الأربعاء 5 مارس - آذار - 2003

واحد من ألف


إن وُجد عنده مُرسل وسيط واحد من ألف ليعلن للإنسان استقامته. يتراءف عليه ويقول أطلقه عن الهبوط إلى الحفرة قد وجدت فدية (أي33: 23،24)

حقاً إنه لا يوجد سوى واحد من ألف يستطيع أن يعلن للإنسان ما هي حقيقة استقامته. فإن وجد واحد يُخبره بالحقيقة من جهة هذا الأمر، فإنه يوجد 999 يخبرونه أن استقامته تقوم باجتهاده في العيشة الصالحة، ومساعيه في تحسين ذاته، وما أشبه. ولكن لو كان الأمر كذلك، لكان أيوب غنياً فيها. وإذا رجعنا إلى أيوب29 لرأينا أيوب متقدماً في ميدان الآداب السامية، والأعمال الخيرية. ولكن عندما يظهر على المسرح ذلك « المُرسل » الأمين و« والوسيط » الحقيقي الواحد من ألف، حينئذ يتغير المشهد، إذ يخبرنا أن استقامة الإنسان تقوم في الاعتراف بأنه خاطئ. « يغني بين الناس فيقول » ماذا؟ هل يقول قد عشت عيشة صالحة؟ قد أنفقت مالي على المساكين؟ قد تلوت صلوات عديدة؟ قد صُمت مراراً كثيرة؟ كلا، بل يقول: « قد أخطأت وعوَّجت المستقيم »، وماذا إذاً؟ هل يحدره الله إلى الجحيم؟ كلا، بل « فدى نفسي من العبور إلى الحفرة فترى حياتي النور ».

أيها القارئ العزيز ... إن استقامة الإنسان هي في أن يعترف بأنه قد أخطأ. فهذا المبدأ بسيط، ولكن على بساطته ما أصعب وصول النفس إليه. فأيوب لم يصل إليه إلا بعد المشقة، فكم أدلى من الحجج، وكم جادل في الأقوال، وكم عدد في صلاحه ومناقبه، وكم أشار إلى شرفه ومركزه، وهكذا بعد صعوبة كُبرى وصل إلى نهاية نفسه، ونطق بكلمات الاستقامة الصحيحة قائلاً: أنا مذنب. هذا هو القلب البشري، يصعب عليه أن يرى ذاته وامتيازاته منهدمة حوله. على أنه من الجهة الأخرى لا يستطيع أن يرى أمجاد المسيح إلا وسط تلك الأنقاض ـ أنقاض الذات.

إنه من الأهمية في المكان الأول أن نفهم جيداً مسألة استقامة الإنسان هذه، فنكرر القول إن الأساس المستقيم الوحيد الذي يجب أن يقف عليه الخاطئ هو أساس الاعتراف بخرابه التام. وتتلخص حالة الإنسان وأخلاقه في قوله « أنا مذنب » و« أخطأت » : فالقول الأول يبين شخصيته، والثاني يبين أعماله. فإن لم أقر من أعماق قلبي أني هالك فلست مستقيماً، وإن كنت أتصوَّر أنه يوجد في طبيعتى أو في أعمالي ما يشفع لي عند الله، فأنا لم أسمع بعد صوت الوسيط الواحد من ألف.


 

وليم كلي

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS