الثلاثاء 11 ديسمبر - كانون الأول - 2001

تحترق الأرض والمصنوعات!


وبكَّر ابراهيم في الغد إلى المكان الذي وقف فيه أمام الرب .... ونظر وإذا دخان الأرض يصعد كدخان الأتون (تك19: 27،28)

نحب أن نوجه النظر إلى طريقتين يستخدمهما الرب في نعمته لاجتذاب القلب إليه من وراء العالم الحاضر؛ الأولى بإظهار ثبات وجمال « ما فوق » أي ما هو سماوي، والأخرى بإظهار زعزعة وزوال « ما على الأرض ». ولنا في عبرانيين12 مثال جميل لكل من الطريقتين. في ذلك الأصحاح يكشف لنا الرسول عن أمجاد عهد النعمة وأفراحها وامتيازاتها (عب12: 22،23). ولكن في نهاية الأصحاح يحدثنا عن « تغيير » أو زوال « الأشياء المتزعزعة كمصنوعة، لكي تبقى التي لا تتزعزع ». وخير لنا أن ننقاد بأفراح السماء من أن ننقاد بأحزان وخرائب الأرض. وليس على المؤمن أن ينتظر ليرى زعزعة الأمور الحاضرة؛ ليس عليه أن يصبر على العالم حتى ينبذه، بل يتقدم هو ويرفض العالم أولاً: يرفضه، ينبذه، في قوة شركته في الأمور السماوية. وإذا كنا بالإيمان نُمسك بالمسيح فسوف لا نجد صعوبة في طرح العالم وراءنا، بل العكس صحيح، فإنه يصعب علينا حينئذ أن نُمسك بالعالم. لنفرض كناساً، عمله تنظيف الشوارع، أصابته فجأة ثروة هائلة. إنك سوف لا تعود تراه يمارس - آذار - عمله اليومي المعتاد - تنظيف الشوارع. هكذا الحال معنا إذا تحققنا في نفوسنا من نصيبنا في الأمور السماوية التي لا تتزعزع، فإننا حينئذ لا نجد صعوبة في رفض التافه من أفراح العالم والملذات الأرضية الفانية. فلننفصل عن العالم عملياً، وفي انفصالنا نوجد منتظرين مجيء سيدنا، وحينئذ لا يكون للأرض أية جاذبية لقلوبنا، بل ننظر إلى شرف العالم ومجده وغناه في نور مجد المسيح المُقام. ونظير ابراهيم ونحن في حضرة الرب نرى احتراق الأشياء التي يركض الناس وراءها « تحترق الأرض والمصنوعات التي فيها » (2بط3: 10).

فمن هناك، من ذلك الموضع عينه الذي شهد وسمع أحاديث الشركة، تطلع ابراهيم ليرى دخان القضاء. وهي صورة رمزية للكنيسة في سفر الرؤيا. ففي ذلك السفر نجد الشيوخ المكللين وكأنهم يتطلعون على دخان العالم بينما الأحكام تأخذ مجراها المرسوم.

نعم « تحترق الأرض والمصنوعات التي فيها » ومَنْ يدري متى يتم ذلك؟ ربما بعد وقت قصير جداً. هكذا قضاء الله الآن يتهدد هذا العالم الأثيم، وهوذا اليوم يقرب. ولكن أناة الله تنتظر، وها صوت النعمة ينادي به في كل أذن، ويا لغبطة الذين يهربون إلى جبل خلاص الله المنيع ويلجأون إلى صليب ابن الله لينالوا المغفرة والسلام.


 

ماكنتوش

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS