لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

أنواع المعموديات المختلفة

في العهد الجديد

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الفصل الأول

 

أنواع المعموديات المختلفة

في العهد الجديد

 

وقبل أن ندخل في الحديث عن موضوع المعمودية، من الأفضل لنا أن نميز بين العديد من المعموديات المذكورة في العهد الجديد، وإن لم نستطع أن نميز بين هذه المعموديات المختلفة فسوف يؤدى ذلك إلى الارتباك الفكري، لأن كل معمودية لها معناها الخاص، كما أنه يجب على كل مؤمن أن يتعلم ما قاله الرسول بولس للمؤمنين في مدينة فيلبى: "حتى تميزوا الأمور المتخالفة" (في10:1). فكما أننا نستطيع أن نميز بين تدبير الناموس الذي أُعطى من الله عن طريق موسى، وبين تدبير النعمة الذي صار بيسوع المسيح (يو17:1)؛ وكذلك أن نميز بين اليهود والأمم، وبين الكنيسة - "كنيسة الله" - (1كو 32:10)؛ ونميز بين السبت وبين يوم الرب؛ وبين عطية الخلاص من الله للخاطئ، وبين مكافآت الخدمة الأمينة للمؤمن؛ وأيضاً نستطيع أن نميز بين كرسي المسيح للمؤمن، وبين العرش العظيم الأبيض للدينونة لغير المؤمن ... هكذا يجب أن نميز بين خمسة معموديات واردة في العهد الجديد:-

أولاً: معمودية يوحنا المعمدان، للتوبة ولغفران الخطايا:

في (مر4:1) جاء هذا القول "كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا"، وفي (مت 11:3) "أنا أعمدكم بماء للتوبة...". من المهم أن نلاحظ أن المعمودية لم تتأسس بالمسيحية ولكنها رُسمت قبل ظهور المسيحية، ومارسها اليهود.

عندما جاء يوحنا المعمدان إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا، كان يقول للجموع الذين خرجوا ليعتمدوا منه "اصنعوا أثماراً تليق بالتوبة"، ولاشك أن اليهود كانوا يعرفون أن خضوعهم لهذه المعمودية في ذلك الوقت سيكون نقطة تحول في حياتهم، لذلك اعتمدوا بمعمودية يوحنا. ولقد اعتمد الرب يسوع نفسه رغم اعتراض يوحنا المعمدان الشديد، وبهذا العمل لم يضع الرب ختم المصادقة على خدمة يوحنا المعمدان فقط ولكن أتحد نفسه بالأتقياء من هذا الشعب أيضاً (مت13:3-17)، وسنتحدث أكثر عن هذه المعمودية في الفصل التالي.

ثانياً : معمودية الألم للمسيح حتى الموت، بسبب خطايانا:

"ولي صبغه أصطبغها، وكيف انحصر حتى تُكمل؟" (لو50:12) بهذه الكلمات يشير الرب يسوع - بطريقه رمزيه - إلى آلامه وموته الذي كان سيتم على الصليب، وتلك العاصفة الرهيبة لغضب الله التي كانت ستهب عليه، وذلك لخلاص كل خاطئ يؤمن به، و لا حاجه لنا أن نقول أن هذه المعمودية - التي تمثل كأس غضب الله هنا - كانت لابن الله فقط، و لا يوجد شخص يشاركه هذه الكأس - كأس الآلام، فبكل رضى احتمل الصليب مستهيناً بالخزي إلى أن أكمل العمل وأرضى قلب الله تماماً، وبعد ثلاثة أيام قام منتصراً من القبر وهو الآن حي لكي يُخلّص إلى التمام كل من يؤمن به (عب25:7)، وهكذا بمعموديته هذه، أي معمودية الموت، سدّد ربنا المبارك كل مطاليب الناموس، وكل مطاليب عدالة الله نيابة عن كل من يؤمن به ويقبله كالمخلص الشخصي. لاحظ أن كلمة [صبغة] في اللغة الأصلية للعهد الجديد هي نفسها كلمة [معمودية].

ثالثاً : معمودية الروح القدس، (أع5:1، 1كو13:12):

لقد أشار يوحنا المعمدان إلى تلك المعمودية عندما قال: "الذي يأتي بعدي ... سيعمدكم بالروح القدس..." (مت 3: 11)، ولقد قال المسيح لتلاميذه بعد قيامته وقبل صعوده: "ستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير"، ولقد تمت هذه المعمودية في يوم الخمسين (أع1:2-4)، وتكونت الكنيسة بهذه المعمودية، ونقصد بالكنيسة جسد المسيح الذي يتكون من كل المؤمنين من يوم الخمسين حتى الاختطاف، وكل مؤمن هو عضو

في هذا الجسد* "..الكنيسة، التي هي جسده، ملء الذي يملأ الكل في الكل".

ومعمودية الروح القدس إلى جسد المسيح، تمت يوم الخمسين، وتتم مع كل المؤمنين، وهى ليست اختباراً فردياً لمؤمن دون الآخر، ولكن يشار إليها بمعنى جماعيّ، أي لكل المؤمنين. فالمؤمنين في مدينة كورنثوس - رغم الشرور الكثيرة في حياتهم، والتعاليم الغير صحيحه بينهم، لكن - يكتب لهم الرسول بولس مسوقاً من الروح القدس قائلاً "لأننا جميعنا بروحٍ واحدٍ أيضاً اعتمدنا إلى جسدٍ واحدٍ، يهوداً كنّا أم يونانيين ، عبيداً أم أحراراً، وجميعنا سُقينا روحاً واحداً" (1كو13:12).

رابعاً : معمودية المؤمنين بالماء:

وهذا يتم بالتغطيس في الماء، بعد اعترافهم بالإيمان بالرب يسوع المسيح، وذلك رمز لاتحادهم بالمسيح في موته ودفنه وقيامته. إنها معمودية هامة لكل ابن حقيقي لله، لأن الذي أوصى بها هو الرب المخلّص والفادي، لكل من يؤمن. وسوف يأتي الكلام عنها كثيراً لأنها الموضوع الأساسي لهذا الكتاب.

خامساً: معـمودية النار:

وهى مصير كل من يرفض المسيح (مت11:3، 12)، (رؤ15:20).

لقد قال يوحنا المعمدان عن الرب يسوع: "سيعمدكم بالروح القدس ونارٍ. الذي رفشه في يده، وسينقى بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنارٍ لا تُطفأ". ويتبين بوضوح من هذه العبارة أن معمودية النار مرتبطة بالدينونة للأشرار، الذين يعبر عنهم هنا بكلمة {التبن}، فهذه الكلمة لا يمكن تطبيقها على المؤمنين، لأن المؤمنين مضمونون في الرب (يو 24:5)، (يو27:10-30)، مع ملاحظة أن الكلام هنا قيل من يوحنا المعمدان إلى سامعيه، وهم من الفريسيين والصدوقين، وقال لهم: "يا أولاد الأفاعي" (مت7:3)، لكن لما قيلت عن التلاميذ فقط، لم يُذكر فيها عن النار شيئاً بل قيلت كالتالي: "لأن يوحنا عمد بالماء، أما أنتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير".

يظن بعض المؤمنين بإخلاص - وظنهم خطأ - أن معمودية النار هنا تشير إلى معمودية فرديه من الروح القدس للمؤمنين، وبها يتخلص المؤمنين تماماً من الطبيعة الجسدية، وبالتالي يصبح المؤمن كاملاً بلا خطية، ولا يقدر أن يخطئ؛ ولكن هذا ليس صحيحاً، كما هو واضح من كلمة الله تعليمياً وواضح أيضاً أختبارياً، فالمؤمنين الأتقياء في كل مكان وفى كل عصر يشهدون عن خطأ هذا التعليم.

لقد تأملنا قليلاً في أنواع تلك المعموديات الخمس، ولكننا نؤمن أنه من الضروري على كل مؤمن أن يعرف من تعاليم كلمة الله الواضحة أين هو موقعه وما هو موقفه بالارتباط مع هذا الموضوع، مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة، ومعطياً إجابة عن سبب الرجاء الذي فيه بكل تواضع وخوف (2تى15:2، 1بط 15:3).

 

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة