الثلاثاء 19 يونيو - حزيران - 2001

دموع إبراهيم


وماتت سارة ... فأتى إبراهيم ليندب سارة ويبكي عليها (تك23: 2)

يبدو أن إبراهيم كان متغيباً عن بيته عندما لفظت سارة أنفاسها الأخيرة، ولكنه أتى في الحال ليندب سارة ويبكي عليها. وهذه أول مرة نقرأ عن إبراهيم أنه بكى. لا نقرأ أنه بكى عند نهر الفرات عندما ترك الأهل والأوطان، ولا نرى أثراً لذلك عندما وصلت إليه أخبار سبي أخيه لوط، والكتاب لا يذكر أنه فعل ذلك في طريقه إلى جبل المُريا لتقديم وحيده الذي يحبه اسحق مُحرقة، أما وقد ماتت سارة فقد تفجرت ينابيع حزنه وسالت دموعه مدراراً.

ما الذي أحدث هذا التغيير؟ نعم عندما نُدعى من الله لنتمم عملاً، سواء كان رحلة شاقة، أو حرباً شعواء، أو تضحية ما؛ فإننا نستطيع أن نحبس دموعنا، ونتحمل كل شيء بصبر، وربما كثرة مشاغلنا تلهينا عن أحزاننا. ولكن عندما ينتهي كل شيء، وعندما تأتي بنا الأيام بجوار جثة هامدة، لا تملك أيدينا أن تفعل لها شيئاً، حينئذ تنساب دموعنا.

لعله ليس بمستغرب أن يبكي ابراهيم. لقد كانت سارة شريكة حياته، كانت هى الوحيدة الباقية ممن تحمّلوا معه مشاق رحلته الخطيرة هذه السنين الطوال، وإذ جثا بجوارها، انهالت عليه ذكريات الماضي؛ تذكرها كعروس في بدء حياتهما الزوجية، تذكر طاعتها وخضوعها في كل حياتها داعية إياه سيدها، مرَّ في مخيلته شريط أحداث متتابعة ومواقف كثيرة لها، ضيافتها وكرمها، وقارها وزينة الروح الوديع الهادئ الكثير الثمن، حسن تدبيرها ووقوفها معه في كل مسيرة الحياة، كل هذا كان لا بد أن يقوده للبكاء.

إن الدموع تهوّن على النفس أحزانها الثقيلة، وهى تخفف ضغط الأحزان عن القلب. هى لآلئ وليدة الجروح والآلام، كما تتحول الجروح في المحارات إلى لآلئ.

نحن لا نستطيع أن نعرف تماماً لماذا يبكي البشر إذا وقفنا معهم بجانب القبر. ففي معظم الأحيان يكون باعث الحزن خالص المحبة، ولكن في بعض الأحيان تكون الدموع ممتزجة بمرارة، بسبب ما يملأ نفوسهم بالندم والأسف بسبب معاملة قاسية أو كلمات صعبة أو بسبب تقصير في خدمة أو مشاركة في أعواز.

ليحفظنا الرب في روح المحبة لكي لا نشرب مثل هذه الكأس المُرَّة - كأس أحزان الحرمان.


 

ف.ب. ماير

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS