الأربعاء 16 يوليو - تموز - 2003

المصالحة


وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه (كو1: 21،22)

إن الغاية من وراء مُصالحة الله لنا أن يُحضرنا « قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه ». والمصالحة معناها الموافقة تمام الموافقة بين طرفين، والمطابقة تمام المطابقة بين فكرين وبين كيانين. ولما دخلت الخطية، أي الطرفين تأثر بدخولها: الله أو الإنسان؟ الجواب: هو الإنسان الذي صار أجنبياً عن الله وصار عدواً لله في الفكر والعمل. وبالخطية صار الإنسان نجساً وملوماً ومعيباً. أما الله فلم ولن تغير الخطية فيه شيئاً. إذاً مَنْ ذا الذي بوسعه أن يمحو من ساحة الإنسان كل نشاز وكل ابتعاد وكل نجاسة وكل ملامة وكل عيب حتى لا يكون هناك أقل نفور بين الله والإنسان؟ هذه الخدمة ـ خدمة مصالحة الإنسان ـ هي من عمل الله وحده، والله يعملها على أساس من المحبة والعدل، أي بالنعمة والبر. يعملها الله مجاناً دون أن تمس قداسته، ورحمة منه دون أن يفرِّط قيد شعرة في مطاليب عدالته.

نقول لقد اضطربت علاقة الإنسان مع الله بالخطية لأن الخطية جعلت الإنسان متجنباً ومنحرفاً، بينما الله لا يمكن أن تعطل الخطية حركته أو تغير قصده أو تحوّل فيه صفة واحدة.

ليس صحيحاً وليس كتابياً أن نقول « مصالحة الله معنا ». هذا خطأ في التعبير وفي التفكير. لأن الله ثابت « ليس عنده تغيير ولا ظل دوران ». إنه يعمل وفق طبيعته وكمال صفاته ويصل إلى غرضه دون أن يغير من فكره. لكن التغيير، والانحراف، والتجنب عن حياة الله، والعداء له حصل فينا.

ولكي يصالحنا الله كان يجب أن تتم المصالحة على قياس صفاته وكمالاته له المجد. لأنه لا مصالحة مع الله إذا لم تضمن اعتبارات مجده، وإذا لم تكن وفق طبيعته. لأجل ذلك كان يجب أن تتم على أساس الفداء. وواضح أن « المصالحة » هي أكثر من مجرد عودة العلاقات مع الله. إننا من قبيل التجاوز نقول عودة العلاقات بالمقابلة مع علاقة قديمة كانت وتدهورت، لكن الحقيقة هي أن المصالحة ليست عودة إلى تلك العلاقة القديمة التي كانت قبل السقوط، بل هي تأسيس علاقة جديدة لها رسوخ وثبات قيمة الفداء، وفيها بلوغ الله إلى قصده، وبالتبعية فيها عودة الإنسان الذي سقط إلى الاستمتاع ببركة القبول عند الله وبركة رضاه.


 

داربي

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS