جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 2، آية 5

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 2، آية 5

5-"أسندوني بأقراص الزبيب أنعشوني بالتفاح فأنني مريضة حبا".

لقد تمتعت العروس بالشركة المقدسة مع عريسها المبارك "في بيت الخمر" فامتلأ قلبها فرحا به، وامتلك ذلك الفرح كل كيانها وكان كل جسدها الضعيف لم يقو على احتمال تعزياته الإلهية "أفتح لكم كوة السموات وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع"(ملاخي3: 10) فأدركت حاجتها إلى مساند نعمته الغنية. نعم فأنه عندما تحصرنا محبة المسيح القوية فتأسر نفوسنا وعواطفنا ويملأ الفرح كل كياننا نشعر بحاجتنا إلى الرب نفسه لكي يسندنا وينعشنا حتى نقوى على احتمال فيض الأفراح والتعزيات السماوية. لقد أحتاج دانيال الرجل المحبوب إلى قوة علوية لاحتمال الإعلانات الإلهية (دا10: 18و19) وهكذا الحال مع العروس فأنها إذا غمرها استعلان محبة العريس حتى صار جسدها ضعيفا تحت فيض مباهج محبة العريس المجيد التي غمرت بها في بيت الخمر فقد طلبت مساند تتوكأ عليها لذا تقول "اسندوني بأقراص الزبيب. أنعشوني بالتفاح".

ان في "أقراص الزبيب" صورة رمزية لعمل الروح القدس وقوته التي تسند نفس المؤمن وتعضده، وهذا واضح من كلمات الرب له المجد، فأنه قبيل ارتفاعه إلى السماء وعد تلاميذه بإرسال الروح القدس إليهم قائلا "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم"(أع1: 8) ولا ريب في ان الروح القدس "روح القوة والمحبة والنصح" (2تي1: 7) قد أتى من السماء وهو ساكن في كل المؤمنين الحقيقيين غير ان كل مؤمن في حاجة مستديمة إلى التسنيد والتعضيد بقوة الروح، وقد عرف الرسول بولس ذلك جيدا لذا كان يصلي لأجل القديسين في أفسس لكي يتأيدوا بالقوة بالروح القدس في الإنسان الباطن (أف3: 14-16) فهل نحني ركبنا نحن أيضا طالبين باستمرار من إلهنا وأبينا ان يؤيدنا بقوة روحه التي تسندنا وتعضدنا في عيشتنا لمجد الرب سيدنا وفي شركتنا المقدسة معه؟

كما ان في قول العروس "أنعشوني بالتفاح" إشارة إلى شعور المؤمن بحاجته إلى التغذية بالرب والشبع به إذ ليس شيء سواه يمكن ان يبهج النفس وينعشها. لقد عرفت العروس ان حبيبها "كالتفاح بين شجر الوعر" واشتهت ان تجلس تحت ظله، ولكنها لم تكتفي بهذه المعرفة ولا بمجرد الجلوس تحت ظله ولكنها لم تكتفي بهذه المعرفة ولا بمجرد الجلوس تحت ظله، بل رغبت في التغذية به. ان قوة الحياة المسيحية في التلذذ بالرب والشبع به "تقووا في الرب وفي شدة قوته"(أف6: 10) "فتقو أنت يا ابني بالنعمة التي بالمسيح يسوع"(2تي2: 1). ان الرسول العظيم بولس الذي اختطف إلى السماء الثالثة وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان ان يتكلم بها احتاج إلى "قوة المسيح" فسمع منه القول الكريم "تكفيك نعمتي لان قوتي في الضعف تكمل"(2كو12) وإذ وثق بولس في الرب وفي قوته جاهر في يقين كامل "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"(في 4: 13) ان اسم الرب برج حصين فلنركض إذا إليه ونتمنع.

*     *     *

"فأني مريضة حبا" أي ان محبته غلبتني وأسرتني. هل وصلنا نحن المؤمنين إلى هذا المستوى الروحي العالي؟ ان كان الرب له المجد أحبنا حتى الموت فهل هو كثير ان نحبه ونتسامى ونتفانى في الحب لشخصه الكريم؟ ما أسعدنا حقا ان كنا نسمو في محبتنا للرب وتعلقنا به إلى هذا الحد حتى نختبر بالحق قول العروس "فأني مريضة حبا" ما أقدس هذا النوع من المرض! ليتنا نختبره فتحفظ نفوسنا من الأمراض الغبية والمضرة التي تغرق الناس في العطب والهلاك "لان محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة. وأما أنت يا إنسان الله فأهرب من هذا"(1تي6: 9-11).