جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 8، آية 6

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 8، آية 6

6-"اجعلني كخاتم على قلبك على ساعدك. لان المحبة قوية كالموت. الغيرة قاسية كالهاوية لهيبها لهيب نار لظى الرب".

كم هو مبهج ولذ للقلب للمسيح ان يدرك المكانة التي له في قلب وعواطف الحبيب، إذ ليس شيء مضرا ومعطلا للحياة المسيحية مثل الشك أو عدم اليقين بما لنا من محبة وإعزاز في قلب المسيح. ان الخاتم (أو الختم Seal ) على القلب وعلى الذراع هما بمثابة عهد أو ضمان إلهي بان لنا كل محبة المسيح وكل قوته "شدة قوته" وليس شيء أقل من ذلك يريح ويرضي العروس ويشبعها. أنها تعرف جيدا ان الختم الذي يضمن سلامتها الحاضرة والأبدية هما على قلبه وعلى ساعده، ومتى كانت للمؤمن هذه المعرفة فأنه يستطيع ان يقول "من سيفصلنا عن محبة المسيح. . . . . فأني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمورا حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا"(رو8: 35-39).

*     *     *

والروح القدس هو الختم الإلهي الذي يؤكد لنا بأننا صرنا لله إلى الأبد "إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى لمدح مجده. . . . روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء"(أف1: 13و14، 4: 30).

*      *      *

والعروس تثق في محبة الحبيب التي استطاعت ان تواجه الموت "لان المحبة قوية كالموت" فأنه "ليس لأحد حب أعظم من هذا ان يضع أحد نفسه لأجل أحبائه"(يو15: 13) وهذا ما عمله ابن الله، ومحبته دائمة وأبدية فأنها لن تنتهي أو تتعطل لأننا على قلبه، كما أنه لن يكف عن خدمتنا لأننا على ساعده، وأسماؤنا منقوشة كما على الصدرة التي كانت على "قلب هرون" ومنقوشة أيضا على حجري الجزع الموضوعين على كتفيه "كنقش الخاتم كل واحد على اسمه تكون للاثنى عشر سبطا"(خر28: 21). ان هذا يرينا بكل وضوح ان أسماءنا لن تمحى من أمامه، ولا شيء يستطيع ان يزعزع أو يزحزح القديسين من مكانهم أو مقامهم السامي إذ هم غرض محبة وخدمة المسيح "هوذا على كفي نقشتك"(أش49: 16) ان إدراكنا لذلك يلصق نفوسنا ويربط قلوبنا وعواطفنا به.

          قوموا نسبح كلنا             لريس الأحبار

          أسماؤنا منقوشة                في صدره المختار

          لا سبب يقدر ان              يخمد حب ذاك

          مات هنا عنا كما              يحيا لنا هناك  

"لان المحبة قوية كالموت" نعم فكما ان الموت يمسك بمن يقبضهم ولا يفلتهم من يده إذ لا توجد قوة تستطيع ان تنتزعهم منه، هكذا المسيح له المجد فأنه لن يتخلى عن أحبائه ولا توجد قوة تستطيع ان تنتزعهم من يده. ان محبة المسيح لا ترخي ولا تهمل أولئك الذين هم عطية الآب له "وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي .... ولا يقدر أحد ان يخطف من يد أبي. أنا والأب واحد" (يو10: 28-30).

حقا ما أعجب محبة ربنا يسوع فأنها إذ التقت بالموت في صراع عنيف فوق الصليب انتصرت المحبة وانهزم الموت إلى الأبد.

*     *     *

"الغيرة قاسية كالهاوية. لهيبها لهيب نار لظى الرب" أنها غيرة المسيح المقدسة _غيرة محبته الشديدة، التي لا تحتمل ان يختلس قلوبنا أي شيء سواه. كم وهو بغيض لديه ان يوجد ما يفسد أذهاننا عن البساطة التي في المسيح يسوع نحن الذين خطبنا لنكون عذراء عفيفة له. أنه يغار علينا "غيرة الله" (2كو11: 2و3) وما يقدمه لنا من تحريضات وتحذيرات وتأنيبات وتأديبات هي من الأدلة القوية على غيرة محبته التي هي "الهاوية" أي التي لا تستطيع أية قوة ان تؤثر عليها أو تضعفها، إذ ليس في كل الخليقة ما يستطيع ان ينتزع من الهاوية (أي القبر) من قد استحوذت عليهم وامتلكتهم. ان غيرته الشديدة علينا تعمل معنا بوسائل متنوعة، وكثيرا ما تكون معاملاته قاسية كما لو كانت "لهيب نار لظى الرب" وهذا يذكرنا بذلك الفصل الذي يتحدث كثيرا عن "تأديب الرب" ويختم بهذه العبارة الخطيرة "لان إلهنا نار آكلة" (عب12) ولكن هناك دائما من وراء تلك المعاملات الإلهية، مهما كانت مذللة وقاسية، تلك المحبة القوية والمضطرمة التي لا تطفأ _ تلك المحبة التي تقف حائلا ضد كل المؤثرات التي تحاول ان تلهينا أو تحولنا عن الحبيب. أنها المحبة التي تعمل دائما على ملا شاة كل تلك المؤثرات ولو "بلهيب نار" إذا لزم الأمر، وذلك لتحريرنا من تلك المؤثرات ومن قوتها حتى نستطيع ان نتمتع ونبتهج فرحا بمحبة المسيح.

*     *     *