وإذا امرأة كنعانية ... صرخت إليه قائلة ارحمني ... ابنتي مجنونة جداً ... فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعني (مت15: 22-25)
ما أقوى هذه الكلمات « يا سيد أعني (أنا) »، سلسلة من ثلاث حلقات، طرفها الأول « السيد » والطرف الآخر « أنا » والرابطة بينهما « أعني ». ومتى كوَّن الإيمان هذه السلسلة انحل المشكل. إذ أن كلمة « أعن » يمكن أن تشمل كل ما تحتاج إليه النفس في الوقت الحاضر وفي الأبدية.
عزيزي .. هل سبق لك أن كوَّنت هذه السلسلة ذات الثلاث الحلقات؟ هل سبق لك أن جعلت المسيح طرفاً أول وشخصك طرفاً ثانياً، وطلب المعونة في الوسط. إن كان الأمر كذلك فطوبى لك، لأن أمورك قد تدبرت تدبيراً إلهياً، إذ قد وضعت الله في مركزه الصحيح كمصدر للبركات، ووضعت نفسك في مركزك الصحيح كالمحتاج، وفي هذا الضمان الكامل لسد جميع أعوازك. واعلم أن كلمة « أعن » لا تتضمن فقط كل احتياجاتك، بل تتضمن كل ما يمكن للمسيح أن يعطيه. وفي هذا تتجلى عظمة إنجيل نعمة الله.
ولكن لا ننسى أنه يجب علينا أولاً أن نأخذ مركزنا الصحيح، وهو مركز الهالكين، وعندئذ تنتقل المسألة من بين أيدينا إلى يدي الله، حيث تحل حلاً يُظهر مجد الله بكيفية واضحة. لأن الله تبارك اسمه يتمجد ويُسر بالارتباط مع الخاطئ المسكين برابطة المعونة. فمَنْ ذا الذي لا يتكل عليه، ومَنْ ذا الذي لا يطلب المعونة منه. يا ليت الروح القدس يكشف لنفوسنا أكثر فأكثر عن عُمق تلك الكلمات « يا سيد أعني » فهي كما قلنا تعطي الله مركزه اللائق به كالمعين، وتعطي الإنسان مركزه كالمستعين. ولا يوجد حد لكلمة « أعِن » لأنها واسعة وعميقة كالمصدر الذي تجري منه، ولذلك فهي تستطيع أن تسد جميع أعواز الخاطئ. إن منبع المعونة هو الله نفسه، وهي تنحدر منه في ربوات من القنوات والمجاري لسد الأعواز البشرية على اختلاف أنواعها. فإن كان ضميرك مُتعباً بثقل الخطية والذنب فإنك تجد المعونة اللازمة لك في الرب يسوع « دم يسوع المسيح يطهر من كل خطية » ويعطي الضمير راحة كاملة. وإن كنت تشعر بثقل الخطية الساكنة فيك وتقول ويحي مَنْ ينقذني ويعطيني الغلبة على عادات الطبيعة وأميالها، فما عليك إلا أن تطرح بنفسك على الرب يسوع قائلاً: « يا سيد أعني » وحينئذ يصبح ملء المسيح لك لتستخدمه في كل ظرف يتطلبه.
ماكنتوش
|
