لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

 الفصل 6

بعض خصائص أخرى للأخطاء

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

رأينا فيما سبق أن مبادئ حركة الشفاء الإلهي تتنافى مع كلمة الله. ولكن من المحزن أيضاً أن نجد في كتاباتهم ما يتعارض مع ما يعلمه الروح القدس فهم يقتبسون عبارات متفرقة من كلمة الله ينزعونها من قرائنها ويربطونها معاً لكي يصلوا إلى النتائج المغلوطة التي يريدونها.

ففي كثير من الأحيان يشيرون إلى ما جاء في (يو14: 12) "من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها، يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم منها" ويطبقون هذا على عمل المعجزات ويقولون أن كل مسيحي بوسعه، بل يجب عليه أن يعمل أعمالاً عظيمة أعظم من تلك التي صنعها المسيح.

فهل هذا الذي يقولونه يتفق مع مضمون أقوال الرب في هذا الفصل؟ لاحظ أن الرب لم يكن يتكلم عن آيات ولكن عن أعمال. ففي يوم الخمسين وبعد نجد أعمالاً أعظم. فلم يحدث أن آمن بسبب كرازة الرب ثلاثة آلاف نفس في يوم واحد كما حدث بسبب شهادة بطرس يوم الخمسين. إن أكبر عدد للمؤمنين قبل يوم الخمسين كان خمسمائة (1كو15: 6) والذين كانوا مجتمعين معاً في أورشليم بعد صعود المسيح كانوا نحو مئة وعشرين (أع1: 15).

ومن خصائص هذه الحركات الخادعة أنها تهتم بالأمور الأرضية أكثر من الأمور السماوية والروحية. فأعظم الآيات التي منحها الله لخدامه هي إعطاء الحياة. حتى في رموز العهد القديم نرى ذلك. فسحرة مصر قلدوا موسى في جميع الآيات لكن أمام إعطاء حياة من التراب وقفوا عاجزين. عندما مد هرون عصاه وضرب تراب الأرض فصار بعوضاً (خر8: 16- 19). إن الشيطان يستطيع أن يقلد أشياء كثيرة لكنه لا يستطيع أن يعطي الحياة. ونرى مثالاً لذلك في (مت24: 24) عندما يستخدم الشيطان خدامه "لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلّوا لو أمكن المختارين". ومجيء الأثيم "سيكون بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة" (2تس2: 9). وقريباً سيقلد الشيطان القيامة كما لو كان قادراً أن يعطي الحياة (رؤ13: 3). ولكن كلمة الله توضح أن الوحش لم يكن قد مات، بل فقط "كأنه مذبوح للموت". وضد المسيح سيعمل آيات عظيمة حتى أنه يجعل ناراً تنزل من السماء على الأرض (وهي العلامة المعروفة لحضور الله)، كما يعطي روحاً (نفساً) لصورة الوحش حتى تتكلم (ولكن ليس حياة حقيقية) (رؤ13: 15).

إن الله هو مصدر الحياة كلها والكتاب لذلك يدعوه "الله الحي". وكما أعطى الله عبيده أن يصنعوا آيات كذلك أعطاهم سلطاناً لإعطاء الحياة. لكن الشيطان لا يستطيع أن يقلدهم في ذلك، وهذه هي العلامة الأكيدة أن الله هو العامل.

رأينا في ذلك في موسى كما نراه أيضاً في إيليا وأليشع (1مل17: 22، 2مل4: 32- 36) كما نرى ذلك مع الرب يسوع الذي أقام الفتاة التي كانت قد ماتت لتوها، كما أقام شاباً كان محمولاً في طريقه إلى القبر كما أقام لعازر الذي مكث في القبر أربعة أيام، حتى لا يقول أحد أنه ربما كان قد مات ظاهرياً فقط. كما أعطى الرب رسله سلطاناً أن يقيموا الموتى عندما أرسلهم (مت10: 8) وفي سفر الأعمال نرى أيضاً أن الرسل أقاموا موتى (أع9: 36- 41، 20: 9- 12).

ولكننا لم نسمع أن أحداً من أعضاء هذه الحركات أقام شخصاً ميتاً. ومرة تسلمت خطاباً يقول فيه كاتبه "لقد أوقع الشيطان المرض مرة ثانية على المريض حتى وصل إلى حافة القبر مسبباً له التهاباً رئوياً وأمراضاً أخرى (مع أنه سبق أن شفى من أسبوعين) إلا أن الله القادر على كل شيء لن يسمح أن نفس هذا الشخص تفارق جسده". ولكن الذي حدث أن هذا الشخص مات بعد أربع وعشرين ساعة من كتابة الخطاب وفشلت جميع المحاولات لإقامته.

في نشرتهم التي تسمى "مجاري القوة Streams of Power" التي صدرت في فبراير 1955 قيل أن "مجيء الرب لا يمكن أن يتم قبل أن يُكرز بالإنجيل كشهادة لجميع الأمم. وهذا لم يتم حتى الآن، ففي الوقت الحاضر يوجد أكثر من اثنين بليون من الناس يعيشون على وجه الأرض ولم يسمع إنجيل يسوع المسيح بطريقة أو بأخرى سوى نصف بليون من مجموع هؤلاء الناس. لكن ملايين آخرين يعيشون في جهات عديدة لا يزال فيها باب المناداة بالإنجيل مغلقاً في الوقت الحاضر..."

هذا هو تفسيرهم الخاطئ لما جاء في (مت24: 14) إذ أن هذا الفصل يتكلم لا عن إنجيل النعمة الذي يكرز به في الوقت الحاضر ولكنه يتكلم عن إنجيل الملكوت الذي سوف يكرز به بعد اختطاف الكنيسة. وهذا واضح من قراءة الفصل مرتبطاً بقرينته. فهل كلامهم هذا هو صوت الروح القدس الذي يقول مع العروس "تعال"؟ وأوحى بالكلمة التي فيها يردد الرب مرات عديدة "ها أنا آتي سريعاً" وأيضاً "اسهروا إذن لأنكم لا تعرفون متى يأتي رب البيت" (مر13: 35) وأيضاً "اسهروا إذن لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة" (مت25: 13). أليس كلامهم هذا هو رجع الصدى لكلام العبد الرديء الذي يقول "سيدي يبطئ قدومه"؟

وفي إحدى نشراتهم الصادرة في مايو 1954 يسجلون هذه الأقوال المرعبة "أن المسيح حمل غضب الله ضد الخطايا بالنسبة لكل الجنس البشري أثناء حياته كلها هنا، ولا سيما في نهاية حياته. وهكذا سكن غضب الله، وأتى المسيح بالذبيحة لأجل العالم" وأيضاً "ما معنى الصعود؟ معناه أنه كرئيس كهنة يأتي أمام عرش النعمة وبذلك فقط تتم المصالحة مع الله بواسطة دمه".

وبهذه الكيفية يهاجمون عمل المسيح العجيب على الصليب! والحقيقة كما تشهد كلمة الله أن المسيح لم يحمل خطايانا أثناء حياته على الأرض بل على الصليب فقط "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة" (1بط2: 24). كما أنه لم يحمل غضب الله بسبب خطايا الجنس البشري كله لأننا لا نجد مثل هذا في كل كلمة الله. وبكل تأكيد لم يكفر عن الخطايا أثناء حياته. لقد جُعل خطية لأجلنا على الصليب. ولو كان المسيح تحت غضب الله قبل الصليب لما أمكنه أن يكمِّل العمل. وكيف أمكن للآب أن يشهد عنه أثناء حياته قائلاً "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت3: 17)؟  

وإن كان الرب قال "قد أكمل" وهو على الصليب (يو19: 30) كما أن كلمة الله في كل مكان تربط المصالحة بالصليب كما في القول "أُسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا" (رو4: 25) كيف يتجاسر واحد ويقول أن العمل لم يكمل على الصليب وأن المصالحة لم تتم إلا بعد الصعود؟

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.