السبت 15 سبتمبر - أيلول - 2001

لكي أربح المسيح


المسيح يسوع ربي، الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح (في3: 8)

لا يتكلم الرسول بولس عن خطاياه وذنوبه، أو عن الأمور التي يستحي بها، بل يشير إلى فضائله ومزاياه، ومركزه الديني والعقلي والأدبي والسياسي، تلك الأمور التي كان يحسده عليها أترابه، ولكنه يقول إنه يحسبها خسارة لكي يربح المسيح.

ما أقل الذين يدركون عمق هذه الكلمات وقوة هذا التعبير « لكي أربح المسيح ». فمعظمنا يكتفي بأن يفتكر عن المسيح كعطية الله للخطاة، ولا يسعى في أن يربحه كجعالة للنفس بتضحية كل ما هو عزيز ومحبوب للطبيعة. على أن الأمرين متميزان أحدهما عن الآخر. فكخطاة مذنبين هالكين، لا يطلب الله منا أن نعمل عملاً ولا أن نقدم أو نضحي شيئاً، بل على العكس يطلب منا أن نأخذ مجاناً، نأخذ كل شيء، لأن « هبة الله هي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا » (رو6: 23).

كل هذا صحيح، ونشكر الله عليه. ولكن يوجد وجه آخر للموضوع. فماذا يقصد الرسول بربح المسيح؟ إنه كان بلا شك قد قبل المسيح كعطية الله للخطاة. فماذا أراد بعد ذلك؟ أراد أن يربح المسيح ككنز لنفسه ولو خسر كل شيء في سبيل ذلك. فكما أن المسيح التاجر الحقيقي قد باع كل ما له إذ أخلى نفسه وضحى بكل حقوقه كإنسان وكالمسيا لكي يمتلك الكنيسة، التي رآها لؤلؤة كثيرة الثمن (مت13: 44-46)، هكذا بولس الرسول قد ضحى بكل شيء لكي يمتلك ذلك الغرض الأسمى الذي قد أُعلن لقلبه يوم ظهور الرب له، فقد رأى في ابن الله جمالاً أدبياً وكمالاً فائقاً جعلاه ينسبي، فتخلى عن كل امتياز وشرف عالمي، واحتقر كل مسرة وغنى أرضي، لكي يملأ المسيح كل زوايا قلبه ويملك على كيانه الأدبي بجملته، واشتاق إلى معرفته ليس كمن رفع خطاياه فقط، بل كمن يستطيع أن يُشبع كل رغبات النفس، ويعوّض لها عن كل ما في العالم.

أيها القارئ العزيز. دعنا نشخص إلى هذه الصورة الجميلة التي هي عكس الصورة الماثلة أمامنا في هذه الأيام - صورة محبة الذات، ومحبة العالم، ومحبة المال، والسعي وراء المسرات الأرضية. وهذه الصورة تخجل ضعفنا وعدم اهتمامنا اللذين يتمثلان في كل حركاتنا وسكناتنا. فأنىّ لنا بمن حياته تطابق القول « لكي أربح المسيح »؟!


 

ويجرام

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS