الجمعة 14 نوفمبر - تشرين الثاني - 2003

صِقلغ تحترق


ولما جاء داود ورجاله إلى صقلغ في اليوم الثالث كان العمالقة قد غزوا الجنوب وصقلغ وضربوا صقلغ وأحرقوها بالنار .... (1صم30: 1،2)

كان داود في ذلك الوقت قد هوى إلى الحضيض. فلم يكفهِ أن يجد بعض الاستقرار العائلي في أرض الأعداء، بل أوصله الانحطاط إلى طلب الحظوة للوقوف في صف الأعداء ضد شعب الله!! وما لم نختبر شيئاً من خداع قلوبنا الهزيلة، فإن حديثاً مثل هذا يملؤنا دهشة « ماذا عملت ... حتى لا آتي وأحارب أعداء سيدي الملك؟ » (1صم29: 8) حديثاً يخرج من شفتي ذاك الذي صاح مرة « مَنْ هو هذا الأغلف حتى يعيِّر صفوف الله الحي؟ ».

ولئن كانت الإقامة في صقلغ تستحيل معها الشركة الإلهية، فإنها لن تُباعد بين داود وعناية الله الحُبية. فإن عينيه هما على عبده الشارد، وها هو تبارك اسمه يتقدم ليتصدى له في مزالق الانحدار. وكل الأشياء بين يدي الله. حتى أقطاب الأعداء في عجرفتهم وحسدهم يستخدمهم الله لجاماً وزماماً لترويض المنحرف، وفي إشفاق حُبي أعفى داود من الندم والأسى اللذين كان لا بد أن يستشعرهما لو أنه رفع يده فعلاً على قطيع الرب.

بيد أنه ولو حال تعالى دون تنفيذ رغبة داود، فإنه لا بد أن يؤدبه من أجل مجرد التفكير في مشروعه القاتل. وها نحن نقرأ أن داود ورجاله رفعوا أصواتهم وبكوا حتى لم تبق لهم قوة للبكاء: ولكي تمتلئ الكأس مرارة تحول عنه أحباؤه وقالوا برجمه. ومع ذلك، ورماد بيته المحترق أمام ناظريه، وزوجاته وبنوه في ضياع، وأحباؤه يفترون عليه ـ فإنه يستعيد طريقه القديم، طريق الإيمان المطيع، ومن فوره يجد الفرح والقوة « وأما داود فتشدد بالرب إلهه ».

ومرة أخرى: نرى الله مسيطراً على جميع الظروف، وحتى العمالقة الأشرار لم يكونوا سوى آلات في يده تعالى. لقد أحرقوا المدينة لكن الله استبقى كل حياة، وما كان على داود إلا أن يسير قدماً في نشاط الإيمان المطيع لكي يسترد الكل ويعود وفي يده أسلاب العدو.

أما اختبر القارئ شيئاً من اقتناصي غنائم من بين فكي العدو؟ أما فزنا قط بمكاسب روحية من تجاربنا وعثراتنا؟ أما تعلمنا الكثير عن الله وحبه؟ أما تعلمنا أن نعتمد عليه بالتمام وأن نسيء الظن بقلوبنا الخداعة ونسلك بأكثر قرب وأكمل طاعة لكلمته؟


 

ف.ب. ماير

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS