإنسان أن يقدم لله مقابل لأجل خلاص نفسه وإلا لا يصير عطية من الله.

4- الماء لازم وضروري للحياة فهو ليس شيء للترف بل ضروري للحياة الطبيعية وبدونه لا يقدر الإنسان أن يعيش. هكذا الخلاص أيضا ضروري وأساسي للحياة الروحية والعلاقة مع الله وبدونه الإنسان هالك.

5- الماء يحتاج إليه الجميع بدون استثناء، وكذلك الخلاص هو احتياج كل البشر عال ودون، رجل وامرأة، شاب وشابه، شرير ومتدين، إنه احتياج الكل بدون استثناء. يحتاج إليه المتدين مثل نيقوديموس، ويحتاج إليه الشرير المنبوذ مثل المرأة السامرية. 

6- كل العمليات الحيوية في جسم الإنسان تدخل فيها المياه، وهو يروي وينعش ويشبع، هكذا الخلاص الذي نجده في المسيح أيضا له تأثيره في كل الحياة الخارجية من جهة السلوك، والحياة الداخلية من جهة الأفكار والنيات والدوافع. وهذه الأمور تتغذى بفعل وعمل الروح القدس في داخل الإنسان. "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17).

7- الحصول على الماء سهل، وليس مثل أشياء كثيرة لكي نحصل عليها لابد من التعب، هكذا الخلاص المقدم لنا من الله يقدمه لنا الله ولا ينتظر منا إلا أن نقبله.

الرب "يعطي ماء الحياة"، كم هو مبارك هذا، ماء الحياة مجانا وبدون مقابل. إنه هبة وهذه الهبة يمكننا الحصول عليها من المسيح فقط. نعم العطية عظيمة والعاطي أعظم. 

 ثانيا: جهل الإنسان عن الإنجيل

قال الرب يسوع للمرأة السامرية "لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيا" (يو4: 10). فكانت إجابة المرأة على قول الرب إعلانا لجهل عظيم، إذ قالت له "يا سيد لا دلو لك والبئر عميقة فمن أين لك هذا الماء. أ لعلك أعظم من أبينا يعقوب" (يو4: 11و12)، وهنا نستطيع أن نقول أن إنجيل المسيح مقدم لها لكنها كانت تجهله. لقد كان كل تفكيرها في الماء الحرفي، إنه قلب مغلق. لذلك تكلمت عن ثلاثة أشياء:-

1-  "لا دلو لك": إنها مشغولية بالطريقة والكيفية. الأمور المنظورة والوسيلة التي هي تعرفها للحصول على الماء ألا وهو "الدلو". إن الله لا يحد بطريقة معينة، فهو ليس طرقه كطرقنا ولا أفكاره كأفكارنا (إش55: 9). إن الرب يريدها أن تنظر إليه لا إلى الدلو. إن كثيرين مشغولين بالدلو، مشغولين بأمور كثيرة في هذا العالم، لذلك لا تأتي كلمة الله معهم بنفع مع أنهم يسمعونها كثيرا. لقد قال الرب يسوع في مثل الزارع "هموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات سائر الأشياء تدخل وتخنق الكلمة فتصير بلا ثمر" (مر4: 19). هذا هو الدلو الذي يخنق الكلمة.

2-  "والبئر عميقة": يقال أن بئر سوخار عميقة جدا، لكن توجد بئر أعمق منها بكثير. الرب يتكلم عن بئر الماء الحي، والمرأة تحتاج إلى ماء حي للحياة لكي تحيا، وهذه البئر عميقة وهي لا تعرفها ولا تقدر أن تصل إليها، ولكن محبته لها تجعله ينزل في هذه البئر ويقدم لها ماء الحياة مجانا. لقد قدم الرب يسوع خلاصه لنا لا على طبق من الفضة أو الذهب، لكن من خلال موته على الصليب وسفك دمه الكريم. في سفر المزامير نرى البئر العميقة التي نزل إليها المسيح فيقول "خلصني يا الله لأن المياه دخلت إلى نفسي.غرقت في حمأة عميقة وليس مقر. دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني. تعبت من صراخي. يبس حلقي. كلَت عيناي من انتظار إلهي". ويقول أيضا "نجني من الطين فلا أغرق. نجني من مبغضي ومن أعماق المياه. لا يغمرني سيل المياه ولا يبتلعني العمق ولا تطبق الهاوية عليَ فاها" ثم يقول "العار قد كسر قلبي فمرضت. انتظرت رقة فلم تكن ومعزين فلم أجد. ويجعلون في طعامي علقما وفي عطشي يسقونني خلا" (مز69: 1-3و14و15و20و21).

3-  "أ لعلك أعظم من أبينا يعقوب": إنها تجهل شخصه المبارك. ربما فكرت في العطية التي قال لها عنها، وربما حدث تشويش في ذهنها، لكنها لم تفكر في العاطي نفسه ولذلك قالت له "أ لعلك أعظم من أبينا يعقوب" وفاتها أنه رب وإله إبراهيم واسحق ويعقوب، وإنه أعظم من يعقوب وسليمان ويونان وأعظم من الهيكل ومن موسى ومن يشوع وأعظم من الملائكة بل وأعظم من الكل (مت12: 6و41و42، عب1: 4، 3: 3، 4: 8-10). ولكن للأسف عينيها لم تر ذلك، ورغم ذلك كان الرب قي غنى نعمته وطول آناته يتحمل كل ما تقوله عنه وله.

ثالثا: الماء الذي لا يروي والماء المروي

لقد قال الرب يسوع للمرأة "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا ولكن الذي يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" (يو4: 13و14). وبهذه الكلمات التي قالها الرب يسوع للمرأة السامرية يريدنا أن نتنحى عن كل ماء العالم، من مال وجاه وجمال وشهوات وملذات. كل شيء لا يمكن أن يروي. "كل من يشرب...يعطش أيضا". لقد قال سليمان الحكيم "كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن...العين لا تشبع من النظر والأذن لا تمتلئ من السمع" (جا1: 7و8). هذه حقيقة واقعية.  لقد شرب الغني من مياه الغنى وكان يتنعم كل يوم مترفها، لكنه مات عطشانا ورفع الرب الستار عنه أبديا فهو يطلب قطرة ماء تقدم له لا ليروي ظمأه لكن ليبرد لسانه لأنه معذب في اللهيب (لو16: 19-26). إنها حقيقة لا يشبع القلب ولا يروي النفس إلا الرب يسوع وحده.

إن كلمة "لن" في القول "...فلن يعطش إلى الأبد"، للنفي المطلق. ولقد وردت هذه الكلمة في إنجيل يوحنا مرارا. قال الرب يسوع "...فلن يرى الموت إلى الأبد" (يو8: 51) والمقصود هنا الموت الأبدي. وقال أيضا "...لن تهلك إلى الأبد" (يو10: 28). نعم "لن يعطش إلى الأبد...لن يرى الموت إلى الأبد...لن تهلك إلى الأبد". إن الرب يسوع هو "أبو الأبدية" (إش9: 6)، إنه أبو كل ما هو أبدي، فالحياة التي يمنحنا إياها هي الحياة الأبدية، والطعام المشبع لنا "باق للحياة الأبدية" وأيضا "إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد" (يو6: 51)، والماء الذي يعطيه مروي ومنعش إلى الأبد. "ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد...". ذلك هو الروح القدس الذي يعطيه الرب يسوع للمؤمن، ويعطيه ليكون ينبوع تمتع إلهي، ويصبح قوة للسجود. وهو الذي يصوغ ويشكل الشركة والعلاقة الدائمة بين المؤمن والآب والابن، وهذا أكبر وأكثر من نوال الحياة الأبدية التي تكلم بها الرب مع نيقوديموس. إنه روح التبني، ولذلك فهو في المؤمن ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية. هو مصدر إنعاش إلهي في داخل نفس المؤمن، وهو الذي يقود إلى الفرح في المسيح، ويسمو بالنفس إلى ما هو سماوي. يجب أن نلاحظ أن الرب لا يقول أن هذا الينبوع ينبع إلى "الحياة الأبدية" بل "إلى حياة أبدية" وذلك لأن وجود هذا الينبوع في المؤمن يبرهن على امتلاك المؤمن للحياة الأبدية التي هي شرط نوال الروح القدس والتي حصل عليها بالإيمان بالرب يسوع. 

رابعا: الماء الحي يتطلب تنظيف الإناء

الرب لا يعطي الماء الحي إلا بعد أن ينظف الحياة أولا، وهذا ما فعله مع هذه المرأة. لقد كشف أسرارها ووصل بها إلى الاعتراف بخطاياها ولاسيما عندما قال لها "اذهبي وأدعي زوجك وتعالي إلى ههنا" (يو4: 16). إن ربنا يسوع المسيح مملوء نعمة وحق، فهو يريد بهذا السهم يخترق قلبها. لا يمكن لأي إنسان أن يأتي إلى الرب ويستفيد من نعمته إلا إذا نخسته كلمة الله في داخله فيدرك أنه إنسان خاطئ لا يستحق. لابد أن يشعر الإنسان أولا بخطاياه. "اذهبي وأدعي زوجك" عبارة ليست للتأنيب فقط، لكن يقول"وتعالي إلى ههنا". يا لها من نعمة تسر بالعطاء. "اذهبي... وتعالي" إنه ذات الشخص الذي نادى قائلا "إن عطش أحد فليقبل إليَ ويشرب" (يو7: 37) وأيضا "تعالوا إليَ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت11: 28). لقد بدأ الروح القدس بعمله في الداخل وفي هذا المشهد لا تستطيع أن تكذب فقالت له "ليس لي زوج". هذا هو الندم والتوبة والاعتراف بأنها لا تستحق أن يعطى لها الماء الحي. إن الرب يسوع قال "فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر1: 15). لا يمكن أن يعطي الرب هذه النعمة على عسم، فلابد من التوبة والإيمان معا. لكون الرب يحبها ويريد أن يعطيها المياه الحية كان لابد أن ينظف الداخل أولا.

  خامسا: إشراق النور الإلهي

لقد بدأت المرأة بالاعتراف وساعدها الرب على ذلك فقال لها "حسنا قلت ليس لي زوج.كان لك خمسة أزواج والذي لك الآن ليس هو زوجك. هذا قلت بالصدق" (يو4: 17و18). لقد شجعها الرب وكشف لها ما في قلبها وأظهر لها الأشياء المخفية، أن هذا كان بينه وبينها. فهو يكشف الأخطاء والعيوب للشخص أمام عينيه ثم يسترها ويغفرها، ولكن لا يكشفها أو يظهرها أمام الآخرين حتى إن كانوا مؤمنين. فهو لم يحكي مع تلاميذه عنها شيئا، بل وقبل أن يتكلم معها أرسلهم ليشتروا طعاما.

نحن لا نعلم هل كان زوجها يموت وتتزوج بآخر، أم أنها كانت تطلقه وتتزوج بآخر، أم كانت تعيش مع رجل بعد الآخر إلى أن وصلت للرجل الذي كان معها وهو ليس زوجها وقت حديث الرب معها. لكننا نعلم أن نور الإعلان الإلهي كشف ما هو مخفي عن الأنظار. إن كلمة الله التي نصغي إليها تكلمنا عن أمور معينة في حياتنا، وتكشف هذه الأمور التي لا يعلمها أحد إلا الله وحده. أمام ما قاله الرب للمرأة قالت له "أرى أنك نبي".

لقد تدرجت المرأة السامرية في معرفة الرب يسوع، فقالت له في بداية اللقاء "أنت يهودي" ثم قالت له "أ لعلك أعظم من أبينا يعقوب"، ثم قالت له "يا سيد" ثم قالت "أرى أنك نبي" وأخير عرفته أنه المسيا ونادت به.

إنجيل يوحنا يظهر الرب يسوع باعتباره " النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان" (يو1: 9) والذي قال فيه عن نفسه "أنا هو نور العالم"، وأيضا "مادمت في العالم فأنا نور العالم" (يو8: 12، 9: 5). لذلك لا غرابة إن يكشف ويظهر الخفايا في النور. فيظهر ماضي وحاضر السامرية (يو4: 17و18) وأيضا يظهر خطايا وخفايا المشتكين على المرأة الزانية والطالبين برجمها (يو8: 6-9) إنه لم يذكر خطايا المرأة لكنه جعلها هي تعترف بها وتتركها لذلك غفر لها، أما أولئك الذين أظهر لهم خطاياهم هربوا من أمامه ولم يبق واحد منهم، هؤلاء لم يستفيدوا من نعمته.

*********************

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادي عاشر

الفصل الثاني عشر

الفصل الثالث عشر

الفصل الرابع عشر

الفصل الخامس عشر

الفصل السادس عشر

الفصل السابع عشر

الفصل الثامن عشر

الفصل التاسع عشر

الفصل العشرون

الفصل الحادي العشرون

الفصل الثاني والعشرون

الفصل الثالث والعشرون

الفصل الرابع والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل السادس والعشرون

الفصل السابع والعشرون

الفصل الثامن والعشرون

الكتاب كاملاً

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.