السبت 3 يونيو - حزيران - 2000

على أيلة الصبح


« اهرب يا حبيبي وكُن كالظبي أو كغفر الأيائل على جبال الأطياب » (نش14:8)

لم يَرِد هذا التعبير « على أيلة الصبح » في كل الكتاب إلا في مزمور 22، وهو تعبير شعري جميل لداود الشاعر المرهف الحس، فكان يتخيّل الأشعة الأولى للشمس عند شروقها من خلف جبال يهوذا كأنها قرون الأيل. فبعد الليل الـمُخيف تنفذ أشعة الشمس المضيئة التي كان يترقبها داود فيأمن على خرافه، ويأنس من وحشة الليل. فكأن الشمس ماتت في الليل فاتشح الكون بالسواد، ولكن في الفجر ها هي قد أشرقت بنورها الوضاح. وهذان الأمران هما مشغولية هذا المزمور؛ أعنى بهما موت الرب وقيامته.

في الأسفار الشعرية يشبَّه المسيح كثيراً بالأيائل والظباء. وفى هذا المزمور يُشبَّه المسيح بالأيلة الوديعة الجميلة وهى مُحاطة بالصيادين وبالضواري. ويمكننا أن نرى بعض الأسباب لذلك:

1 - طهارته : فالأيل في لاويين 11 من الحيوانات الطاهرة التي تجتر وتشق الظلف. وشق الظلف روحياً يعنى أن يسير الإنسان بمنأى عن ملوثات الأرض ودنس العالم. والاجترار روحياً هو أن يجيد هضم ما يأكله من كلمة الله
(مت4:4) . وهذان الشرطان انطبقا تمام الانطباق على المسيح (مز1:1) .

2 - سلوكه : فالأيل يهوى الحياة الهادئة بعيداً عن الضوضاء، كما يحب ارتقاء القمم العالية (نش5:3، حب19:3). وهكذا كان الرب كالعبد الكامل في إنجيل مرقس، يذهب إلى موضع خلاء ويصلى
(مر35:1) ، وكالإنسان الكامل في إنجيل لوقا « قضى الليل كله في الصلاة لله » (لو12:9) . فكان بحق رجل الشركة الحقيقي.

3 - قوته : فكلمة « أيّل » مشتقة من اسم الجلالة « إيل »، وإن كان إيل يعنى القوى، فإن الأيّل بتشديد الياء؛ تعنى القوى جداً. فقد كان المسيح قوياً جداً، إلا أنه لم يستخدم تلك القوة إلا في خدمة الآخرين وعمل الخير العظيم.

تسجل لنا البشائر الأربعة 35 معجزة عملها المسيح لخير البشرية، ولا نقرأ أنه عمل الضرر لأحد أو تسبب في أذاه. فهو فتح أعين سبعة رجال، لكنه لم يعمى أحداً كما فعل أليشع
(2مل18:6) . وآخر عمل عمله قبل الصليب هو إبراء أذن عبد رئيس الكهنة. إنه لم يعمل معجزة لنفسه وهو جائع في البرية، في حين أنه أشبع الجياع خيرات (مت15:14-21) !

إنه بحق الأيّل القوى.


 

يوسف رياض

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS