لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

كِتَابُ رَبّ الْمَجْدِ

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الباب السادس

البشائر الثلاث الأولى وأعمال الرسل

الفصل الأول

بشارة متى

 

إن كاتب هذه البشارة هو متى العشار ابن حلفا الملقّب لاوي أيضاً، وهو يهودي الجنس. كان قبل دعوته إلى الرسولية جابياً لخراج الدولة الرومانية في كفرناحوم وضواحيها (مت 9: 9 ومر 2: 14 ولو 5: 27). والاعتقاد الشائع أنه كتب بشارته بعد صعود المسيح بسنوات قليلة (أي قبل خراب أورشليم )، وقصد بها إفادة المؤمنين من اليهود خصوصاً عن حياة المخلص وتعاليمه لأجل تثبيتهم في الدين الحقيقي وليبرهن لليهود عامة أن يسوع الناصري الذي رفضه أئمة اليهود وصلبوه هو ذات المسيح الملك المنتظر.

ولذلك بدأ بشارته بذكر نسب الملك مبرهناً أنه وارث شرعي لكرسي داود حسب النبوات. ثم ذكر ولادة الملك من بيت داود وفي مدينة داود - كما تنبأ ميخا - وسجود المجوس الذين حضروا من أقطار بعيدة خصيصاً ليسجدوا للمولود ملك اليهود ثم بعد ذلك مسحة الملك بالروح القدس ثم حروب الملك وغلبته على الشيطان ثم ذكر قانون (شريعة الملك) ثم البراهين المتنوعة على قدرته وسلطانه الملكي بعمل المعجزات وغيرها ثم الآلام التي كانت ضرورية لوقوعها على ذلك الملك قبل أن يدخل إلى مجده ثم موته وقيامته منصراً على الموت ثم ظهوره حياً لتلاميذه بعد القيامة.

وختم بشارته بذكر السلطان الإلهي المدفوع له من حيث أنه وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. وبرهن على ذلك بما أشار إليه داود في المزمور الثاني حيث قال " إني أخبر من جهة قضاء الرب. قال لي أنت ابني. أنا اليوم ولدتك. اسألني فأعطيك الأمم ميراثاً لك وأقاصي الأرض ملكاً لك ". ففي يوم " ولادة " المسيح المشار إليها هنا أي يوم قيامته من الأموات (انظر أعمال 13: 33 ) كأنما قال المسيح لأبيه. يا أبي ! بما أني أطعتك حتى الموت فاعطني أجرتي (في2: 8-11). فقال له: قد أعطيتك الأمم ميراثاً لك، وأقاصي الأرض ملكاً لك، وأخضعت كل شيء تحت قدميك، ولم أترك شيئاً غير خاضع لك (عبرانيين 2: 8). فحينئذ صرح المسيح بذلك لتلاميذه إذ قال لهم:" دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض "، وأريد أن العالم كله يخضع لي، ولكن، بما أن مملكتي ليست من هذا العالم، فلذلك لا أخضعهم بالقهر أي بالسيوف والحراب والآلات الحربية كالممالك العالمية بل أستعمل سيف الروح الذي هو كلمة إنجيلي الذي يقدر أن يهدم حصون الشيطان ويهدي القلوب إليّ بالمحبة والسلام ويخضع قلوب الناس لي خضوعاً تطوعياً لا اضطرارياً. وكلمة الإنجيل هذه هي التي تنقل الناس من سلطان الظلمة، وتدخلهم إلى ملكوتي. فأمري لكم الآن يا تلاميذي أن اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها وتلمذوا لي جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس علامة تخصيصهم لي ولملكوتي وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر حتى يدخل في ملكوت الإنجيل جميع المعيّنين للحياة الأبدية ولا يترك منهم أحد. ( هذه خلاصة بشارة متى ).

بما أن غاية البشير متى هي بهذه الصورة فهو لذلك برهن في بشارته أن يسوع الناصري هو المسيح الذي ينتظره الشعب المختار. ولذلك تجدون بشارته ممتازة في أسلوبها عن مرقس ولوقا اللذين كتبا للمتنصّرين من الأمم، وكذلك تجدون بشارته مشحونة بذكر عوائد اليهود ومدنهم وأماكنهم المشهورة ومشحونة بنصوص الأنبياء وكثرة الاشارات إلى أقوالهم التي قد تمت بها لأن ذلك كان من أقطع الراهين عند اليهود. ثم قصدنا أن نشير إلى أمور تبرهن على لاهوت المسيح واردة في بشارة متى رتبناها كما سترى في الصفحات الآتية: وللإعتبارات المذكورة تعتمد شهادته.

تسمية المسيح بالأسماء والألقاب

الإلهية في بشارة متى

متى 1: 21 "فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع " ومعنى " يسوع - يهوه يخلص - ويهوه اسم الله العلم. " متى 1: 23 " هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا. "

ودعي ابن الله كما في 2: 15 " لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني " و3: 17 " وصوت من السموات قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " و14: 33 " والذين في السفينة جاءوا وسجدوا به قائلين بالحقيقة أنت ابن الله " و16: 16 " فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي " و17: 5 " وصوت من السحابة قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت له اسمعوا "

و26: 63 و64 " فأجاب رئيس الكهنة وقال له (ليسوع ). .. استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله. قال له يسوع أنت قلت " ومعنى " أنت قلت " - أنت قلت الحق، أنت أصبت - أنا هو - (راجع مر 14: 62 ) ومتى 27: 54 " أما قائد المئة والذين معه. .. قالوا حقاً كان هذا ابن الله " و28: 19 " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " وذلك يدل على أن " الابن " هو أحد أقانيم الثالوث الأقدس. وهو نفسه قال عن الله أنه أبوه متى 26: 29 " حينما أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي ".

ودعي " الرب " كما في متى 3: 3 " فإن هذا هو الذي قيل عنه بأشعياء النبي القائل صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب. إصنعوا سبله مستقيمة " ومعلوم أن يوحنا المعمدان المكنّى عنه " بصوت صارخ " كان سفير المسيح وقال الوحي أن يسوع هو الذي شهد عنه النبي إشعياء بالروح القدس أنه " الرب " بالكلمة المترجمة عن الاسم " يهوه " (الإسم العلم للعزّة الإلهية ) و21: 3 قال يسوع " وإن قال لكما أحد شيئاً فقولا الرب محتاج إليهما. فللوقت يرسلهما " و22: 42-45 سأل يسوع الفريسيين قائلاً " ماذا تظنون في المسيح. ابن من هو ؟ قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه ؟ " وهنا تجدون أن المسيح نفسه هو المصادق على تسميته رب داود. ومثله 24: 42 قوله " اسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم " و26: 22 " ابتدأ كل واحد منهم (من التلاميذ) يقول له (ليسوع) هل أنا هو يا رب ". وقد سمّاه الملاك " الرب " في 28: 6 " هلما انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعاً فيه ". وقد لقّب بملك صهيون 21: 5 " لكي يتم ما قيل بالنبي القائل قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك "، " وابنة صهيون " لقب شعب الله (قابل هذا مع مز 2: 6 وزكريا 9:9 ). ولقّب براعي رب الجنود ورجل رفقته في متى 26: 31 قابل زكريا 13: 7.

 

نسبة الصفات والأعمال الإلهية للمسيح

قيل عن المسيح أن له شعباً وهو يخلص شعبه من خطاياهم كما في متى 1: 21 " وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم "، بل هو صاحب الكنيسة وبانيها إذ قال في 16: 18 " وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليهاً. ولذلك نرى أن له مختارين إلى أقاصي الأرض كما ورد في 24: 31 " يرسل ملائكته. .. فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السموات إلى أقصائهاًونرى من 28: 20 أنه يلازم شعبه في كل زمان إذ قال " وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر ". ولذا أمر أن يعمّد الناس باسمه كما باسم الآب وباسم الروح القدس (متى 28: 19 ). وفي متى 2: 6 موصوف بأنه مدبر يرعى شعب الرب " وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا. .. منك يخرج مدبر يرعى شعبي ". وبمراجعة 3: 11و12 " هو (المسيح ) سيعمدكم بالروح القدس ونار الذي رفشه في يده وسنقّي بيدره ويجمع قمحه إلى المخزن. وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ " نرى أن للمسيح القدرة على تطهير القلوب بتعميدها بالروح القدس، وأنه هو الذي يعزل الأشرار من الأبرار ويأخذ الأبرار إلى السماء ويذهب الأشرار إلى جهنم، وهو الذي يسعد الأبرار ويعذب الأشرار. وعليه نقرأ في 7: 22و23كونه هو الديان في اليوم الأخير إذ قال: كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرّح لهم إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم ".

فيظهر من ذلك أن الأنبياء يتنبأون باسمه وباسمه تعمل القوات والمعجزات وبأمره يذهب الأشرار إلى جهنم. وفي 16: 27 يقول " أن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله ". وفي 25: 31-46 نرى عدة صفات إلهية ينسبها المسيح لنفسه فيبيّن أن له مجداً وكرسي مجد بقوله: " متى جاء ابن الإنسان في مجده "، و" يجلس على كرسي مجده "، وأنه هو الديان الذي يفرز الأشرار من الأبرار بدليل قوله " تجتمع أمامه جميع الشعوب فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء "، وأنه هو الذي يذهب إلى السماء وإلى جهنم إذ قال " تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم "، " اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته ".

وهو المسمى الملك إذ قيل " ثم يقول الملك للذين عن يمينه. .. وللذين عن اليسار " وإن الذهاب إلى السماء وجهنم بحسب إكرامه وعدمه لأنه " يقول. .. للذين عن يمينه تعالوا. .. رثوا الملكوت. .. لأني جعت فأطعمتموني " الخ وللذين عن اليسار " اذهبوا عني. .. لأني جعت فلم تطعموني. .. " وكذلك في 25: 11-13 نرى أن له الحق أن يرفض الناس من دخول الملكوت إذ قال للعذارى الجاهلات " الحق أقول لكنّ إني ما أعرفكنّ "، ونرى فيه أيضاً أنه هو الذي يغلق ولا يفتح غيره ما يغلقه هو وبالعكس أيضاً.

ونقرأ أن له ملائكة منسوبين إليه وهم خاضعون لأمره كما في 13: 41و42 " يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم " الخ وكذلك في 16: 27 " ابن الإنسان سوف يأتي. .. مع ملائكته " وكذلك في 24: 30و31 " ويبصرون ابن الإنسان آتياً. .. بقوة ومجد كثير فيرسل ملائكته ". ومعلوم أن الملائكة هم ملائكة الله ويفعلون أمره عند سماع صوت كلامه (راجع مز ذز3: 20 ) وبمراجعة 4: 19 يظهر أنه هو الذي يجهز الخدام الروحيين ويصيّرهم إذ قال لبطرس وأندراوس " هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس " و5: 11 " طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم. .. من أجلي " فيظهر أن الناس تضطهد لأجل خاطره وهو كذلك قوله في 16: 25 من يهلك نفسه من أجلي يجدها ". وبمراجعة 5: 22 و28و32و34و39و44 نجده يبيّن أنه واضع الناموس فإن كل الأنبياء قالوا " هكذا قال الرب " أما هو فقال " أنا أقول لكم ".

ومثله ص7: 24و26 " كل من يسمع أقوالي " وفي 7: 29 يفيدنا الوحي أن المسيح كان يعلّمهم كمن له سلطان. وعليه نجد أن الآب يقول عنه في 17: 5 " له اسمعواً. وفي 8: 2و3 نقرأ " إذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني. فمد يسوع يده ولمسه قائلاً أريد فاطهر ". فمن له إرادة فعّالة كهذه سوى الله ؟

ومثله قوله في 8: 7 " أنا آتي وأشفيه " و8: 16 " قدّموا إليه مجانين كثيرين. فأخرج الأرواح بكلمة وجميع المرضى شفاهم ". فإن البشر يصلون ويتضرّعون للله، ولكن المسيح عمل بأمره هو وبإرادته الذاتية.

ومثله 8: 26و27 " ثم قام (يسوع) وانتهر الرياح والبحر فصار هدو عظيم. فتعجب الناس قائلين إي إنسان هذا فإن الرياح والبحر جميعاً تطيعه. "

وبمراجعة 9: 2 " ثق يا بني. مغفورة لك خطاياك " نراه يقدر أن يطمئن الإنسان بهبة مغفرة الخطايا. وبمراجعة 9: 4 و12: 25 و16: 8 و22: 18 و26: 10 نجد المسيح منسوباً له العلم بالغيب ومعرفة الأفكار الداخلية. وبمراجعة 26: 21 و23و25و31و32و34و45و46 نجده منسوباً له معرفة المستقبل. فلما قال لتلاميذه " إن واحداً منكم يسلمني " و" الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني " وتصريحه ليهوذا بذلك وانباؤه بشوك تلاميذه فيه وذكره عن إنكار بطرس له ثلاث مرات قبل صياح الديك الخ، كل هذا يدل على أنه عالم بكل شيء حتى بالذين يعترفون به أو ينكرونه في هذه الحياة (راجع متى 10:32و33). وبمراجعة 10: 1 " دعا (يسوع )تلاميذه. .. وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف " نرى أنه إله القوة حتى يستطيع أن يهب غيره السلطان على إخراج الشياطين وموهبة الشفاء، نعم وهو الذي أعطى مفاتيح ملكوت السموات لبطرس (أعمال 15: 7). وبمراجعة 11: 20-24 نرى أن له السلطان لإيقاع الويلات على الأشرار، وعاقبة كل بشر معروفة لديه. ومن قوله " تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيليّ الأحمال وأنا أريحكم " (مت 11: 28 ) يتضح لنا بأن له الحق أن يدعو إليه ويعدهم بالراحة. قابل إشعياء 45: 21و22 حيث يقول الله " أليس أنا الرب ولا إله غيري. إله بار ومخلّص ". ليس سواي. إلتفتوا إليّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض لأني أنا الله وليس آخر ". فإذا كان المسيح يأمرنا أن نأتي إليه ليخلصنا ويريحنا فهو الرب والإله والله. ونقرأ في 12: 21 " وعلى اسمه يكون رجاء الأمم ". ومعلوم أن الرجاء بالله دون سواه. وفي 18: 11 نراه مخلص الهالكين. وقوله في 18: 20 " حيثما اجتمع إثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم " يبرهن أنه حاضر في كل مكان وكل زمان والعابدون يجتمعون باسمه. وقوله في 11: 6 " طوبى لمن لا يعثر فيّ " يدل على أنه موضوع إيمان المؤمنين حتى يطوّب من لا يعثر فيه. وأما قوله في متى 14: 27" أنا هو لا تخافوا " فذلك لا يقدر إنسان أن يقوله وهو مؤمن بأن الله وحده هو الذي يحق له أن يطمئن الخائفين.

ونقرأ في 19: 28 " متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده " مما يدل على أن كرسي المجد كرسيه. وفي 24: 30 نرى أن له قوة ومجداً كثيراً. وبمقابلة 17: 11-13 مع ملاخي 4: 6 نجد أنه الرب (يهوه). وفي 23: 37 قوله " كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها "، وهذا القول يبين صفته الإلهية وقدرته على حماية المنتمين إليه. وقوله " السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول " يبرهن ثبوت كلامه لأنه هو الله. وفي 26: 53 نراه يقدر أن يستقدم الملائكة بطلبه من أبيه.

وفي 8: 29و32 نرى أن الشياطين أيضاً دعته ابن الله واقرّت أنه ديانها وأنها طوع كلمته وأمره. وفي 27: 4 وصف " بالبريء "، وفي عدد 11و37 لقّب " بملك اليهود "، وفي عدد 19 لقّب " بالبار ". ففي كل هذه الشواهد نرى نسبة الصفات والأعمال الإلهية للمسيح.

 

تقديم الإكرام الإلهي للمسيح

 

مت 2: 11 " اتوا ( المجوس ) إلى البيت ورأوا الصبي مع مريم أمه. فخرّوا وسجدوا له. ثم فتحوا كنوزهم وقدّموا له هدايا ذهباً ولباناً ومرّاً ". فمع أن يسوع كان مع مريم أمه لكن سجود المجوس كان له خاصة. ثم أن المخلوقات من البشر والملائكة لم تقبل السجود لها (إلا السجود السياسي للملوك ). فبطرس الرسول رفض سجود كرنيليوس (أعمال 10: 25و26 ) والملاك رفض سجود يوحنا له (رؤيا 22: 9 ) ولكن يسوع لم يمنع أحداً من السجود له. ونقرأ في مت 8: 2 "وإذا أبرص قد جاء وسجد له "، وفي 9: 18 " إذا رئيس قد جاء فسجد له "، وفي 14: 33 " والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين بالحقيقة أنت ابن الله "، وفي 15: 25 " فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعنّي "، وفي 17: 14و15 " تقدّم إليه رجل جاثياً له وقائلاً يا سيد ارحم إبني " وفي 20: 20 " تقدّمت إليه أم ابني زبدي مع إبنيها وسجدت وطلبت منه شيئاً "، وفي 28: 9 " فتقدمتا (المرأتان ) وأمسكتا بقدميه وسجدتا له "، وفي 28: 17 " ولما رأوه سجدوا له " ( أي للمسيح ).

 

الفصل الثاني

بشارة مرقس

 

إن مرقس كاتب هذه البشارة هو المذكور في سفر الأعمال 12: 12 " يوحنا الملقّب مرقس "، وهو ابن امرأة تقية من أورشليم اسمها مريم أخت برنابا (أع 15: 37وكو 4: 10 )، وهي التي كان الرسل والمسيحيون الأولون يجتمعون مراراً في دارها للصلاة (أع 12: 12 ) وقال البعض أنه من العائلة التي مارس المسيح فريضة الفصح الأخير في بيتها. وقيل أن مرقس هذا آمن بواسطة بطرس الرسول لأنه كان يدعوه ابناً له ( 1بط 5: 13 )، وكان مرافقاً لبولس وبرنابا خاله في سفرهما الأول للتبشير حتى وصل إلى برجة بمفيلية ففارقهما هناك ورجع إلى أورشليم (أعمال 12: 25 و13: 5و13 )، ولذلك أبى بولس أن يقبله رفيقاً له في سفره الثاني، فانطلق مع خاله إلى قبرس

(أعمال 15: 37و39 ). ثم يظهر أنه تصالح مع بولس فيما بعد وصار رفيقاً له ومدحه بأنه كان نافعاً. وقد صحب تيموثاوس إلى رومية (كو 4: 10ز2تي 4: 11 ). وقيل أنه ذهب إلى مصر ليبشر فيها بالمسيح وكانت أتعابه ناجحة في ليبية (لوبيا) وبنتابوليس (أي المدن الخمس المغربية )، ثم عاد إلى الاسكندرية وهاج عليه فيها اضطهادات شديدة من جمهور الوثنيين في موسم عيد إله يسمى سيرابيس. ثم مات لشدة ما أنهكه من آلام العذاب الكثيرة بعد أن حبس ليلة.

أما بشارته فقيل أنه كتبها في أثناء سنة 61 تحت مناظرة بطرس رفيقه الخاص. ومما يؤيد هذا الرأي كونه يترك أخباراً كثيرة عن هذا الرسول تؤول إلى كرامته مما يذكره غيره من الإنجيليين، ويذكر عن عيوبه أكثر منهم، وتدقيقه خصوصاً في مسألة انكاره لسيده إذ ذكر المسألة بأكثر تدقيق من غيره من البشيرين إذ هو الذي تفرّد في قول يسوع لبطرس " قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات " ودقّق في إتمامها جليّاً (راجع ص 14: 30و66-72 ). وهذا مما يرجح أنه كتبها تحت مناظرة بطرس لأن من دأب كتبة الأسفار المقدسة أنهم يتجنبون بقدر إمكانهم مدح أنفسهم وذكر كل ما يؤول إلى ذلك، ولكنهم يذكرون عيوبهم وعيوب أصحابهم بكل بساطة وعلى أسلوب نافع ومفيد للبشر في كل جيل. فمثلاً يتغاضى مرقس في بشارته عن ذكر تطويب المسيح لبطرس لأجل إقراره به ( قابل ص 8: 29 مع مت 16: 17 )، ولكنه يصرح بتوبيخ المسيح العنيف له بعد ذلك بقليل لأجل نفوره من استماع الخبر عن آلامه وموته (ص 8: 33 ).

إن مرقس كتب بشارته لنفع المؤمنين من الأمم للذين كان أصل رجوعهم للمسيح بواسطة خدمته. ولذلك تراه يتجنّب بقدر ما يمكن ذكر العادات اليهودية والاقتباس من أسفار العهد القديم لعدم خبرة الأمم بها. وربما كان هذا هو السبب في تركه سلسلة نسب المسيح، وذلك بعكس ما فعل متى الذي كتب لإفادة المسيحيين من اليهود كما ذكرنا في الكلام عن بشارته. وعند ما يذكر مرقس شيئاً خاصاً باليهود يعتني جداً بتفسيره لأجل إفادة الأمم الذي وجه كتابته إليهم - فإن أول مرة يذكر الاردن في بشارته يقدم عليه لفظة نهر (ص 1: 5). ولفظة قربان، التي كانت معروفة جيداً في الشرق، يردفها بالتفسير (7: 11). وكذلك يفعل عند ذكر كلمة " استعداد " (ص15: 42 ) و" أيد دنسة " (7: 3و4) ونحو ذلك.

أما الحوادث التي يذكرها مرقس فهي أقل من التي يذكرها متى أو لوقا، إلا أنه بالإجمال يدقّق فيها أكثر منهما، كما في ذكر إحدى المرات التي عبر فيها المسيح بحر الجليل (ص 4).

يذكر هذه الأحوال " وكانت معه أيضاً سفن أخرى صغيرة. فحدث نوء ريح عظيم. .. وكان هو في المؤخر على وسادة نائماً ". وكذلك عند ذكر شفاء المفلوج (قابل ص 2مع متى 9 ) وعجيبة كورة الجدريين (قابل ص 5مع متى 8). وهذا يبرهن لنا أن مرقس إما أنه شاهد هذه الأمور عياناً أو حصل على معرفتها من الذين شاهدوها بأعينهم.

ويذكر هذا البشير معجزتين لا يذكرهما غيره من الإنجيليين وهما شفاء الأصم الأعقد (ص7: 32) وفتح عيني الأعمى الذي كان في بيت صيدا (ص 8: 22) وكذلك مثل كيفية نمو البذار الذي يشير به إلى نمو الإنجيل في العالم (4: 26 -29)،

ومما يستحق التأمل أيضاً أن مرقس استفتح كتابه بالبشارة بأن المخلص هو " ابن الله "، ويرصع خاتمته بالقول " من آمن واعتمد خلص " ومن لم يؤمن يدن " (ص 16: 16 )، وهو يشير بهذا الكلام الجوهري إلى كل إنسان في يوم الدين يكون هو المسئول عن إيمانه بالمسيح.

وتحسب هذه البشارة أنها أخصر وأوضح وأعجب وأقنع تاريخ في العالم من أجل بساطة كلامها وما تحويه من الحوادث السامية. والآن نشير إلى ما ورد في هذه البشارة مبرهناً لاهوت المسيح. وبما أننا قد ذكرنا الآيات بتمامها في بشارة متى، فحباً بالاختصار نشير إلى الآيات فقط كما ترى في ما يلي:

 

تسمية المسيح بالأسماء والألقاب الإلهية في بشارة مرقس

 

مرقس 1: 1 سمي المسيح " يسوع " الذي معناه يهوه مخلص ( ويهوه اسم الله العلم في العبرانية )، وفي 1: 1 و11 و3: 11 و15: 39 سمّي " ابن الله" دلالة على أنه هو الله، وأنه هو والله واحد ،وفي 5: 7 سمّي " ابن الله العلي "، وفي 9: 7 يقول عنه الله ابني الحبيب الذي ينبغي أن يسمع له ،و12: 6 مكنى عنه بالقول " ابن واحد حبيب إليه "، وفي 1: 24 مسمى قدوس الله، وفي 1: 3 " أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة " فهو مسمى " الرب ". وبمقابلة ذلك مع إش 40: 3 نجد اسمه " يهوه " فينتج طبعاً أن يسوع هو يهوه. وكذلك في مر11: 3 سمى نفسه " الرب "، و16: 19و20 سمي " الرب " حيث قيل " ثم أن الرب بعد ما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبّت الكلام بالآيات التابعة ". فمرقس البشير لما كان يدعوه الرب كان في فكره الاصطلاح اليهودي " يهوه ". وفي 12: 37 سمي " رب داود "، وفي 14: 61و62 سمّي " المسيح ابن المبارك ". ففي كل هذه الأسماء والألقاب ترى الصيغة الإلهية للمسيح.

نسبة الصفات والأعمال الإلهية للمسيح

1: 8 يعمد بالروح القدس، و1: 17 يصيّر الناس صيادين روحيين، 1: 24 يقدر أن يهلك الشياطين وهلاكهم بأمره، و1: 41 يقول للأبرص " أريد فاطهر " فيطهر حالاً. فالمخلوق إن قال كذلك يكون مجدفاً، وبالتالي لا يسمع له فلا يتم الشفاء. و2: 5 يغفر الخطايا، و2: 28 هو رب السبت، و4: 39-41 مسكن الرياح والبحر بأمره. ولما تراجع مز 89: 9 " يا رب إله الجنود من مثلك قوي رب وحقك من حولك. أنت متسلط على كبرياء البحر. عند ارتفاع لججه أنت تسكنها " ينتج أن المسيح هو ذات " الرب " الذي كان يسبح المرنم له ،وأنه هو رب الجنود الذي لا مثله قوي ورب حق مؤسس السموات والأرض، و5: 41 يقيم الميت بأمره، و6: 7 يعطي السلطان على الأرواح النجسة، و6: 50 طمأن تلاميذه الخائفين بالقول " أنا هو. لا تخافوا " وفي 7: 34 هو الآمر لأصم أعقد:" انفتح " فانفتتح، و8: 31 و9: 9 و41 و10: 33و34و11: 2 و13: 23 و14: 13 و17و20و27و30و41و42 نجده منبئاً بالمستقبل، و8: 35و38 نجده يقول " من يهلك نفسه من أجلي. .. فهو يخلصها. من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطىء فإن ابن الإنسان يستحي به " أقوال لا يليق أن تصدر من مخلوق. فإذاً هو الرب الإله الخاق القادر على كل شيء، و8: 38 الله أبوه، و9: 12و13 " فأجاب (يسوع) وقال لهم إن إيليا يأتي أولاً ويرد كل شيء. .. لكن أقول لكم أن إيليا قد أتى وعملوا به كل ما أرادوا كما هو مكتوب عنه " فبمقابلة هذا مع ملاخي 4: 5 " هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب " (يهوه) يظهر أن المسيح هو يهوه الذي أرسل إيليا قبل يومه، و9: 25 نجده يأمر الأرواح النجسة أن تخرج فتطيعه، و12: 15 نجده علاّم القلوب، و13: 26و27 " يبصرون ابن الإنسان آتياً في سحاب بقوة كثيرة ومجد فيرسل حينئذ ملائكته ويجمع مختاريه. .. من أقصاء الأرض إلى أقصاء السماء " فيفهم من ذلك أن له قوة ومجداً وملائكة ومختارين إلى أقصى الأرض، و 16: 16 تخرج الشياطين وتعمل القوات باسمه.

وعدا ذلك نجده قابلاً الإكرام الذي كان يقدم له ولم يرفضه كما يعمل المخلوقون. (راجع 1: 40و5: 6و5: 22 و7: 25 و10: 18 الخ)

 

الفصل الثالث

بشارة لوقا

قيل أن لوقا البشير كان يهودياً دخيلاً من أنطاكية (أي أنه تهود من الأمم ). قال بعضهم أنه كان أحد التلميذين الذاهبين إلى عمواس وذلك غير محقق لنا. فقط نعلم أنه كان رفيقاً أميناً لبولس الرسول في أسفاره الكثيرة وأتعابه وآلامه كما يتضح من سفر أعمال الرسل

(ص 16: 11و20: 5و6و2تي 4: 11). وكانت مهنته الطب كو 4: 14.

كتب بشارته نحو سنة 63م، وسفر الأعمال نحو سنة 64 م. وكان عنوان هذين الكتابين إلى رجل مسيحي شهير يقال له " ثاوفيلس ". وقيل إن لوقا استشهد في حكم نيرون الملك الروماني ،وذلك لا يبعد عن الصواب لأنه كان غالباً مصاحباً لبولس الذي قضى نحبه حينئذ.

نعلم من سفر أعمال الرسل أن لوقا الطبيب الحبيب كان رفيقاً لبولس في أسفاره. والمرجح أن سفر الأعمال كتب في آخر المدة التي يعطينا تاريخها. ولا ريب في أن بولس الرسول كان حينئذ حياً، وبالنتيجة إن بشارة لوقا هذه التي كتبت قبل الأعمال - كما يرى من مقابلة لوق 1: 3 مع أع 1:1 - قد كتبت في حياة بولس وغيره من الرسل. ولا يوجد سبب للريب في أنها تألفت إما بمناظرة بولس شخصياً وإما بإطلاعه واستحسانه، وبأن هذه البشارة صارت مقبولة عند عموم الكنائس المسيحية منذ كتابتها كتاريخ صحيح عن حياة مخلصنا وتعاليمه موحى به من الروح القدس.

إن لوقا لم يكن من الرسل الاثني عشر، وهو لا يدّعي بأنه قد شاهد بعينه الأمور التي كتبها، بل يصرّح بأنه جمعها باجتهاد وتدقيق من الذين كانوا معاينين وخداماً للكلمة (ص1: 1-4). وهذا لا ينقص كونه أوحي بها إليه بالروح القدس، ولذا وجب اعتبارها كل الاعتبار

وهذا البشير يذكر في بشارته أكثر الأمور المذكورة في بشارتي متى ومرقس اللذين كتبا قبله. ويذكر أيضاً أموراً عديدة لا توجد فيهما، كما سيأتي. وهي تتضمن أخباراً عن تعاليم مخلصنا وأعماله من أثمن وأنفس ما يكون. وهو يتتبع نسب المخلص ليس إلى ابراهيم فقط، كما فعل متى، بل إلى آدم، وبهذا الاسلوب يبين للبشر أن يسوع ابن آدم قد أتى إلى العالم لكي يخلص نسل آدم الهالك الذي هو أبو جميع البشر.

أما ثاوفيلس الذي كتب إليه لوقا هذه البشارة وسفر أعمال الرسل فهو من الأمم الذين اعتنقوا المسيحية، والأرجح أنه يوناني. وكان هذا الرجل شريفاً ويدل على ذلك استعمال لوقا معه لقب " العزيز " (ص1:3 ) وهو لقب شرف كان يخاطبق به في ذلك الوقت أولو الرتب السامية (أنظر أع 23: 26 و24: 3 و26: 25).

ومع أن لوقا عنون بشارته باسم هذا الشخص الشهير فلا ريب أنه قصد به إفادة الكنائس عموما. وإن صح القول أن ثاوفيلس كان من الأمم البعيدين عن فلسطين يمكننا الاعتقاد بأن لوقا كان يفتكر بنوع خصوصي في احتياجات المسيحيين من الأمم نظير رفيقه بولس ،وهذا يوافق روح بشارته فإن الأخبار المذكورة التي بها تظهر بشاشة هذه البشارة نحو الأمم مطولة بنوع خصوصي (انظر ص 4: 25-27و9:51-56و17: 15-19 ومثل السامري الصالح ص 10: 29-37 والرجل الذي صنع عشاء عظيماً ص 14: 15-24 ومثل الابن الضال ص 15: 11-32 ).

وقد لاحظ المفسّرون أن لوقا كثيراً ما كان يهمل ترتيب ذكر الحوادث بالنظر إلى تاريخها معتبراً في ترتيبها العلامة المعنوية الداخلية أكثر من علامة ظروف الزمان الخارجية. وغالباً كان يستأنف أخباره بعبارات شائعة لا تعين الوقت كقوله مثلا: وكان في إحدى المدن. وفي أحد الأيام دخل سفينة. وفيما هو يصلي على انفراد. وفيما هم سائرون دخل قرية وهلم جراً. ..

وأما الأمور العظيمة التي يذكرها لوق دون غيره من البشيرين فهي:

أولا - العجائب: (1) إقامة ابن أرملة نايين ص 7 (2) شفاء المرأة المنحنية ص 13 (3) شفاء عشرة برص ص 17.

ثانياً - أحاديث المسيح: (1) ابتداؤه بالتبشير في الناصرة ص 4 (2) حديثه مع التلميذين المنطلقين إلى عمواس ص 24.

ثالثاً - أمثاله: (1) مثل السامري الصالح ص 10 (2) مثل الغني الغبي ص 12 (3) التينة الغير المثمرة ص 13 (4) الابن الضال ص 15 (5) وكيل الظلم ص 16 (6) الغني ولعازر ص 16 (7) الأرملة وقاضي الظلم ص 18 (8) الفريسي والعشار ص 18.

رابعاً - الحوادث المختصة بحياة المخلص: (1) تاريخ الحبل وولادة سابق المسيح وهو يوحنا المعمدان ص 1 (2) ظروف وأحوال الحبل وولادة يسوع وفقر أبويه واعتراف الملائكة به وارجاع روح النبوة إلى العالم كما ظهر في إليصابات ومريم وزكريا وحنة وسمعان ص 1و2

(3) تلألؤ تقوى المسيح في حداثته ص 2: 46 الخ (4) طاعته لأبويه ص 2: 51 (5) حنوه على الخطاة كما يتأكد من بكائه على أورشليم الشقية ص 19: 41.

خامساً - ظروف موته: (1) إرساله إلى هيرودس ص 23: 5-11 (2) صلاته من أجل قاتليه ص 23: 34 (3) غفرانه للص التائب ص 23: 43 الأمر الذي أظهر للعالم أنه وهو في حال الضعف الأشد قادر أن يخلص إلى النهاية كل الذين يتقدمون به إلى الله ومن هذا القبيل أيضاً ذكر كيفية صعوده إلى السماء.

والآن نشير إلى أمور واردة في بشارة لوقا تبرهن لاهوت المسيح، ونرتبها كما فعلنا في بشارة مرقس.

 

تسمية المسيح بالأسماء والألقاب الإلهية في بشارة لوقا

لوقا 1: 16و17 قيل عن يوحنا المعمدان الذي ظهر أمام المسيح ليعد طريقه المسمى في إش 40: 3 " طريق الرب" (يهوه) " ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم ويتقدم أمامه ( أمام الرب ) بروح إيليا. .. لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً " فيظهر من مراجعة يوحنا 3: 28 أن يوحنا المعمدان قال " لست أنا المسيح بل إني مرسل أمامه. وبمقابلة إش 40: 3 ومل 4: 5 نرى أن المسيح هو يهوه إله إسرائيل. ولو1: 31 سمي " يسوع " أي يهوه مخلص ( قابل إش 42: 8 " أنا الرب (يهوه ) هذا إسمي ومجدي لا أعطيه لآخر " و43: 3و11 " لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك " " أنا أنا الرب وليس غيري مخلص " ). وفي لو 1: 32 و8: 28 سمي " ابن العلي "، وفي 1: 35 سمي " القدوس "، و4: 34 سمي " قدوس الله "، وفي 1: 35و3: 38 و 4: 41 و22: 70 سمي " ابن الله " وفي 3: 22 و9: 35 وكذلك 20: 9-19 يسمى ابن الله الحبيب، وأيضاً في 2: 49و23: 34و46 نرى أن الله أبوه، وفي 1: 76 و3:: 4و5: 8 و7: 27 و13: 15 و17: 5 و 19: 31 و34و24: 3و34 سمي " الرب "، وفي 1: 43 قيل عنه " ربي "، وفي 5: 8و6: 46 و9: 54و10: 17 و40 و11: 1و19: 8 و22: 49 و23: 42 ينادي بالقول " يا رب "، وفي 20: 42 و44 قيل عنه أنه رب داود، وفي 2: 11 سمي " المسيح الرب "، وفي 2: 26 و9: 20 سمي مسيح الرب ومسيح الله، وفي 2: 11 سمي مخلص، وفي 1: 69 سمي قرن خلاص، وفي 2: 30 خلاص الرب، وفي 3: 6 خلاص الله (قابل أع 13: 47 )، وفي 2: 25 لقب " تعزية إسرائيل " وفي 6: 5 هو رب السبت، وفي 21: 6 الخ نراه ينبىء بالمستقبل ومثله 17: 24 الخ.

نسبة الصفات والأعمال الإلهية للمسيح

لوقا 1: 33 " ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية " وبمقابلة هذا مع مز 2: 10 " يجلسالرب ملكاً إلى الأبد " (إقرأ كل المزمور ) تجد ان يهوه إله إسرائيل هو الملك الذي يسبحه داود بتلك التسبيحة الشائقة فينتج أن المسيح هو يهوه ملك إسرائيل. ونقرأ في 1: 76 و77 " وأنت أيها الصبي نبي العلي تدعى لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتعد طرقه. لتعطي شعبه معرفة الخلاص " فيظهر أن المسيح هو العلي والرب وله شعب هم شعب الرب. وفي 1: 78 و79 وصف بأنه " المشرق من العلاء ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدي أقدامنا في طريق السلام ". وفي 2: 32 وصف أنه " نور إعلان للأمم ". وفي 2: 38 وصف بأنه " فداء " أي صانع الفداء أو الفادي. وبمقابلة هذا مع إش 43: 14 نرى أ، الفادي هو " الرب " (يهوه) " قدوس إسرائيل ". وفي 3: 16 نرى أنه يعمّد بالروح القدس. وفي 3: 17 نرى أن المسيح له بيدر وقمح ورفش والمخزن هو ملكه - "مخزنه "- وهو الذي يدخل الأبرار - " القمح " - إلى مخزنه ويحرق الأشرار - " التبن " - بنار لا تطفأ.

و4: 18 هو مبشر المساكين شافي منكسري القلوب مطلق الأسرى وواهب البصر للعميان ومحرر المنسحقين - أعمال لا يقدر عليها سوى الله. و4: 32 " كلامه بسلطان " و5: 12 " فإذا رجل مملؤ برصاً. فلما رأى يسوع خرّ على وجهه وطلب إليه قائلاً يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني. فمدّ ( يسوع ) يده ولمسه قائلاً أريد فاطهر. وللوقت ذهب عنه البرص " فمن له هذه الإرادة سوى الله ؟ فلو قال مثل هذا القول وبهذه الكيفية مخلوق لعدّ أشنع مجدّف.

و5: 20 و7: 48 يهب غفران الخطايا الذي لا يقدر عليه إلا الله، و5: 24 يأمر المرضى بأمره صريحاً فيهبهم الشفاء السريع التام، و6: 20 -26 له السلطان أن يطوّب ويعطي الويل، و6: 27 الخ يعطي الشريعة، و7: 14 يقيم الميت بأمره الشخصي - " ثم تقدم (يسوع) ولمس النعش فوقف الحاملون. فقال أيها الشاب لك أقول قم. فجلس الميت وابتدأ يتكلم ". و7: 23 الذين لا يعثرون فيه يطوّبون، و7: 40و9: 47و11: 17 يظهر أنه يعلم القلوب، و8: 25 " من هو هذا. فإنه يأمر الرياح أيضاً والماء فتطيعه " وبمقابلة مز 89: 8و9 " يا رب إله الجنود من مثلك قوي ربّ وحقك من حولك. أنت متسلط على كبرياء البحر. عند ارتفاع لججه أنت تسكنها " يظهر لنا واضحاً أن المسيح هو الرب إله الجنود الخ، و8: 54 يقيم الميت بأمره ،و9: 1 يعطي السلطان على إخراج الشياطين وشفاء المرضى ،و9: 22و44 نراه ينبىء بمستقبله، و9: 24 الذي يهلك نفسه من أجله يخلصها، و9: 26 نرى أن له مجداً، و9: 56 وصف بأنه مخلص.

و10: 17 الشياطين خضعت للرسل باسمه و13: 34 " يا أورشليم. .. كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها " وهذا التعبير لا يطلق إلا على الله (راجع مز 17: 8 و 36: 7 و57: 1 و63: 7 وغيرها ). و18: 41و42 سأل يسوع الأعمى قائلاً " ماذا تريد أن أفعل بك. فقال يا سيد أن أبصر. فقال له يسوع أبصر. .. وفي الحال أبصر ". فهو يعطي البصر بأمره، و19: 5 يعرف أسماء الجميع، و19: 8 تقدم له الإعترافات والتوبة والنذور مخاطباً " يا رب " و19: 9 يقدر أن يقرّر الخلاص، و19: 10 يخلص الهالكين. وبمقابلة ذلك مع إش 43: 11و13 نجد أن الذي يستطيع أن يخلّص ما هو إلا الرب الإله. ومن مضمون المثل الذي قاله المسيح في 19: 12-27 نرى أن المسيح هو المقصود بالملك الذي يقول في يوم الدين " أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي "، و19: 29-32 يعلم بما لا ينظر ،و19: 42-44 ينبىء بالمستقبل بالتدقيق، و21: 14و15و17و18 يقول " لا تهتموا من قبل لكي تحتجوا. لأني أنا أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها. وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي. ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك ". فمن ذا الذي يعطي الفم والحمة ويحرس شعبه حتى لا تهلك شعرة من رؤوسهم سوى الله ؟.

وكيف ينسب يسوع لذاته هنا ما نسبه يهوه لنفسه في خروج 4: 11و12 إن لم يكن هو يهوه بعينه ؟ فإننا إذا قرأنا الأصحاح الثالث والرابع من سفر الخروج نجد أن الذي ظهر لموسى يقال عنه " الله" والرب " والسيد " فنقرأ في خروج 3: 4 الخ " فلما رأى الرب أنه مال ليظر ناداه الله من وسط العليقة. .. ثم قال أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله. فقال الرب إني قد رأيت مذلة شعبي. .. فقال موسى لله من أنا حتى أذهب. .. فقال إني أكون معك. .. فقال موسى لله. .. إذا قالوا لي ما اسمه فماذا أقول لهم. .. وقال الله أيضا لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم. هذا إسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دور فدور. إذهب واجمع شيوخ إسرائيل وقل لهم الرب إله آبائكم إله إبراهيم واسحق ويعقوب ظهر لي قائلاً إني قد افتقدتكم. .. فقال موسى للرب استمع أيها السيد. لست أنا صاحب كلام. .. فقال له الرب من صنع للإنسان فماً. .. أما هو أنا الرب. فالآن اذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به. فقال استمع أيها السيد. أرسل بيد من ترسل. فحمي غضب الرب على موسى " فرأينا هنا أن " الله " " الرب " " يهوه " " السيد " إله إبراهيم واسحق ويعقوب " هو الذي قال أنه صنع للإنسان فماً وقال " أنا أكون مع فمك وأعلّمك ما تتكلم به ". ومن قول لوقا في الفصل المشار إليه نجد أن يسوع يقول لتلاميذه " أنا أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها. .. ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك " فلا نعرف إلهاً يممكنه أن يقول وينسب لنفسه أكثر من ذلك. كما أننا لا نتصور أن الله يعطي أسماءه وصفاته الذاتية لكائن آخر أيّاً كان وهو تعالى الذي قال في إش 42: 8 " أنا الرب ( يهوه ) هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر " و48: 11 " وكرامتي لا أعطيها لآخر " فلو لم يكن المسيح هو يهوه لما أمكنه أن يقول مثل هذا القول.

و21" 27 نرى أنه في مجيئه يأتي بقوة ومجد كثير، و21: 19-24 و22: 31-34 و23: 29 و24: 47 ينبىء أيضاً بالمستقبل ليس كما ييقول الأنبياء " هكذا قال الرب " أو ما أشبه بل بكيفية تدل على أنه يقول ما يعلمه هو شخصياً إذ قال لهم مرة " السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول " (21: 33). وفي 22: 29 يقول أنه يجعل ملكوتاً لشعبه، و23: 42و43 يصلّى إليه فيجيب الصلاة فقد قال اللص - اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك. فقال له يسوع الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس " و24: 26 له المجد، و24: 49 يرسل الروح القدس.

فمن يمكن أن تنسب إليه هذه الصفات والأعمال إلا الله القدير ؟ ذلك فضلاً عن الإكرام الإلهي الذي قدم له. وسجود بطرس قدامه معترفاً بأنه خاطىء (5: 8 ) وسجود الأبرص أمامه (5: 12). وحتى الشياطين سجدت أمامه داعية إياه ابن الله العلي طالبة منه أن لا يعذبهم كأن تعذيبهم يجريه هو بذاته (8: 28) وما أظهره أبو الولد المصروع من الإكرام (9: 38-40).

 

الفصل الرابع

سفر أعمال الرسل

 

يليق بنا أن نضع سفر أعمال الرسل في بحثنا الآن بعد بشارة لوقا لأن كاتبهما واحد وهو لوقا الإنجيلي ،والشخص المكتوب إليه في كليهما وهو واحد أي ثاوفيلس. ويظهر من فاتحة هذا السفر أن المكتوب فيه هو تتمة لما كتب في بشارة لوقا (راجع ص 1:1 ).

وبما أن بشارة لوقا تنتهي بقيامة المسيح وظهوره بعض المرات لتلاميذه وصعوده، وذلك كله بهيئة مختصرة، قد ابتدأ هذا السفر بذكر المدة التي صرفها المسيح بعد قيامته على هذه الأرض. وبما أنه ذكر في بشارته وعده لهم بأن يلبسوا قوة من الأعالي فابتدأ في هذا السفر أن يفسّر معنى تلك القوة وأخذ في أن يري تفصيلاً كيفية إتمام الوعد بإرسال الروح القدس. وهذا السفر يتضمن تاريخاً عن خدمة الرسل وأعمالهم وما احتملوه، ولذلك دعي بهذا الاسم. وهو تذييل حسن للبشائر الأربع، ومقدمة ضرورية للرسائل. فإن البشائر تختم بإشارات ونبوات عن أمور كثيرة وبالوعد بحلول الروح القدس، وهذا السفر يتضمن إتمام ذلك ( انظر مر 16: 17 ولو 24: 47-49 ويو 14: 12-17 ). أما الرسائل فهي مملوءة بالإشارات إلى الحوادث المذكورة في هذا السفر التاريخي. وهذا السفر يبتدىء بذكر صعود المسيح، ويمتد في أخباره إلى نهاية السنة الثانية من سجن بولس في رومية (أع 28: 30) وذلك يحيط بنحو ثلاثين سنة. والسبب الأكثر احتمالاً لانقطاع الكلام هناك هو أنه قد كتب ونشر في تلك السنة عينها.

إن لوقا يخبرنا فيه عن أول غرس الديانة المسيحية في العالم، وتأليف كنائس المسيحيين بين اليهود والأمم، وانتشار الإنجيل في جهات عديدة من العالم، وصبر بعض الرسل وجراءتهم في البلايا التي أصابتهم بسبب الإنجيل ،ونجاحهم الغريب ونحو ذلك من الأمور التي هي برهان على صحة الديانة المسيحية وصدورها من الله. ومع أن هذا السفر معنون باسم أعمال الرسل فهو لا يتضمن تاريخاً تاماً عن أتعاب واحد منهم، فكم بالحري عن جميعهم ؟ وكما أن البشائر الأربع لا تتضمن تاريخاً عن أعمال ربنا المجيد وتعاليمه بل ذكر شخصه ووظيفته وتأسيس النظام المسيحي الذي هو موضوعه الأعظم على أسلوب مختصر (دا9: 24و2كو 1: 20 و1يو 5: 11 ) فكذلك هذا السفر يتضمن ذكر بعض أخبار عن قيام ذلك النظام وتوطيده في العالم. وهو يطيل الكلام نوعاً عن ذكر تلك الصفات الخصوصية التي تميّزه عن الديانة اليهودية التي بسببها أثار البشر على المسيحيين الأولين تلك المقاومات والاضطهادات العنيفة ولا سيما التبشير بين الأمم بغنى المسيح الذي لا يستقصى.

وفي الغاية المقصودة من هذا السفر أربعة أمور مهمة:

الأمر الأول: إصلاح الفكر اليهودي عن المسيح المنتظر:

أنهم جميعاً كانوا يفتكرون أن المسيح هو لليهود فقط، ولا يأتي إلا لليهود، وليس لأحد من غير اليهود نصيب في المسيح. وحتى رسله الذين عاش معهم المسيح أكثر من ثلاث سنين وسمعوا كل تعاليمه وإرشاداته نهاراً وليلاً - لم يفهموا إلى ما بعد صعوده بل إلى ما بعد حلول الروح القدس بسنين - لم يفهم الرسل أن المسيح لكل العالم على السواء. ويدهشني كثيراً أنه مع أن يوحنا المعمدان كانيكرز لليهود قائلاً " لا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا ابراهيم أباً لأني أقول لكم إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم " ومع أنه كان ينادي " هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم " ( وليس خطية اليهود فقط ) ومع أن المسيح علّم كثيراً أن " كل من يؤمن به تكون له الحياة الأبدية "، وفي أمثاله خصوصاً مثل الكرامين الأردياء حيث قال أن ملكوت الله ينزع من اليهود ويعطى لأمة تعمل أثماره (مت 21: 43 )، ومع أن كلامه الأخير الذي أرسله كان " هكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث ويكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم فاذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها وتلمذوا جميع الأمم. .. وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض " - فمع كل هذه التصريحات - لم يفهم الرسل أن خلاص المسيح هو لجميع الأمم بحيث أن بطرس الرسول لم يكن ليذهب إلى كرنيليوس الأممي لو لم يعلن له المسيح ذلك بطريقة بارزة خصوصية بل جميع المؤمنين كانوا لا يكلمون أحداً بالكلمة إلا اليهود فقط (أع 11: 19 ).

فأظهر هذا السفر أن المسيح هو للجميع وخلاصه مقدّم للجميع على السواء حتى شهد بطرس أن الله لم يميّز بين اليهود وبين الأمم بشيء إذ طهّر بالإيمان قلوبهم (أع 15: 9) وهكذا إلى أن قام رسول الأمم العظيم وفسّر وعد الله لإبراهيم أن في " نسله تتبارك جميع قبائل الأرض: وبيّن أن نسل إبراهيم ليس أولاده المتناسلين حسب الجسد بل هو شخص المسيح معبّراً عن ذلك بقوله " لا يقول وفي الأنسال كأنه عن كثيرين بل كأنه عن واحد وفي نسلك الذي هو المسيح " وقد وضّح بهيئة لا تقبل الشك أو الريب أن إبراهيم هو أب لجميع الذين يؤمنون بالمسيح من كل أمة تحت السماء حتى أن اليهود أنفسهم لعدم إيمانهم بالمسيح لا يحسبون عند الله أولاداً لإبراهيم أبي المؤمنين ولا أولاداً لسارة أم المؤمنين بل بالحري يحسبون أولاداً لهاجر الجارية التي ولدت حسب الجسد وليس حسب الموعد فقال " اعلموا إذاً أن الذين هم من الإيمان أولئك هم بنو إبراهيم " و الذين هم من الإيمان يتباركون مع إبراهيم المؤمن. .. لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع. .. لأنه إن كانت الوراثة من الناموس فلم تكن أيضاً من موعد. ولكن الله وهبها لإبراهيم بموعد. .. لأنكم جميعاً ( أي المؤمنين من اليهود والأمم ) أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع. .. ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى. .. فإن كنتم للمسيح فأنتم إذاً نسل إبراهيم وحسب الموعد ورثة " إلى أن قال " فإنه مكتوب أنه كان لإبراهيم ابنان واحد من الجارية والآخر من الحرة. لكن الذي من الجارية ولد حسب الجسد وأما الذي من الحرة فبالموعد. وكل ذلك رمز لأن هاتين هما العهدان أحدهما. .. الذي هو هاجر. .. يقابل أورشليم الحاضرة فإنها مستبعدة مع بنيها. وأما أورشليم العليا التي هي أمنا جميعاً فهي حرة. .. وأما نحن. .. فنظير اسحق أولاد الموعد. .. لكن ماذا يقول الكتاب. أطرد الجارية وابنها لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة. إذاً أيها الإخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد الحرة " (طالع غلاطية، الأصحاح 3و4. وهكذا بيّن هذا السفر أن بطرس الرسول فهم أقوال الأنبياء فهماً صحيحاً وليس كما كان يفهمها هو أولاً أو كما يفهمها بقية أمة اليهود فقال عن يسوع " له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا ".

الأمر الثاني: هو برهان الرسل في كلامهم ومباحثاتهم على أن يسوع الذي اضطهده اليهود وصلبوه كمجرم هو ذات المسيح ملك إسرائيل الموعود به لآبائهم أنه يأتي ليجلس على كرسي داود. فاعتقد اليهود أن المسيح هو ملك أرضي أتى ليملك ملكاً جسدياً على هذه الأرض ويردّ الملك لأمة اليهود ويرجع بهاء مملكة داود وسليمان فيأتي ليجلس في أورشليم على كرسي داود المصنوع من العاج والذهب ويجعل اليهود أعظم أمم العالم. ولكن الرسل، في تبشيرهم بالمسيح، تكلموا عنه أنه هو الملك الموعود وأن الله جعله رباً ومسيحاً. وبيّنوا أن اليهود قد ارتكبوا أشنع الآثام في رفضهم ملكهم يسوع المسيح. كأن داود الذي أقامه الله ملكاً على شعبه ما هو إلا رمز لداود الآخر الذي يملك على شعبه إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية. وعليه نجد بطرس الرسول في أول موعظة ألقاها على أمة اليهود يوم حلول الروح القدس ( وهي مذكورة في هذا السفر ) قصد أن يفهمهم أن يسوع هو ذات داود المتنبأ عنه في النبوات أنه يأتي ليملك عليهم فقال " إن داود مات ودفن وقبره عندنا حتى هذا اليوم " أي أنه لم يقم من الموت ليملك عليكم حسب وعد الله لكم في حزقيال 34: 23و24 حيث قال " وأقيم عليها راعياً واحداً فيرعاها عبدي داود هو يرعاها وهو يكون لها راعياً. .. وعبدي داود رئيساً في وسطهم " أو كما قال إرميا 30: 9 " بل يخدمون الرب إلههم وداود ملكهم الذي أقيمه لهم " " فإذ كان (داود) نبياً وعلم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح. .. فيسوع هذا أقامه الله. .. لأن داود لم يصعد إلى السموات. وهو نفسه يقول قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فليعلم يقيناً جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم رباً ومسيحاً ". وثاني موعظة تكلم فيها بطرس، وهي مذكورة في هذا السفر، بيّن أن نبوات جميع الأنبياء - من موسى فصموئيل وما بعد - جميع الذين تكلموا سبقوا فأنبأوا عن هذه الأيام ( أيام يسوع المسيح ) وأن يسوع قد جاء لكي يبارك الذين يؤمنون به بردّهم عن شرورهم ليتم الوعد الذي كان لإبراهيم أن في المسيح تتبارك جميع قبائل الأرض. وبيّن أن يسوع ليس هو الملك من نسل داود فقط بل أيضاً هو النبي الذي تكلم عنه موسى أن كل نفس لا تسمع له تباد من الشعب وأن الغاية من مجيء ذلك النبي هي الخلاص فليس بأحد غيره الخلاص وفهموا أن هذا هو المتنبأ عنه في المزمور الثاني أنه مسيح الرب الممسوح على صهيون جبل قدسه والذي قيل عنه لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب بالباطل قامت ملوك الأرض واجتمع الرؤساء معاً على الرب وعلى مسيحه وطبقوا هذه النبوة على الأحوال التي أعلنوها بالروح القدس وقتئذ قائلين " بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته هيرودس وبيلاطس البنطي مع أمم وشعوب إسرائيل " وهكذا شهدوا بأن يسوع هو المسيح المنتظر من أمة إسرائيل كما سبق وشهد زكريا ( أبو يوحنا المعمدان ) بالروح القدس أن الله أقام لهم قرن خلاص من بيت داود فتاه كما تكلم بفم أنبيائه القديسين خلاص من أعدائهم ومن أيدي جميع مبغضيهم وأن الله به ذكر عهه المقدس (لو1: 69). وكما سبق فقال سمعان الشيخ الذي كان ينتظر تعزية إسرائيل ووعد بأنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب إذ قال عن يسوع عندما أخذه على ذراعيه أنه خلاص ونور إعلان للأمم ومجد لشعبه (لو 2: 32) فشهد الرسل بهذه الشهادة بكيفية واضحة حتى أن رؤساء الكهنة الذين صلبوا يسوع كمضلّ كأنهم يخدمون ناموسهم

(تثنية 13: 1-5) شعروا بأنهم صلبوا مسيحهم المنتظر حتى قالوا للرسل: تريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان " فأجابوهم قائلين - إن إله آبائنا أقام يسوع. .. هذا ورفّعه الله بيمينه رئيساً ومخلصاً (أع 5: 27-31). وهكذا حتى قام شاول الطرسوسي وآمن أن يسوع الذي كان يضطهده هو ذات المسيح المنتظر من أمته. فعند إيمانه صار يدخل مجامع اليهود ويكرز أن يسوع الذي صلبه اليهود كمجرم هو ذاك الذي قيل عنه في المزمور الثاني أنت ابني أنا اليوم ولدتك (أع 9: 20) فظاهر أن المزمور قال ذلك عن الذي مسح على صهيون جبل قدس الرب ليكون ملكاً، وكان يحقق في كلامه بكل برهان ممكن أن يسوع هو المسيح الملك المنتظر. لاحظ بانتباه قوله " يكرز. .. أن هذا هو ابن الله. .. محققاً أن هذا هو المسيح " (ص9: 20-22 ) وقوله " كان باشتداد يفحم اليهود جهراً مبيناً بالكتب أن يسوع هو المسيح " (18: 28).

ومرة أخرى لما كان في المجمع في أنطاكية ووعظ لدى أمة اليهود كان كلامه كله عن أن يسوع هو المسيح الوارث لكرسي داود وأنه المرسل لإتمام وعد الله لهم، وبشّرهم بالبشارة المفرحة أن الله أكمل الوعد الذي صار لآبائهم ذلك الوعد المذكور في مز 132: 11 " أقسم الرب لداود بالحق لا يرجع عنه. من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك " وقال عنه داود أيضاً مشيراً إلى وقت إتمامه أنه في يوم قيامة المسيح من الأموات يكون قد مسح ملكه على صهيون جبل قدسه.

ويذكر هذا السفر أيضاً من هذا القبيل أن بولس كان يحاج اليهود في مجامعهم من الكتب. ولما كان يتغلب عليه اليهود ويقولون له لو كان يسوع الذي تنادي به هو المسيح ملكنا المنتظر ما كان قد تغلّب عليه شعبنا وأماتوه، فكان يرد عليهم ويقول: إنه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات قبل أن يدخل مجده ( ملكوته ) وبما أن يسوع قد مات وقام فهذا هو المسيح ملك إسرائيل لا سواه (راجع أعمال 17: 2و3).

ويقول هذا السفر أيضاً أن أبلوس كان باشتداد يفحم اليهود جهراً مبيّناً بالكتب أن يسوع هو المسيح ( ص 18: 28) وهذا واضح أن اليهود كانوا ينكرون أن يسوع هو المسيح ملكهم المنتظر ولكن أبلّوس بعدما كشف الله عن عينيه وأزال البرقع عن روحه قدر أن يرى أن يسوع هو ذات المسيح. ولما اقتنع اقتناعاً حقيقياً بأن يسوع هو المسيح ابتدأ أن يقنع اليهود بما اقتنع هو به ويفحمهم من كتبهم مبرهناً أن يسوع الذي رفضوه وطلبوا صلبه هو ذات ملكهم المنتظر لأن الفرق بين اليهودية والمسيحية هو هذا دون سواه أي أن اليهود يقولون عن يسوع أنه ليس المسيح أما المسيحيون فهم الذين يقولون أن يسوع هو المسيح. والمسيح بنى كنيسته على هذا الأساس أي أن الذي يؤمن أن يسوع هو المسيح ملك إسرائيل يكون مبنياً في الكنيسة على الأساس والذي ينكر ذلك فهو ليس من كنيسة المسيح مهما كان

(راجع مت 16: 13-20).

وهكذا أوضح هذا السفر أن رفض اليهود ليسوع هذا لا يتخذ برهاناً على أنه ليس هو المسيح الملك المنتظر بللأنهم تقسّوا وأحبّوا مجد الناس أكثر من مجد الله وأنهم حسبوا غير مستحقين للحياة الأبدية ولذلك قد أرسل خلاص الله إلى الأمم وهم سيسمعون. (وكل من يدرس كتابات لوقا البشير بإمعان يرى فيها نحو ماية وخمسين موضوعاً يقصد بها إصلاح الفكر اليهودي وإثبات أن يسوع هو المسيح).

الأمر الثالث: إظهار إثبات النصرانية العجيب بمواهب الروح القدس ونعمته على الرسل والكنائس حسب مواعيد المسيح. فأنّا نقرأ في هذا السفر عن عمل الروح القدس العجيب مراراً كثيرة - فنقرأ عن حلوله بهيئة واضحة ومؤثرة في يوم الخمسين، وعن تأثيره في المؤمنين، وعن تقويته للكنيسة ،وعن إعطائه شعبه كلاماً عند افتتاح أفواههم حسب وعد المسيح الصريح لهم ومساعدتهم للتكلم بكلام الله بكل مجاهرة، وعن تذكيره لهم بأقوال ربهم التي قالها لهم لما كان بالجسد على الأرض. ونقرأ عن حلوله على الذين يؤمنون سواء أكانوا من اليهود أو من الأمم ،وعن ارشاده لخدامه في كل شيء وإرساله للكارزين باسم المسيح حيثما أراد، وبالإجمال عن عمله المستمر في الكنسية لتوسيع نطاقها وامتداد ملكوت الفادي.

والأمر الرابع: كشف مقاصد الرحمة الإلهية بإرشاده الأمم إلى كنيسة مطابقة لنبوات العهد القديم.

وأما لاهوت الابن ووظائفه فهي منصوص عنها بكل وضوح في هذا السفر أكثر من كتب البشيرين ما عدا بشارة يوحنا، على أن تسمية المسيح بالأسماء والألقاب الإلهية أكثر بكثير منه. ولأجل ذلك قصدنا أن نشير إلى الأماكن المثبتة لهذه الحقيقة في هذا السفر. ولكن قبل أن نأتي على الجدول، كما سبقنا في البشائر، نشير إلى تقديم استفانوس العبادة الإلهية للمسيح ص 7: 59و60 حيث يقول " فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو ويقول أيها الرب يسوع اقبل روحي. ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يا رب لا تقم لهم هذه الخطية. وإذ قال هذا رقد ". فإن هذا الشهيد المائت قد نصّ عنه في عدد 55 و 56 من الأصحاح المذكور أنه امتلأ من الروح القدس وتمتع برؤية العالم السماوي ومجد الله والمخلّص الذي كان هناك قائماً عن يمين العظمة الإلهية. وقيل عنه في ص 6: 5 أنه كان مملوءاً من الروح القدس والحكمة الإلهيين، وهنا يقال عنه أنه عندما كانت حجارة الاستشهاد تنهال عليه وشعر في نفسه أنه قد بلغ الدقيقة الأخيرة من حياته ووصل إلى باب الأبدية أسلم نفسه المنطلقة من هذا العالم في يدي الرب يسوع بذات الألفاظ والثقة اللتين أسلم بهما الرب يسوع نفسه وهو على الصليب في يدي الله الآب وكان أيضاً يطلب الغفران لقاتليه من الرب يسوع كما فعل هو له المجد مع قاتليه وهو على الصليب إذ طلب لهم الغفران من الله أبيه. فهل تستودع النفس الذاهبة من هذه الحياة أو ترجى المغفرة ممن ليس حاضراً في كل مكان وقادراً على كل شيء؟ وهل يقدر شهيد مائت مملؤ من الحكمة الإلهية والروح القدس نظير استفانوس أن يدعو ويصلي بغير الصواب وعيناه شاخصتان مملوءتان برؤية الله ؟

ونرى أيضاً النص على ضرورة الصلاة باسم المسيح لأجل الخلاص (ص2: 21)، وأيضاً أن حنانيا يذكر الصلاة باسمه كعلامة مميزة للمسيحي (ص 9: 14 مع 1كو 1: 2)، وأيضاً أن بطرس ينص على أن يسوع هو رب الكل (ص10: 36، انظر أيضاً ص 14: 23و20: 28و32)، وأيضاً أن كلمة رب مستعملة كثيراً في هذا السفر لله الآب ولله الابن بدون تمييز بينهما ( انظر ص 10: 36و9: 34و35و42و11: 16و20و21و23وو13: 2و7و10-12و48). وأما الجدول فكما يأتي:

تسمية المسيح بالأسماء والألقاب الإلهية في سفر الأعمال

أع 1: 6 " أما هم المجتمعون فسألوه قائلين يا رب هل في هذا الوقت ترد الملك إلى إسرائيل " فناداه تلاميذه " يا رب "، وكذلك 9: 6و10و13و22: 10و19 ،وكذلك يقول عنه بطرس " الرب يسوع المسيح " في 1: 21و1: 24 " صلوا قائلين أيها الرب العارف قلوب الجميع عيّن أنت من هذين الاثنين أياً اخترته. ليأخذ قرعة هذه الخدمة. .. التي تعدّاها يهوذاً فهو الرب الذي تقدم الصلاة له. وكذلك في 2: 20و21و47و4: 33و5: 14و7: 31 (راجع ما قلناه في بشارة لوقا بهذا الخصوص صفحة 219و220 الخ ) وكذلك في 8: 25 و9: 1و9: 5 و6و10و11و15و17و27و28و31و35و42وو11: 16و17و20و21 (مرتان)و23و24و12: 7و11: 17و13: 2و11و12و47و49و14: 3و23و15: 11و17 (مرتان) و18و35و36و16: 10و14و15و31و32و18: 8و9و25 (مرتان) و26و19: 5و10 و13و17و20و20: 19و24و35و21: 13و14و20و22: 10و16و23: 11و28: 31- في كل هذه يسمّى الرب، والرب يسوع المسيح، والرب الذي يؤمن به، والذي يعمّد باسمه، والذي يتعظّم اسمع ،والرب صاحب الكلمة، ومجري الأعمال بقوته وإرادته وسلطانه - فهي ألقاب لا يمكن أن تنسب إلا لله جلّ جلاله. ولا يبرح من البال أن كتبة العهد الجديد هم عبرانيون عندما يكتبون أو يتكلمون بالكلمة " الرب" يقصدون ذلك " الرب " المعروف في العهد القديم بإسم أدوناي أي يهوه. فلا غرابة إذا وجدنا لوقا البشير يسمّيه في 3: 14 باسم " القدوس " وفي 4: 19و5: 29و16: 34 و20: 28 يسمّيه " الله "، وفي 2: 34 يسمّيه " رب داود "، و15: 26و20: 21 يسميّه " ربناً، وفي 10: 36 يسمّيه " رب الكل "، وفي 7: 32 يقول عنه " إله أبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب "

(راجع ما قلناه في لوقا عن هذا الموضوع ). وهكذا نجده يسميه في 8: 37 و9: 20 و13: 33 باسم " ابن الله "، وفي 2: 27 و4: 26 و13: 23 يسمّيه بوظيفته الفدائية قدوس الله ومسيح الرب ومخلصاً. ولأنه كان يستعمل الكلمة " الرب" بمعنى يهوه لذلك يذكر بطريقة واضحة صلاة الشهيد استفانوس وهو يرجم بالحجارة وعلى باب الأبدية قائلاً " فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو ويقول أيها الرب يسوع اقبل روحي ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يا رب لا تقم لهم هذه الخطية " ص 7: 59و60

 

نسبة الصفات والأعمال الإلهية للمسيح في سفر الأعمال

أع 1: 2 أوصى بالروح القدس ،و1: 9 صعد إلى السماء بقوته، وفي 1: 11 يرجع من السماء بقوته كذلك، وفي 2: 21 نرى أن الذي يدعو باسمه يخلص، و2: 34 جالس عن يمين الله، وفي 2: 36 رباً ومسيحا، 2: 38 المعمودية على اسمه، 2" 38يهب غفران الخطايا، 3: 6 تعمل المعجزات باسمه، 3: 13 ممجّد، 3: 15 رئيس الحياة، 3: 16 يؤمن باسمه، 3: 20 مبشّر به قبل تجسّده، 3: 23 من لا يسمع له يباد، 3: 24 موضوع نبوات الأنبياء، 3: 25 نسل إبراهيم الذي تتبارك به جميع قبائل الأرض، 3: 26 يبارك ويردّ عن الشرور، 4: 10 باسمه تصنع القوات، 4: 10 هو صانع المعجزات ( بذاك )، 4: 11 رأس الزاوية، 4: 12 ليس بأحد غيره الخلاص تحت السماء، 4: 27 فتى الرب القدوس، 4: 27 ممسوح من الله، 5: 9 الروح القدس روحه، 5: 19 له ملاك يرسله لإتمام غرضه (مز 103: 20)، 5: 31 مرفّع بيمين الله، 5: 31 رئيس ومخلّص، 5: 31 يعطي التوبة وغفران الخطايا، 5: 41 يفرح المؤمنون عندما يهانون لأجل اسمه، 7: 34 و35 هو الذي أرسل موسى، 7: 35 هو الذي ظهر في العليقة (راجع خر 3: 4و5)، 7: 38 هو الذي كلّم موسى في جبل سينا، 7: 52 البار، 7: 55 قائم عن يمين الله، 7: 59 يصلّى إليه، 8: 16 المعمودية باسمه، 9: 13 القديسون قديسوه، 9: 14 الدعاء باسمه، 9: 15 الخدام آنيته ومختارون منه، 9: 15 اسمه يحمل أمام أمم وملوك، 9: 16 تألّم الخدام لأجل اسمه، 9: 22 المسيح، 9: 34 هو الشافي (انظر خر 15: 26)، 10: 38 ممسوح بالروح القدس والقوة، 10: 38 يشفي جميع المتسلط عليهم إبليس، 10: 42 ديّان الأحياء والأموات، 10: 43 كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا، 10: 48 المعمودية باسمه، 12: 7و11 له ملائكة، 13: 23 مخلّص شعبه، 13: 35 قدوس الله، 13: 39 كل من يؤمن به يتبرّر من كل ما لا يمكن أن يتبرّر منه بناموس موسى، 13: 47 نوراً للأمم، 13: 47 خلاصاً إلى أقصى الأرض، 15: 17 الصانع كل شيء، 15: 18 جميع أعماله معلومة عنده منذ الأزل، 15: 35 صاحب الكلمة (كلمة الرب )، 16: 10 يدعو الخدام أن يذهبوا للتبشير، 16: 14 هو الذي يفتح القلوب، 16: 18 باسمه تخرج الشياطين من الناس، 16: 31 الرب الذي يجب أن يؤمن به من أراد خلاص نفسه، 17: 3 المسيح المنتظر من اليهود، 17: 31 الديان، 18: 28 يسوع هو المسيح، 19: 10 صاحب الكلمة (الإنجيل)، 20: 19 الرب الذي يخدم بكل تواضع، 20: 28 الله الذي اقتنى الكنيسة بدمه (حينما ظهر في الجسد )، 21: 13 خدامه مستعدون أن يموتوا لأجله، 22: 14 البار، 22: 19 المؤمنون ينسبون إليه ويؤمنون به، 22: 20 الشهداء هم شهداؤه، 22: 21 مرسل الرسل، 26: 16 ينتخب الخدّام، 26: 18 الإيمان به ينيل غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين، 26: 23 ينادي بنور للشعب وللأمم، 28: 22 كانت نبوات موسى والأنبياء عن يسوع المسيح موضوع كرازة بولس في رومية من الصباح إلى المساء.

خلاصة ما تقدم: قد أثبتنا لك، أيها القارئ الكريم، أنه لا يوجد فرق بين بشائر متى ومرقس ولوقا وبين سفر أعمال الرسل ( بعد صعود المسيح أمام عيونهم ) أعني لا يوجد فرق في الاعتقاد الراسخ بأن سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح هو الإله الأزلي الأبدي. الذي كان والكائن والذي يأتي، القادر على كل شيء، نور الدنيا والآخرة، الفادي الكامل، الديان العادل.

قد انتهى الباب السادس ويليه الباب السابع في شهادة يوحنا الرسول.

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.