جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 8، آية 8 و9

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 8، آية 8 و9

8 و9-"لنا أخت ليس لها ثديان. فماذا نضع لأختنا في يوم تخطب. ان تكن سورا فنبنى عليها برج فضة. وان تكن بابا فنحصرها بألواح أرز"

   من المحقق ان المقصود "بالأخت الصغيرة" هو افرايم أي العشر الأسباط التي فقدت من زمان بعيد لقد كان سبيهم وتشتيتهم سابقا لميلاد المسيح، ولا يزالون تائهين ولا يعرف لهم مقر إلى الآن، لذا لم تكن لهم دراية بكل التدريبات التي اجتازها السبطان الآخران. أنهم قصيروا الإدراك وليست لهم صلة أو معرفة بالمسيح في ولادته وموته وقيامته ورجوعه مرة ثانية، ومع ذلك سوف يتمتعون بنتائج مجيئه الأول بالنعمة ومجيئه الثاني بالمجد.

*     *     *

فضلا عن ذلك فان لنا في هذين العددين تعليما روحيا وتحذيرا خطيرا، إذ كم من المؤمنين في أيامنا هذه ينطبق عليهم القول "لنا أخت ليس لها ثديان" مؤمنون قصيرو  النظر، ضعفاء في المعرفة والفهم الروحيين أو في الحياة التقوية. أنهم في حاجة إلى النمو في النعمة، وإلى إدراك غنى بركات الفداء الذي لنا في دم الحمل، "فماذا نصنع لأختنا؟" ما هو العلاج لهذه الحالة؟ لا شك ان الأمر يتطلب اقتياد تلك النفوس لتدرك قيمة البركات الروحية التي ذخرت لها في ربنا المبارك. أنها في حاجة إلى التقدم والنمو للوصول إلى حالة البلوغ الروحي _ إلى "برج فضة" وإلى "ألواح أرز" وقد عمل الرسول بولس جاهدا ليضيف شيئا روحيا جسديا للقديسين رو1: 11، 1كو2: 13،كو1: 24، 1تس3 : 10، عب6: 1).

*     *     *

وفي القول "ان تكن سورا" ما يبين أنه وان كانت أخت العروس صغيرة إلا أنها راغبة في العيشة بالانفصال عن العالم، وفي تجنب الشر المحيط بها، ومع ذلك فأنه "ليس لها ثديان" أي أنه تعوزها الأحشاء والعواطف التي تعتز بالعريس وبمحبته، وحسن ولا ريب ان تكون الأخت الصغيرة "سورا". أنه أمر له أهميته وضرورته وهذا ما تتميز به المدينة المقدسة (رؤ21) ولكن علاوة على ان هذه المدينة "لها سور عظيم وعال" فأنها تتميز أيضا بأوصاف أخرى هي غاية في الجمال، فهي "العروس امرأة الخروف" أي ان لها العواطف والأحشاء التي تحب العريس وتعتز بمحبته، تلك الأحشاء التي كانت تنقص الأخت الصغيرة فأنه "ليس لها ثديان" وهذه الحالة كانت عيبا أو نقصا يحتاج إلى علاج كامل "فماذا نصنع لأختنا في يوم تخطب؟".

*     *     *

"فنبنى عليها برج فضة" ان كان السور يشير إلى العيشة في مخافة الرب التي تقود النفس إلى الانفصال ، وهذا حسن وجميل إلا أنه ليس كافيا، فيجب ان يضاف إلى ذلك إدراك النفس ويقينها بنعمة الله التي لها والفداء الذي في ربنا يسوع المسيح _ هذا الفداء الذي كانت الفضة رمزا له "برج فضة" فالأخت الصغيرة هي في حاجة إلى إدراك إحسان الله الكامل ورضائه الذي استقر عليها كمفدية. لقد كان للفداء شان عظيم في تاريخ الشعب القديم "ترشد برأفتك الشعب الذي فديته"(خر15: 13) وكذلك نحن المؤمنين في عهد النعمة الحاضر، فان لنا في ربنا يسوع المسيح "الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته"(أف1: 7) "المسيح افتدانا من لعنة الناموس. . . لنصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع لننال بالإيمان موعد الروح"(غل3: 13و14). لقد افتدينا لننال التبني، وبما أننا أبناء فقد "أرسل الله روح ابنه إلى قلوبنا صارخا يا أبا الآب"(غل4: 4-6) هذا ما يشير إليه "برج الفضة".

*     *     *

"وان تكن بابا فنحصرها بألواح أرز" لقد قصد الله ان يكون الشعب الأرضي في تاريخه السابق، كما سيكون في تاريخه اللاحق "بابا" يدخل منه البشر إلى معرفة الله، ولكن ذلك الشعب قد فشل في ذلك. أنه لم يحسن استعمال هذا الامتياز الموهوب له من الله، من ثم صار المسيح، له المجد _ "الباب" الحقيقي "أنا هو الباب. ان دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى"(يو10) فبالمسيح وحده الإتيان إلى الله، وإلى التمتع بملء البركة الإلهية "ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يو14: 6) ولكن الله لم يغير فكره من ان يكون شعبه أيضا "بابا" يمكن بواسطته الوصول إلى معرفته تعالى. ان الله الذي لم ينظره أحد قط يريد ان يرى في شعبه ويعرف بواسطتهم "إذ نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح تعالوا مع الله" (2كو5: 20)

*     *     *

ولكي يكون المؤمن "بابا" بكل معنى الكلمة، يجب ان يتجمل بزينة روحية مقدسة. يجب ان تظهر فيه صفات وسجايا "الطبيعة الإلهية" وذلك بان تكون له شركة عميقة مع الله الآب والرب يسوع المسيح. لقد كتب الرسول بولس للمؤمنين في كورنثوس عن مقامهم الذي لهم في المسيح يسوع "المقدسين في المسيح يسوع. . . أمين هو الله الذي به دعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا"(1كو1) ثم في (ص2) عن الروح القدس الذي به يستطيعون ان يعرفوا الأشياء الموهوبة لهم من الله، وفي الرسالة بصفة عامة كان كأنه يبنى عليهم "برج فضة" ولكن بسبب نقص مستواهم الروحي أضطر ان يكتب إليهم رسالة ثانية كما لو كان فيها يحصرهم "بألواح أرز" ففيها يرسم أمامهم ربنا يسوع وسيط العهد الجديد الذي يجب ان ينظروا إلى مجده بوجه مكشوف لكي يتغيروا إلى صورته. أنه يحدثهم في هذه الرسالة (الثانية) عن الخليقة الجديدة الجميلة، وان الأشياء العتيقة قد مضت، وان الكل من الله، وان المؤمن الشاخص إلى المسيح والناظر إلى مجده، والذي انعكس عليه ذلك الجمال الأدبي _ جمال المسيح، فأنه يكون بلا ريب "بابا" جميلا يقود الآخرين إلى المسيح "نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" كما سلفت الإشارة (2كو5: 20).

لقد بنى هيكل سليمان من حجارة، ولكنها قد تغطت بألواح الأرز الجميلة، وفي هذا إشارة أو رمز إلى اكتساب شيء جديد من كمالات المسيح "من مجد إلى مجد" أعني سجايا روحية جميلة، ولا يمكن ان يرى جمال القديسين جليا وبكيفية جذابة للآخرين إلا إذا تحلو بالصفات التي يحثنا عليها الروح القدس كثيرا في كلمة الله كما في (رو12، 1كو13، كو3: 12-15) هناك ما يشير إليه "ألواح الأرز"

*     *     *