الخميس 22 أغسطس - آب - 2002

موسى الذي أنكروه


هذا موسى الذي أنكروه قائلين مَنْ أقامك رئيساً وقاضياً ... هذا أخرجهم صانعاً عجائب وآيات في أرض مصر وفي البحر الأحمر وفي البرية أربعين سنة (أع7: 35،36)

كان موسى بالطبيعة جميل المنظر وقوي البنيان، وحباه الله فصاحة وذكاء، وأعطاه القصر فرصة أن يتهذب بكل حكمة المصريين، أضف إلى هذا الخبرة العسكرية والسياسية والقدرة على الزعامة والقيادة التي اكتسبها لكونه ابن ابنة فرعون، هذه الأمور جميعها ملأت موسى بالشعور بكفاءته لخلاص إخوته، لقد كان بإمكانه أن يُجيب على سؤال بولس الشهير: « مَنْ هو كُفء لهذه الأمور؟ » بالقول: أنا. لذلك يقول الكتاب عنه « لما كملت له مدة أربعين سنة خطر على باله أن يفتقد إخوته بني إسرائيل. وإذ رأى واحداً مظلوماً حامى عنه وأنصف المغلوب إذ قتل المصري. فظن أن إخوته يفهمون أن الله على يده يعطيهم نجاة، وأما هم فلم يفهموا » (أع7: 23ـ25). لقد كان يثق في أفكاره واستنتاجاته، بل اتكل أيضاً على قوته العضلية وشجاعته، ونسى تماماً أن أفكار الله ليست أفكارنا وطرقه ليست طرقنا، بل نسى أيضاً أن الله لا يُسرّ بقوة الخيل ولا يرضى بساقي الرجل (مز147: 10).

لذلك وعلى الرغم من نقاوة الدوافع وعظمة التكريس، كان لا بد من النقل إلى ما وراء البرية ليفرغه الله تماماً من كل شعور بالقوة، بل ويفرغه أيضاً من كل شعور بالأهمية. فعدم تقدير إخوته لخدمته، ودفعهم له، وعدم فهمهم لنقاوة دوافعه، واتهامهم له بتهمة غبية هو أبعد ما يكون عنها (أنه يرغب أن يكون رئيساً أو قاضياً)، بالإضافة إلى استغناء الله عن خدماته لمدة أربعين سنة، كل هذا كان كافياً أن يقضي تماماً على أي شعور بالأهمية كان في قلب موسى من جهة نفسه. ومن السهل أن نلحظ هذا عندما دعاه الرب في سن الثمانين لينجز المهمة التي فشل في إنجازها في سن الأربعين، إذ نراه مرة تلو الأخرى يعلن عن عجزه وضعفه وعدم كفايته لهذه المهمة.

وهكذا ذهب موسى ليخلّص إسرائيل مستنداً لا على إمكانياته، فلم يُبقِ منها شيء، لكن على الله الباقي إلى الأبد. وصدق مَنْ قال إن موسى قضى في القصر أربعين سنة تعلم فيها أنه شيء، وقضى في البرية أربعين سنة تعلم فيها أنه لا شيء، وقضى في قيادة شعب الله أربعين سنة تعلم فيها أن الرب هو كل شيء.


 

ماهر صموئيل

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS