جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 6، آية 11 و12

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 6، آية 11 و12

11 و12-"نـزلت إلى جنة الجور لانظر إلى خضر الوادي ولانظر أقعل الكرم هل نوَّر الرمان. فلم أشعر إلا وقد جعلتني نفسي بين مركبات قوم شريف *".

لقد نـزل الرب مرة من السماء إلى الأرض لعله يجد ثمرا في شعبه، ولكنهم _ بكل أسف وحزن _ رفضوه، رفضوا ملكهم الذي جاء خصيصا لأجلهم، لقد أتى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله"(يو1: 11) نعم لقد أرسل الله ابنه الوحيد الحبيب إلى كرمه ليأخذ أثماره، ولكنهم أخذوا ذلك الابن "وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه"(مت21: 39) هذا ما كان من إسرائيل باعتباره كرم الرب، فجلبوا على أنفسهم قضاء مروعا، ولكن ما أعجب محبة الرب ونعمته وطول أناته، فأنه سيأتي إليهم مرة أخرى، وكم سيكون سروره عظيما إذ يجد في خاصته _ البقية التقية من يهوذا وكذا من الأمناء في إسرائيل ثمرا لمسرته ولشبع قلبه. أنه سينـزل إلى "جنة الجوز" وسينظر إلى "خضر الوادي" _وادي أتضاع يهوذا وإسرائيل. فقط اجتاز إسرائيل بصفة عامة وأورشليم بصفة خاصة في أشد وأقصى الآلام المذللة، وسيأتي الرب إليهم ليرى ثمر ذلك الأتضاع، ليرى "هل أقعل الكرم هل نور الرمان".

*     *     *

ان "جنة الجوز" التي نـزل إليها الحبيب تختلف إلى حد ما عن "الجنة المغلقة" (ص4: 12) فالجنة المغلقة تشير إلى العروس _البقية التقية بينما "جنة الجوز وخضر الوادي" تشير إلى دائرة أوسع. أنها تشير إلى رجوع كل الأسباط، فالرب يريد ان يرى ما يبشر بإتيان ثمر روحي في بقية الأسباط، فمع ان البقية "الجنة المغلقة" ستكون قد رجعت إليه ولكن كأنه سينـزل ليرى هل هناك في أسباط إسرائيل ما يدل على قرب الإتيان بالثمر _ ليرى "هل أقعل (أي بدأ ينضج) الكرم أو نور الرمان". لقد وجد في جنته _عروسه "ثمره النفيس" ولكن كانت له جنة أخرى "جنة الجوز" _إسرائيل الذي لم يكن قد أتى بعد بثمر، والعروس نفسها ستدعوه ليرى هل هناك ما يدل على وجود حياة في إسرائيل أو ما يعطى أملا بالإتيان بثمر فيما بعد (ص7: 11و12). ان الرب لا يكون له في النهاية "الجنة المغلقة" أي العروس فقط بل كل إسرائيل أيضا "وهكذا سيخلص جميع إسرائيل. . . لان هبات الله ودعوته هي بلا ندامة"(رو11: 26و29) وسيجد الرب في النهاية أثمارا نفيسة وناضجة في الملك الألفي المجيد. عندئذ يتم القول "من تعب نفسه يرى ويشبع"(أش53: 11) يا له من مشهد مبارك! أنه ليس مشهد البرية برمانها المحرقة بل منظر جنة مثمرة وقد أقعلت كرومها ونور رمانها. أنها ثمار نعمته الغنية الصابرة التي يبتهج بها قلبه ويمتلئ إعجابا بها، وكأنه يؤخذ مدهوشا من المشهد فتحمله محبته وتنقله إلى حيث شعبه الذي تغير، شعبه المنتدب للخدمة، شعبه "القوم الشريف" إليه يتجه بمركبات مسرعة كمركبات عميناداب "فلم أشعر إلا وقد جعلتني نفسي على مركبات قوم شريف" أو "مثل مركبات عميناداب" أو "أجلستني نفسي على مركبات شعبي المنتدب" يا له من مشهد عجيب مبارك ان نرى قلب الرب يتحرك بهذه الصورة إذ يستشيره استعداد شعبه لقبوله والترحيب به "شعبك منتدب في يوم قوتك في زينة مقدسة من رحم الفجر لك طل حداثتك"(مز110: 3) ونحن نعلم ان ربنا يسوع كان في أيام جسده هنا على الأرض كالإنسان الضعيف "محتقر ومخذول من الناس" لقد "صلب من ضعف"(2كو13: 4) ولكنه "حي بقوة الله" وذلك بالقيامة من الأموات، فالذي صلب من ضعف سيكون شعبه _في يوم قوته_ منتدب له في زينة مقدسة، وعندما يرى الرب ان الكرم بدأ نضوجه وان الرمان قد نور، أي يرى ان الحياة قد بدأت تدب في إسرائيل، عندئذ يكون الوقت المشار إليه في مز110: 3 قريبا جدا. سيرى الرب نفسه محمولا على مركبات شعبه المنتدب والراغب في عمل مشيئته، فما ستكون قد عملته النعمة في البقية التقية من يهوذا بصفة خاصة ستعمله أيضا في إسرائيل بصفة عامة.

*     *     *

ان الرب يتطلع في الزمان الحاضر إلى دائرة الاعتراف المسيحي الواسعة ليرى هل هناك قلوب محبة له. أنه له المجد يقدر كل التقدير العواطف المتعلقة به، فهو يتطلع ليرى مؤمنا "بروح منتدبة" مؤمنا متأهبا ومستعدا لخدمته وعمل إرادته، ومتى وجد مؤمنون بهذه الصورة الجميلة فأنهم يكونون كمركبات "قوم شريف" ويا من له سرور وفرح لقلب الرب إذ يرى "شعبا منتدبا" فإذا ما كان القديسون محبين للرب حقا، وكانوا متأهبين لعمل مشيئته فأنه تبارك اسمه يجد فيهم "مركبات قوم شريف" يستطيع ان يعمل بهم ومعهم، وجدير بنا ان تكون هذه الحقيقة ماثلة أمامنا في كل حين، فان ربنا المعبود يعتز بمحبة قلوبنا، إذ ان المحبة هي التي ترحب بالرب وبعمل ما يرضيه وتهيئ له "المركبات" التي تحمله إلى حيث محيوه "الذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي. . . ان أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منـزلا"(يو14: 21و23). ان المسيحية في أيامنا هذه في حالة التراخي ومحبتها للرب ضعيفة، وما أقل المنتدبين الراغبين في تسليم ذواتهم له ليأخذ مكانه وطريقه في حياتهم. وحالة كهذه يجب ان تحفر كل محب مخلص للمسيح بان يسلم ذاته له ليمتلك حياته وكيانه بجملته.

*     *     *


* "قوم شريف" أو عميناداب أي شعبي المنتدب "شعبي العامل مشيئتي بسرور"   Amminadad or My Willing People