لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

تأملات في سفر الأمثال

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

القسم الثالث

25 - 29

أمثال سليمان التي نقلها رجال حزقيا

الأصحاح الخامس والعشرون

1. هذه أيضاً أمثال سليمان التي نقلها رجال حزقيا ملك يهوذا.

ها نحن ندخل؟ كما أشرنا من قبل؟ في الجزء من سفر الأمثال الذي لم يكن قد ضُم إليه حتى أيام حزقيا؟ أي بعد موت سليمان بثلاثة قرون. فإن بعض الكتبة؟ الذين تطلق عليهم الترجمة السبعينية صفة «رجال حزقيا»؟ أخرجوا من بين طيّات النسيان هذه الأمثال التي تؤلف الخمسة الأصحاحات التالية. ونتعلم من 1ملوك4: 32 أن الملك الحكيم «تكلم بثلاثة آلاف مثل وكانت نشائده ألفاً وخمساً». أما عن هذه النشائد فلا نعرف شيئاً؟ وكل ما لدينا - غير سفرنا هذا - هو سفر النشيد ومرثاة الجامعة؟ ومزمور 127. ومن المحتمل أن هناك قليلاً من المزامير من تأليفه؟ لكن بقية نشائده لم ير الله أن يحتفظ بها. وعن سفر الأمثال فقد مرّ بنا ما يربو على أربعمائة مثل نظ‏مها وتسلمت إلينا.

وفي الجزء الذي نحن مقبلون على دراسته؟ كثير من الأمثال الإضافية. وسواء كانت مسلّمة شفاهاً أو كتابةً من أيام سليمان إلى زمان حزقيا؟ فذلك أمر لا نستطيع أن نقطع فيه برأي. فإن العبارة «نقلها رجال حزقيا» توحي بنسخها أو بنقلها مكتوبة؟ مما يعزز الرأي الأول. ولكن حيث أنه يمكن ترجمة اللفظة ذاتها ترجمة أخرى تعني "جمعها"؟ أي أن رجال حزقيا جمعوها؟ لذلك ليس من اليسير أن نقرر شيئاً إيجابياً في هذا الصدد. وكل ما يعوز المسيحي للتأكد من مصدرها الإلهي؟ هو تلك الحقيقة المعروفة؟ وهي أن هذه المجموعة من الأمثال تؤلف جزءاً من كتب العهد القديم يوم كان سيدنا يصادق على صحة الأقسام الثلاثة التي تنقسم إليها كتب العهد القديم؟ وهي الناموس والأنبياء والمزامير (لو24: 44).

2. مجد الله إخفاء الأمر. ومجد الملوك فحص الأمر. 3. السماء للعلو والأرض للعمق وقلوب الملوك لا تفحص.

يذكّرنا الكتاب المقدس أكثر من مرة بأن مشورات الله وخططه لا تستقصى. انظر تثنية29: 29 ورومية33: 11؟34. فكما علت السموات عن الأرض هكذا علت أفكاره عن أفكارنا. ولذلك يليق به تعالى أن يخفي مقاصده العجيبة عن حب الاستطلاع البشري التافه. ومع ذلك يريد من الذين هم في منصب أن يفحصوا كلمته باهتمام لكي يعرفوا فكره ومشيئته لأن هذا تدريب صالح ونافع. وكما أنهم ينقبون ويفتشون في مكتوماته؟ كذلك هو تعالى يفحص أسرار مخادع قلوبهم التي يجهلها رعاياهم. وكما أنهم يكتمون أسرارهم؟ كذلك يخفي تعالى أسراره؟ ويحتفظ بها ولا يعلنها إلا لقلة مختارة أمينة «سر الرب لخائفيه». القديسون جميعاً هم ملوك لله. ولهذا فهو يحب أن يبلغ فكره لكل من يهتم بأن يجعل نفسه مزكى لله. فليتنا نكون ملوكاً بهذا المعنى السعيد. انظر كلام ملاك الرب لمنوح وامرأته (قض13: 17؟18).

4. أزل الزغل من الفضة فيخرج إناء للصائغ. 5. أزل الشرير من قدام الملك فيثبت كرسيه بالعدل.

كما أن تنقية الفضة من الزغل تُنتج ما يلائم الصائغ؟ كذلك إزالة المشيرين الأشرار والناس الأثمة من قدام الملك تثبِّت عرشه بالبر. هكذا فعل سليمان في تاريخه يوم كان عليه أن يدين فعلة الشر الكثيرين قبل أن يتبوأ العرش (1مل2). وهذا ما سيتم؟ على نفس المبدأ؟ فيما يتعلق بملكوت ربنا يسوع المسيح. فإن الأشرار سيُبادون والعصاة يُقطعون من الأرض حينما ينتصر له المجد ويفتتح ملكوته في يوم الرب العظيم (2تس1؟2؟ رؤ19).

6. لا تتفاخر أمام الملك ولا تقف في مكان العظماء. 7. لأنه خير أن يُقال لك ارتفع إلى هنا من أن تحط في حضرة الرئيس الذي رأته عيناك.

إن المثل الذي قاله سيدنا في لوقا14: 7-11 يحمل نفس المعنى وبنفس الأسلوب. ولا ريب في أنه؟ له المجد؟ بذلك رفع قيمة هذه المجموعة من الأقوال الحكيمة النافعة. إن الكبرياء التي تحفز الإنسان على تقديم نفسه في حضرة الشخص العظيم؟ تنال توبيخاً ساحقاً. والشخص الدي يقدّر أهمية نفسه؟ ويأخذ مكانه على ضوء تقديره هو لنفسه؟ عرضة لأن يكون تقديره أعظم من تقدير الآخرين له؟ فيضطر أن يعطي مكانه لمن هو أسمى منه. أما الشخص الذي يقنع بالمكان المتواضع؟ فقد يُدعى إلى مكان أرفع إذا كان جديراً به. انظر داود الذي وهو راعٍ اختير ملكاً (1صم16).

8. لا تبرز عاجلاً إلى الخصام لئلا تفعل شيئاً في الآخر حين يخزيك قريبك.

راجع ص24: 5؟6؟27. حينما يكون الأمر من الرب؟ فللمؤمن أن يبرز عاجلاً للجهاد أو الدفاع. لكن كثيرين من القديسين يتصرفون مثل يوشيا؟ إذ يتدخلون فيما لا يعنيهم؟ الأمر الذي يجلب عليهم العار والحزن العميق. «بعد كل هذا»؟ هي عبارة ذات دلالة خاصة جاءت في مستهل قصة فشل يوشيا؟ يوم خرج لملاقاة فرعون "نخو". أجل؟ فبعد حياة طويلة من الصحو والتكريس لله «برز الخصام» عاجلاً ليساهم في عملية لم يكن له أن يتدخل فيها. ومن هنا لقى ميتة كلها هوان (2أي35: 20-24). قارن أقوال سيدنا في لوقا 12: 57-59؟ ص14: 31-33.

9. أقم دعواك مع قريبك ولا تبح بسر غيرك. 10. لئلا يعيرك السامع فلا تنصرف فضيحتك.

ما أكثر العناء والمساوئ التي كان يمكن للناس أن يتفادوها لو أنهم كتموا اختلافاتهم ولم ينشروا على الملأ أخبار مشاحناتهم. ولو أن القاعدة الكتابية البسيطة روعيت بأمانة «اذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما»؟ فكم من سوء الفهم كان يمكن تصحيحه بدلاً من الاستمرار لزمان طويل؟ مما يتخلف عنه بكل يقين توسيع دائرة الخبر وامتداده لأشخاص لم يكن لهم أن يسمعوا شيئاً. أما أن تذهب مباشرة للشخص الذي تخشى أن تتشاحن معه؟ وتناقش معه الأمر سراً وبروح كريمة؟ حائلاً دون أن يصل الخبر إلى الآذان المرهفة للسماع والعيون المتجسسة؟ فهذا هو ما يعلمنا إياه المثل الذي أمامنا. وهي ليست وصية من سليمان؟ بل الله يذكي هذا التصرف. وطوبى لشعبه إذا فعلوا هكذا (انظر مت 5:  25؟26).

11. تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها.

إن هذا التشبيه حيّر كثير من المفسرين؟ فيتساءلون عن المعنى المراد من «تفاح من ذهب» فواحد منهم يفترض أنه تفاح من ذهب مطرز بصور أو رسومات من فضة. غير أن التعبير الذي يبدو معقولاً أكثر؟ هو أن لون الذهب وتطبيقه على التفاح يشير إلى لونه الأصفر؟ وليس أن التفاح مصنوع من الذهب. وقد يكون المقصود تفاحاً جميلاً كالذهب موضوعاً في طبق من الفضة.

إن نتيجة الأقوال المستقيمة المقولة في محلها أشبه بذلك المنظر الذي لا يتسنى لأي قلم أن يصوره. انظر أقوال بوعز لراعوث (را2: 8-13).

12. قرط من ذهب وحلي من إبريز الموبخ الحكيم لأذن سامعة.

إن التوبيخ الذي يقدمه برفق إنسان حكيم؟ لا بد أن يكون له من القيمة ما يفوق الهدية النفيسة. هكذا كانت أقوال عوبديا النبي لجيش يهوذا الذي نرى رجاله قد اتبعوا أقواله كرسالة من الله (2أي28: 9-15).

13. كبرد الثلج في يوم الحصاد الرسول الأمين لمرسليه لأنه يرد نفس سادته.

في فلسطين في الأزمنة الغابرة؟ كانوا يضعون الثلج لتبريد وترطيب المشروبات في حرّ الصيف. ومن هنا؟ من اليسير جداً أن ندرك مفهوم التشبيه. فكما أن الثلج البارد ينعش الحصادين وهم يقومون بعملهم في أيام الحصاد الحارة؟ هكذا يفعل الرسول الموثوق به؟ إذ ينعش؟ أو يرد نفس سادته. انظر يحزئيل (2أي20).

14. سحاب وريح بلا مطر الرجل المفتخر بهدية كذب.

انظر مفارقة ص18: 16. إنه حينما تبدو السحب في السماء في فترات الجدب؟ يتطلع الناس في انتظار تهاطل المطر؟ وييأسون إذا لم يتهاطل. هكذا الحال حينما يعد أحدهم بتقديم هدية ولكنه لا يفي؟ فإنه يملأ النفس خيبة أمل. على أن يهوذا (كاتب الرسالة) يشير إلى هذا العدد فيما يتصل بأولئك الذين يدّعون أنهم موهوبين كمعلمين لحق الله؟ ولكنهم في الواقع ليس لديهم شيء لنفوس سامعيهم. ومن المألوف أن نرى أناساً من هذا النوع واثقين في كفاياتهم ونظرتهم الروحية الثاقبة؟ مع أنهم مجردون من كل تمييز تقوي (يه11-13).

15. ببطء الغضب يقنع الرئيس واللسان الليّن يكسر العظم.

إن الشفقة؟ وطول الأناة؟ عاملان قويان في التغلب على العناد والميل للغضب الذي يبدو وكأنه عظم قاسٍ لا ينثني أو يلين. غير أن اللسان الليّن يكسره. بمعنى أن لغة وأسلوب الإقناع الهادئ ينتصر حيث لا تؤدي التعبيرات القاسية والعبارات الغاضبة إلا إلى إثارة الاستياء الدفين. انظر أقوال داود لشاول بعد أن أبقى على حياته مرة ثانية (1صم26: 17-25).

16. أوجدت عسلاً؟ فكل كفايتك لئلا تتخم فتتقيأه.

راجع ص 24: 13؟14. إن تناول العسل باعتدال؟ نافع وصحي معاً. لكن الإفراط في تناوله ضار للغاية. وهكذا الحال بالنسبة إلى ما يدل عليه العسل؟ فهو في الكتاب المقدس طولاً وعرضاً يمثل الحلاوة الطبيعية. لذلك كان ممنوعاً إدخاله في تقدمة الدقيق التي ترمز للمسيح في ناسوته الكامل المنزه عن الخطية (لا2). فما سعى - تبارك اسمه - إلى تسلية في الأشياء الطبيعية؟ مهما تكن مبهجة أو مقبولة. هي جائزة بدرجة ما؟ لكن حذار أن نجعل منها غرضاً لقلوبنا.

وعلى الزوجات والأزواج أن يكونوا حريصين على عواطفهم الواحد إزاء الآخر؟ حتى لا تزاحم؟ مع ما لهذه العواطف من حلاوة؟ أمور الله. وهكذا الحال بالنسبة لمختلف مباهج ومتع الحياة. فإن ما هو جائز وقانوني؟ قد يعطل النمو الروحي إذا سمحنا له أن يكون ذا نفوذ مسيطر على حياتنا. إن قليلاً من العسل على طرف عصا الغريب النزيل معقول ونافع. لكن سوء استعماله شيء آخر. انظر يوناثان (1صم27: 14).

وكذلك نستطيع أن نستخرج عسلاً من صعاب الحياة ومشاكلها إذا ما واجهناها وتغلبنا عليها في خوف الله. أما السعي والبحث عنه؟ فهذا أمر يختلف كل الاختلاف عن قبوله بالشكر إن وجدناه في رمة الأسد المقتول بقوة الإيمان. انظر شمشون (قض14: 5-9؟14) راجع أيضاً ع27 من هذا الأصحاح.

17. اجعل رجلك عزيزة في بيت قريبك لئلا يملّ منك فيبغضك.

الدرس بسيط ولكنه مهم. ومع ذلك فما أبطأ الكثيرين في تعلمه! ومضمون المثل يعبّر عنه المثل الإنجليزي الدارج:  "الألفة تولد الاحتقار". وهذه إحدى صور العسل التي يحذرنا المثل السابق من الانغماس والإفراط فيه. فإنه حتى فيما يتصل بأحسن أصدقائنا يحسن أن تتوفر لدينا الكياسة والذوق الصالح في زياراتنا لهم. إذ من السهل جداً أن تفقد الترحيب الحبي الذي تعودته من الآخرين. وقد حدث كثيراً أن أولئك الذين كانوا أفضل أصدقائنا انقلبوا إلى أعداء ألدّاء بسبب إهمال مفهوم العدد البسيط الذي أمامنا.

هذا؟ وإن أطول وقت نصرفه سراً مع الله؟ وأقل وقت نقضيه بين الناس؟ ينتج فوائد عظيمة لنفوسنا؟ ومجداً لربنا يسوع المسيح. انظر الغلطة التي تتعرض لها الأرامل الحدثات؟ وخذ لك منها إنذاراً (1تي13: 5).

18. مقمعة وسيف وسهم حاد الرجل المجيب قريبه بشهادة زور.

ما أقل تفكير الواشي في الحزن الذي يسببه لضحاياه لسانه السليط؟ تلك الضحايا البريئة! فكما تفعل حراب القتال حيث تحمل في أذيالها الوجع والأنين؟ هكذا تفعل الأقوال القاسية البغيضة؟ حيث تقوّض سلام الذهن وتثير السخط. ومن الناحية الأخرى؟ كم هو جميل من القديس الذي تصيبه هذه الحراب؟ أن يأخذ الكل إلى الرب نفسه ويتركه عند قدميه؟ متقبلاً إياه كجزء من تأديب الطريق. وإذ نضع في بالنا أنه لا شيء يأتي على المؤمن إلا وتستطيع المحبة الإلهية أن تستخدمه للبركة؟ فإن ذلك ينصرنا على لسان الواشي؟ وعلى كل شر.

ليس أشقّ على الروح الجريحة والنفس الحساسة من أن تحتمل بلا تذمر الاتهامات الباطلة. فالسخط ضد المشتكي الكاذب؟ والعزيمة على تبرئة النفس مهما تكن الكلفة؟ والانتقام من فاعلي الشر؟ هذه أمور طبيعية جداً للقلب البشري؟ أما أن يستمر المؤمن ناظراً إلى الرب طالباً منه النعمة لكي يعيش بحيث يستطيع الآخرون أن يلمسوا كذب الاتهامات؟ وتسليم الدفاع عن سمعتي لله الذي سمح بالتجربة لإذلالي؟ والاعتراف بعدالة طرقه وأنا أتأمل في المناسبات الكثيرة التي جلبت فيها العار على اسمه؟ ولو كنت في الوقت الحاضر بريئاً؟ هذه تدريبات نافعة حقاً. هكذا أحفظ نفسي من معالجة الأمور بنفسي. وهكذا أستطيع أن أعتمد على الله ليعمل بدلاً مني؟ كما فعل قديماً لأيوب ولداود ولدانيال ولكثيرين من القديسين الذين تعلموا أن يستودعوا كل شيء لذاك الذي لا تتغير محبته؟ والذي لن يسمح قط بأية تجربة ما لم ير في حالة النفس ما يقتضي التذلل. راجع ع23 من هذا الأصحاح.

19. سن مهتومة ورجل مخلعة الثقة بالخائن في يوم الضيق.

أي شيء يزعج الأعصاب؟ ويعذب الأرواح؟ أكثر من السن المهتومة والرجل المنقولة من موضعها؟ القلق والمضايقة تملأ النفس؟ هكذا عندما نضع ثقتنا في إنسان غير أمين يتخلى عن صاحبه في وقت الضيق. انظر يوحنا مرقس (أع13: 13؟ 15: 37؟38).

20. كنزع الثوب في يوم البرد كخل على نطرون من يغني أغاني لقلب كئيب.

إن نطرون القدماء هو صودا معدنية توجد في أرض فلسطين؟ إن وضعت في بعض الأحماض تتفاعل معها وتولّد رغوة. ونزع الثوب في يوم البرد من شأنه أن يضاعف المضايقة ويستثير السخط؟ تماماً كما يفعل الخل على النطرون حيث يفور. هكذا من يغني أغاني الاستخفاف لشخص كئيب مثقل القلب؟ فإنه يضاعف ضيقة نفسه ويحرك غضبه. إن لكل شيء وقتاً. فالقلب الفرحان يحب أن يغني؟ والحزين المنكسر يتمنى وينتظر العطف والرثاء. انظر يهوذا عند أنهار بابل (مز137).

21. إن جاع عدوك فأطعمه خبزاً وإن عطش فاسقه ماء. 22. فإنك تجمع جمراً على رأسه والرب يجازيك.

هاذان هما العددان اللذان - فيما عدا الشق الأخير - اقتبسهما الرسول بولس في رومية12: 20. وهو يعتمد في اقتباسهما على الترجمة السبعينية.

والشيء الجدير بالملاحظة أنه حينما يتعرض الروح القدس للكلام عن مسلك من المسالك الأخلاقية يلائم المسيحيين الذين دخلوا في عمق الحقائق الثمينة المعلنة في الأصحاحات من 3-8 من رسالة رومية؟ فإنه يقتبس من العهد القديم. وهذا من شأنه أن يعزز الملاحظة التي أبديناها في مقدمة مذكراتنا من أنه في العهد القديم يكمن السلوك الجدير بإنسان الله؟ يزيده الحق الحاضر إشراقاً وجمالاً.

إن النقمة شيء يجب أن يكون بعيد عن أنظار القديس. بل عليه أن يظهر نعمة ولطفاً وعطفاً حتى لأعدائه. ولا يضيّع فرصة يمكنه فيها أن يخدم أعوازهم. بهذا التصرف تستطيع حرارة المحبة أن تلطف مشاعرهم الغاضبة؟ عالمين أن مجازاة الرب أكيدة لمن يتمثل بسيده الذي قال «أحبوا أعدائكم؟ باركوا لاعنيكم؟ أحسنوا إلى مبغضيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم» (مت5: 44). وإنه لشيء متناقض جداً أن الشخص الذي هو نفسه غرض النعمة؟ يحاول أن يتصرف بالقضاء مع الذين يخطئون إليه. انظر استفانوس (أع7: 60).

23. ريح الشمال تطرد المطر والوجه المعبس يطرد لساناً ثالباً.

إن من يقبل السلع المسروقة؟ هو مجرم كاللص تماماً؟ هكذا الحال مع من يشجع غيره على أن يحكي له فضائح الناس؟ صادقاً أو كاذباً. ولا شيء أدعى للخصام والحزن بين شعب الله من ترديد الأمور والحكايات التي لا تفيد. والتي إنما تؤلم وتجرح الشخص الذي تنقل عنه تلك الحكايات. على أن الإصغاء لأقوال الواشي هو أقوى مشجع له. أما إن قابلناه «بوجه معبس» ثم وبّخناه في خوف الله؟ فقد نستطيع أن نقتل جرثومة الشر في مرقدها. فإذا ما جاء واحد ليقص حكايات غير مقبولة عن شخص غائب؟ فيحسن بنا أن نواجهه بالروح التي أظهرها داود نحو ركاب وبهنة فإن مثل هذا الشخص قاتل أدبي يغتال الأخلاق (2صم4: 5-12).

24. السكنى في زاوية السطح خير من امرأة مخاصمة في بيت مشترك.

هذا تكرار لما جاء في ص21: 9. على أنه ليس من قبيل الصدفة أن تتكرر هذه الأقوال وليس من المصادفة كذلك أن يُعاد على مسامعنا مراراً عديدة وصف الشقاء الذي يلازم السكن مع امرأة مخاصمة. فإن الله قد أقام في الخليقة نظاماً لا يمكن أن ينجو من يكسره (أف5: 22-24).

25. مياه باردة لنفس عطشانة الخبر الطيب من أرض بعيدة.

إن إنجيل مجد الله المبارك هو ذلك الخبر الطيب من أرض بعيدة الذي هو للنفس الظامئة العطشانة؟ كمياه صافية خارجة من نبع بارد. وإذ يجرع الخاطئ المتعب الذي يوشك أن يهلك؟ الماء الحي؟ فإنه يصير في داخل كيانه ينبوعاً ينبع إلى حياة أبدية. انظر المرأة السامرية (يو4: 6-29).

26. عين مكدّرة وينبوع فاسد الصدّيق المنحني أمام الشرير.

إن المسافر العطشان يرى في العين المكدرة (المعكرة)؟ أو النبع الذي أفسدته القاذورات مصدر حزن وضيق وألم. هكذا الحال مع الرجل التقي المستقيم؟ فإن نفسه تمتلئ باليأس والألم حينما يرى صديقاً مقاوماً ومستخفاً به من أولئك الذين لا مبدأ لهم؟ انظر جدليا واسمعيل (إر41: 1-3).

27. أكل كثير من العسل ليس بحسن وطلب الناس مجد أنفسهم ثقيل.

راجع ع16. إن الإفراط في تناول العسل شيء ضار. وبالأكثر الطمع المتطرف في أكله. والشخص الذي لا يعيش إلا ليمجد ذاته؟ لابد أن يتعب في طلب الباطل. ولنا خير شاهد على هذه الحقيقة سفر الجامعة. اقرأ رسالة باروخ التي له من الله (إر45: 6).

28. مدينة منهدمة بلا سور الرجل الذي ليس له سلطان على روحه.

راجع ص16: 32. إن ضبط النفس فضيلة في غاية الأهمية مدى الحياة. وهي نفس الفضيلة التي تذكرها رسالة بطرس تحت كلمة «تعفف». وقد كان أمام بولس دائماً أن يقمع جسده لكي تظهر فيه هذه الحقيقة؟ وهي أنه ليس مرفوضاً (1كو9: 26؟27). وإذ كان ينقص نوحاً ضبط النفس فإن ذلك أهانه؟ بعد أن كانت قد سُلمت إليه مقاليد سياسة العالم (تك9: 20؟21). بل وموسى نفسه؟ أكثر الناس حلماً؟ فشل في ضبط نفسه في مريبة (عد20). ليت لنا نعمة تحفظ أرواحنا في حالة الخضوع التقوى حتى لا نكون مدينة معرضة لهجمات وغزوات أعدائها. وحتى عندما يكون الإنسان على صواب؟ فإنه لا شيء يضرّ موقفه مثل ضياع هذه الفضيلة منه؟ بحيث يضطر أن ينطق بأقوال متقدة متسرعة. فإن كثيرين من الناس ينسون في مثل هذا الموقف ما لدى الأخ الغاضب من أدلة؟ ويحكمون فقط على ضوء ما أظهره من روح الغضب. إذاً؟ فلننتبه إلى أهمية إظهار «وداعة المسيح وحلمه» ولطفه؟ بأقوالنا وتصرفاتنا وطرقنا.

الأصحاح السادس والعشرون

الأعداد الاثنى عشر الأولى من هذا الأصحاح تعالج موضوع "الجاهل". لكن لا ننس أن هذا التعبير لا صلة له بذي العقلية الضعيفة أو عديم الكفاية؟ فالجاهل والأحمق لفظان مترادفان للخاطئ؟ مع زيادة فكرة العناد؟ حتى يتسنى لنا إدراك كثير من الإنذارات والتهديدات. فالجهال؟ بهذا المعنى؟ هم الذين يسخرون من الخطية ويفرحون بالإثم ويأبون أن يسمعوا لصوت الحكمة.

1. كالثلج في الصيف وكالمطر في الحصاد هكذا الكرامة غير لائقة بالجاهل.

الثلج في الصيف كله مضار لأنه يعوق نمو النبات. والمطر خلال الحصاد يعطل الحاصد لدرجة كبيرة؟ بل ربما يؤدي إلى تلف المحصول. هكذا الجاهل في مكان الكرامة إنه غير مناسب له؟ وقد ينشئ ضرراً وخسارة بالغة. فهو لا يعلم كيف يساير الظروف التي تحيط به؟ وفيه يتم القول:  «الإنسان في كرامة لا يبيت؟ يشبه البهائم التي تباد» (مز49: 12).

2. كالعصفور للفرار وكالسنونة للطيران كذلك لعنة بلا سبب لا تأتي.

إن الجهال يسارعون إلى صبّ اللعنات لدرجة ينزعج معها؟ إلى حد كبير؟ أولئك الجبناء الذين يعيشون في خوف من إتمام لعناتهم. على أنه كما يلازم العصفور والسنونة الهواء؟ فيمرقان سريعاً ويختفيان عن الأنظار؟ هكذا الأمر مع لعنة بلا سبب. قارن لعنات جليات (1صم17: 43).

3. السوط للفرس واللجام للحمار والعصا لظهر الجهال.

راجع ص10: 13؟ 19: 29. قد يرى البعض أن الوضع يختلف عن ذلك فيظنون أن السوط للحمار واللجام للفرس؟ لكن الواقع في فلسطين هو بحسب منطوق المثل. ذلك أن الخيل لا تستخدم كثيراً؟ وهي عنيدة جامحة بصورة عجيبة؟ بينما الحمار متعجل أكثر من اللازم. ولذلك هو بحاجة إلى زمام ولجام لحفظه في الوضع المناسب. والجاهل عرضة للخطأ من كلا الجانبين؟ ولذلك ينبغي أن تلازمه عصا التوبيخ لوقف عناده؟ والمرنم في مزمور32: 9 يحذرنا من عدم إظهار الطاعة المطلوبة؟ الأمر الذي يقتضي قيادة اللجام والزمام.

4. لا تجاوب الجاهل حسب حماقته لئلا تعدله أنت. 5. جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيماً في عيني نفسه.

مع أن هذين العددين ينطويان على نوعين متناقضين من التوجيه أو الإرشاد؟ إلا أنهما مرتبطان معاً ارتباطاً وثيقاً؟ ولو أن المكابرين يرون فيهما تناقضاً وتعارضاً. على أنه يجب أن نعمل حساباً للوقت والوضع اللذين يكون فيهما الإنسان وهو يدخل في مباحثة أو نقاش مع الجاهل. فإن مجاوبته بروح الاستهزاء والأنانية التي يبديها؟ معناه الانحدار معه إلى مستواه. فإذا تهكم وجاوبته أنت متهكماً مثله؟ فأنت تحذو حذوه؟ وتتمثل به. ومن الناحية الأخرى؟ إذا أنت تركت أقواله الحمقاء الجاهلة تأخذ مجراها دون أن تدفعها؟ فإن هذا يعزز موقفه ويشجعه على الاستمرار في ثقته في ذاته وخداعه ولكن كشف ضآلته؟ ومواجهة حماقته بقصد إقناعه؟ ربما على الأقل يذلَله ويجعله يحس بالحاجة إلى التروي أو الفحص الدقيق. لم يجاوب رجال حزقيا ربشاقي على تجاديفه؟ وبذلك كانوا يطيعون أول هاتين الوصيتين (2مل18: 36). وقد أجاب نحميا بجفاء على ادعاءات وافتراءات سنبلط؟ وبذلك فعل طبقاً للنصيحة الثانية (نح6: 8).

6. يقطع الرجلين يشرب ظلماً من يرسل كلاماً عن يد جاهل. 7. ساقا الأعرج متدلدلتان وكذا المثل في فم الجهال. 8. كصرّة حجارة كريمة في رجمة هكذا المعطي كرامة للجاهل. 9. شوك مرتفع بيد سكران مثل المثل في فم الجهال.

كل ثنائية من هذه الثنائيات الأربع تعالج نفس الموضوع العام. فائتمان الجاهل على رسالة هامة يشبه تقطيع الرجلين أو احتساء شراب سام. إن القصد يتعطل لأن الرسول لا يمكن الاعتماد عليه. وهذه الثنائية تحمل فكرة الانقباض والتأخير أو التعطيل. وقد لعب يونان دور مثل هذا الرسول قبل أن يعرف خطيته.

إن الأعرج؟ بسبب عدم استقامة ساقيه؟ يخمع في مشيته؟ والشخص الذي ليس ابناً للحكمة ويحاول أن يستخدم ألفاظها؟ هو أيضاً يخمع بكلامه؟ وطرقه العرجاء تكشف حماقته. هكذا كان شاول بين الأنبياء (1صم19: 24).

تفترض عبارة «كصرة حجارة كريمة في رجمة» أن تكريم الجاهل يشبه إلقاء جواهر كريمة بين الأحجار على قارعة الطريق. انظر هيرودس (أع12: 20-23).

ثم أن «شوكاً مرتفعاً» أو «غصناً من الشوك» في يد سكران من المحقق أن يؤذيه ويضر غيره. وهذا ينطبق على الجاهل حينما يضع نفسه موضع المعلم الذي يعلم غيره. إنه يؤذي ويتلف نفسه والذين يسمعونه. انظر ما يقوله الله عن شمعيا النحلامي (إر29: 30؟32).

10. رام يطعن الكل هكذا من يستأجر الجاهل أو يستأجر المحتالين.

إن الإهمال وعدم المبالاة نتائجهما وخيمة. فاستئجار أناس أغبياء؟ والثقة في أناس من عابري السبيل؟ غير معروفين؟ وتسليمهم أعمال هامة؟ أمر يدل على منتهى الجهل؟ وهو تصرف كله خطورة؟ إذ يكون مثل هذا كمن يرمي سهاماً غير عابئ أين تذهب ومن تصيب؟ ويكون مصيره الفقر والخراب. سهامه تصيب الجميع؟ إذ يطعن نفسه؟ ويطعن آخرين أيضاً ممن لهم صلة وعلاقة به. ولسهولة فهم المثل اقرأه هكذا: من يستأجر غبياً؟ أو يستأجر عابر طريق؟ يكون كمن يرمي سهاماً يطعن الجميع.

11. كما يعود الكلب إلى قيئه هكذا الجاهل يعيد حماقته.

إن عادة الكلب المنفرة أن يأكل مرة أخرى الطعام القذر الذي تقيأه؟ هي التصوير الدقيق الملائم لمن يترك حماقته وقتاً؟ ثم يعود إليها في شغف أكثر. ونعلم أن الرسول بطرس يطبق هذا المثل على أولئك الذين مع معرفتهم نعمة الله المخلصة وسلوكهم المسلك المستقيم فترة من الزمن؟ لكنهم إذا ما تعرضوا لغواياتهم السابقة؟ فإنهم ليسوا فقط يسقطون في خطاياهم السابقة؟ بل يعودون إليها بشغف وشراهة؟ مظهرين بذلك أن قلبهم لم يكن قد تجدد على الإطلاق. ومثل هؤلاء الأشخاص كثيراً ما يظنوا أنهم تجددوا وصاروا أولاداً لله؟ ثم فقدوا الخلاص الذي نالوه مرة؟ وأنهم أصبحوا مرة أخرى أولاداً لإبليس. ولكن تعليماً كهذا لا يعرفه الكتاب. فإن كل من يقبل إلى المسيح بالإيمان القلبي الصحيح؟ ينال حياة أبدية؟ ولن يهلك؟ لأنه يرتبط بالمسيح إلى الأبد؟ والحياة التي يحصل عليها منه «أبدية» أي لا تضيع أبداً. (يو1: 12؟ 10: 27-29).

غير أن بطرس يشير إلى أشخاص كانوا قد أصلحوا حياتهم ظاهرياً؟ ولم يرجعوا إلى الله بالفعل؟ كما نفهم من أقوال الرسول في 2بط2: 20-22. ولو أننا قرأنا بإمعان الجزء السابق من الأصحاح لفهمنا فوراً أنه كان يكتب عن معلمين كذبة وعن اعتراف كاذب؟ عن أشخاص يريدون أن يأخذوا المسيحية كنظام؟ ولكنهم لم يعرفوا قوّتها مطلقاً. مثل هؤلاء الأشخاص قد يستمرون بعض الوقت؟ كما لو كانوا مولودين من الله؟ غير أن حالتهم تظهر على حقيقتها أخيراً. وإذ يتخلون عن اعترافهم الأجوف وينتكسون في طرقهم القديمة؟ يكونون أفضل تطبيق لحقيقة هذا المثل.

لا ينظر الكتاب مطلقاً إلى الكلب ممثلاً للمؤمن؟ بل للمعلم الكاذب الباطل. خذ مثلاً تحذير بولس في فيلبى2: 3 ووصف إشعياء 56: 10-12. فهؤلاء الكلاب هم الذين يعودون إلى قيئهم؟ كما تعود الخنزيرة إلى مراغة الحمأة بعد أن تكون قد اغتسلت. ولو أن الخنزيرة كانت قد تحولت إلى خروف (رمز المسيحي)؟ فما كانت لتجد لذتها في الحمأة والوحل مرة أخرى. قد يسقط الخروف في الوحل؟ ولكنه لن يهدأ حتى يتخلص منه؟ أما الخنزير فيجد في الوحل عناصره الطبيعية. وهذا هو الفارق بين قديس الله الحقيقي وبين المنافق المهذب. وبطرس ويهوذا يصوران هذين الفريقين؟ فإن نظرة الرب يسوع أذابت قلب بطرس وردت نفسه؟ أما يهوذا الذي سيطرت عليه روح الطمع للآخر فمع أنه أحس بالتبكيت؟ إلا أنه لم تكن له توبة من نحو الله. راجع ص14: 14.

12. أرأيت رجلاً حكيماً في عيني نفسه؟ الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاء به.

إن الادعاء الأجوف الذي يوهم صاحبه بأنه أرفع من أن يتلقى التعليم؟ يضعه بعيداً عن قبول أية معونة. أما الجاهل؟ المطبق الجهل؟ الذي لا يدعي بأن لديه شيئاً سوى حماقته وإثمه؟ فإن خلاصه أسهل من خلاص المدعي؟ الذي يدّعي المعرفة والتقوى لكنه بكلياته متعلق بطرقه الخاصة الغبية. والرسول بولس يحذرنا ضد هذه الحالة التعسة (رو12: 16). راجع أيضاً ع5 من هذا الأصحاح.

13. قال الكسلان الأسد في الطريق الشبل في الشوارع. 14. الباب يدور على صائره والكسلان على فراشه. 15. الكسلان يخفي يده في الصحفة ويشق عليه أن يردها إلى فمه. 16. الكسلان أوفر حكمة في عيني نفسه من السبعة المجيبين بعقل.

انظر ص13: 4؟ 15: 9؟ 19: 15؟ 20: 4؟ 21: 25؟26؟ 24: 30؟34. الكسلان هو الشخص الذي نعرفه جيداً؟ هو يقول كثيراً ولا ينفذ شيئاً بسبب التأجيل فإذا لم تكن أمامه صعوبات فعلية؟ فإنه يتوهمها ويتخيلها؟ ومن ثم تصبح حقيقة في عينيه كما لو كانت موجودة. هو لا يستطيع أن يسير في الشوارع لأن الأسد هناك؟ ولو لم ير الآخرون خطراً. أما ذو العزيمة والتصميم؟ فإنه يخرج متقوياً بالرب؟ ومثل شمشون يمزق الأسد. ولكن ليس الأمر كذلك مع الكسلان؟ فإنه يتعلل بأي عذر ويبقى في عقر داره (ص22: 13). كانت الأبواب قديماً تدور ليس على مفصلات؟ بل على محور؟ وهكذا تتحرك كثيراً ولكنها لا تنتقل من مكانها؟ تدور حول المحور ولا تحيد عنه؟ هكذا الكسلان؟  يتصور دائماً أنه سيتحرك؟ لكنه يلازم فراشه متقلباً على جنب فجنب.

وحتى على مائدة الطعام؟ هو من الكسل بحيث لا يقدر أن ينقل الطعام من الطبق إلى فمه. هذا منتهى الكسل. وفي الأجواء الحارة ليس الوصف بغريب (ص19: 24). وعلى رغم افتقاره إلى الحزم والعزم؟ فإنه في عيني نفسه أحكم من عدد من الرجال يتصفون بالكياسة والنشاط. وإنك لتراه ينتحل المعاذير ويخترع مناقشات كثيرة ليبرر كسله. ولا يؤثر فيه تبرم الأشخاص الذين هم أحسن منه. إن حالة انعدام القصد والعزم قد توجد أحياناً بين شباب القديسين الأمر الذي لا يتخلف عنه سوى تحطيم شهادتهم. وكم هو أفضل أن يكونوا غيورين جداً؟ من أن يلعبوا دور الكسالى. انظر يوآش ملك إسرائيل وأليشع النبي (2مل13: 14-19).

17. كممسك أذني كلب هكذا من يعبر ويتعرض لمشاجرة لا تعنيه.

إن التدخل في مشاحنات الناس تصرف أحمق وخطر. ومعروف أن الكلاب في فلسطين متوحشة؟ فإن أنت أمسكت كلباً من أذنيه فإنك تتعرض للأذى والوجع. ومن الحكمة أن تتركه وشأنه. صحيح؟ أننا نرى الكلاب في المدن؟ وهي نافعة من بعض الوجوه؟ لكن لم يدّع أحد بالسيطرة عليها والتعرض لها. هكذا في مخاصمة ومشاجرة الآخرين يحسن بالعابر أن يتجنب التدخل فيها؟ وأن يدع الطرفين يعملان على تسوية خلافاتهما معاً. إلا إذا قصد كلاهما أن يلجأا إليك لتقوم لهما بدور صانع السلام. لما عرض موسى وساطته على اثنين من اخوته يتخاصمان؟ قوبل منهما برفض تلك الوساطة (خر3: 2؟14).

18. مثل المجنون الذي يرمي ناراً وسهاماً وموتاً. 19. هكذا الرجل الخادع قريبه ويقول:  ألم ألعب أنا؟

إن اقتراف المكايد القاسية على شخص ما؟ وبعد أن تخلق تلك المكائد اضطراباً خطيراً وربما خسائر فادحة؟ يحاول مجري المكائد أن يضحك وكأنه إنما يمزح؟ من يعمل هكذا فهو كمن يدعي الجنون ويجد تسلية وألعوبة في إيذاء الآخرين. فإن الخداع تحت اسم التفكه أمر ممقوت كأي شيء آخر يدخله الخداع. والتسلية على حساب إيلام الآخرين؟ تصرف لا يقوم به سوى عديم التفكير والشخص الأناني. انظر ص 10: 23 و2بطرس2: 13.

20. بعدم الحطب تنطفئ النار. وحيث لا نمام يهدأ الخصام. 21. فحم للجمر وحطب للنار هكذا الرجل المخاصم لتهييج النزاع. 22. كلام النمام مثل لقم حلوة فينزل إلى مخادع البطن.

راجع ص11: 13 و16: 27؟28. طالما وجّه الروح القدس أنظارنا إلى مساوئ النميمة والوشاية؟ ولكن لأننا متباطئون في الفهم؟ لذلك يعود الروح فيذكرنا بشأن هذه الرذيلة التي أصبحت في أماكن متعددة لعنة صارخة بين قديسي الله. وطوبى للجماعة التي لا يوجد بينها نمام أو ساعٍ في الوشاية. وكما تنطفئ النار حيث لا يوجد وقود يساعد على بقاء اشتعالها؟ هكذا يختفي الكثير من المشاكل حيث لا نمّام يهيج الخصام. ولكن؟ كما يضاف الفحم إلى الجمر؟ هكذا الرجل المخاصم يثير ويشعل الحساسيات الشريرة. فيزداد الخبث والحقد أكثر من ذي قبل. إنها عملية مؤسفة أن ينتقل إنسان من واحد إلى آخر ليهيج العواطف ويزيد من تعقيد الأمور حتى تتعذر تسويتها. وكم من أناس يأخذون كلام النمام على أنه لقمة سائغة تنزل إلى أغوار الكيان وفي الغالب يستقر ولا يمحى.

23. فضة زغل تغشي شقفة. هكذا الشفتان المتوقدتان والقلب الشرير. 24. بشفتيه يتنكر المبغض وفي جوفه يضع غشاً. 25. إذا حسّن صوته فلا تأتمنه لأن في قلبه سبع رجاسات. 26. من يغطي بغضه بمكر يكشف خبثه بين الجماعة. 27. من يحفر حفرة يسقط فيها ومن يدحرج حجراً يرجع عليه. 28. اللسان الكاذب يبغض منسحقيه والفم الملق يعدّ خراباً.

إن الشخص الذي قد يبدي بعض مظاهر المحبة والمودة؟ بينما قلبه عاكف على الشر؟ يشبه إناء من الخزف الرخيص تعلوه طبقة من حثالة الفضة. فتراه وكأنه ذو قيمة؟ لكنه في الواقع شيء تافه. هكذا نفاق المتملق. فإنه لا ينطق بأقواله المتقدة إلا ليغطي فساد مقاصده. وهو يسعى لخداع الذين يبغضهم بكلام حلو؟ بينما قلبه مملوءاً رجاسات ولا يؤتمن. إنه يحاول أن يغطي خبثه بالبطل؟ وقد ينجح إلى حين؟ لكن لابد أن تتجلى حقيقته في الوقت المناسب.

وإذ هو يحفر حفرة لقريبه؟ يسقط هو فيها؟ كما حدث مع هامان؟ الذي بكلام المداهنة والغيرة الظاهرة على كرامة أحشويروش؟ حصل على ترخيص بإهلاك اليهود. ولكن في الوقت المناسب ظهرت خديعته؟ وصُلب على الخشبة التي كان قد أعدّها لمردخاي. كان كمن يدحرج حجراً على تل؟ وإذ ارتطم رجع عليه باندفاع. وكذلك الحال مع رجال بلاط داريوس؟ الذين حملوه على إصدار قرارات ملكية؟ ظنوا أنها تؤول إلى هلاك دانيال؟ وكانت العاقبة وبالاً عليهم؟ إذ أصابهم ما فكروا أن يصيب دانيال.

إن العدد الأخير يعبّر عن حقيقة مألوفة بين الناس من كل الشعوب؟ وهي أن الإنسان يبغض من أساء إليه وعمل على إيذائه. ولكن العجيب أن يبغض الإنسان من يحسن إليه بل ويعمل على أذيته. فالدائن مثلاً؟ قد يسامح المدين؟ غير أن المدين عرضة أن يمتلئ صدره بالمرارة ضد الشخص الذي سامحه. قد تتجاوز عن ضرر يلحقك؟ ولكن الشخص الذي تسبب في ضررك يبغضك بسبب إشفاقك عليه. هذا شيء عجيب في طبيعة الناس الساقطة ولا داعي للتعليق عليه. ومثل هذا الشخص (الذي يسئ إلى من أحسن إليه)؟ لكي يخفي مشاعره؟ تراه يتملق بشفتيه؟ بينما هو يفكر في تخريب ضحيته. وهي نفس الخطية التي ظهرت في يهوذا الإسخريوطي وكأنها متجسدة فيه!

ألا ليت كل مسيحي يتجنب هذه الرذائل بوصفها مناقضة لروح المسيح الصافية اللامعة.

الأصحاح السابع والعشرون

التأجيل فخ خطير؟ وكثيراً ما ينتهي بالخراب والدمار. وهذا ما يحذرنا منه العدد الأول.

1. لا تفتخر بالغد لأنك لا تعلم ماذا يلده يوم.

لقد أُعطى الحاضر للإنسان لكي يعمل فيه للمستقبل. وتأجيل عمل اليوم للغد غلطة مؤسفة؟ كم دمّرت آلافاً عديدة من الناس! يقول مثل أسباني: إن طريق التأجيل تنتهي إلى العدم. ويقول مثل آخر: إن الطريق إلى الجحيم مرصوف بالنوايا الحسنة. والإنجليز مولعون بمثل يتداولونه؟ هو:  التأجيل لص الوقت. ومن المحتمل أن يكون لكل أمة؟ شعار من هذا القبيل؟ يذكرهم بما ينذر به العدد الذي أمامنا. ولكننا جميعاً ميالون؟ بكل أسف؟ لأن نرجئ للغد ما ينبغي أن نقطع به برأي فوراً!

وهذه الظاهرة؟ ظاهرة التأجيل الممقوتة؟ لا تتجلى بأكثر وضوح؟ مثلما تتجلى فيما يتعلق بأمر خلاص النفس. فكم من مرة شدّد الكتاب على أهمية تسوية هذه المسألة ذات الخطورة البالغة؟ فمرة يقول: «هو ذا الآن وقت مقبول هو ذا الآن يوم خلاص» (2كو6: 2). وأخرى: «اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم» (عب3: 7؟8) وأيضاً «هلم نتحاجج يقول الرب» (إش1: 18). هذا قليل من كثير من الدعوة الصارخة للبَت في هذا الأمر. ومع ذلك فمن المألوف أن تجد الناس يؤجلون التسوية النهائية حتى يحصلوا على وقت؟ مثلما توهم فيلكس (أع24: 25). ولكن هيهات أن يحصلوا عليه؟ فإن الصحة ليست مضمونة؟ ولا العقل؟ ولا الحياة نفسها؟ وكلها تهيب بنا قائلة «لا تفتخر بالغد». ومرة قال فرعون "غداً" بينما كان الأصوب أن يقول "اليوم". لكن "غداً" أقبل فوجد قلبه أقسى من الحجر؟ بلا توبة وبلا اهتمام (خر8: 10).

إن كان القارئ لم يخلص بعد. فليذكر هذه الأمور الخمسة التي من أجلها ينبغي ألا يؤجل مجيئه إلى المسيح.

أولاً: كل يوم يُقضى في الخطية؟ هو يوم ضائع. فالحياة الحقة إنما هي الحياة التينحياها لله. وكل الذين خلصوا يأسفون لأنهم لم يرجعوا للرب مبكرين أكثر مما فعلوا؟ وذلك لأنهم وجدوا غبطة وسلاماً وفرحاً في طريق البر. «أما سبيل الصديقين فكنور مشرق يتزايد وينير إلى النهار الكامل» (أم 4: 18).

ثانياً: كل يوم ينقضي في التأجيل يضاعف عدد المشاكل التي لا تستطيع حلها. وكم ينسى الشبان هذه الحقيقة؟ وهي أنهم مع كونهم قد خلصوا وغُفِرت خطاياهم؟ ولكن لتلك الخطايا القديمة آثار؟ بدنية وزمنية؟ لا تمحى. فمن المعروف أن لكل واحد منا تأثيراً على الآخرين؟ سواء للخير أم للشر؟ تأثيراً لا يمكن أن يبطله أي تبديل في الطرق. والخطية أيضاً تترك تأثيرها السيئ على أذهاننا وأبداننا؟ تأثيراً يبقى على الزمن. مرة طلب أب من ابنه أن يدق بعض المسامير في قطعة من الخشب وبعد أن دقها طلب منه أن ينتزعها. ثم أمره أن ينزع الثقوب التي تخلفت عن المسامير. فأجاب الغلام "كيف يا أبي؟ إن هذا مستحيل!". فقال له: هكذا غفران الخطايا هو بمثابة انتزاع المسامير؟ لكن يجب ألاّ ننسى آثارها الباقية. وهنا الحكمة في أن يكف الإنسان عن عمل ما لا يمكن حله في المستقبل.

ثالثاً: من المحتمل أن تفقد النفس؟ في أية لحظة الاقتناع بالخطية؟ إذ لا يعود الله يكلم الخاطئ بروحه القدوس. وكم من أشخاص قاوموا الروح القدس طويلاً حتى وصلوا؟ مثل فرعون إلى حيث يرفض القلب أن يصغي إلى التوسلات والتحذيرات.

رابعاً: إن الموت قد يطلبك قبل حلول الغد. ومرة قال داود «إنه كخطوة بيني وبين الموت» (1صم20: 3). وهكذا الحال مع كل واحد منا. وربما قبل أن يأتي الغد؟ تغلق شفتاك ويتوقف قلبك؟ وتمضي إلى العذاب الأبدي.

خامساً:  أخيراً؟ يجب أن نذكر أن الرب يسوع سيأتي ثانية. وقد يدعو مفدييه ليأخذهم إليه (1تس13: 4-18) قبل أن تنتهي من قراءة هذه السطور. إننا لا ننتظر ظهور أي حادثة ولا إتمام أي نبوة؟ قبل مجىء تلك اللحظة الأخيرة. ففي ساعة لا تظنها سينتهي يوم النعمة؟ وتبدأ ساعة الانتقام لأولئك الذين رفضوا أو أهملوا خلاصاً هذا مقداره.

وإذ لا تعلم ما يأتي به اليوم؟ فمن الحكمة أن تتحول في الحال إلى الله؟ معترفاً بخطاياك ومتكلاً على نعمته.

2. ليمدحك الغريب لا فمك. الأجنبي لا شفتاك.

إن حب الإطراء يدل على عدم التهذيب وعدم تقدير الأمور. فإن رأيت الآخرين يتعاظمون؟ فسِر أنت في طريقك؟ ناظراً باتضاع إلى الله؟ لكي يحفظك في روح الوداعة والتواضع. فأنت أعلم من سواك بعثراتك وسقطاتك وفشلك. إن الافتخار بالمؤهلات أو الكفاءات ضار جداً؟ ويفتح الباب للانتقاد المرير العنيف. انظر رجال أفرايم ومنسى (يش17: 14؟15).

3. الحجر ثقيل والرمل ثقيل وغضب الجاهل أثقل منهما كليهما.

إن غضب الجاهل ثقيل لأنه غير مقبول. فهو لا يقبل تعليلاً؟ وينظر بعين الخبث والريبة إلى كل محاولة لتهدئته. والأفضل أن تدع شخصاً مثل هذا وشأنه؟ من أن تكافح وتجاهد معه؟ لأنه عاجز عن كل حكم سليم وتقدير للأمور. عامله بالصمت وعدم الرد؟ كما أمر حزقيا أشرافه أن يتصرفوا مع ربشاقي (إش21: 36).

4. الغضب قساوة والسخط جُراف ومن يقف قدام الحسد؟

فضلاً عن ذلك؟ فإن الغضب الذي حدثنا عنه العدد السابق؟ هو عاصفة فكرية قصيرة المدى. والسخط عاصفة عابرة. والخوف؟ كل الخوف؟ أن يطول مداهما. لكن الحسد أقوى منهما بكثير؟ لأنه يبقى حتى بعد أن تختفي كل مظاهره الخارجية. انظر إخوة يوسف (تك37).

5. التوبيخ الظاهر خير من الحب المستتر. 6. أمينة هي جروح المحب وغاشة هي قبلات العدو.

إن المحبة الصادقة تحملني على أن أكون أميناً مع أخي إذا انحرفت خطواته عن طريق الاستقامة. ومع كل الحرص على تجنب روح الانتقاد والسعي إلى تصيد الأخطاء؟ أسعى لرد نفسه إذا ضلّ. قد أجرحه وأنا أفعل ذلك؟ لكن الألم الناتج من هذا الجرح أمين ومخلص؟ والتقويم بالنعمة أفضل من المحبة المستترة التي تمنعني من لفت نظره إلى أخطائه. إن العدو قد يكثر القبلات ومظاهر المودة في مثل هذا الموقف؟ متجاهلاً الشر؟ ومؤيداً فاعل الشر في قضيته الظالمة؟ لكنها مظاهر خدّاعة مثل قبلة يهوذا. وكم كان بولس أميناً لبطرس وبرنابا والأحباء في غلاطية؟ وكل منهما عزيز لقلبه (غل1و2).

7. النفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو.

إن الجوع الشديد هو الذي يفتح الشهية للطعام؟ ويجعلنا نستمتع بما لا يمكن الاستمتاع به في حالة الشبع. وعند الكثيرين تشبه كلمة الله هذا الشيء المر؟ ولكن إذا كانت النفس جائعة تصبح الكلمة حلوة كالعسل. اقرأ (حز3: 1-4؟ رؤ10: 9؟10).

8. مثل العصفور التائه من عشه هكذا الرجل التائه من مكانه.

لقد أعطى الرب لكل واحد عمله. ونقدر أن نقول: لكل واحد مكانه ومركزه؟ ويقول الرسول «وأما الآن فقد وضع الله الأعضاء كل واحد منها في الجسد كما أراد» (1كو12: 18). فالقديس؟ الذي باعتماده على الرب؟ يشغل مكانه المعين له ويحتفظ بمركزه؟ لابد أن يجد بركة غنية. ولكن؟ كما أن العصفور التائه من عشه يعرض نفسه للخطر والألم؟ هكذا تكون الحال مع القديس الذي ينحرف عن مكانه.

وهذه الحقيقة تنطبق على الجماعة كمبدأ. فهنالك مكان يريد الله لأولاده أن يجتمعوا فيه؟ أي حول ربنا يسوع المسيح وباسمه؟ الاسم الكريم العزيز. فالقديس الذي يكون قد عرف غبطة هذا الامتياز الثمين؟ ويترك مركزه؟ أو يضل عن مكانه لأسباب تافهة سطحية؟ يشبه عصفوراً يهجر عشه. انظر ديماس (2تي4: 10).

9. الدهن والبخور يفرحان القلب وحلاوة الصديق من مشورة النفس.

إن المشورة الحبّية الصادرة من صديق مخلص؟ تنعش النفس وتزيدها همة ونشاطاً؟ مثلما يفعل الدهن والعطر للجسم. إن التدهن بالزيت في الجو الحار الجاف؟ كما في فلسطين؟ كان ولا يزال عاملاً في الترطيب والإنعاش. بينما العطور الحلوة والمنشطة تستخدم في تنبيه الحاسيات الراكدة؟ وهي منعشة إلى حد كبير. وطوبى للإنسان الذي له صديق من هذا الطراز. وقد وجد داود في يوناثان هذا الصديق الحلو (2صم1: 26).

10. لا تترك صديقك وصديق أبيك ولا تدخل بيت أخيك في يوم بليتك. الجار القريب خير من الأخ البعيد.

حينما يفاجئنا الحزن وتباغتنا البلايا؟ فإنه خير لنا أن نجد صديقاً مختبراً نستعين به؟ من أن نعتمد على الأقارب الذين - ولو كانوا على مقربة منا - قد تنقصهم المودة التي تميز الصديق. إن الزمن والبعد عاملان قويان يضعفان الروابط العائلية كما يعرف كل واحد منا. وإنه يحسن بجميعنا أن نعرف ذلك الصديق الألزق من الأخ! (راجع ملاحظاتنا على ص 17: 17 و18: 24).

11. يا ابني كن حكيماً وفِّرح قلبي فأجيب من يعيرني كلمة.

إن طاعة الابن الحكيم وتصرفه الدقيق؟ تضفي كرامة وفخراً على أبيه. أما إذا اتصف الولد بالعناد والعصيان؟ فإن الناس يعيّرون أباه؟ وينسبون إليه أنه لم يربِّ أولاده تربية حسنة. والوصية عينها خطيرة بالنسبة لنا نحن «أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع». فإذ نسلك كما يرضي من دعانا؟ فإننا أمام الناس نمجد مخلصنا الله وأبانا. وكم ذا يعيّره الأشرار بسبب حماقات أولاده أحياناً! فخطية داود؟ كانت فرصة لأعداء الرب أن يجدفوا؟ ومن هنا حكم بموت ابن بثشبع (2صم12: 14).

12. الذكي يبصر الشر فيتوارى. الأغبياء يعبرون فيعاقبون.

هذا العدد تكرار لما جاء في ص22: 3. فانظر أيها القارئ الذي لم تخلص بعد؟ مدى اهتمام الإله الذي تتناساه وتتغافل عنه؟ حين يعود فيذكرك بأهمية التدبر لأجل المستقبل والاحتماء في المسيح قبل أن يباغتك الشر حيث لا علاج يومئذ! فإذا سرت بعد هذا الإنذار متثاقلاً صوب قضائك الذي تستحقه «فماذا تقول حين يعاقبك؟» (إر13: 21).

13. خذ ثوبه لأنه ضمن غريباً ولأجل الأجانب ارتهن منه.

هذا أيضاً تكرار لمثل ورد في القسم الأكبر من سفرنا هذا (راجع ص 20: 16) لكن لا يجب أن نزعم أن المصادفة المجردة هي التي جعلت رجال حزقيا يعيدون نقل بعض أقوال سليمان الحكيمة بهذه الطريقة. إنما أراد الله بهذه الوسيلة أن يستحضر إلى أذهاننا؟ بطريقة خاصة؟ خطورة التعليم الذي تنطوي عليه. ومن يهمل مثل هذه الشهادة الكاملة؟ هو في الحق؟ مخطئ وغير أهل بالعطف؟ إن هو حصد مثلما زرع.

14. من يبارك قريبه بصوت عال في الصباح باكراً يحسب له لعنا.

نلمس في هذه الأقوال نزعة التهكم. فالشخص الذي يعني كثيراً بتأكيد حقيقة عواطفه تحت نافذة قريبه وصديقه بصوت عال ونغمة ثرثارة في الصباح الباكر؟ بينما يكون قريبه أو صديقه بحاجة ماسة إلى الراحة؟ يجعل نفسه إنساناً ممقوتاً وتنقلب بركته لعنة. فإن أقوال المديح الصاخبة والتي لا داعي لها؟ شيء يتخوف منه الناس كثيراً. فهي في الغالب تكشف عن قلب غير مخلص؟ وعن أحاسيس غير شريفة؟ ينفر منها صاحب الأخلاق الهادئة الصريحة. وعند الإيطاليين مثل يقول: من يمدحك أكثر مما تعود أن يمدحك به؟ فهو إنما يخدعك؟ أو يزمع أن يخدعك. انظر أبشالوم ورجال إسرائيل (2صم15: 1-6).

15. الوكف المتتابع في يوم ممطر والمرأة المخاصمة سيان. 16. من يخبئها يخبئ الريح ويمينه تقبض على زيت.

راجع ص 21: 9؟19 ولا يوجد تعليق على العدد الأول أفضل من وصف "دكتور طومسون" لعاصفة ممطرة في فلسطين فيقول: إن هذا النوع من الأمطار يتسلل إلى هذه البيوت الجبلية ذات الأسطح الترابية؟ فتنساب المياه بكثرة على هيئة رشوحات تملأ حجرات البيت. وهذا الوكف المتتابع (تك.. تك) كل النهار وطوال الليل أكثر شيء مزعج في العالم ولا يزيد عنه سوى ثرثرة المرأة المخاصمة. فمن يحاول أن يخفي على الآخرين أن امرأة من هذا الطراز تشاركه الحياة تحت سقف واحد؟ كمَنْ يحاول أن يخفي الريح أو أن يمنع الناس عن أن يشموا رائحة الزيت أو الدهن العطر الذي يدهن به يمينه. وقد حسب أحشويروش أن وشتي الملكة أخطأت خطأ من هذا القبيل يوم احتقرته وحقّرته أمام عظمائه إذ تحدت وعصت أمره (إس10: 1-20).

17. الحديد بالحديد يحدد والإنسان يحدد وجه صاحبه.

كما أنه بواسطة الاحتكاك تشحذ قطعة الحديد قطعة أخرى وتصقلها؟ هكذا يتسنى لنا أن يكون كل منا لأخيه معواناً؟ وذلك بالاحتكاك الودي وتبادل الأفكار. أما المعتزل فإنه ضيق الفكر قليل الحيلة. والشخص الذي يريد أن يكون بركة لرفقائه ينبغي أن يختلط بهم لكي يدرس حاجاتهم وآلامهم؟ لكي يكسب لنفسه؟ بما قديتوفر لديهم من ميزات أو مدارك أسمى مما لديه. والواقع أن شركة القديسين بعضهم مع بعض؟ أمر ذو قيمة. وتزداد حلاوته كلما اسودّت الأيام. وما كان أحلاها وأعذبها شركة تلك التي كانت بين بولس وتيموثاوس (2تي3: 10؟11).

18. من يحمي تينة يأكل ثمرتها وحافظ سيده يكرم.

إن الولاء في الخدمة؟ مهما يكن نوعها؟ مضمون مكافأته في الوقت المناسب. كما أن حارس التينة من حقه أن يأكل من ثمارها في وقته. فليذكر المسيحي أن معلمه في السماء؟ وأن مَنْ يراعيه ويحترمه؟ ويحفظ كلمته في رفضه؟ هذا سوف يُكرم في يوم المسيح. إذاً فليواصل جهاده وعمله متشدداً بالإيمان؟ معطياً مجداً لله؟ فوقت الحصاد محقق؟ كما هو مع الحراث (2تي 2: 6).

19. كما في الماء الوجه للوجه كذلك قلب الإنسان للإنسان.

ربما كان الماء النقي أقدم مرآة بدائية. فكما أن الصورة الظاهرة على صفحة الماء تطابق وجه الناظر في الماء؟ هكذا يطابق قلب الإنسان قلب أخيه "ولا فرق" بلا اختلاف. ومهما يختلف الناس كثيراً بسبب المميزات الوراثية أو عامل الثقافة أو انعدامها أو البيئة أو الخبرة؟ فإن الحقيقة الراسخة تبقى راسخة؟ وهي أن للجميع نفس القلب الشرير الفاسد الذي هو «أخدع من كل شيء وهو نجيس». ومن هذه الناحية ليس لأحد أن يفتخر على الآخر فالجميع خطاة يحتاجون إلى مخلص.

ولذلك فإن كنت أريد أن أُظهِرْ لإنسان ما كينونته الخاطئة؟ فليس عليّ إلا أن أصف شر قلبي؟ وعندئذ يكون هو عرضة لأن يظن أن أحداً من الناس أبلغني بعض المعلومات السرية عن أخطائه؟ وإنني أعرِّض به! وكم ظن الناس مثل هذا الظن يوم وقف كارز أمين وأعلن طبيعة كيان الإنسان الأدبي؟ بينما هو يجهل تماماً حالة سامعيه وسلوكهم الحقيقي! وإذا كان الجميع خطاة؟ فما أعظمها بركة أن يكون للجميع مخلص كريم انظر (رو 10: 5-13).

20. الهاوية والهلاك لا يشبعان وكذا عينا الإنسان لا تشبعان.

هذا العدد إنما يختم على حقيقة العدد السابق. وفي هذا يتساوى الجميع. ذلك أن القلب الطبيعي لا يدع العينين تشبعان؟ ففي الإنسان قدرة مشبّهة بالهاوية والهلاك. ومهما يحصل على كل شيء فإنه لا يزال يرنو إلى المزيد. إن هذا هو الدرس العظيم الذي يعلنه سفر الجامعة. ففيه نجد إنساناً قلبه من السعة والعمق بحيث لا يستطيع العالم أن يملأه. على أننا نجد؟ من الناحية الأخرى؟ في سفر النشيد؟ هدفاً هو من العظمة بحيث لا يسعه القلب؟ بل تصدر من صاحبه هذه الصرخة:  «أنا مريضة حباً». فالمسيح وحده هو الذي يستطيع أن يسدد كل حاجات النفس ويشبع كل حنينها. بل ويفعل أكثر من ذلك لجميع الذين يجدون في شخصه المحبوب هدف وغرض عواطفهم. راجع ص30: 15؟16.

21. البوطة للفضة والكور للذهب كذا الإنسان لفم مادحه.

ليس من بوطة لامتحان الإنسان أشد حرارة من أن يوضع في نار المديح والإطراء. إنه من السهل نسبياً أن يسير القديس في «صيت ردىء» متمسكاً بالرب ومعتمداً عليه في إظهار براءته؟ ولو أن كثيرين يفشلون في مثل هذه الظروف. أما أن يتابع مجرى حياته الهادئ لا يزعجه ولا ينفخه المديح والإطراء؟ فتلك علامات تدل على أنه إنسان سائر مع الله فعلاً. إن مئات من القديسين نجحت نفوسهم لما كانوا في أوقات الشدة؟ بينما تجلت خيبتهم في أوقات النجاح. وها هو جدعون يقف أمامنا تحذيراً خطيراً لجميع الذين هم في خطر الانسياق وراء خطر التقدير الأكثر من اللازم (قض8: 22-27).

22. إن دققت الأحمق في هاون بين السميذ بمدق لا تبرح عنه حماقته.

إن الحماقة مرتبطة بقلب الجاهل؟ فأصبحت؟ بسبب العمر الطويل والعناد؟ جزءاً من كيانه. إن دققته؟ كما تدق حبات الحنطة في هاون؟ فلن تخلّصه من شره. ربما كان يمكن للتقويم المعقول أن يؤدي إلى نتيجة طبيعية في الطفولة (ص22: 15). أما وقد سُمِح بتطور أخلاقه على هذا الوضع فقد مضى الزمن الذي تنفع فيه العقوبة البدنية. بل ولن يقوى الإقناع الأدبي على إصلاحه لأن الأحمق يغلق أذنيه دون التوسلات؟ ولا يعنيه إلا ما يسرّه. وهي حالة ما أرعب الوجود فيها. والله وحده هو القادر أن يوقظ؟ في أمثال هذا الإنسان؟ الإحساس بالذنب والخطر؟ حتى يتحول عن حماقته. انظر إرميا 13: 23.

23. معرفة اعرف حال غنمك واجعل قلبك إلى قطعانك. 24. لأن الغنى ليس بدائم ولا التاج لدور فدور. 25. فنى الحشيش وظهر العشب واجتمع نبات الجبال. 26. الحملان للباسك وثمن حقل أعتدة. 27. وكفاية من لبن المعز لطعامك لقوت بيتك ومعيشة فتياتك.

إن الأمانة في الرعاية تهيئ الطعام الكافي للراعي وللرعية التي يعولها. فإن الثروة تهرب والغنى يمضي سريعاً (راجع ص 23: 4؟5). ومن هنا أهمية السعي المتواصل والقيام بالواجب. حتى التاج لا يدوم إلى الأبد؟ فالأسرة المالكة تتعرض للقيام والسقوط تبعاً لتغييرات العالم. أما الذي يكد ويرعى موارده ويعنى بقطعانه فله وفرة في الطعام ووفرة في الكساء. وهل يحظى أكثر الناس ثراءً بأعظم من الطعام والكساء بوفرة؟

وهذه الأعداد تصور العناية الرعوية بين قطيع المسيح. وتلك هي كلمة الراعي العظيم لبطرس «ارع خرافي (أي أطعم حملاني)... ارع غنمي» (يو21: 15-17). وحيث غرس؟ له المجد؟ قلباً رعوياً؟ فهذه هي نتيجته: رعاية (أي إطعام) الخراف وخدمة الغنم. ومثل هذا الشخص يجيد الاهتمام بحالة القطيع؟ لا لربح قبيح ولا كمن يسود على الأنصبة؟ بل من المحبة الطاهرة لخراف المسيح. والمجازاة آتية في النهاية بكل يقين «ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون إكليل المجد الذي لا يبلى» (1بط5: 1-4). ولعلنا - بهذه المناسبة - لا ننسى دفاع يعقوب أمام لابان الذي يذكرنا بما تعنيه خدمة الراعي؟ إذا هي تمّت بضمير حيّ وتعفف (تك40: 31).

الأصحاح الثامن والعشرون

إن ذوي الضمائر المثقلة بالإثم؟ هم أكثر الناس جبناً؟ تفزعهم أفكارهم ويخافون من الظل. والعدد الأول يتحدث عنهم في مفارقة بينهم وبين الصديقين.

1. الشرير يهرب ولا طارد أما الصديقون فكشبل ثبيت.

الخطية تجعل الناس في رعب دائم؟ لكن شعور القديس بأنه يسعى لإرضاء الله ويسلك بالبر قدامه وقدام الناس؟ يوحي بالثقة المقدسة والشجاعة غير الطبيعية. فما من أسد كان أشجع في مقاومة أعدائه؟ من أولئك الرجال والنساء الضعفاء؟ وهم يواجهون الاستشهاد من أجل المسيح. قارن أليشع وجيش الأراميين (2مل6: 8-17 و7: 6؟7).

2. لمعصية أرض تكثر رؤساؤها. لكن بذي فهم ومعرفة تدوم.

أعتقد أن المعصية هنا هي التمرد ضد السلطات الشرعية. فإذا رفض شعب ما أن يعترف بأن السلطات الكائنة هي مرتبة من الله؟ فهو عرضة للحركات الشريرة التي يقوم بها الزعماء؟ كل منهم يغار من الآخر. ومن هنا يكثر رؤساؤهم لاستمرار تغيرهم. ولكن؟ بالمباينة مع حالة الفوضى هذه؟ كم هو سعيد الشعب الذي يحكمه متسلط حكيم ذو فهم؟ أمضى في كرسي الحكم زمناً مديداً. والواقع أنه لن يتقدم شعب أو مملكة؟ وهو معرّض لتغيرات كثيرة في السلطة التنفيذية. ولنا مثال في حالة يهوذا بعد سبي صدقيا؟ كما في معظم تواريخ القضاة.

2. الرجل الفقير الذي يظلم فقراء هو مطر جارف لا يُبقي طعاماً.

إن بعض الفقراء الذين لا ذكر لهم؟ حين يرقون إلى مراكز عالية؟ معرضون لأن يكونوا قساة على الطبقة التي خرجوا منها. وأقسى من الأشخاص الذين ولدوا في بيئة أخرى. فهم يكونون مجردين من العطف والشفقة؟ يشبهون المطر الجارف الذي بدلاً من أن يساعد الزرع على النضوج فإنه يكتسح كل البذور ولا يبقي طعاماً. وذلك هو الذي جعل العشارين في أيام سيدنا مكروهين من المواطنين. فمع أنهم كانوا من الجنس المختار؟ وأبغضتهم السلطة الرومانية واحتقرتهم؟ ومع ذلك كانوا يخدمونها ويستخدمون مراكزهم لمضايقة مواطنيهم. انظر زكا واعترافه بأنه لم يكن يتصرف طبقاً للعرف المصطلح عليه (لو8: 19).

4. تاركو الشريعة يمدحون الأشرار وحافظو الشريعة يخاصمونهم. 5. الناس الأشرار لا يفهمون الحق وطالبو الرب يفهمون كل شيء.

طبيعي أن الناس الذين يتركون الشريعة يمتدحون الذين يسلكون في ذات مسلكهم الملتوي. وحيث تجد إنساناً يبرر الظلم في الآخرين فاعلم أن ضميره قلق من جهة طرقه. أما السالكون بالاستقامة فهم قادرون على توبيخ من لا يتمثلون بهم. ذلك أن بين حناياهم حالة أدبية تمكنهم من وزن الأمور وزناً صحيحاً. إن الناس الأشرار عميان عن العدالة الحقة بسبب إثم حياتهم. أما الذين يجعلون الرب أمامهم في كل حين والذين يتدربون على مراعاة مجده؟ فلهم القدرة على فهم كل شيء؟ أي كل ما له صلة باستقامة الحياة وصواب الحكم. انظر 1يوحنا2: 20؟27.

6. الفقير السالك باستقامة خير من معوج الطرق وهو غني.

إن الفقير الأمين يجد عزاء في تقدير الله له؟ إذ هو في عينيه تعالى؟ أفضل من الغني المعوج. صحيح أن الفقر تجربة قاسية وغالباً ما تقترن بالألم؟ لكنه لا يعادل شقاء الغني الفاسد الذي يزرع الريح ليحصد العاصفة. قارن الغني ولعازر (لو16: 19-31).

7. الحافظ الشريعة هو ابن فهيم وصاحب المسرفين يخجل أباه.

إنه فرح لا يقدَّر حقاً؟ ذلك الذي يجده أب يباركه الرب بابن أمين يسعى لحفظ وصايا الله وخدمة الناس النافعة من أجل الرب. هو بذلك يظهر فطنة صحيحة. أما أبو الصبي العنيد الذي يتخير أصدقاءه من بين المسرفين؟ فإنه يخجل من مسلك ابنه الشرير. وما أغنى النعمة التي حملت الأب في لو 15 على أن يخرج ويلاقي مثل هذا الابن «إذ كان لم يزل بعيداً» إنها صورة غالية للفرح الذي يملأ قلب الآب في الأعالي؟ حينما يرجع إليه ضال مسكين؟ طالما جلب العار على الله الذي أوجده. وذلك بحياته الخاطئة البائسة.

8. المكثر ماله بالربا والمرابحة فلمن يرحم الفقراء يجمعه.

إن الاغتصاب والطمع؟ كلاهما كريه في نظر الله. وتشغيل الأموال بالربا؟ والمطالبة بفوائد مرتفعة تقصم الظهر؟ عملية قد تبدو حسنة ومربحة في عيني من لا مبدأ له؟ غير أن كنزاً محصلاً بهذه الوسيلة لن ينفع أصحابه؟ فإنهم يؤخذون في نصف أيامهم ويتركونه ويعطى للذين يرحمون الفقراء. انظر يعقوب1: 5-6؟ إر17: 11.

9. من يحوِّل أذنه عن سماع الشريعة فصلاته أيضاً مكرهة.

إن الله لم يَعِد قط بسماع الصلاة إذا كان القلب ليس مستقيماً أمامه. وها هو المرنم يقول «إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لي الرب» (مز66: 18). والعدد الذي أمامنا يؤيد هذه الحقيقة الخطيرة. فباطلاً يتوقع الإنسان استجابة صلاته إذا كان يرفض الطاعة لما كتبه الله لتعليمنا. فقد أعلن مشيئته المقدسة في كلمته؟ وفيها كل ما هو ضروري لتعليم المؤمن في البر. وإذا كانت النفس تخشاه خشية حقيقية؟ فإن كلمته يكون لها الوزن الصحيح. والمؤمن الخاضع يرتب خطواته بحسبها. وإذ تكون الحال هكذا؟ فإن الصلاة تكون مقبولة وتنال جواباً حاضراً. ولكن رفض الكلمة أو احتقارها؟ يجعل الصلاة مكرهة عند الرب. اقرأ رسالة حزقيال لشيوخ إسرائيل الذين جاءوا ليسألوا الرب (حز20: 1-3).

10. من يضل المستقيمين في طريق رديئة ففي حفرته يسقط هو. أما الكملة فيمتلكون خيراً.

راجع 26: 27. إن المحاولة العمدية لتحويل خطوات الصديقين عن طريق الاستقامة؟ تجلب السخط الإلهي بصورة خطيرة. ومرة قال الرب يسوع «من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر» (مت18: 6). وما أشنع إثم القلب حينما يحاول الإنسان أن يدبر عامداً كل حيلة لتحويل غيره عن الطاعة لصوت الرب. ومع ذلك فكثيرون أعثروا غيرهم؟ ومن ثم فإنهم عرفوا واختبروا سخط الإله القدوس الذي يهب خيرات للكاملين؟ ولكنه يقضي بالدينونة على مَنْ يحاول تضليلهم. وقد كان بلعام مجرماً من هذا النوع؟ وكان قضاؤه محققاً كاسحاً (عد31: 16؟ رؤ14: 2).

11. الرجل الغني حكيم في عيني نفسه والفقير الفهيم يفحصه.

إن الثروة غالباً ما تدعو إلى الكبرياء والغرور (راجع الفقرة الأولى من ص10: 15). ذلك أنها توحي لصاحبها بقدر من الإحساس بالطمأنينة والاستقلال عن الله؟ وعن بيئته؟ الأمر الذي يخرب النفس غير المتضعة. لكن الفهم أكثر قيمة من المقتنيات. وذو الفهم؟ ولو كان فقيراً؟ أرقى من جاره الجاهل العائش في بحبوحة الحياة. فليس العظماء ولا الأغنياء ولا الأقوياء ولا الشرفاء هم الذين اختارهم الله. بل «فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان» (1كو 1: 26-28).

12. إذا فرح الصديقون عظم الفخر وعند قيام الأشرار تختفي الناس.

راجع ص11: 10؟ 29: 2؟ ع28 من هذا الأصحاح. إذا انتصر الصديقون يكون فرح وفخر عظيم؟ ذلك أن نصرة الصديقين توحي بالغبطة والثقة في صدور الناس الذين يعنون باستقرار الدولة ورخائها. أما إذا تسلط الأشرار فهناك الخوف والقلق؟ الأمر الذي يجعل الأشخاص الجديرين بالثقة يخفون أنفسهم حتى لا يكونوا هدفاً للكراهية والعداء السياسي.

ولقد طال على الناس أنينهم وانتظارهم لنصرة البار الذي يسير الفخر الكثير في ركب ملكوته يوم تتبارك الأرض كلها. وإلى أن يأتي ذلك الوقت؟ فلابد لهذا العالم من أن يخضع للثورات والارتباكات؟ وذلك بسبب رفض الملك الحقيقي. في مُلْك شاول الردىء صورة للوقت الحاضر؟ وفي مُلْك داود وسليمان صورة جميلة؟ ولو باهتة ضئيلة لمُلْك المسيح المجيد.

13. من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقرّ بها ويتركها يُرحَم.

إن محاولة الإنسان كتم خطيته ومعصيته؟ هي غلطة كبيرة وخطيرة. على أن الناس ينفرون من الاعتراف الصريح بحالتهم وتصرفاتهم. ويبدو أنه من الطبيعي للإنسان الساقط (منذ محاولة أبوينا إخفاء عريهما خلف مآزر أوراق التين) أن يحاول إخفاء عاره؟ ظناً منه أن ذلك يجنبه نتائج خطاياه. غير أن كلمة الله تعلن هذه الحقيقة بوضوح؟ وهي أن من يبرر نفسه؟ سيدينه الله في النهاية. أما الذي يقف إلى جانب الله ويدين نفسه؟ فهو الذي يتبرر من كل شيء.

أما الاعتراف؟ فهو الوسيلة المرتبة من الله لضمان راحة الضمير. ونقصد الاعتراف لله؟ وليس الاعتراف لوسيط بشري. ومكتوب «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم» (1يو1: 9). والأساس هو كفارة ربنا يسوع المسيح؟ لأنه في غنى نعمته حمل خطايانا على الصليب وسفك دمه الكريم لينزع الخطية. ولذلك يستطيع الله أن يكون باراً ويبرر من هو من الإيمان (رو26: 3).

وليس معنى الاعتراف الإقرار العمومي بأن الحياة مليئة بالخطايا والآثام؟ إقراراً يُقصَد به راحة النفس وتهدئتها؟ فإن الاعتراف الصحيح المخلص ينطوي على التوبة الحقيقية والحكم على الذات ومن هنا يقول الحكيم «من يقرّ بها ويتركها يُرحَم». والشخص التائب لا يعود يتمسك بالسلسلة التي تقيده أو يتعلق بها؟ بل يتوق إلى الخلاص منها نهائياً. فهو يأتي إلى الله بنفس معترفة اعترافاً صادقاً بطرقه غير المقدسة وأفكاره وأقواله؟ طالباً نعمة للكفّ عنها والسلوك باستقامة قدام الرب. على أنه لا يقدر أن يفعل ذلك من نفسه؟ وإنما إذا اعتمد في إيمان بسيط على عمل المسيح الذي أُكمل على الصليب؟ وسلّم ذاته لله كإنسان حيّ الآن ومقام مع المسيح؟ عندئذ فقط يستطيع أن يتسامى على خطاياه التي لطخت حياته في الماضي. وفي داود صورة كريمة للتغيير الذي يطرأ على الإنسان حين يكف عن إخفاء خطاياه وكتمانها؟ ويخرج إلى نور حضرة الله معترفاً بها قدامه. ومثل هذا الشخص هو وحده الذي يعرف غبطة غفران الإثم وستر الخطايا؟ مغنياً «طوبى للذي غُفِرَ إثمه وسترت خطيته؟ طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية ولا في روحه غش» (مز32: 1).

وحينما يحاول الإنسان أن يستر ويكتم خطيته فهو إنما يضاعف بنود القائمة المرعبة؟ لأنه يأبى أن يخضع للوصية الصادرة لجميع الناس في كل مكان أن يتوبوا (أع17: 30). ولكن حين يستر الله الخطية؟ فهو يسترها بالتمام وينساها إلى الأبد.

14. طوبى للإنسان المتقي دائماَ. أما المقسي قلبه فيسقط في الشر.

راجع ص23: 17. هذا العدد لاحق بالضبط للعدد السابق. فالقديس المغفور الإثم؟ والذي يُسرّ بمعرفة غفران خطاياه؟ صارت عليه مسئولية أن يعمل ويسلك في خوف وتقوى الله. أما الشخص الذي يعيش بلا تفكير وبلا صلاة؟ الذي يهمل كلمة الله؟ أو يقسي قلبه ضد التأديب مصراً على طريقه الخاصة؟ فإنه يسقط في مشقة وحزن لأن «من يحبه الرب يؤدبه».

لكن المتقي دائماً ينجو من الغرور والثقة في الذات. إنه يسير طبقاً لمشيئة الله المعلَنة. وإذ هو لا يخشى الدينونة فيما بعد؟ فإنه يخشى أن يحزن روح الله الذي فيه؟ أو يهين اسم ذاك الذي يسره أن يعترف به مخلصاً ورباً. وهذا الخوف النافع هو الذي حفظ يوسف حينما تعرض لتجربة كان يمكن أن تغلب شخصاً واثقاً في ذاته (تك39: 9).

15. أسد زائر ودب ثائر المتسلط الشرير على شعب فقير. 16. رئيس ناقص الفهم وكثير المظالم. مبغض الرشوة تطول أيامه.

راجع ع12. إن المتسلط الشرير هو الذي لا يعترف بسلطة الله العليا التي أعطته أن يشغل هذا المركز الجليل. وهو لا يعنى إلا بإشباع نزعاته؟ كما فعل آخاب يوم امتلك ظلماً كرم نابوت (1مل21). وإذ هو يظلم الفقير؟ ويعوِّج القضاء؟ فإن رئيساً مثل هذا يشبه وحشاً مفترساً انطلق من مكمنه إلى أماكن العمران. وإذ ينقصه الفهم؟ فإنه لا يقدر أن يعرف أن ضمان عرشه مرتبط برخاء رعايا ملكه. ومن هنا تراه يجري الحكم بيد ثقيلة؟ فتتجنبه كل القلوب وتبعد عنه. إن الطمع والرغبة في تعظيم الذات هي منشأ هذا الخُلق. والشخص الذي يكره أن تسيطر عليه هذه العواطف الشريرة يكفل استقرار بيته وتطول أيامه.

17. الرجل المثقل بدم نفس يهرب إلى الجب لا يمسكنه أحد.

إن الإحساس بجريمة إهلاك أو إتلاف شخص برئ؟ عبء ثقيل على الضمير؟ يدفع صاحبه إلى الانتحار. وهكذا الحال بوجه خاص مع إسرائيل. فإن القاتل الذي لا يجد مدينة ملجأ يهرب إليها؟ يفضل أن يقتل نفسه؟ على أن يلاقيه ولي الدم. وفي يهوذا الخائن الشقي صورة لهذا العدد (مت27: 3-5).

18. السالك بالكمال يخلص والملتوي في طريقين يسقط في إحداهما.

ليس المقصود هنا خلاص النفس من الدينونة. فالسلوك بالاستقامة لن يمحو الخطية الماضية؟ ولن يبرر صاحبه أمام الله. إنما المقصود هو النجاة اليومية من الفشل والخطية مع ما يتبعهما من أوجاع وأحزان. فالقديس الذي يتمسك بالرب بعزم القلب؟ والسالك بالكمال قدامه؟ يخلص من متاعب كثيرة. ومن يرفض توبيخ وتقويم كلمة الله ويسلك بالاستقلال في كبرياء قلبه يسقط فجأة. وانحرافه يؤدي إلى كارثة غير متوقعة. وكم من قديس جاز هذا الاختبار. ولكن بالأسف؟ ما أبطأنا في التعلم؟ سواء مما أعلنه الله؟ أو من سقطات الآخرين. وبين الأنبياء نرى دانيال ويونان على طرفي نقيض لتصوير هذه الثنائية.

19. المشتغل بأرضه يشبع خبزاً وتابع البطالين يشبع فقراً.

راجع ع 7 وص12: 11. إن الاجتهاد يشبع صاحبه بما هو ضروري ولازم لبنائه؟ وبغباوة الآخر وإهماله يشبع ويلات ويفتقر؟ بينما يثرى قريبه. وليس الحظ أو الصدفة سبب نجاح الواحد وخيبة الآخر. إنما الفارق هو بين المثابر على أداء الواجب؟ وبين تابع البطالين التافهين المجردين من كل قيد. ومن حولنا نرى هذين الصنفين من الناس.

ونحن نراهما أيضاً في الدائرة الروحية. فهذان شابان يعترفان بالمسيح. أحدهما ينفصل عن العالم منذ يوم تعرفه على الرب؟ العالم بكل صوره المختلفة؟ ويكرِّس حياته للاشتغال والتفليح في حقول كتابه المقدس؟ والنتيجة هي نموه في النعمة والمعرفة؟ وشبع نفسه. وإذ يشبع خيراً يكون له أن يعطي من له احتياج. أما الآخر وله نفس الفرص؟ فإنه يساير العالم وتبع صحابته البطالة؟ ويهمل الكتاب ويتضور جوعاً روحياً؟ وأخيراً تتحطم تلمذته؟ ولا يفكر في شيء لله. ومن هنا ينشأ الشك الخطير في أنه شخص حصل على الخلاص. والناس تأخذهم الدهشة إزاء الفارق بين الاثنين. لكن لا يتحيّر إنسان الله الذي يلاحظ المسلكين. إن الشخص (النصف عالمي) لا يمكن تطويره إلى شخص مثل تيموثاوس. لكن الشاب الأمين الحازم؟ هو الذي يصبح قوة في يد الله وتشبع نفسه بالخير.

20. الرجل الأمين كثير البركات والمستعجل إلى الغنى لا يُبرأ.

انظر ص4: 23؟ 22: 1؟16؟ 27: 24. ليس من المحتمل أن يجمع الرجل الأمين ثروة ضخمة في عالم كهذا إنما هو غنى في الكنز السماوي؟ وله فيض من البركات حتى في الناحية الزمنية؟ لأن من يعمل لله يستطيع أن يثق بأن الله يعمل له. أما إذا كان الحصول على الغنى هو هدف حياة الإنسان؟ فإنه لن يبرأ حين يُطلب منه أن يقدم حساباً عن أساليبه وتصرفاته الكاذبة. إن خطط الكذب والخديعة قد تبدو ناجحة ومنتصرة على المثابرة الرصينة؟ لكن العاقبة تثبت قيمة الأمانة وتفاهة الكذب والخداع. فالغنى العاجل هو في الغالب دليل على الظلم في ناحية ما؟ والمسيحي الحقيقي ينفر من مسلك كهذا. فإن الفقر نسبياً مع الاحتفاظ بالضمير الصالح؟ أفضل من التعجل وراء الثروة وفقدان التمتع بالشركة مع الله. انظر رسالة إشعياء إلى الرأسماليين في أيامه؟ الذين بلا ضمير؟ والذين كانوا يعرفون عن نظام الائتمان ما يعرفه محبو المال في أيامنا؟ فيما له صلة بمنافعهم (إش 5: 8-10). راجع أيضاً ع22 من هذا الأصحاح.

21. محاباة الوجوه ليست صالحة فيذنب الإنسان لأجل كسرة خبز.

راجع ص18: 5. إن من يحابي الوجود خائن ولا مبدأ له؟ لأنه لا ينظر إلا لمكسبه؟ ويدوس أهداف العدالة لأتفه الأمور؟ ما دام ذلك لصالحه ولأجل «فتات من الخبز» كانت البنات الكاذبات بين شتات الإسرائيليين يحابين الوجوه في رسائلهن؟ لذلك قيل لحزقيال أن يتنبأ عليهن (حز13: 17-23).

22. ذو العين الشريرة يعجل إلى الغنى ولا يعلم أن الفقر يأتيه.

راجع ع20؟ ص20: 21. العين الشريرة؟ هي العين الطماعة؟ وهي دليل على القلب الطماع. ومثل هذا الإنسان المستعجل نحو الغنى؟ ينسى النكبات التي من المحقق أن تأتيه طبقاً لسياسة الله العادلة. تأمل ميخا6: 12 ومتى19: 23؟34.

23. من يوبخ إنساناً يجد أخيراً نعمة أكثر من المطري باللسان.

راجع ص19: 25؟ 20: 19؟ 26: 28؟ 27: 6. إن المطري قد يرضي من يطريه إلى لحظة؟ لكن الأمين في التوبيخ؟ له قيمة أعظم إذا تفكر الإنسان؟ فليس من الإشفاق أن تشعر أخاك بأن أخطاءه غير ظاهرة؟ وتتركه مطمئناً وهو يعمل الخطأ. ولكن القديس الذي يذهب إلى أخيه فاعل الشر؟ يحمل في ذهابه إليه خوف الله؟ وهو يقصد لفت نظره إلى طرقه غير المقدسة. قد يثير الغضب والسخط في بادئ الأمر؟ لكن الوقت والضمير يقفان في جانبه؟ فإنه يجد نعمة أكثر من ذاك. لقد استطاع بطرس أن يكتب «أخونا الحبيب بولس» بعد التجربة التي اجتازها في أنطاكية (2بط3: 15).

24. السالب أباه أو أمه وهو يقول لا بأس فهو رفيق لرجل مخرِّب.

راجع ص19: 3و26. إن الشاب الذي ينفق كل شيء على نفسه؟ مدعياً أن له الحق في ممتلكات والديه؟ أو أنه غير مسئول عن العناية بهما؟ ويعلن في جرأة أنه بريء من المعصية؟ هو كالمجرم تماماً الذي يخرب ما للآخرين. ولقد كان الفريسيون في تدينهم يكسرون وينقضون حرف وروح هذه الكلمة عن طريق شريعة قربانهم (مر7: 11).

25. المنتفخ النفس يهيّج الخصام والمتكل على الرب يسمَّن. 26. المتكل على قلبه هو جاهل والسالك بحكمة هو ينجو.

راجع ص13: 10؟ 18: 12. إن المنتفخ النفس يهيج الخصومة؟ إذ هو متصلف؟ فإنه يعادي أشخاصاً يُعتمد عليهم أكثر منه؟ ولن يدعهم في طمأنينة ما لم ينفذ طريقه. وفي كبريائه لم يتعلم أنه لا ثقة في الجسد. وبروحه المتصلبة وطرقه المتعسفة يخلق أذى كبيراً بين شعب الله. وهو عكس الشخص الذي تعلم من ذاك الوديع والمتواضع القلب؟ ويبرز في حياته أنه شخص روحي مكَرَس للرب. هو وحده الذي يعرف القلب البشري ولا يثق فيه مطلقاً (إر17: 9؟10). إن الشخص السالك بالتواضع؟ يسلك بالحكمة وينجو من كل الشراك. انظر تقدير الرب للقلب البشري (يو2: 23؟25).

27. من يعطي الفقير لا يحتاج ولمن يحجب عنه عينيه لعنات كثيرة.

راجع ع8؟ 14: 21؟ 21: 13. من علامات تدخل العناية الإلهية في شئون الناس؟ أن من يشفق على المحتاج لن يكون خاسراً؟ بينما الذي يرفض أن يرثي لحالهم المحزنة؟ ويدخر كل مقتنياته لنفسه؟ يجدها سبب حزن وتنهد في آخر الأمر. والله يجعل ذاته؟ تعالى؟ مسئولاً أن يرد بسخاء للمحسن كل ما بذله للفقير. فقد ترك الفقراء في هذا العالم ليكونوا امتحاناً لأولئك الذين هم في ظروف أفضل. على رأس المحسن بركة؟ وإنما لعنة على الإنسان الذي لا يفكر إلا في تمتعاته؟ ويترك الآخرين يعانون ويقاسون العوز الذي في إمكانه أن يخلصهم منه؟ لو أن له قلباً يفكر فيهم. انظر الرئيس الشاب الغني (لو18: 18-27)؟ وقارن معه ص11: 25.

28. عند قيام الأشرار تختبئ الناس. وبهلاكهم يكثر الصديقون.

راجع ع12. حينما يتبوأ عرش الحكم أناس أشرار؟ تكون الحياة والمقتنيات غير مأمونة؟ ويسعى رجال السلام والهدوء إلى الاختباء؟ خشية ظهورهم علناً؟ ولكن حينما يتحطم الأشرار؟ يكثر المستقيمون في كل مكان؟ مطمئنين إلى سلامة عائلاتهم وممتلكاتهم. انظر حالة الإسرائيليين في أيام سيادة الفلسطينيين؟ وحالتهم حينما قهر يوناثان مقاوميهم الأشرار (1صم13: 6 و14: 22).

 

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

 

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.