البرهان الداخلي
  شهادة أسفار التوراة الخمسة
شهادة الأسفار الأخرى في العهد القديم
شهادة العهد الجديد

البرهان الخارجي
  التقاليد اليهودية
التقليد المسيحي الأول
تحليل صيغة العهد
قِدَم المصدرالتثنويD المزعوم
  مقدمة
العبارات
الأسلوب
قِدَم الشريعة
عبارات مزعومة تناقض أن موسى هو كاتب الأسفار الخمسة وقِدَم المصدر التثنوي
العبادة المركزية
خلاصة
قِدَم مصدر الكهنوتي P المزعوم
  الأفتراض الوثائقي
الإجابة الأساسية
البرهان الخارجي
علم الآثار


1(أ) البرهان الداخلي

1(ب) شهادة أسفار التوراة الخمسة
أسفار التوراة الخمسة نفسها تقرر بوضوح من محتوياتها أن هذه الأجزاء قد كُتبت بواسطة موسى:

1(ج) كتاب العهد (خر 20: 22- 23: 33)
«فكتَب موسى جميع أقوال الرب. وبكَّر في الصباح، وبنى مذبحاً في أسفل الجبل واثنى عشر عموداً لأسباط إسرائيل الاثنى عشر... وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب. فقالوا: «كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له» (خر 24: 4 و 7).

2(ج) تجديد العهد (خر 34: 10- 26)
«وقال الرب لموسى: اكتب لنفسك هذه الكلمات. لأني بحسب هذه الكلمات قطعت عهداً معك ومع إسرائيل». (خر 34: 27).

3(ج) الشريعة التثنوية (تث 5- 30)
«وكتب موسى هذه التوراة وسلَّمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ إسرائيل» (تث 31: 9).

«فعندما كمَّل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب إلى تمامها، أمر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الرب قائلاً: خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم ليكون هناك شاهداً عليكم» (تث 31: 24- 26).

مثل هذه الفقرة لا يمكن أن تُستخدم لبرهان أن موسى كتب تلك الأسفار الخمسة، ولكنها تُشير على الأقل لكتاب محدد يمكن أن يمثل جزء من (التثنية 5 إلى 26)، كما يُشير إلى مقدار كبير من النشاط الأدبي لموسى. (Raven, OTI, 86)

4(ج) حُكم الله على عماليق
فقال الرب لموسى: «اكتب هذا تذكاراً في الكتاب، وضعه في مسامع يشوع. فإني سوف أمحو ذِكر عماليق من تحت السماء» (خر 17: 14).

5(ج) خــط رحــلــة الإسرائيليـين مـــن رعمسيس إلــى مــؤاب
«وكتب موسى مخارجهم برحلاتهم حسب قول الرب. وهذه رحلاتهم بمخارجهم» (عد 33: 2).

6(ج) ترنيمة موسى في تثنية 32
«فأتى موسى ونطق بجميع كلمات هذا النشيد في مسامع الشعب هو ويشوع بن نون. ولما فرغ موسى من مخاطبة جميع إسرائيل بكل هذه الكلمات، قال لهم: وجِّهوا قلوبكم إلى جميع الكلمات التي أنا أشهد عليكم بها اليوم لكي توصوا بها أولادكم ليحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة» (تث 32: 44- 46).

7(ج) استخدام الكُتَّاب والناسخين
عندما نتحدث أن موسى هو الذي كتب أسفاره الخمسة أو أنه مؤلفها، يجب أن نلاحظ أن هذا لا يعني من الضروري أنه هو نفسه الذي كتب الكلمات بيديه، مع أنه يمكن أن يكون الأمر هكذا. من الممكن تماماً أن معظم أسفار موسى الخمسة كانت تُملى على الكتبة مثل مجموعة قوانين حمورابي. وهذا لا يمنع أن موسى هو كاتب محتويات الأسفار الخمسة.

8(ج) الوثائق القانونية في الفقرات التالية يُنسب تأليفها لموسى في كتابتها أو التوقيع عليها.
خروج
12: 1- 28، 20- 24، 25- 31 و 34.
لاويين
1- 7، 8، 13، 16، 17- 26، 27.
عدد
1، 2، 4، 6: 1- 21، 8: 1- 4، 8: 5- 22، 15، 19، 27: 6- 23، 28، 29، 30، 35.
تثنية
1- 33.

9(ج) بكل تأكيد كان موسى مؤهلاً لكتابة الأسفار الخمسة
لقد تربى في بيت فرعون، وكان كما قال اسطفانوس، تهذّب بكل حكمة المصريين (أعمال 7: 22). الكل الآن يتفقون على أن هذا التعليم والتهذيب كان يشمل القدرة على الكتابة.

كان موسى لديه المعلومات اللازمة لهذا المشروع. ومن المحتمل أن السجلات التي كانت موجودة قبل التاريخ الموسوي، وكانت في حوزة العبرانيين فإنها بكل تأكيد كانت مُتاحة لموسى، بطل شعبه. لو أنها حُفظت في السجلات المصرية من عصر يوسف، فإنها تكون مُتاحة لموسى أثناء شبابه المبكر.

أيضاً موسى كان لديه الوقت ليسجل هذا التاريخ. فقد قضى أربعين عاماً في مصر وأربعين عاماً في مديان، وكان هناك وفرة من الوقت في هاتين الفترين لكي يكتب سفر التكوين. (Raven, OTI, 93, 94)

أن موسى كان متفوقاً ومستعداً لتأليف عمل مثل الأسفار الخمسة نراها في المؤهلات التالية:

(أ) التعليم: لقد تدرَّب موسى في المدارس المتطورة جداً في البلاط الملكي المصري. وبدون شك أن هذا كان يشمل معرفة الكتابة، لأنه حتى أدوات زينة المرأة قد وُصفت في ذلك الوقت.

(ب) التقاليد: بدون شك أنه تعّرف على تقاليد التاريخ العبري القديم وعلاقة العبرانيين مع الله.

(جـ) المعرفة الجغرافية: كان موسى عنده معرفة كاملة بمناخ وجغرافية مصر وسيناء كما ظهر في أسفار التوراة الخمسة.

(د) الباعث أو المحرك: كمُنشيء لأمة إسرائيل، فقد كان لديه أكثر من دافع كاف أن يعطي الأمة أساسات أخلاقية ودينية.

(هـ) الوقت: إن أربعين سنة من التجول في برية سيناء أمدته بفرصة كافية لكي يكتب هذا العمل.

في الوقت الذي فيه كان العبيد غير المتعلمين الذين يعملون في مناجم الفيروز المصرية يكتبون سجلاتهم على حوائط النفق، فليس من المعقول أن رجلاً له خلفيات موسى يفشل في تسجيل تفاصيل تاريخ واحد من أهم العصور.

إن كيرت سيث وهو واحد من أعظم علماء تاريخ مصر القديمة، في محاولته للبحث عن الشخصيات البارزة التي اسهمت في تطور آداب الحضارة السامية القديمة يذكر موسى من بين هذه الشخصيات. (Martin, SCAP. 23).

2(ب) شهادة الأسفار الأخرى في العهد القديم
هذه الآيات من العهد القديم تسجل أن التوراة أو «الناموس» كان من موسى:

تتحدث الآية الموجودة في يشوع 8: 32 عن توراة موسى: «وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى التي كتبها أمام بني إسرائيل».

وتشير الآيات التالية لـ «ناموس (أو توراة) موسى»:

يشوع 1:7 و8، 8: 31 و 34، 23: 6.

1ملوك 2: 3.

2ملوك 14: 6، 23: 25.

1أخبار الأيام 22: 13.

2 أخبار الأيام 5: 10، 23: 18، 25: 4، 30: 16، 33: 8، 34: 14، 35: 12.

عزرا: 2:3، 6:18، 7:6 .

نحميا 1: 7 و 8، 8: 1 و 14، 9: 14، 10: 29، 13: 1.

دانيال 19: 11 و 13.

ملاخي 4: 4.

3(ب) شهادة العهد الجديد
يعتبر كُتَّاب العهد الجديد أن التوراة أو «الناموس» مصدرها موسى. وكان الرسل يعتقدون أن «موسى كتب لنا الناموس» (مرقس 12: 19). وكان يوحنا واثقاً أن «الناموس بموسى أُعطي» (يوحنا 1: 17).

وبولس وهو يتكلم عن فقرة من أسفار موسى الخمسة يؤكد أن موسى هو الذي كتبها (رومية 10: 5).

وهناك فقرات أُخر تُقِّر على هذا من بينها:

لوقا 2: 22، 20: 28.

يوحنا 1: 45، 8: 5، 9: 29.

أعمال 3: 22، 6: 14، 13: 39، 15: 1 و 21، 26: 22، 28: 23.

1كورنثوس 9: 9.

2كورنثوس 3: 15.

عبرانيين 9: 19.

رؤيا 15: 3.

هذه الفقرات تشهد أيضاً أن يسوع كان يؤمن أن التوراة كانت من موسى.

مرقس 7: 10، 10: 3- 5، 12: 26.

لوقا 5: 14، 16: 29- 31، 24: 27 و 44.

يوحنا 7: 19 و 23.

ويسجل يوحنا أن يسوع عبَّر عن اعتقاده الأكيد أن موسى كتب التوراة: «لا تظنوا أني أشكوكم إلى الآب. يوجد الذي يشكوكم وهو موسى الذي عليه رجاؤكم. لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني، لأنه هو كتب عني. فإن كنتم لستم تصدقون كُتب ذاك فكيف تصدقون كلامي؟» (يوحنا 5: 45- 47).

يقرر ايزفلدت: «إن الاسم الذي استُخدم في العهد الجديد بوضوح بعلاقته بالأسفار الخمسة كلها هو- كتاب موسى- وبالتأكيد يُفهم من هذا أن موسى هو كاتب الأسفار الخمسة» .(Eissfeldt, OTI, 158)

2(أ) البرهان الخارجي

1(ب) التقاليد اليهودية
يكتب فايفر: «لا يوجد سبب يدفعنا للشك في أن أسفار موسى الخمسة كانت تُعتبر الإعلان الإلهي لموسى عندما أقرت قانونيتها حوالي 400ق.م. (Pfeiffer, IOT, 133)

1(ج) يشوع بن شيراخ
وهو واحد من الأسفار المحذوفة، كُِتب حوالي 180 ق.م، يقدم لنا هذه الشهادة: «كل هذا هو كتاب العهد لله العالي جداً، والناموس الذي أعطاه موسى ليكون ميراث أولاد يعقوب». (سيراخ 24:23).

2(ج) التلمود
وهو التفسير اليهودي للناموس (التوراة) ويرجع تاريخه إلى حوالي 200 ق.م، والمشنا وهو تفسير الربيين وتشريعات يرجع تاريخها إلى حوالي 100 ق.م، وكليهما ينسب التوراة لموسى.

3(ج) وبالمثل فيلو
وُلد الفيلسوف اللاهوتي اليهودي فيلو حوالي 20م، وكان يقتني الكتب الموسوية، قال: «ولكنني سوف... أحكي قصة موسى كما درستها من كلا من الكتب المقدس، والآثار الرائعة عن حكمته التي تركها وراءه، ومن بعض شيوخ الأمة». (Philo, WP, 249)

4(ج) يوسيفوس
يكتب في كتابه: «ضد أبيون» (8: 11): «لأنه ليس عندنا كمية لا حصر لها من الكتب، حتى نختلف عن بعضنا البعض ونتناقض مع بعضنا البعض (كما يفعل اليونانيون)، ولكن هناك 22 كتاباً (وهي أسفارنا الـ 39) التي نعتقد تماماً أنها مقدسة، ومنهم خمسة كتب تنسب إلى موسى، التي تحتوي الناموس والتقليد الذي حكى عن قصة أصل الجنس البشري وحتى وفاة موسى. (Josephus, WFJ, 609)

2(ب) التقليد المسيحي الأول

أ(ج) چونيليوس
وهو موظف إمبراطوري في بلاط چوستنيان الأول، الإمبراطور البيزنطي 527- 565 م، الذي كان يملك أسفار موسى الخمسة كما نرى من الحديث بينه وبين واحد من تلاميذه، سُجل بخصوص الذين كتبوا الكتب المقدسة:

التلميذ: كيف تعرف من هم الذين كتبوا الكتب المقدسة؟

المعلم: بثلاث طرق. إما من عناوينها ومقدماتها.. أو من عناوينها فقط... أو من تقليد القدماء، كما يُعتقد أن موسى قد كتب الخمسة أسفار الأولى، ولم يكتب هو نفسه قائلاً: «تكلم لي الرب». ولكن آخرين قالوا: «تكلم الرب لموسى» (Gray, OTCm, 44- 45).

2(ج) ليونتيس البيزنطي
وهو من القرن 6م كتب:

«أما عن هذه الكتب الخمسة، فإنها كلها تحمل شهادة أنها من عمل موسى». (Gray, OTCM, 45)

3(ج) آباء آخرون للكنيسة
ينسبون الأسفار الخمسة الأولى إلى موسى في قوائمهم عن لائحة الأسفار القانونية في العهد القديم:

1. مليتو أسقف سادي (175م).

2. كيرلس الأورشليمي (348 - 386م).

3. هيلاري (366م).

4. روفينوس (410م).

5- اغسطين (430م).

4(ج) أسفار التوراة تنسب إلى موسى أيضاً في القوائم القانونية التالية الخاصة بآباء الكنيسة.

1(د) محاورة بين تيموثاوس وأكيلا.

2(د) الموجز (روجع بواسطة لاجارد)

3(د) القائمة الرسولية للأسفار القانونية

4(د) انوسنت الأول (417 م)

3(ب) تحليل صيغة العهد

1(ج) مقدمة
نشر جورج مندنهال مقال عن العهد في عام 1954، فيه وصف عهود السيادة القديمة التي عُقدت ما بين ملوك الشرق الأدنى المنتصرين والأعداء المهزومين، وأشار إلى التشابه المذهل بين هذه المعاهدات وأشكال العهد المحددة في الأسفار اليهودية المقدسة. وقد أهتم كلاين بالتوسع في هذا البحث من خلال دراسة ارتباط هذه المعاهدات بسفر التثنية ككل.

ويقدم لنا عالم الآثار المشهور أرنست رايت الدراسة التي عملها مندنهال:

هناك اكتشاف آخر رئيسي في عالم التشريع الذي أتجرأ وأتنبأ أنه سوف يصمد لاختبار الزمن هو عمل مندنهال الذي مهَّد الطريق لدراسات الشكل للعهد الموسوي. وهذه الخلفية التي لا توجد في عهود المجتمع البدوي، كما افترض جوناث بيدرسن، بدلاً من ذلك فإن هذه العهود توجد في عالم القانون الدولي، خاصة في معاهدات السيادة في العصر البرونزي الأخير التي وجدت بين سجلات الحيثيين. ويعني هذا الاكتشاف العديد من الأمور، التي أستطيع أن أذكر منها واحداً أننا لأول مرة، نستطيع أن نحصل على إدراك حسِّي أكثر وضوحاً عن الطريقة التي كان اليهود يتصورون بها الله في إسرائيل، فالله في إسرائيل لم يكن رأس الهيكل المقدس الذي يمثل قوى الطبيعة في العالم. لم يكن ملكاً بين الملوك، ولكنه ملك الملوك ورب الأرباب الذي ليس له نظير. لذلك فإن التعبير العبري «ملك» نادراً ما كان يُستخدم لله قبل وقت داود. (Wright, BAT, 150)

2 (ج) التثنية ومعاهدات السيادة الحيثية في الألفية الثانية قبل الميلاد.

يكشف كيتشن العناصر التالية عن معاهدات السيادة الحيثية في القرن الرابع عشر والثالث عشر ق.م.

(1) مقدمة المعاهدة أو عنوانها، التي توضح الهوية الشخصية لكاتب الاتفاقية.

(2) مقدمة تاريخية تذكر العلاقات السابقة بين طرفي المعاهدة.

(3) الشروط في صورتها الأساسية والمفصلة.

(4) أ. إيداع نسخة من المعاهدة في المكان المقدس.

ب. قراءة شروط الـمـعاهــدة على الشعب من آن لآخــر.

(5) الشهود: قائمة طويلة من الآلهة الدين يشهدون على المعاهدة.

(6) أ- اللعنات التي تصب على الطرف الذي يخالف هذه المعاهدة.

ب- البركات التي تكون على الطرف الذي ينفِّذ المعاهدة. (Kitchen, AOOT, 92- 93)

تقريباً كانت كل المعاهدات المعروفة في القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق.م. تتبع هذا النموذج إلى درجة كبيرة. وفي بعض الأحيان تُحذف بعض أجزاء من المعاهدة، ولكن يظل العمل بها نافذاً دائماً لهذا فإن هذا الشكل للمعاهدات يمثل الشكل الثابت والمتكرر في هذه الفترة.

صيغة العهود التثنوية

العهد الذي أُعطي في سيناء في سفر التثنية.

(1) تمهيد: 1: 1- 5.

(2) مقدمة تاريخية: 1: 6ب- 3: 29.

(3) الشروط والالتزامت: 4- 11 (شكلها الأساسي) و12- 26 (مفصلة).

(4) أ. إيداع النصّ: 31: 9 و24- 26.

ب. قراءة عامة 31: 10- 12.

(5) الشهود: بما أن الآلهة الوثنية غير موجودين هنا، فإن قوائم الآلهة الشرقية غابت عن العهد. ويمكن أن تكون ترنيمة موسى هي الشاهد (31: 16- 30، 32: 1- 47)، كما يقترح كيتشن.

(6) اللعنات والبركات: 28: 1- 14 (بركات)، 28: 15- 68 (لعنات).

التتابع أو الترتيب هنا هو البركات اللعنات -الشاهد في مقابل الشاهد - اللعنات- البركات وهو التتابع أو الترتيب في المعاهدات الشرقية القديمة، وذلك بسبب اختلاف طبيعة الشاهد هنا في سفر التثنية. (Kitchen, Aoot, 96-97)

إن التماثل التام بين الاثنين قاد كيتشن لأن يلاحظ أنه «لا يمكن أن يكون هناك شك (على الدليل الحالي) لدرجة أن معظم عهود سفر التثنية تتطابق مع معاهدات القرن الرابع عشر والثالث عشر بدرجة لافتة للنظر عن الموجودة في سفر الخروج وسفر يشوع. إنما الاختلاف الجوهري في طبيعة الكتابة أن وثائق الشرق الأدنى القديمة هي وثائق ذات طابع رسمي قانوني لتسجيل العهد المتفق عليه، بينما التثنية تم صياغته كتقرير عن احتفال حقيقي بتجديد العهد بما في هذا الاحتفال من أفعال وكلمات. (Kitchen, AODOT, 3)

ويُبدي كلاين ثقة متشابهة: «على ضوء الدليل الذي بات واضحاً الآن، فسوف يبدو أمراً لا يقبل الجدل أن سفر التثنية يدل في شكله الحالي أنه السفر الوحيد الذي فيه دليل موضوعي يُصور معاهدات السيادة في وحدتها وفي بلوغها حد الكمال وفي أنها نموذج قديم كان متبعاً». (Kline, Dc, 41)

ولكن كلاين وكيتشن ليسا بمفردهما في تقديم ملاحظاتهما عن المعاهدات القديمة، لقد عمل ماكارثي فحصاً شاملاً للمعاهدات القديمة في كتابه العالمي «المعاهدة والعهد» ومع أنه يتماثل مع النقَّاد الراديكاليين، فإنه وجد أن المقارنة لا يمكن أن يتجنبها، فقال: «هل هناك نص في العهد القديم تماثل في كماله في صيغة المعاهدة؟ لكي نُجيب بالإثبات فإننا نحتاج فقط إلى إلقاء نظرة على العناصر الأساسية لسفر التثنية». (McCarthy, TC, 110)

ويستمر ماكارثي فيؤكد أن مكوِّنات سفر التثنية الأساسية تقدم بنية متناسقة الأجزاء تكوِّن بنية المعاهدة. (Mc Carthy, COT, 230)

وحتى فون راد الذي من مدرسة نقد الشكل الذي انتقد هذه الصيغة، والذي يُرجع تاريخ سفر التثنية إلى ما بعد 701 ق.م يعترف: «أن المقارنة بين معاهدات الشرق الأدنى القديمة، خاصة تلك التي أجُرِيت بواسطة الحيثيين في القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق.م، وبعض فقرات العهد القديم قد كشفت أشياء كثيرة مشتركة بين الاثنين، خاصة في مسألة الشكل أو الصيغة، وأنه لابد أن هناك بعض الارتباط بين معاهدات السيادة هذه وشرح تفاصيل معاهدة يهوه مع إسرائيل التي كانت قد كُتبت في فقرات معينة في العهد القديم». (Von Rad, OTT, 132)

إن الدراسة الحديثة الشاملة عن هذا الموضوع قد قام بها وينفيلد وبينما هو يذهب إلى حد كبير إلى الإبقاء على تاريخ متأخر لسفر التثنية، فإنه كان مجبراً أن يعترف: «أن الأجزاء الرئيسية لمعاهدات دولة الحيثيين... تتوافر كلها في سفر التثنية». (Weinfeld, DDS. 61)

10(ج) التثنية ومعاهدات الألفية الأولى ق.م.

إذا لم نجد أي فروق ممكن إدراكها بين صيغ المعاهدات في الألفية الثانية والأولى قبل الميلاد. حينئذ لا يوجد أي داعٍ لهذا البحث لكي ننسب لسفر التثنية التاريخ التقليدي المبكر للمعاهدات عند مقارنته بالتاريخ الذي أعطاه النقَّاد الراديكاليون للمعاهدات التي كانت في القرن السادس والسابع ق.م. ولكن هذه ليست الحقيقة الواقعة.

في عام 1954 أدرك مندنهال أن نوعية العهود والمواثيق التي وُجدت في الألفية الثانية ق.م في سفر التثنية لا يمكن أن نُثبت أنها بقيت حتى سقوط الإمبراطوريات العظيمة في أواخر الألفية الثانية ق.م. وعندما قامت الإمبراطوريات مرة أخرى، على الأخص الامبراطورية الأشورية، فإن تركيبة العهود والمواثيق التي بها يُلزم الشخص الذي يعطيه سيده الإقطاعي أرضاً تكون مختلفة تماماً. حتى في إسرائيل فإن الكاتب يعترف أن الصيغة الأكثر قِدَما للعهود والمواثيق لم تعد معروفة على نطاق واسع بعد الحكومة الملكية المتحدة. (Mendenhall, LCIANE, 30)

إن الاختلافات الواضحة تماماً التي يشير إليها مندنهال يمكن تفصيلها كالتالي:

(1) النظام

أ. إن الصيغة الأكثر قِدَماً في معظم الأحوال تضع قائمة بالآلهة الشاهدة على العهد، هذه القائمة تتبع الشروط وتسبق اللعنات. وهذا ما لا يحدث مطلقاً في المعاهدات المتأخرة». (Kitchen, AOOT, 95)

ب. النظام المتماسك جداً الخاص بالمعاهدات المبكرة حلَّت محله معاهدات عشوائية أكثر. (Kitchen, AOOT, 96)

(2) في المضمون

(أ) إن المقدمة التاريخية المعتادة في الألفية الثانية ق.م لا تتواجد تماماً في المعاهدات التي عُقدت بعد ذلك. .(Kitchen, AOOT 95, Kline, DC, 43)

(ب) المعاهدات التي عُقدت في الألفية الأولى ينقصها البركات التي تتزامن مع اللعنات. (Kitchen, AOOT, 96, Kline, DC, 42)

ما هي المعاني التي يتضمنها هذا؟

يقول كلاين:

المعاني المتضمنة للبرهان الجديد بشأن الأسئلة عن قِدَم وصحة سفر التثنية لا يجب أن يُكتم ويُخمد. مع أن تقاليد الصيغة السيادية قد أُعلن صحتها في الألفية الأولى ق.م، فإن النموذج القديم المتكامل ليس مسجلاً سوى في المعاهدات السورية في القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق.م. تبعاً لهذا فإن وجهة النظر العادية المألوفة التي تنتقد أصول سفر التثنية يمكن أن يحتفظ بها هؤلاء العلماء الذين يستطيعون أن يقنعوا أنفسهم أنه قد حدثت عملية تزويد أو إضافات في الألفية الأولى ق.م. بمساعدة تحريرية واعية بشكل كبير أو قليل وذلك لكتابة نموذج قانوني معقد تماماً يُنسَب إلى الألفية الثانية ق.م. وللحفاظ على أي مظهر مستحسن فإنه يجب تعديل فرضية هؤلاء العلماء بشكل جذري في اتجاه الزمن الأقدم بالنسبة لكثير من أجزاء التثنية. (Kline, DC, 15)

إن صيغة العهد في العهد القديم تُبين تطابقاً مذهلاً مع النموذج الموجود في معاهدات آخر الألفية الثانية بالمقارنة مع نموذج معاهدات بداية الألفية الأولى. يجب أن نصِّنف العهد الذي أُعطي في سيناء مع معاهدات الألفية الثانية. ولقد دعَّم الدليل الحديث وجهة نظر مندنهال الأصلية أن العهد الذي أُعطي في سيناء يتماثل تماماً مع العهود التي عُقدت في آخر الألفية الثانية وليس مع العهود التي عقدت في الألفية الأولى.(Kitchen, AOOT, 98)

4(ج) خلاصة
حتى لو وصلنا إلى قرار بثقة أن التثنية قد عكس بشكل فريد صيغة معاهدات الألفية الثانية ق.م، فهل هذا يعطينا المبرر أن نستنتج أنها قد تم كتابتها بالضرورة في تلك الفترة. يُجيب كيتشن على هذا السؤال «نعم». لأنه منطقياً لو أن التثنية والفقرات الأخرى التي تظهر في الصيغة أو الشكل قد أخذت شكلها الكتابي الأول في القرن التاسع وحتى السادس ق.م فقط فلماذا أو كيف استطاع كتابها (أو محرروها) بسهولة أن يعيدوا صياغة أشكال وصيغ العهد التي كان قد بطل استخدامها واستبعدت من الاستخدام المألوف منذ 300-600 عام (أي بعد حوالي 1200 ق.م) وفي نفس الوقت فشلوا تماماً في أن يعكسوا صورة العهد في الألفية الأولى ق.م. التي كانت شائعة في عصرهم؟ (Kitchen, AOOT,100)

وفي مقالة حديثة يُقدم كيتشن ملخصاً قوياً عن الجزء الأساسي من البرهان الذي درسناه:

إن الكاتب في الوقت الحالي لا يستطيع أن يرى أي طريقة منطقية للهروب من البرهان القاطع عن تطابق وتماثل سفر التثنية مع صيغ المعاهدات الثابتة في العهد من القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق.م.

هنا يتبع هذا نقطتان. النقطة الأولى> لابد أن البنية الأساسية لسفر التثنية والكثير من محتوياته التي تُعطي أسلوباً خاصاً لتلك البنية تُشكِّل وجوداً أدبياً ملحوظاً. النقطة الثانية، هذا الوجود الأدبي لا يكون في القرن الثامن أو السابع ق.م. ولكن بالحري من حوالي 1200ق.م على الأكثر. إن هؤلاء الذين يختارون هذا ربما يرغبون أن يدَّعوا أن هذا القانون أو ذاك يبدو أنه من تاريخ متأخر عن نهاية القرن الثالث عشر ق.م. ولكن هذا لم يعد مسموحاً به منهجياً أن يُزيلوا ملامح أساسية من صيغة العهد لمجرد فكرة مُتصورة سلفاً، لم يُبَرهن على أنها في وقت متأخر. (Kitchen, AODOT, 4)

ويختم كلاين قائلاً: «تبعاً لهذا، فإنه في حين أنه من الضروري أن ندرك استمرارية حقيقية في النموذج بين المعاهدات القديمة والأخرى الأحدث منها، فمن المناسب أن نعتبر معاهدات الحيثيين من الألفية الثانية ق.م كالصيغة «التقليدية». وبدون أي شك فإن سفر التثنية ينتمي إلى المرحلة التقليدية في هذا التطور الوثائقي. هنا يكون تأكيد هام على المسألة البديهية وهي أن أصل الكتابات الموسوية هي معاهدة مع الملك العظيم الموجودة في سفر التثنية». (Kline, DC, 43)

سوف يقنع كثير من الدارسين أن علم الآثار قد أظهر بوضوح «ضرورة أن ُيعوَّل عليه في كثير من الحقائق التاريخية الموجودة في الكتاب المقدس، ولكنهم لا يزالون يؤكدون أن هذه الحقائق مع الخرافات والأساطير قد تناقلها الناس شفوياً لمدة ألف عام أو أكثر. ولكن صيغة سفر التثنية تظهر بوضوح أنها قد كُتبت في منتصف الألفية الثانية ق.م. وإلا فلا يمكن أن تفسر أسلوبها الأدبي المميز.

3(أ) قِدَم المصدر التثنوي D المزعوم

1(ب) مقدمة

إن الدور الحاسم الذي يلعبه التثنية في المخطط الوثائقي بأكمله يعرفه الجميع. إن الناقد الراديكالي چورچ داهل يعترف بهذه الحقيقة:

باتفاق جماعي فإن هذا السفر يُمنح مكانة مركزية ومحورية في دراسة تاريخ وأدب وديانة العهد القديم. فإن جدارة دارسو الكتاب المقدس تعتمد في شرعيتها أول كل شيء على صحة تواريخ سفر التثنية. على الخصوص فإن تماثل السفر الخامس لموسى مع كتَّاب الناموس الذي ذُكر في 2ملوك 22 وما يتبعها عادة ما يُنظر إليه على أنه عماد البحث في العهد القديم. (Bewer, PDS, 360)

ويتفق رولي في هذا الرأي فيقول: «إن مجموعة قوانين سفر التثنية لها أهمية خاصة في نقد أسفار التوراة، إذ أنه يمكن تحدد تاريخ باقي الوثائق على أساس علاقتها بها». (Rowley, GOT, 29)

هناك عدم اتفاق ضئيل بين العلماء، وهو أن الكتاب الذي اكتُشف في الهيكل عام 621 ق.م، وهو الذي أشعل وأنتج إصلاحات الملك يوشيا (2مل 22، 23) هو أساساً السفر الذي نسميه الآن التثنية. ولكن هناك الكثير من عدم الاتفاق على تاريخ كتابته: فالنقَّاد الراديكاليون يحددون كتابته لوقت ليس طويلاً قبل اكتشافه عام 621 ق.م، بينما الآخرون يُصرِّون على أن تاريخه يجب أن يرجع إلى وقت موسى.

2(ب) العبارات

1(ج) العبارات المتكررة

فون راد وهو يتحدث عن سفر التثنية يخبرنا أن معظم العبارات المتكررة تبين الأفكار الهامة جداً.

والبحث في معظم الفقرات والعبارات المتكررة تكشف المجموعة التالية:

(أ) ذكريات الماضي في مصر.
(ب) عهد يهوه بالحماية من تأثير الكنعانيين على الأرض.
(جـ) الدخول إلى الأرض.
(د) الوحدة القومية (بدون ذكر انقسام المملكة في القرن السابع ق.م).
(هـ) الخطية والتطهير منها.
(و) البركات عند الدخول إلى الأرض. (Manley, BL, 28- 36)
ويصف بيدرسون الغرض من السفر كله: «أن الهدف الرئيسي لهذا السفر في شكله الحالي، هو أن يحمي المجتمع الإسرائيلي من النفوذ الكنعاني». (Pederson, ILC, 27)
هذه الأفكار الرئيسية تتناقض بحدة مع أي فترة في الألفية الأولى ق.م، ولكنها تتوافق تماماً مع الفترة التي كُتب فيها هذا السفر، التي تسبق دخول كنعان في الألفية الثانية ق.م.

2 (ج) العبارات الجغرافية
يلخص مانلي بطريقة ملائمة البراهين الجغرافية لقِدَم هذا السفر: «عندما نفحص المعلومات الجغرافية ككل، تبدو التفاصيل أنها أكثر دقة من أن نُرجعها للصدفة أو التقاليد الشفهية. إن قصة الارتحال في أصحاحات 1- 3 تبدو كلها حقيقية ولا تشبه تماماً مقدمة مجموعة القوانين القديمة، لكن كل علامة فيها تظهر أنها أصلية. إن المناظر التي وُصفت وملامح بلاد موآب التي ذُكرت لابد أن تكون الأعين البشرية هي التي رأتها.

والأشياء التي لم تذكر أيضاً هامة: فلا يوجد أي ذكر لأورشليم ولا الرامة العزيزة على قلب صموئيل ولا حتى شيلوه حيث استراحت خيمة الاجتماع. كل شيء يشير إلى سمتها التاريخية والتاريخ الأقدم. (Manley, BL, 64)

3(ب) الأسلوب
لقد عبَّر الناقد الراديكالي نوهان هابل بطريقة بارعة أن كتابات المصدر التثنوي مختلفة عن بقية الأسفار الخمسة: «إن أسلوب سفر التثنية ولغته الغريبة واضحة جداً. إنهما يسيران عكس الصيغة الأدبية لبقية الأسفار الخمسة. فعندما نقارنه بسفري التكوين والعدد، فإن سفر التثنية يقدم عالماً جديداً من المصطلحات، ونماذج التفكير، ومجموعات من التعبيرات وقوالب لفظية مغايرة» (Habel, LCOT, 12)

ويذكر داهل وجهة نظر مختلفة عن أسلوب هذا السفر: «إن الأسلوب الخطابي المتطور في سفر التثنية، يتسم بالسلاسة والتدفق، ويفترض تاريخاً أدبياً طويلاً خلفه». (Bewer, PDS, 372)

ولكن الاختلافات المزعومة في الأسلوب وعناصر التميز بين سفر التثنية وباقي الأسفار الخمسة قد حدثت نتيجة لمنظورهم الخاص للأمور. فمثلاً سفر اللاويين هو سفر جُمعت فيه القوانين التي يستخدمها الكهنة، بينما سفر التثنية يوجِّه كلامه لعامة الشعب. لهذا السبب فإننا لا نندهش عندما نجد موسى في سفر التثنية يستخدم أسلوباً خطابياً، ويؤكد على القضايا العملية، ودائماً يشمل توجيهات بخصوص دخول بني إسرائيل إلى كنعان. (Raven, OTI, 113)

ولكن القول الذي يزعمه داهل ومعه كثير من الدارسين) إن الأسلوب الخطابي يشير إلى فترة طويلة من التطور يبدو غير مقبول. ويبدو أنه من المحتمل أن سفراً يسجل كلام خطيب عظيم سوف يُبرز «أسلوباً خطابياً متطوراً» بدون الحاجة إلى فترة طويلة من التطوير. وهناك نقطة أخيرة بشأن الأسلوب يركز عليها مانلي: «إن إسلوب سفر التثنية يمكن أن نجد مثله إلى حد ما في بعض من الخطب المبكرة التي سُجِلت لموسى في أسفار التوراة». (Manley, BL,21)

4(ب) قِدَم الشريعة
إن داهل هو أهم من حاول تقديم حجج راديكالية ليثبت التاريخ المتأخر المبني على اعتبارات تشريعية: «على العموم.. سوف يظهر أن العلاقة بسفر التثنية يكمن في شرح وتطوير القوانين القديمة. إن مجموعة القوانين الموجودة فيه تعكس بوضوح الحياة المتقدمة والمعقدة للجماعة ذات التنظيم المشترك عن الحياة التي نفهمها ضمناً في خروج 21- 23،34». (Bewer PDS 367)

قام مانلي وهو باحث بريطاني في العهد القديم بإجراء دراسة لكل واحد من قوانين أسفار موسى الخمسة ليكتشف إذا كانت هذه القوانين حقيقية أم لا. وكانت استنتاجاته المذهلة كما يلي:

علينا أن نعترف أن خطة فلهوزن قد أخفقت في فحص القوانين فحصاً دقيقاً.

(1) إن التاريخ المطلق لهذه القوانين ليس له أساس. لا يوجد شيء محدد لربط قوانين التقليد JE بالحكم الملكي المبكر، وقوانين التقليد التثنوي عام 621 ق.م، وكذلك قوانين التقليدي P مع فترة السبي.

على العكس، فإن القوانين القديمة جداً قد وُجدت في كل هذه التقاليد المزعومة.

(2) إن القول بأن تثنية 12- 26 هي امتداد لمجموعة قوانين التقليد JE يقودنا إلى الخطأ. فإن قليلاً من القوانين القديمة والوصايا تتكرر فيها، والكثير من نفس النوع قد حُذف، وحيث يتم تعديل القانون لا توجد أي علامة على أنه قد تكيف بحسب احتياجات القرن السابع ق.م. كما أن القوانين أو المواد التي توجد في التثنية فقط تتضمن الكثير من المواد التي المؤكد أنها قديمة ولا تبدو أنها من أصول متأخرة، وهكذا يبدو أن مجموعتي القوانين تتكاملا وأنهما بلاشك من عصر واحد.

(3) إن الحجج بخصوص التسلسل الزمني لـ JE,D,P لا تُصيب نجاحاً أيضاً: ليس من الصواب إن نقول إن سفر التثنية يبيِّن اعتماده على JE ويتجاهل P، .. لمجرد وجود بعض العناصر المشتركة بينه وبين JE بينما هذه العناصر أقل مع P.

إن الشرائع في لاويين 11 بخصوص الطعام يظهر مرة ثانية في تث 14 بشكل مختلف. ويؤكد سفر التثنية وجود شريعة للكهنة بخصوص البرص، ويُفترض وجود شرائع الذبائح، مثلما هو موجود في P.

(4) إن الشرائع الموجودة في تث 12- 26 من الطبيعي أنها تتبع الحديث السابق في أصحاحات 5- 11 وتظهر أنها مناسبة جداً للمكان والمناسبة، المذكورين في تث 4: 44- 49. وإضافات الأصل أو النسب تنتمي لفترة عندما كان الخلاص من العبودية في مصر حياً في الذاكرة ومختلفاً تماماً عن التحذير الذي قاله إشعياء للشعب الذي تحرر من الوهم. (Manley, BL, 94- 95)

ويضيف مانلي هذه الملاحظات:

لو أن الكاتب كان مصلحاً اجتماعياً يخاطب شعب يهوذا الذي يئن تحت شرور حكم منسَّى، فإنه يكون قد نجح نجاحاً رائعاً في إخفاء الحقيقة. لقد أعاق برنامجه للإصلاح بعدد من الشرائع غير العملية والتي لا صلة لها بالموضوع.

أما كاتب سفر التثنية فإنه أصدر قوانين هو يتوقع أنها ستُطاع، وهذا لم يكن موقف الأنبياء المصلحين، الذين نادوا على شعب إسرائيل أن يتوبوا عن كسر الناموس.

من وجهة النظر هذه فإن الوقت الوحيد الذي يُناسب خلفية إصدار تلك الشرائع هو الفترة التي سبقت الأنبياء. (Manley, BL, 121)

5(ب) عبارات مزعومة تناقض أن موسى هو كاتب الأسفار الخمسة وقِدَم المصدر التثنوي

إن اتباع الفرضية الوثائقية يشيرون إلى عبارات معينة في سفر التثنية كدليل ضد كتابة موسى للسفر وكذلك.

(أ) إن عبارة «عبر الأردن» التي تشير إلي المنطقة الموجودة شرق الأردن. هناك من يجادل أنه حيث سفر التثنية نفترض أنه كُتب في هذه المنطقة «عبر الأردن» فإن هذا المصطلح ينبغي أن يشير إلى كنعان، على الجانب الغربي. على أي حال فقد ظهر أن هذه العبارة كانت مصطلحاً لهذه المنطقة، حتى بينما كانت تُعرف بأنها بيرية في العهد الجديد. (Archer, SOTI, 244, Manley, BL, 49)

(ب) عبارة «حتى ذلك اليوم». كان يُعتقد أنها تشير إلى فترة كبيرة من الوقت منذ أن ذُكر هذا الحدث. إلا أنه في كل مرة كانت تستخدم فيها كان من الملائم أن موسى قد استخدم هذه الجملة في ضوء فترة الأربعين سنة الماضية لكي يُبيِّن أن موقفاً قد استمر حتى انتهاء أيام حياته. (Archer, SOTI, 243)

(جـ) قصة موت موسى في تثنية 34. ولكن من المعقول تماماً أن نفترض أن يشوع هو الذي أضاف هذه القصة، كما يُضاف نعي رجل بحروف كبيرة شاملاً عمله الأخير. (Archer SOTI, 244). ومن الجدير أن نلاحظ هنا أن الأحداث الأخرى الموجودة في هذا السفر تغطي كل حياة موسى، ولم تتجاوز تلك الحدود مطلقاً. (Manley, BL, 162)

6(ب) العبادة المركزية

1(ج) الافتراض الوثائقي
إن مؤيدي الفرضية الوثائقية يفترضون أنه في وقت موسى كان يوجد العديد من أماكن العبادة التي كانت مسموحاً بها وكذلك قانونية. بعد ذلك في زمن يوشيا الملك (621 ق.م) كان هناك نهضة دينية، وكان الإصلاح الرئيسي هو تأسيس المكان المقدس الرئيسي في أورشليم.

إن الوظيفة الرئيسية لمجموعة شرائع سفر التثنية، التي وُجدت في الهيكل في زمن يوشيا كانت وضع نهاية لأماكن العبادة المختلفة.

اعتُبِر أن خروج 20: 24 هو قانون قديم كان يأمر ببناء المذابح في أماكن مختلفة في الأرض. (Driver, D, 136- 138)، وكانت أماكن العبادة هذه مناسبة، وكان الإسرائيليون يعبدون يهوه في هذه الأماكن المقدسة. عندئذ عند نشر سفر التثنية، كانت العبادة مسموحاً بها فقط في مكان العبادة المركزي في أورشليم، بينما كانت العبادة في بقية أماكن العبادة ممنوعة.

2(ج) الإجابة الأساسية

1(د) «مذبحاً من تراب تصنع لي، وتذبح عليه محرقاتك وذبائح سلامتك، غنمك وبقرك. في كل الأماكن التي فيها أصنع لاسمي ذكراً آتي إليك وأباركك» (خروج 20: 24).

الآية السابقة لا تتحدث عن أماكن العبادة في أي مكان فيها. إنها تذكر المذابح فقط. وطالما أن هذه هي أول توجيه شرعي عن العبادة في أسفار موسى الخمسة (فيما عدا الوصية الثانية)، فإن هذه الآية ترتبط بفترة الآباء وموسى. هكذا فإن جملة «في كل الأماكن التي فيها أصنع لاسمي ذِكراً تشير إلى أماكن مثل سهل المريا (تكوين 12: 16)، جبل المريا (تك 22: 2)، بئر سبع (تك 26: 23)، بيت إيل (تك 35: 1)، وريفيديم (خر 17: 8 و15).

ولهذه يضيف مانلي أن العبارة التي تقول «إنه عندما جُمع سفر التثنية، فإن هذا الناموس القديم أُلغي وتركزت العبادة في أورشليم». وهذا يكون مضاداً للحقائق ومتضارباً مع النظرية نفسها. هل يستطيع أي مؤلف مهتم بالتوسع في مجموعة قوانين JE أن يُلغي أي عنصر هام فيها بدون أن يُعطى كلمة لشرح ما فعله؟». (Manley, BL, 131)

ويكتب ألدرز، «إذا كان المشرِّع يُفكر في أماكن العبادة، التي لا ذكر لها، فإنه بدون شك سوف يُشير إليه بوضوح أكثر. هكذا فإن النصّ بكل تأكيد لا يعني تعدد أماكن العبادة، إنها تشير على الأكثر إلى تعدد المذابح». (Aalders, ASIP, 72)

2(د) علاوة على ما ذُكر سابقاً، فإن المرء يستطيع أن يقول إن تعدد المذابح أمر غير تعدد أماكن العبادة. فالعبارة التي تقول: «في كل الأماكن التي فيها أصنع لاسمي ذكراً» ليس من الضروري أن تعني أن هذا عُمل في وقت واحد.

يُشير ألدرز أن:
كقاعدة أن الاسم (العبراني Kol عندما يتحد مع اسم آخر مزوداً بأداة التعريف (ال)، كما هي الحال هنا، فإنه يُشير إما إلى عدد من الأشخاص أو الأشياء بالتتابع، خاصة عندما يكون الاسم الذي أُضيف مفرداً. إننا نشير إلى الكلمة المشهورة Kolhayom التي تعني «دائماً»، مثلما تقول: «كل الأيام المتعاقبة، وفي خر 1: 22 توجد كلمات «كل ابن» و«كل بنت» فإنها من الطبيعي أن تشير إلى كل الأطفال الذين وُلدوا على التوالي أو بالتتابع، وفي (تك 20: 3) «في كل مكان نأتي إليه» لا يمكن أن تشير سوى لعديد من الأماكن التي وصل إليها إبراهيم وسارة على التوالي أو بالتتابع، وفي تث 11: 24، 1صم 3: 17 وهلم جرا. لهذا فإنه من الخطأ أن نقرر أن التعبير، «في كل الأماكن التي أصنع لاسمي ذكراً»، يجب أن يُفهم منها عديد من أماكن العبادة موجودة في نفس الوقت. (Aalders, ASIP, 73)

3(د) من الممتع أن الأصحاحات التي بها حضَّ أو نصح (5- 11) في سفر التثنية لم تذكر ولا مرة واحدة مكان العبادة. إن تثنية 12 تطلب ليس توحيد أماكن العبادة، ولكنها تطلب التطهير. والعبادة نفسها تحتاج إلى الحماية من التأثير الوثني والتطهير من الآلهة الوثنية والأشياء البغيضة التي كانت قد نجستها.

4(د) تُنبِّه الآيات الموجودة في تثنية 12: 13 و 14 بخصوص مكان العبادة المركزي: «احترز من أن تُصعد محرقاتك في كل مكان تراه، بل في المكان الذي يختاره الرب في أحد أسباطك، هناك تُصعد محرقاتك وهناك تعمل كل ما أنا أُوصيك به».

إن المُفترض أو المُسلَّم بصحته في سفر التثنية هو «في كل مكان تراه»، وهذا يشير إلى العديد من أماكن العبادة السابقة التي صارت الآن ممنوعة. ومع ذلك فإن تث 12: 15 تتضمن معنى إضافياً تُوصيه الآية: «ولكن من كل ما تشتهي نفسك تذبح وتأكل لحماً في جميع أبوابك حسب بركة الرب إلهك التي أعطاك، النجس والطاهر تأكلانه كالظبي والإيل».

إن أعداد 13و 14 تحدهما كلمة «ولكن» في عدد 15. عدد 13 يتحدث عن «المحرقات» التي تُقدم في مكان عبادة يختاره الرب. ولكن تعبير «في كل مكان» في عدد 13 لا تشير إلى شجب وإدانة المذابح السابقة، ولكن هي مترادفة مع كلمات «في جميع أبوابك» الموجودة في عدد 15. لهذا فإن أعداد 13 و 15 تعني أن الماشية يمكن أن تُذبح في أي مكان، ولكن المحرقات لا تُقدم في أي مكان بل في مكان واحد.

وعلى عكس الافتراض الوثائقي، فإن عدد 13، لا يتطلب أن يكون هناك تركيزاً على العبادة في الأوقات السابقة عندما كانت توجد أماكن مختلفة لعبادة الأوثان شرعية، ولكن هذا العدد يُحذر الإسرائيليين أن يقدموا محرقاتهم حيثما يرغبون، ويقصرون هذه التقدمات لمكان عبادة واحد الذي كان وجوده مُفترضاً مسبقاً». (Aalers, ASIP, 75)

5(د) هناك مواقف كثيرة تُفترض مسبقاً قبل إصلاح يوشيا عام 621 ق.م، مثال ذلك، «بيت الله» قض 18: 31، «هيكل الرب» 1صم 1: 9، 3: 3.

تشير الشواهد التالية إلى مكان عبادة بسيط: 1صم 1: 3، خر 23: 17 و 19، 34: 23 و 26 (قارن مع تث 16: 16). هذه الآيات كلها ترتبط بمكان العبادة: 1صم 21: 4، خر 25: 30، لاويين 24: 5، 1صم 21: 9. (قارن مع خروج 28: 6).

6(د) الملوك الأول 8: 4 يسجل أن شيوخ إسرائيل والكهنة أصعدوا تابوت الرب وخيمة الاجتماع وجميع آنية القدس. ويكتب ألدرز أن هذا أمراً صعباً، يقول: من الصعب أن نفهم أن أي إنسان يمكن أن يتخيل في ذلك الوقت وجود العديد من أماكن العبادة الشرعية. إن الهيكل الجميل بكل تراثه وضخامته يجب أن يحتل مكاناً بارزاً ومشهوراً في حياة الشعب الدينية لدرجة أنه من غير المعقول تماماً أن يكون هناك العديد من أماكن العبادة التي تنافسه. ولقد تأكد هذا مما عمله يربعام أول حاكم لمملكة الشمال، الذي خاف أن قلب الشعب يتجه مرة أخرى إلى رحبعام ملك يهوذا، إذا صعدوا لبيت الرب في أورشليم لتقدمة الذبائح (1مل 12: 27). لهذا السبب فإنه عيَّن مكانين للعبادة، واحد في بيت إيل والثاني في دان (أعداد 28 وما يليها). ويبرهن هذا على أنه في أيامه كان الناس متعودين أن يُحضروا تقدماتهم إلى الهيكل، وأن الهيكل كان مكان العبادة الرئيسي لكل شعب إسرائيل. لهذا السبب ليس من الضروري في أيام الملك يوشيا أن يُقال إن تُركز العبادة في الهيكل طالما أنه كان مركز العبادة الذي لا خلاف عليه منذ تأسيسه. (Aalders, ASIP, 79- 80)

7(د) إن النص الموجود في ملوك الثاني 22: 8- 13 يجعلنا نعتقد أن «سفر الناموس» الذي وُجد كان سفراً قديماً. إن الجملة التي تقول «إن آبائنا لم يسمعوا لكلام هذا السفر» 2مل 22: 13، وهذا كان سبباً في غضب الله عليهم تبيِّن قِدَم هذا السفر.

يقول مانلي: «لقد أُدرك في الحال أن «سفر الناموس» الذي يقول إن مثل هذا السفر كان موجوداً، ولكنه نُسي أو فُقد. إن هذه الأشياء لا يمكن أن تكون لو أن هذا السفر كان معروفاً من البعض أنه من عمل الناس». (Manley, BL, 125)

8(د) لا توجد أي علاقة وطيدة بين سفر التثنية والأحداث التي أحاطت بيوشيا. لقد اتفقوا على شجب خطية السحر وعبادة الأوثان، ولكن نفس هذه الخطايا قد شُجبت أيضاً في أجزاء أخرى من أسفار موسى الخمسة. ويكتب مانلي: ولكن الشرور المؤكدة في ذلك الزمان مثل كهنة الأوثان، مع أنها معروفة لهوشع (10: 5)، وصفنيا (1: 4 و5)، وقُضي عليها بواسطة يوشيا (2مل 23: 5) قد تجاهلها سفر التثنية. نفس الشيء يكون صحيحاً لحرق البخور للبعل (هو 2: 13، 12: 2، 2مل 23: 5)، والشمسات (إش 17: 8، 27: 9، 2أخ 34: 4). (Manley, BL, 125)

ويستمر مانلي في القول: «من الناحية الأخرى هناك الكثير من الأوامر في سفر التثنية مثل تدمير عماليق، وبناء مدن الملجأ، والتي لم تُذكر كجزء من إصلاح يوشيا، تكون من المفارقات التاريخية في ذلك الوقت. (Manley, BL, 125)

9(د) تثنية 27: 1- 8

إن واحدة من العوائق الهائلة للفرضية الوثائقية بشأن فكرة مركزية العبادة نجدها في الوصية الموجودة في تثنية 27: 1- 8 التي فيها قيل لموسى أن يبني مذبحاً على جبل عيبال. وتستخدم هذه الفقرة نفس كلمات خروج 20: 24 عن مذبح من المفروض أن سفر التثنية افترض منعه أو إلغاؤه.

إن تشييد هذا المذبح الذي أمر به يهوه (تث 27) تمَّ إنجازه في يشوع 8: 30. فلا غرابة أن درايفر يُدرك أن هذه الفقرة تُنتج «صعوبات حرجة وأنها موجودة في مكان غير مناسب». (Driver, D, 204)

10 (د) تقديم الذبائح على «المذابح» و«المرتفعات»

الكاتب مدين لناشر ومؤلف «كتاب الناموس» لسماحه باقتباس تعريف وشرح للكلمة العبرية «المرتفعات».

أماكن عبادة محلية:

إن مصطلح «أماكن عبادة محلية» يعد مصطلحاً غامضاً بعض الشيء، إذا استُخدم بطريقة غير دقيقة لخلط الأشياء المختلفة معاً، والتي تحتاج إلى معاملة منفصلة. إن المعلومات المتاحة لنا بخصوص المذابح المحلية ضئيلة، وأيضاً نقص المعلومات يشجع على التخمين. من المغرى أن نجمِّع كل مكان له ذكريات مقدسة أو حيث سُجِّل أن ذبيحة قُدمت عليه، وأن نجمعها كلها كأماكن عبادة دائمة، لها تقاليدها. ومهما يكن من شيء فإن الطريق الأكثر حكمة هو التقيد بأقصى ما نستطيع بالأشياء المدوَّنة والمحفوظة وملاحظة الاختلافات المعينة الواضحة، كالتي بين تقديم الذبائح من ناحية، ومن ناحية أخرى «فعل الناس الشر أمام الله».

وسوف نبدأ بنظرة عامة عن الذي سُجِّل عن الذبائح، (1) على المذابح و (2) على المرتفعات، في الأسفار من يشوع إلى 2صموئيل، أي قبل أن يُبني الهيكل.

في هذه الأسفار هناك سبع مرات شُيِّد فيها مذبح، اثنان منهما له علاقة بتجليات الله للإنسان (قض 6: 26- 28، 13: 20)، وخمس في مناسبات أخرى (يش 8: 30، قض 21: 2- 4، 1صم 7: 17، 14: 35، 2صم 24: 25). علاوة على ذلك هناك العبارة الموجودة في يش 9: 27 الخاصة بالجبعونيين الذين كانوا يخدمون مذبح الرب في خيمة الاجتماع، وقصة بناء مذبح ليكون شاهداً في يش 22.

إنها حقيقة عجيبة، وربما تكون صدفة، أنه في كل هذه الأسفار وفي الشريعة الموجودة في سفر التثنية، فإن «المذابح» في صيغة الجمع ذُكرت مرة واحدة فقط، وبعد ذلك يأتي ذكرها متعلقاً بمذابح الكنعانيين، (قض 2: 2، تثنية 12: 2).

نحن نقرأ أيضاً عن ذبائح قُدمت في بيت لحم (1صم 16: 5، 20: 29) والجلجال (1صم 13: 8) وبواسطة رجال بيت شمس في وجود تابوت العهد (1صم 6: 15).

كان مذبح جدعون لا يزال قائماً عندما كُتبت قصته، والمذبح الموجود في شكيم في وقت موت يشوع (يش 24: 26)، والمكان الذي بني فيه داود مذبحاً استُخدم لبناء الهيكل. والمذابح الأخرى ذهبت في طي النسيان.

إن «المرتفعة» bamah ليست نفس الشيء مثل «المذبح». فالكلمتان تختلفان في منشئهما وفي معناهما ويحتاجان إلى معالجة منفصلة.

لا توجد كلمة bamah في يشوع وقضاة، ولكن في 1صموئيل ذُكر اثنان منها.

يوجد واحد في الرامة التي «صعد» إليها صموئيل (1صم 9: 13)، والآخر قريب من «تل الله» الذي نزل منه زمرة من الأنبياء أمام أدوات عزف (1صم 10: 5). في المكان الأول كانت هناك «غرفة للضيوف» حيث قدَّم صموئيل أكلاً لثلاثين شخصاً في وليمة خاصة بتقديم الذبائح. إن اللغة التي استُخدمت تبِّين أن هذه الـ bamoth (جمع bamah) كانت تقع كل منها فوق ربوة عالية.

وهذا يُنهي معلوماتنا عن الذبائح المقدمة ليهوه، التي كانت مرَّخصاً لها وموافقة عليها. وعندما هجر الناس الرب في زمن القضاة، فإنهم كانوا يقدمون ذبائحهم للبعل ولعشتاروث (قض 2: 13)، وكان هذا شيئاً مختلفاً ومُداناً.

وببناء الهيكل جاء عهد جديد، فاختلفت النغمة، وبدأت كلمة bamah يكون لها دلالة شريرة. ويمكن أن نرى تحولاً في 1مل 3: 1- 4، حيث يقول لنا الكاتب «إن الشعب كانوا يذبحون في المرتفعات لأنه لم يُبن بيت لاسم الرب في تلك الأيام»، وهذه الممارسات من جانب «الشعب» كانت تُستنكر لا أن تُدان.

بعد ذلك نقرأ أن سليمان سار «في فرائض داود أبيه، إلا أنه كان يذبح ويوقد في المرتفعات، وذهب الملك إلى جبعون ليذبح هناك. لأنها هي المرتفعة العظمى» (1مل 3: 4).

إن الوجود الدائم لـ bamoth يُعتبر وصمة في سجل الملوك الصالحين. إن بناء الناس لهذه المرتفعات أُدين تماماً (1مل 14: 22- 24)، وكذلك أُدينت beth bamoth (1مل 12: 31، 2مل 17: 29، 23: 19).

وهذا الرفض لا يمكن أن يُعزى لانحياز لسفر التثنية، لأن الأنبياء عبَّروا عن هذه الإدانة أيضاً (هو 8: 11، 10: 1، عا 3: 14، 4: 4- 6، 5: 4- 6، ميخا 1: 7، إش 2: 8.

إن أساس الاعتراض والإدانة ليست وثيقة الصلة بموضوع الناموس، ولكن له صلة بعبادة الأوثان والفساد الذي ساد بواسطة التوفيق بين المعتقدات الدينية المتعارضة في ديانة الكنعانيين، التي صدر بشأنها تحذيرات صارمة ليس فقط في تث 12: 29- 32، ولكن قبل ذلك في خر 34: 12- 16.

في المملكة الشمالية فإن عبادة يهوه النقية قد هددتها عبادة البعل الفينيقية أثناء حكم أخاب وإيزابل. وهذا ما قد ناضل من أجله إيليا. إن مذابح يهوه التي أشار إليها (1مل 29: 10) ربما قد شيدها إسرائيليون أتقياء الذين مُنعوا من الذهاب إلى أورشليم للعبادة، أو من الممكن أن بعضها كان من أصل قديم.

وعلم الآثار عنده القليل ليضيفه لهذه الصورة. إن أضرحة الكنعانيين التي اكتُشفت في جازر وفي كل مكان ينتمي إلى الفترة التي قبل الإسرائيليين، «وهي تتطلب شرحاً لماذا لم تُعرف مرتفعة عبرانية، أو أي مكان آخر للعبادة سواء عبادة يهوه أو أي (إله غريب) من فترة احتلال العبرانيين لفلسطين».

هذه هي الخلفية التاريخية، تقف بلا شك ضد تفسيرات فلهوزن التي يجب أن تفحص ويُحكم عليها. (Manley, BL, 128- 31)

11(د) يقرر ألدرز: «إن المناصرين للنظرية الوثائقية ينتقدونها على أنها تاريخ غير موضوعي. على العكس من ذلك، فإننا يجب أن نستخدم الاتهام للنظرية نفسها، الذي فسر مجموعة قوانين أسفار موسى الخمسة التي ليس لها أي أساس في صياغة الناموس، وتُعيد كتابة التاريخ لكي تجعل الحقائق تتوافق مع التفسير، وأخيراً تخلت عن الدليل التاريخي الذي يتعارض مع الافتراض التاريخي لصياغة سفر التثنية! ضد مثل هذه الطريقة يجب أن تثور كل الاعتراضات الفعالة. (Aalders, ASIP, 81)

7(ب) خلاصة
على أساس الدليل الداخلي، فإننا سنكون عرضة للعديد من المشكلات الصعبة جداً إذ إننا احتفظنا وتشبثنا بالتاريخ المتأخر للوثيقة التثنوية فإلى جانب المشكلات التي ذكرناها قبلاً، فإننا يجب أن نسأل أسئلة أخرى عن تلك المشكلات التي كانت في القرن السابع ق.م. وبما أن الكاتب كان يُنادي بالتميز والقوة، فلماذا تُركنا بدون أي أثر لاسمه أو شخصه في منتصف الألفية الأولى ق.م؟ فإذا كان مُصلحاً ذو تأثير، فلماذا يشجب خطايا أسلافه؟ وإذا كانت مجموعة قواعده كان المقصود بها أن تُلغي الناموس الموسوي، فلماذا ينسبه لموسى نفسه؟ وإذا كان غرضه أن يُمركز العبادة في أورشليم، فلماذا لم يُعطنا مطلقاً أي معلومات عن وجودها؟ ولماذا أخفى كتابه في الهيكل؟. (Manley, BL, 142)

وعلاوة على ذلك، فإن الافتراض أنها وثيقة من تاريخ متأخر وأن هذه الشرائع مزيفة، فإن رافين ناقش أن «أشخاصاً كثيرين في يهوذا لديهم دوافع قوية لفضح وكشف هذا التزوير إذا كان هناك أي منها. إن الناس الأشرار الذين أدانهم الكتاب كانوا سينتهزون الفرصة في إدانته على أنه مزوَّر». (Raven, OTI, 112)

4(أ) قِدَم المصدر الكهنوتي P المزعوم

1(ب) الافتراض الوثائقي
أكد درايفر: «لا تبيِّن فترة ما قبل السبي أي دلالة عن استخدام المصدر الكهنوتي P». (Driver, BG, 136)

ولقد أكد فلهوزن بثقة: «بالنسبة لأي شخص يعرف أي شيء عن التاريخ سوف يدرك أن ما أطلق عليه «النظام الكهنوتي الموسوي» والذي هو ليس له أي علاقة بالأحداث الخاصة بالفترات المبكرة من تاريخ إسرائيل، والذي أيضاً لم يكن للأنبياء أدنى تصور ضئيل عنه حتى في أكثر فترات إسرائيل مثالية في تدينها، سوف يرى أن هذا النموذج إنما يلائم أكثر يهودية ما بعد السبي وقد تحقق فعلياً هناك». (Wellhausen, PHI, 151)

2 (ب) الإجابة الأساسية

1 (ج) مقارنة P مع الأنبياء
ربما نقرر إذا كانت الكتابات الكهنوتية تكون في الحقيقة «ملائمة تماماً لفترة ما بعد السبي بواسطة فحص P في ضوء كتابات عزرا، نحميا، أستير، حجي، زكريا وملاخي. فإذا كانت أفكارها متناغمة أو منسجمة مع هؤلاء الكُتَّاب ومتعارضة مع الكُتَّاب الأولين، فإن هذا الادِّعاء الراديكالي سوف يتقوى.

1 (د) المعالم الموجودة في P، ولكنها غائبة في فترة ما بعد السبي:

خيمة الاجتماع
الفلك
الوصايا العشر
الأوريم والتميم
يوم الكفارة
مدن الملجأ
اختبار الزنى
القربان.

2(د) المعالم الموجودة في P وفي فترة ما قبل السبي، ولكنها غائبة في فترة ما بعد السبي:
الختان (يُشدد عليه في يشوع وصموئيل الأول والثاني في فترة ما قبل السبي)
 أهمية الدم ودلالته
البرص
النذير
تقدمات مختلفة

3(د) الملامح الموجودة في P وفي كلتا الفترتين:
السبت
الفصح
عيد الفطير
عيد المظال.

4(د) ملامح غائبة في P، ومع ذلك فهي جلية ومشهورة في فترة ما بعد السبي:
اسم الله «رب الجنود» (ذُكر 86 مرة في كتابات ما بعد السبي)
الغناء والموسيقى كفكرة مركزية في العبادة
الـكـتــبــة
استخدام قماش من وبر الإبل
تصميم مكان العبادة المركزي «الهيكل»
ذكر تشريعات خاصة بالثورة الصناعية فيما بعد السبي (Kelso, AOOTC, 39)
مدينة أورشليم (Allis, FBM, 196- 99)

لقد فشل النقَّاد الراديكاليون في التعامل على نحو كافٍ مع أي من هذه المتناقضات المذهلة عندما نسبوا لـP تاريخاً في القرن السادس ق.م. أُجبر أليس أن يستنتج: «أن الادِّعاء بأن مجموعة الشرائع الكهنوتية تناسب فترة ما بعد السبي لا تبرر الادِّعاء أنها لا تناسب فترة ما قبل السبي». .(Allis, FBM, 201)

2(ج) الدليل الداخلي وعلاقة P بالمصادر الأخرى
إذا كانت المصدر الكهنوتي P هو آخر مصدر قد سُجِّل، يتبع هذا أنه لن تظهر أي مصادر أخرى لديها دراية بالمصدر P. «كثير من مثل هذه العبارات قد صدرت، مثل الإعلان الذي صرح به درايفر: «ولا حتى تشريعاتP كان لها وجود مسبق في الوثيقة التثنوية». (Driver, ILOT, 137)

على أي حال فإن الحقائق التالية تجعل الاستنتاج الذي يجعلنا نقول بأمانة إن P كانت غير معروفة حتى القرن السادس ق.م يكون صعباً.

1(د) إن المادة التي تتحدث عن هارون تُنسب دائماً للوثيقة P. وبحسب ما قاله بريتمان: «إن هارون غير موجود في J ويُذكر عرضاً في E». فإن هذا لن يتحقق إلا بواسطة شطب كل الثلاثة عشر ظهوراً لاسمه في J. .(Brightman, SH, 459)

2(د) تثنية 14: 3- 20: هذه الفقرة تتماثل تقريباً مع فقرة أخرى في سفر اللاويين، وهذا أجبر درايفر أن يلاحظ «أن D استعارتها من P وليس العكس هو الصحيح، إذ تظهر ملامح معينة في الأسلوب الذي يربطها بـ Pوليس بالوثيقة التثنوية.. وإذا كان الأمر هكذا، فإنه من ناحية أخرى علينا أن نعتقد أن جزءاً من P كان موجوداً عندما كُتب سفر التثنية». (Driver, ILOT, 137- 38)

3 (د) القائمة التالية تثبت قِدَم الناموس وتظهر أن P كانت معروفة في أزمنة ما قبل السبي:

تثنية 15: 1- سنة الإبراء (لا 25: 2)
تثنية
23: 9 و 10- النجاسة طقسياً (لا 15)
تثنية
24:8 ناموس البرص الذي أُعطي للكهنة (لا 1، 14)
عاموس
2: 11 و 12 النذيرون ممنوعون من الخمر (عدد 6: 1- 21 "P")
عاموس
4: 5 تحريم الخمير في التقدمة (لا 2: 11)
عاموس
5: 22 المحرقات والتقدمات (لا 7، 8)
عاموس
4: 5 التقدمة تكون بإرادة حرة (لا 7، الخ)
عاموس
5: 21 الاجتماع في الأعياد (لا 23 الخ)
هوشع
12: 9 السكنى في خيام (لا 23: 42) (Kitchen, AOOT, 150- 51)
ويكتب أليس استنتاجه: «عندما يرفض النقَّاد هذه العبارات الموجودة في السجل الذي يُبيِّن أن الناموس قديم، فإنهم لا يكونون فقط مخطئين عندما يتلاعبون بهذا الدليل، ولكنهم أيضاً يُقدِّمون اتهامات قيلت بواسطة المؤرخين والأنبياء الإسرائيليين عن فشلهم في حفظ الناموس. لأن معلمي إسرائيل أصرَّوا على أن كل معاناة إسرائيل كانت بسبب فشل الشعب في حفظ الناموس. هذا الناموس - بالطبع لو أن النقاد على صواب - سيكون غير معروفاً بالنسبة لهم في تلك الفترات. (Allis, FBM, 202)

3(ج) تكوين 17
يقول صامويل كولينج في كتابه: «تاريخ أجزاء P المزعومة في سفر التكوين». ولقد نُشر جزء من كتابه وهو دراسة عن تكوين 17 والختان، يقول إن صيغة ومحتويات تكوين 17 تنتمي إلى الألفية الثانية ق.م. ولا شأن لها بكُتَّاب ما بعد السبي. وكما فعل مندنهال في كتابه «الشريعة والعهد» 1955، وكلاين في كتابه «معاهدة الملك العظيم» وقبلهم كتب وينر في كتابه «دراسات في القانون بحسب الكتاب المقدس» 1904 . وبينت هذه الدراسات كيف أن تكوين 17 بالنسبة لمعناه وأسلوبه يشابه تلك المعاهدات التي أقيمت في منتصف الألفية الثانية ق.م التي لم تعد موجودة في هذه الصورة بعد عام 1200ق.م. وعلاوة على ذلك لا يوجد أي دافع لنسخ هذا الأصحاح في هذه الصورة فيما بعد بسبب الحقيقة القائلة إن تركيبة المعاهدات التي عُملت في فترات فيما بعد كانت مختلفة. (Kulling, DSCPSG, 68)

4(ج) تكوين 9
هذا الأصحاح الذي يُنسب لـ P يُقال إنه متأخر ويرجع للفترة الفارسية. يؤكد النقَّاد دائماً أن أكل وسكْب الدم هما علامة رفض للحرب المقدسة.

ويستنتج كولينج أن نفس الأسباب لرفض المَيل الكهنوتي للكتابة عن فترة السبي. وما بعد السبي، وأنها أيضاً تنطبق على الفترة الفارسية: «إن مجرد أن الكاهن في فترة السبي وما بعد السبي يجب أن يختار من قوانين الطعام قانوناً يسمح بأكل اللحم بدون دم أمر غير مفهوم، خاصة لأن الكاتب لم يُعط أي سبب معين. لأنه في فترة السبي -وما بعد السبي يبدو أنه من غير الضروري منح إذناً عاماً لأكل اللحم (تكوين 9: 3). في هذه الفترة فإن القانون الذي يفرِّق بين اللحوم المحرمة وغير المحرمة سيكون مفهوماً أكثر. لكنها الآية 3 فقط هي التي تشير إلى عدم وجود اهتمام كهنوتي في فترة السبي وما بعده وأن التشريع الخاص باللاويين لم يكن موجوداً بعد.

«لا يمكننا أن ندرك وجود ميل كهنوتي. لو كان ثمة خطر خاص من استخدام غير مناسب للدم في فترة ما بعد السبي فوقتها لم يكن من الضروري السماح أولاً بأكل اللحم وبعد ذلك تحريم أكل الدم. بينما يشير المصدر المزعوم لفترة ما بعد السبي إلى عدم وجود مثل هذا الخطر و(1صم 14:32-34) تفترض مثل هذا التحريم». (Kulling, DSCPSG, 75)

5(ج) خيمة الاجتماع

1(د) الافتراض الوثائقي
غالباً ما يُقدم الافتراض الوثائقي خيمة الاجتماع في سفر الخروج على أنها ليست سوى خيال محض. إن القصة كلها الموجودة في سفر الخروج تُنسب إلى الوثيقة الكهنوتية P التي تعتبر متأخرة ولا يُعوَّل عليها. ويُعتقد أن بناء العبارات وتركيبتها متقنة لدرجة أنها لا يمكن أن تكون في زمن موسى. ويُزعم أنها من اختراع الخيال فيما بعد السبي. ولقد اقتُرح أن العبرانيين في زمن موسى لم يكن عندهم المهارات اللازمة لتشييد مثل هذه الخيمة المعقدة.

يكتب فلهوزن: «إن الهيكل، مركز العبادة لم يكن قد بُني حتى زمن سليمان. وتُعتبر خيمة الاجتماع بواسطة هذه الوثيقة أنه لا غنى عنها حتى في أيام المحن، وقد كان يمكن حملها، وأُقيمت على هيئة خيمة في البداية. لأن الحقيقة هي أن خيمة الاجتماع هي المثال وليست النموذج الأصلي للهيكل في أورشليم. (Wellhausen, PHI, 36- 37)

ويؤكد بنتزن أن خيمة الاجتماع أمر غير واقعي تماماً. (Bentzen, IOT, 34)

«إن خيمة الاجتماع كما وُصفت بواسطة المصدر الكهنوتي P، تمثل ليس البناء التاريخي، الذي كان موجوداً فعلاً، ولكنها تكون المثال، المثال المبني على حقيقة تاريخية، تسمو فوق وجودها المادي، وُصممت كتجسيد لأفكار روحية معينة». (Driver, BE, 426)

2 (د) الإجابة الأساسية
يُعدِّد كينيث كيتشن في كتابه «بعض الخلفيات المصرية للعهد القديم» الاكتشافات الأثرية المختلفة التي تُعطي الخلفية العامة لمباني يمكن حملها، قريبة جداً لخيمة الاجتماع الموسوية.

يرجع تاريخ أول هذه المباني لحوالي 2600 ق.م، وهي مظلة مصنوعة لتوضع على سرير الملكة Hetepheres I أم الملك خوفو الذي شيَّد الهرم الأكبر.

ويكتب كيتشن، «هذا التشييد عبارة عن هيكل من الدعامات الطويلة من فوق ومن أسفل فصلها قضبان عرضية، وأعمدة زوايا في ثلاثة جوانب من المستطيل، مع دعامة عتبة الباب ودعامات أفقية للسقف. إن الخيمة كلها كانت من الخشب عليه رقائق من الذهب وهذا الخشب به خطاطيف للستائر. والخيمة كلها تحتوي على دعامات من الخشب وقضبان. وكانت الخيمة تُشيد وتُفك بسرعة، مثل خيمة الاجتماع التي كانت للعبرانيين ثلاثة عشر قرنا بعد ذلك» (Kitchen, SEBOT,9).

كان هناك العديد من المباني سابقة التجهيز من عصر المملكة القديمة حوالي 2200- 1850 ق.م. وهناك شكل آخر من المباني سابقة التجهيز يرجع تاريخها إلى الألفية الثالثة ق.م يصفها كيتشن عندما كتب عن «خيمة التطهير»: كان يُحمل إليها جثمان الأشخاص المهمين لطقوس التطهير قبل وبعد التحنيط. ومن الصور الموجودة في قبور المملكة القديمة، كان من الواضح أن هذه الخيمة التي يمكن حملها تحتوي عى ستائر معلقة على أعمدة رأسية متصلة في أعلاها بقضبان أفقية- وهذه تُذكٍّرنا بخيمة الاجتماع. (Kitchen, SEBOT, 9- 10)

ويقول هاريسون: «بالنظر إلى هذه الأدلة يبدو أنه لا يوجد سبب كافي لإنكار وجود مثل هذه الأبنية أو التركيبات التي تشبه خيمة الاجتماع عند العبرانيين في الفترة الموسوية» (Horrison, IOT,405)

ويضيف كيتشن: «حتى الآن- يعد دليل أن المصريين استخدموا تركيبات سابقة التجهيز للاستخدام الديني يدحض بكل تأكيد إنكار البعض لوجود خيمة الاجتماع». (Kitchen, SEBOT, 9)

بالنسبة لهذا يقول كيتشن: «لقد صار الآن من غير الضروري على الإطلاق أن يرفض مفهوم أو تصميم خيمة الاجتماع المذكورة في (خر 26:36). إن الحقائق المصرية التي قُدمت لا يمكن بالطبع أن تبرهن مباشرة على الوجود المبكر لخيمة الاجتماع ولكنها تخلق افتراضاً قوياً في صالح معقولية وصدق واستقامة القصة الكتابية. (Kitchen, SEBOT, 11)

هذا الاعتراض أن العبرانيين في زمن موسى لم يكونوا يمتلكون القدرة اللازمة لتشييد مثل هذا البناء المعقد، يكتب هاريسون إن الأمر: «يحتاج فقط أن نلاحظ أن المصريين وضعوا قيمة عالية على أصحاب الحِرف الساميين في المعادن الثمينة عندما كانوا يأخذون الجزية من المناطق الخاضعة لهم في سوريا وفلسطين، كما هو مصوَّر على جدران العديد من المعابد. (Harrison, IOT, 405)

يكتب مانلي: «حقيقي أن وحدة الأمة ووحدانية يهوه كانت تتطلب مكان عبادة واحد لكي يجتمع الناس فيه. ولكن هذا لم يكن اكتشافاً في الأزمنة التي أتت فيما بعد، إنه يرجع إلي العهد الذي أعطاه الله للشعب في حوريب (خر 34: 23، تث 5: 2، 6 و 6: 2). إن الحقيقة البسيطة هي أنه منذ يشوع وما بعده كان يوجد مركز عبادة واحد، في الأول خيمة الاجتماع، ثم الهيكل بعد ذلك». (Manley, BL, 127)

بخصوص الاعتقاد أنه كان هناك صورتان مختلفتان «لخيمة الاجتماع» واحدة في JE والأخرى في P فيما بعد. انظر كتاب (James Orr زThe Problem of the Old Testamentس)

6(ج) انظر الفصل السابق للحصول على معلومات عن قِدَم D والعبادة المركزية

7(ج) دليل خارجي
لقد زوَّدنا علم الآثار حديثاً بدعامتين قويتين للتاريخ المبكر للكتابات الكهنوتية.

ويصف كيتشن الاكتشاف الأول: «تعبيرات معينة صعبة وفقرات من سفر اللاويين يمكن أن تُحلّ فقط بمعلومات مكتوبة باللغة المسمارية من القرن 18- 15 ق.م.... وهذه اللغة كانت مهجورة وغامضة في فترة ما بعد السبي». (Kitchen, AOOT, 129)

إن ألواح رأس شامرا (1400ق.م) التي تحتوي على كمية كبيرة من الكتابات الأوجاريتية: تحكم على مفهوم وأفكار فلهوزن عن فترة ما بعد السبي أنها باطلة. إن كثيراً من المصطلحات عن تقديم الذبائح في سفر اللاويين كانت قد اكتُشفت في اوجاريت في كنعان (1400ق.م) وتشمل مصطلحاتP:

(1) Ishsheh: «ذبيحة تقدم على النار»
(2) Kalil: «ذبيحة تُحرق كلها»
(3) Shelamin: «ذبيحة سلامة».
(4) asham «ذبيحة إثم».

ويستنتج ارشر استنتاجاً صحيحاً أن «هذه المصطلحات كانت شائعة من قبل في فلسطين في زمن موسى وفترة دخول أرض الموعد». (Archer, SOTI, 149- 150)

3(ب) البرهان خارجي
انظر 2(أ)، 3(ب) من هذا الفصل بخصوص تحليل صيغة العهد.


5(أ) علم الآثار
انظر 5(أ) في فصل 13 للعديد من الأمثلة عن البراهين الأثرية التي تؤيد كتابة موسى للأسفار الخمسة.

 

 

 

 

التالي

السابق