الجمعة 17 يناير - كانون الثاني - 2003

الهجرة إلى موآب


حدث في أيام حكم القضاة أنه صار جوع في الأرض، فذهب رجل من بيت لحم يهوذا ليتغرب في بلاد موآب هو وامرأته وابناه (را 1: 1)

لقد هاجر أليمالك وعائلته من أرض الرب وساروا عكس الاتجاه الذي دخل به الشعب بقيادة يشوع إلى دائرة البركات. فالشعب عندما دخل الأرض عبر الأردن من الشرق للغرب، لكن أليمالك عبر بالعكس من الغرب إلى الشرق وذهب ليتغرب في موآب.

وموآب هذا نعلم قصته المؤلمة من تكوين19، ومعنى اسمه « مثل أبيه ». وأبوه لوط هو الذي ترك رفقة الرجل السماوي أبرام وذهب باحثاً عن مكان الراحة والسقي، المكان الذي رآه كجنة الرب كأرض مصر، وعاش هناك بلا شهادة وانتهت حياته كمعنى اسمه تحت غطاء!

لكن موآب هذا له أوصاف أخرى تَرِد في إرميا48: 11 حيث يقول النبي « مستريح موآب منذ صباه، وهو مستقر على درديه، ولم يفرَّغ من إناء إلى إناء ولم يذهب إلى السبي، لذلك بقيَ طعمه فيه ورائحته لم تتغير ». وهنا نرى إشارة لصناعة الخمر حيث يُعصر العنب ويُترك في زقاق، ثم يفرّغ في إناء آخر وتُترك المواد المترسبة، ثم تُكرر العملية إلى أن تُنتج خمراً نقية ذات رائحة طيبة. ولكن موآب لم يحدث معه هكذا فلم يُفرغ من إناءٍٍ إلى إناءٍ، فبقيَ طعمه فيه ورائحته لم تتغير. فأليمالك ذهب إلى مكان الراحة الذي لا يوجد فيه تفريغ من إناءٍ إلى إناءٍ. ولكن الرب لم يُصادق على هذا. فمن محبة الرب للمؤمن أنه لا يتركه بطعمه القديم ولا برائحته القديمة، لكن لا بد من أن يفرغه من إناءٍ إلى إناءٍ وينقيه، وهذا ما حدث مع نعمي ليقودها إلى بركة عظيمة جداً.

فإن كان الرب يتعامل معنا بالتدريبات التي تنقينا، يا ليتنا نثق فيه وننتظره بدلاً من الهَرَب إلى موآب. فمن الجميل أن نخضع للرب، عندما يضيِّق الرب علينا. قال الرب « احملوا نيري عليكم وتعلموا مني ... فتجدوا راحة لنفوسكم » (مت11: 29)، فالراحة الحقيقية ليست أن نتنصَّل من النير، لكن أن نخضع. لو حاولت البقرة وهي تحرث تحت النير أن تحرِّك رقبتها بعناد، فإنها لن تؤذي إلا نفسها، لكن عندما تخضع للنير وتسير بهدوء وخضوع فهناك الراحة الحقيقية. فليت الرب يمنحنا نعمة لكي نظل هادئين خاضعين منتظرين الرب ولا نحاول البحث عن حلول أخرى بعيداً عنه.


 

نبيه اسحق

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS