الأحد 11 مارس - آذار - 2001

صرخة الألم


إلهي إلهي: لماذا تركتني؟ (مز22: 1)

يلفت النظر أن العبارة الرابعة من فوق الصليب، بخلاف باقي عبارات المسيح من هناك، سُجلت بذات النطق الذي خرج من فم المسيح، أي باللغة الأرامية، ثم بعد ذلك ذكر لنا البشيران، متى ومرقس، معناها باليوناني، ومنها تُرجمت إلي لغات العالم. وكأن الروح القدس أراد أن تخلد الأجيال والأبدية تلك الصرخة بذات الألفاظ التي خرجت من فم البار المتألم، والتي نطق بها من عمق أعماق الألم.

في هذه الساعات كان المسيح منفرداً تماماً ومتروكاً، لا من تلاميذه ومعارفه فقط، بل من الله أيضاً. وهي لحظات لا نظير لها في كل الزمان بل والسرمدية. وفي تلك الكلمات التي نطق بها المسيح نجد أحزان العالم كله مركزة في صرخة واحدة، هي عن يقين أرهب الكلمات المسجلة في كل الكتاب، بل وأكثر صرخة محمّلة بالرعب والأسى في عالم الخطية والأحزان الذي طالما تصاعدت منه صرخات الهلع والفزع.

تفتتح تلك الصرخة الرهيبة بعبارة « إيلي »، وهي اسم من أسماء الجلالة بالعبري، ويعني القوي. ونحن نعلم من أماكن أخرى في الكتاب أن الله في الدينونة قوي (رؤ18: 8). وهنا أيضاً، لما وضع الآثام على ابنه الحبيب، ولما جعله خطية، كان أيضاً قوياً يوم حمو غضبه (مرا1: 12، نا1: 6).

ما الذي حدث في تلك الساعات الرهيبة؟ لا أحد يستطيع أن يعرف، ولا حتى في الأبدية سنعرف. لا يوجد سوى الله والرب يسوع المسيح هما اللذان يعرفان حدود الكلفة الرهيبة العظيمة التي تكلفها المسيح على الصليب والذي يعبر عنها الرب يسوع بهذه الكلمات. ونحن في تلك الساعات التي تُرك فيها المسيح من الله لا نسمع سوى الصمت، ولا نرى سوى الظلام! فماذا بوسعنا أن ندرك؟ على أنه بعد مرور ساعات الظلام نسمع صرخة تخرج من تلك الغرفة المغلفة بالأسرار، إنها صرخة ربنا المعبود يسوع قائلاً « إلهي إلهي لماذا تركتني؟ ».

من الله قد تُركتَ وسطَ ساعاتِ الظلام
كلَ ديننا وفيتَ ومنحتنا السلام


 

يوسف رياض

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS