لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

يوناثان

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

خادم الرب الأخ تشارلس ستانلي

منشورات بيت عنيا

الخلاص العظيم

وكما تكلّم يوناثان عن داود، أفنستطيع نحن أن نتكلم حسناً عن يسوع؟ أفلم يصنع خلاصاً عظيماً؟ وهل بعيداً عن يسوع يوجد أي شيء حقيقي أو حسن؟ وهل هناك شخص آخر أمكنه أن يمجد الله تجاه الخطية مثلما فعل هو على الصليب؟ وهل هناك شيء أو شخص يمنح الحياة الأبدية بخلاف يسوع المقام، وهل هناك ما يهب السلام للضمير المذنب سوى دم يسوع؟ وأنا لا أعرف شيئاً في تاريخ هذا العالم أو تاريخ جميع الأمم استطاع به الإنسان أن يقف على حافة القبر- وادي البطم- ويتطلع بثبات إلى الأبدية ويقول نحن دائماً واثقون "فنثق ونُسرّ بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب".

وأرجوك أن تخبرني أليس يسوع هو الذي أحضر الحياة والخلود إلى النور؟ نعم بواسطته- ذاك الذي له الوجود بذاته، والذي به خُلق كل شيء وصارت موجودة- ألم يتخذ بالموت مركزاً جديداً للإنسان فيما وراء الخطية والموت؟ وكما أنه هو بداية هذه الخليقة الجديدة. فإننا سنصبح بالقيامة معه إلى الأبد "لأن هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت"؟ ولا بد أن يُستعلن سريعاً ذاك الذي حقاً هو الله فهو يحتل المركز الفائق الوصف وهو موضوع سجود الكل، الذي ببسمته يملأ الكون كله بالفرح! ففي تلك الأيام القليلة الباقية لرفضه هنا أفنستحي بيسوع! وكما اعترف يوناثان بداود في بيت شاول الخرب، فإنه أكثر من ذلك نعترف بيسوع أمام هذا العالم الخرب!

والآن لنتتبع يوناثان بعد ذلك في (1صم 20) فقد كان شاول يطلب نفس داود، "ولكن كما كان حينئذ الذي وُلِد حسب الجسد يضطهد الذي حسب الروح هكذا الآن أيضاً"، والاضطهاد هو سمة أتباع يسوع "أنتم الذين ثبتم معي في تجاربي" وهذا تعبير رقيق جداً ويرينا كيف أن قلب يسوع يُقدّر التبعية الأمينة لتلاميذه كيفما كانت ولو ضعيفة. ونرى في إصحاحنا صورة رمزية جميلة لذلك. وكم كانت حلوة لداود عواطف يوناثان التقوية من نحوه، وكم كانت الكأس المرة حلوة! وترينا الكلمات "شاول شاول لماذا تضطهدني؟" كيف أن قلب يسوع كان يخفق مع كل عضو من أعضائه على الأرض. ويرينا كذلك كيف أنه عزيز لديه مشاركته للمضطهدين والمكروهين؟ ويا له من شيء غريب عداوة الإنسان ليسوع والتي لا تزال إلى الآن!

ثم ألم تلاحظ أنه من ذلك اليوم أن عداوة الإنسان تزداد مع أمانة المؤمن للمسيح؟ أليس كذلك؟ ومن هم الذين تنصّب عليهم البغضة من جموع المعترفين إلا الأقلية المحتقرة التي تريد أن تتبع آثار ربنا المبارك؟ وهل نرى افتراءً واحتقاراً على جماعة نظير هذه الأقلية الأمينة؟ ومن أيام بولس إلى الآن فإن أسوأ أكذوبة على المسيح هي أننا إذا أردنا أن نُقدّر ونكمل خلاصنا البشري بدون أعمالنا الذاتية فهذا التعليم يقود إلى العصيان وإهمال السلوك المسيحي. وكم نرى في يوناثان أن هذه الأكذوبة مرفوضة تماماً- "فقال يوناثان لداود مهما تقُل نفسك أفعله لك". يا لها من طاعة ثمينة وقلب طائع! وفي أماكن كثيرة في العهد الجديد نجد نفس الثمر "يا رب ماذا تريد أن أفعل؟"، وهذه هي أول استجابة لبولس عند ولادته ثانية.

أهذه هي لغة قلبك تجاه سيدك وربك الغالي؟- "مهما تقل نفسك أفعله لك" وهذا أبعد ما يكون عن مبدأ الناموس الذي هو حسن ومقدس وصالح. إنها الأشواق السماوية المستقرة لتتميم إرادة الرب فمهما يقل أفعله. كان هذا الاستعداد عند يوناثان لكي يخدم داود في بيت أبيه، ولكي يكشف لداود نظرة أبيه إن كانت عطفاً أو عداوة. إننا نقول عنه أنه كان رجل داود في بيت شاول.

ومن جهة الحكم الظاهر فإن داود كان مرفوضاً ومنبوذاً، ولكن كم هو جميل أن يعرفه الإيمان كمن اختاره الله "ثم عاد يوناثان واستحلف داود بمحبته له لأنه أحبه محبة نفسه". وعندما جاء رأس الشهر وجلس الملك في موضعه على المائدة كان مكان داود خالياً، وكم كان اعتراف يوناثان بداود اعترافاً كاملاً، مع أن اعترافه هذا جلب عليه قسوة غضب شاول أبيه! "وقال له يا ابن المتعوّجة المتمردة أما علمت أنك قد اخترت ابن يسى لخزيك وخزي عورة أمك؟ لأنه ما دام ابن يسى حياً على الأرض لا تثبت أنت ولا مملكتك. والآن أرسل وائتِ به إليّ لأنه ابن الموت هو". ولم يزل يوناثان يتحدث حسناً عن داود. "لماذا يقتل؟ ماذا عمل؟". "إن كانوا قد أبغضوني فسيبغضونكم".

"فصابى شاول الرمح نحوه ليطعنه". والآن علم بغضة أبيه لداود. وكم شعر قلبه لما وجد سهم التحذير يُرمى، وعلينا أن نجمع سهام التحذير هذه "الغلام ذهب وداود قام من جانب الجنوب وسقط على وجهه إلى الأرض وسجد ثلاث مرات. وقبّل كل منهما صاحبه وبكى كلٌّ منهما مع صاحبه حتى زاد داود. فقال يوناثان لداود اذهب بسلام لأننا كلينا قد حلفنا باسم الرب قائلين الرب يكون بيني وبينك وبين نسلي ونسلك إلى الأبد. فقام وذهب وأما يوناثان فجاء إلى المدينة".

كانت أحزان داود مسيح الله ليست إلا ظلالاً لتلك الأحزان التي لابن الله الوحيد، سواء إذا نظرنا إلى آلامه المتنوعة التي تكمّل بها كرئيس خلاصنا، أو لآلام الموت التي تمجّد بها الآن عن يمين الله. وبلا شك فإن الضغوط التي كانت على قلب داود هي التي جعلته ينطق بأقوال كثيرة عن آلام يسوع في المستقبل.

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.