جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 4، آية 10

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 4، آية 10

10-"ما أحسن حبك يا أختي العروس كم محبتك أطيب من الخمر وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب".

يفتتح الروح القدس هذا السفر بكلمات العروس التي تحدثت بها إلى عريسها "لان حبك أطيب من الخمر. . . . نذكر حبك أكثر من الخمر"(ص1: 2و4) وها هو العريس يناجي عروسه بهذه الكلمات الحلوة _ كلمات النعمة الخارجة من فمه "ما أحسن حبك يا أختي العروس كم محبتك أطيب من الخمر" وغني عن البيان ان التصاق العروس بعريسها وشركتها معه هي التي أكسبتها من جمال صفاته وزينتها بمحبة قلبية صادقة له، فأنه بقدر ما تزداد علاقتنا بالرب وشركتنا معه تزداد محبتنا له وتعلقنا به.

لقد تعجب رؤساء اليهود وشيوخهم عندما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا وشجاعتهما في الشهادة للمسيح مع أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان ولكنهم عرفوا "أنهما كانا مع يسوع"(أع4: 13) فإذا ما كنا في صحبة المسيح وفي شركة مقدسة معه فلا بد ان تظهر صورته في حياتنا _ في أعمالنا وفي أقوالنا.

*     *      *

أليس عجيبا حقا ان يخاطب الرب عروسه بالقول "كم محبتك أطيب من الخمر؟" إذ ماذا تكون محبتنا له إذا نظرنا إليها في نور محبته هو _ "محبة المسيح الفائقة المعرفة؟" أنها بلا ريب ليست شيئا بالمقابلة مع محبته لنا.

            يا رب قد أحببتني                 بحبك العجيب

           حبي إزاء حبك                     لا شيء يا حبيب

ومع ذلك فأنه تبارك اسمه يقدر محبتنا له أكثر من تقديرنا نحن لمحبته هو. ان ربنا يسوع هو المتقدم في المحبة كما في كل الكمالات والسجايا المقدسة. وهذا يذكرنا بما فعله داود ويوناثان عندما "قبل كل منهما صاحبه وبكى كل منهما مع صاحبه حتى زاد داود"(1صم20: 41) ومع أننا نشعر في قرارة نفوسنا بان محبتنا له ليست شيئا بالمقارنة مع محبته، فان محبتنا له تنعش قلبه وعواطفه. وإدراكنا لهذه الحقيقة إدراكا صحيحا يوقظ مشاعرنا ويضرم المحبة في قلوبنا، فنحبه أكثر.

*     *     *

"وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب" من أين لها رائحة الأدهان الطيبة هذه؟ فقد كانت بحسب الطبيعة ميتة روحيا ورائحتها نتنة "حنجرتهم قبر مفتوح"(رو3: 13) ولكن النعمة الغنية _ نعمة ربنا يسوع المسيح قد غيرتها وصيرتها خليقة جديدة "الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا" وليس ذلك فقط بل إذ صارت للمسيح أخذت "روح المسيح" المسحة المقدسة _ الروح القدس الذي يأخذ مما للمسيح ويخبرها، فهو الذي يرسم أمامها كمالاته وصفاته المباركة، ويقودها للسجود ولذا تخاطبه بروح تعبدية "لرائحة أدهانك الطيبة اسمك دهن مهراق"(ص1: 3) ففي شركتنا المقدسة والحلوة مع المسيح نكتسب من رائحة أدهانه الطيبة فتظهر رائحة المسيح الذكية في عيشتنا في القداسة، وهذا بكل يقين هو عمل الروح القدس فينا، وكل ما يصدر من عمل روح الله فينا هو رائحة أدهان طيبة ومنعشة لقلب المسيح "وأطيب من كل الأطياب" أنه أطيب من ما يمكن ان يصدر من الطبيعة مهما كان لطيفا وجذابا، إذ لا يمكن ان تكون هناك أطياب لها قيمتها في نظر العريس مثل رائحة أدهان العروس، فهي كالأطياب التي قدمتها ملكة سبا لسليمان "لم يكن مثل ذلك الطيب الذي أهدته ملكة سبا للملك سليمان"(2أخ9: 9). ليتنا نوجد في شركة أعمق مع عريسنا المجيد حتى نستطيع بعمل روحه فينا ان ننعش قلبه برائحة الأدهان الطيبة، فان من يعيش وسط الورود والرياحين والزهور العطرية تفوح منه رائحتها المنعشة، فلنحي في صحبة سيدنا المعبود فتظهر رائحته الذكية في كل نواحي حياتنا.

*     *     *

يتنبأ أشعياء عن الأمة الإسرائيلية في زمان ارتدادها القادم الذي فيه ستغوص في عبادة الأصنام بأنها ستذهب وراء الملك الكذاب "وسرت إلى الملك بالدهن وأكثر أطيابك وأرسلت رسلك إلى بعد ونـزلت حتى إلى الهاوية"(ص57: 9) ويا لها من حالة مروحة ستصل إليها تلك الأمة المرتدة فأنهم سيعملون كل ما يرضى "ضد المسيح" ويحببه فيهم، أما الأمناء منهم أي البقية التقية فأنهم إلى ان يظهر المسيا الملك الحقيقي سيتحملون الآلام بصبر كما تألم ملكهم قبلا في أيام جسده، وهو تبارك اسمه سيرى في صبرهم على المشقات التي يجوزون فيها رائحة أدهان طيبة منعشة لقلبه.

*     *     *