السبت 7 ديسمبر - كانون الأول - 2002

العُزلة مع الله


تعالوا أنتم منفردين إلى موضع خلاءٍ واستريحوا قليلا (مر6: 31)

لا شيء يتهيبه أهل العالم أكثر من الوحدة والتأمل. لذلك هم يفضلون أن تضغطهم مشغوليات الحياة على أن يوفروا لأنفسهم خلوة من الزمن للتفكير. قد تكون هناك خطايا، وخطايا كثيرة، وإذا ما خطرت على النفس فكرة كون الله دياناً للخطية، فإنها ترتعب وتخاف، ولأنها في حالة لا تحتمل معها قوة النور، فهي تحب الظلمة. وإزاء ضغط هذه الأفكار وأصوات الضمير المتتابعة فإن الناس يسعون في أثر أعمال الحياة الحاضرة هرباً من ضغط عبء التفكير. وبذلك يصلون إلى غايتهم، وقد يصلون إليها عن طريق الاستمتاع بمسرات ومباهج العالم كلما حانت الفرصة وتوفر المكان.

هذه الجهود عينها قد يحاولونها للتخلص من الوحدة والعُزلة، حتى لا تكون لديهم فرصة للتفكير الهادئ الرصين. كأن الحقائق الخطيرة الخالدة المتعلقة بالنفس لا نصيب لها من التفكير أو خلوة الزمن. وقد قال الرب « ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه » (مر8: 36).

ولكن هلم أيها القارئ وانتقل من التأمل في هذا المشهد الذي يمزق القلب إلى مشهد آخر مُحبب، تجذبك نحوه رُبط قوية لطيفة، وتقودك لأن تفصل أحباءك عن المشهد الأول وتربحهم للمسيح. هلم واستمتع بروح التأمل في عُزلة النفس الحلوة بالانفصال عن العالم، حيث يتزين المشهد بحضور المخلص ويستنير بأفراح الروح القدس. وكلما كانت مشقة الانفصال والاعتزال عن العالم وسيعة المدى، كلما كانت الشركة عميقة والبركة غنية. بالقلب والروح اقطع كل علاقة بالعالم، ومع أنك لا تزال فيه ولكن أنت حينئذ بعيد عن ضوضائه وعن مناظره الردية! أي نعم فإن هوة عظيمة قد أُثبتت الآن، تفصل ما بين المؤمنين وبين هذا العالم الحاضر الشرير، لأنهم ـ بلغة الرب ـ « ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم » (يو17: 14). وعليه فهدأة النفس وتأملها المقدس بالشركة مع شخص الرب الممجد هو المميز لأوقاتها بينما هي على الأرض. وأنها قد تتمتع بهذه الآثار الدسمة في غرفة المرض، أو خلوة الحقول، أو حتى في ميادين أعمال الحياة؛ إذ الأمر موكول ومتعلق بحالة القلب. فما أبرك أن أكون وحدي، مع أني لست وحدي!


 

أندرو مولر

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS