الثلاثاء 19 نوفمبر - تشرين الثاني - 2002

لما رأى يسوعُ أمَه


فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً قال لأمه: يا امراة، هوذا ابنك. ثم قال للتلميذ: هوذا أمك (يو19: 26،27)

يقيناً كانت آلام النساء في ذلك اليوم، عظيمة، أما آلامه هو فكانت بكل يقين أشد بما لا يُقاس. كانت آلامهن، وهن واقفات عند الصليب، شديدة، أما آلام المصلوب نفسه فما كان أشدّها! لقد كانت كافية لتجعله ينسى، في سعيرها، كل شخص وكل شيء حوله. إن شدة آلام النساء أعجزتهن عن الكلام، فلم تستطع واحدة منهن أن تنطق ببنت شفة، أما هو ففي آلامه الأشد نطق وتكلم. فتعالوا بنا نستمع إلى أقواله العجيبة في هذا المشهد المذيب.

لقد كان المسيح كمال الكمال في كل شيء، وقبل مولده بمئات السنين قال عنه إشعياء النبي « ويُدعى اسمه عجيبا » (إش6:9). أ كان يمكن ألاّ يهتم ذلك الكامل العجيب بأمه؟! لقد ذكر قاتليه فهل ينسى أمه؟! أ كان يمكن أن ينسى تلك الأم الحزينة الواقفة عند الصليب؟!

لكن لاحظ أخي العزيز شيئاً آخر، فالمسيح عندما صلَّى وهو فوق الصليب لأجل أعدائه، كان هذا من صميم رسالته، كقول الوحي « وهو حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين » (إش12:53). وإن كان قد اهتم بلصٍ تائبٍ وثق به، فهذا أيضاً يتفق ورسالته باعتباره المخلِّص كقوله هو « لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلِّص ما قد هلك » (لو10:19). لكن أن يهتم في ساعةٍ كهذه بأمر عائلي، ويكرِّس بعض وقته لشأن من شئون الحياة العادية فهذا هو الكمال الإنساني بعينه.

والكلمة التي نطق بها المسيح للمطوّبة أمه تحمل رسالة تعزية لنا، فالقلب الذي أشفق وهو على الصليب، ما زال يُشفق على كل متألم ويرثي لكل مُجرَّب. إنه يحيط باهتمامه وعنايته كل خاصته الذين في العالم والذين أحبهم إلى المنتهى (يو1:13). وهو إن كان قد اهتم بأمه، فلا ننسَ أنه قال مرة « إن مَنْ يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي » (مت50:12). فليتعزَّ المحزونون وليتشجع المحتاجون لمن يهتم ويرثي (1بط5: 7؛ عب4: 15،16)، وليتعلِّم المتوحدون حقاً أن يلقوا كل رجائهم عليه هو، ذاك الذي له قال المرنم:

قلبُكَ ينبضْ حناناً حتى مِنْ فوقِ الصليبِْ
يدُكَ تجرحْ وتعصِبْ أنتَ إلهي الحبيبِْ


 

يوسف رياض

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS