الجزء الرابع

الحقيقة أم الاستنتاجات المنطقية

ملحوظة شخصية من الكاتب

البعض ممن يقرأون الفصول من 32-40 ربما يشعرون بأن محتواها يبدو في غير محله أو غير ذي موضوع مع «الحياة الواقعية». وربما لا يستطيعون رؤية مدى ملائمته لبيتنا وعملنا وأسرتنا... إلخ. وربما يتساءلون عن السبب وراء ضمّ هذه الموضوعات عن الحق والتاريخ والفلسفة في كتاب عن «البراهين» و«لماذا نؤمن».

الأسباب التي دفعتني لأن أضمّ الموضوعات والعقائد والمظاهر الفكرية للحق والتاريخ في هذا العمل سوف تصير واضحة عندما نضع في اعتبارنا هذه الحقيقة: وراء العبارات البسيطة والاتهامات الثابتة ضد الإيمان بالمسيح، هناك موضوعات فلسفية وتاريخية عميقة وجوهرية للغاية.

قد يسأل بعض القراء: «لماذا من الضروري أن نفهم طبيعة الحق؟». أو «لماذا لا غنى عن فهم التاريخ والمنهج التاريخي؟».

إن السبب العملي لأهميتها أنه وراء العبارات التي تواجهنا وتواجه أولادنا وتتحدانا بثبات، هناك بعض الأسئلة العميقة والجوهرية يجب أن يتمّ استيعابها. والعبارات التي نسمعها سوف تبدو أو تظهر بأنها سطحية جداً، لكنها تعبَّر عن قضايا جوهرية للغاية. وما تتضمنه قد يكون صعباً جداً حتى على الذين يرددون الكلمات كالببغاء.

وفيما يلي بعض من هذه الجمل والعبارات:

«حسناً، قد يكون ذلك صحيحاً بالنسبة لك، لكنه ليس كذلك بالنسبة لي».

«اسمع، لا تحاول الضغط عليّ بقيمك. فليس لكونها صحيحة من وجهة نظرك أنها أيضاً صحيحة عندي».

«يسوع هو الحق» فيجيبك «هذا رائع لو أن ذلك حق بالنسبة لك لكنه ليس حقاً بالنسبة لي».

«ألا تكون متكبراً قليلاً عندما تزعم أنك تملك الحق؟ هيا، كن واقعياً».

«هناك العديد من الأديان، فكيف تقول إن دينك هو الحق».

«اسمع، الحق كله مسألة شخصية. لديك الحق الخاص بك ولديّ ما أراه الحق الخاص بي أيضاً».

«عليك أن تقرر ما هو صواب بالنسبة لك وأنا أحتاج أن أقرر ما هو صواب بالنسبة لي (وأنت يجب أن تكون متسامحاً)، لا تحاول فرض قيمك عليّ».

«المسيحية قد تكون هي الحقيقة في نظرك لكنها ليست كذلك في نظري».

«هذه هي الطريقة التي نشأنا عليها، وهذه هي الطريقة التي ربَّاك عليها والدك لكي ما تؤمن... ولكن والديّ ربياني بشكل مختلف».

تبدو العبارات السابقة والردود عليها واضحة تماماً، ولكن الفصول التالية ضرورية لتقديم دعم منطقي لما يبدو للكثيرين أنه «أمر مقبول للجميع ومعقول».

معظم هذا الفصل عن الحق والضمان يقوم على المستوى النظري، وبعض القراء ربما لا يسألونك مناقشة الحق على هذا المستوى، وربما تبدو «غريبة» وغير «مهمة» أو «صعبة الفهم أو الاستيعاب». ولكنها ضرورية جداً لفهم الأساسات الفلسفية التي ستبنى عليها الحجج ضد الإيمان بالمسيح أو بحقيقة المسيحية.

ربما يشعر بعض القراء من ذوي التفكير الفلسفي العميق أن هذه الفصول قد تكون بمثابة تحدِّي، أو ربما يتوصلون إلى أن معالجتي للعديد من القضايا النقدية بسيطة. وقد يشتكي البعض أن المادة المقدمة معقدة للغاية أو صعبة الفهم، بينما يشعر البعض أن المادة سطحية ومبسطة جداً وغير شاملة بشكل كافٍ لكل الموضوعات.

ولكنني أرد على ذلك بأن أناشدكم: من فضلكم ضعوا في اعتباركم أن هذه الفصول مصممة للأفكار الأولية، وبداية التفكير على مستوى مختلف لكل قاريء.

لذا، أرجو ألاَّ تتوقفوا عن القراءة. لو أنك لم تفهم أو بدا الموضوع سطحياً جداً، لا تتوقفوا. الفصول التالية سوف تساعدك لترى كيف يمكن للحق أن يظهر بشكل كلِّي في حياتنا بطريقة مناسبة لثقافتنا المعاصرة.

وشكراً لكم

جوش د. ماكدويل

«طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة والرجل الذي ينال الفهم. لأن تجارتها خير من تجارة الفضة وربحها خير من الذهب الخالص» (أمثال 3:13و14).