الأحد 13 أكتوبر - تشرين الأول - 2002

النعمة


والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا... مملوءاً نعمة وحقا (يو1: 14)

إن « الكلمة » هو المعبِّر عن الله. والمسيح ـ تبارك اسمه ـ كالكلمة مملوء نعمة. إننا هنا لا نرى النعمة منسكبة على شفتيه (مز45) ولا خارجة من فمه (لو4) أو صادرة بأعماله المجيدة (لو13: 17)، ولكنه هو كمستودع وآنية النعمة كلها. ليس فقط كالينبوع بل كالمستودع كله.

وهنا نسأل ما هي النعمة؟ إنها ليست مجرد إحسان الله لمن لا يستحق الإحسان، وبدون عمل منه (هذا ينطبق عليها كوصف)، ولكن النعمة في طبيعتها هي نفسها محبة الله الظاهرة في مشهد الإنسان، عاملة فيه، ومنتصرة على الشر الكائن في داخله. ليس بمحاربة الشر وإدانته والقضاء عليه، بل بالارتفاع فوقه، والإحاطة به، والتعمّق فيما تحته. إنها غلبة الشر بالخير لا بالقضاء عليه (إن القضاء على الشر ينتهي منه، لكن الغلبة بالخير على الشر تبقيه مغلوباً، وهذا مجد أكثر).

إنها المحبة أي طبيعة الله .. المحبة التاعبة العاملة في مشهد الإنسان والخطية، المحبة المجاهدة والمنتصرة على الشر.

إن النعمة شيء يرتبط بعلاقة الله مع الإنسان، وليست كائنة بين الأقانيم. إنها ترتبط بحاجة الإنسان وتفترض وجود الشر ونتائجه (ليست هكذا المحبة إذ أنها كائنة بين الأقانيم قبل الشر). لأنه إن كان العالم لم يعرف الكلمة، وخاصته رفضته (الإنسان بدون النعمة)، فقد كان ضرورياً أن تأتي النعمة إلى المشهد، أي محبة الله متسامية ـ بما هي في ذاتها ـ فوق حالة الإنسان هذه، ومتخذة فرصة من حالة الإنسان لتعبِّر عن نفسها وبطريقة تسمو فوق الشر وتتعمق إلى ما تحته. هل عظُم شر الإنسان؟ النعمة أعلى منه. هل تعمَّق؟ إنها تصل إلى ما تحته، إنها أعمق منه.

كما نلاحظ أن النعمة تأتي بالارتباط مع الكلمة صائراً جسداً وليس قبل ذلك. إن فكر النعمة في الله كائن في الأزل (2تي1: 9). ولكن النعمة في حقيقتها كموجودة فعلاً، يرتبط بظهور الكلمة في الجسد. قد يكون الله قد تعامل قديماً مع البشر، وأظهر مَنْ هو، وذلك على مبدأ النعمة. ولكن ظهور النعمة في طبيعتها وحقيقتها لم تكن إلا بتجسد الكلمة « وإنما أُظهرت الآن بظهور مخلصنا » (2تي1: 9).


 

نبيه اسحق

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS