جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 4، آية 16

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 4، آية 16

16-"استيقظي يا ريح الشمال وتالي يا ريح الجنوب. هبي على جنتَّي فتقطر أطيابها. ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس".

ان كلمة "ريح" تستعمل كثيرا في الكتاب المقدس كإشارة إلى الروح القدس فكان الرب له المجد يريد ان يعمل بروحه بوسائل متنوعة في قلوب شعبه المحبوب "جنته" لكي تقطر أطيابها. أنه _ تبارك اسمه يعرف كل شجرة في جنته، لان كل ما فيها هو من غرس يمينه "فيدعون أشجار البر غرس الرب للتمجيد"(أش61: 3) ثم هناك في جنة الرب "أطياب" ولا يمكن ان تقطر تلك الأطياب إلا بعمل الروح القدس سواء بريح الشمال أو بريح الجنوب "استيقظي يا ريح الشمال أو تعالي يا ريح الجنوب. هبي على جنتي" فقد يستخدم الرب عصفا عاتيا من الشمال أو لفحة هادئة من الجنوب لكي تقطر أطياب جنته ولكي يجد فيها ثمرا نفيسا، فكل الظروف المختلفة والمتنوعة التي يجتازها القديسون تؤول إلى نموهم في النعمة وفي الإتيان بالأطياب وبالثمر النفيس لقد هبت ريح الشمال عندما حدث اضطهاد عظيم على الكنيسة (أع8: 1-3) كما هبت ريح الجنوب عندما كان للكنائس سلام وكانت تبنى في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر (أع9: 31) وكذلك بولس وسيلا فأنهما اختبرا ريح الجنوب في بيت ليديه ولكن عصفت عليهما ريح الشمال العاتية في سجن فيلبي (أع16).

ولا ريب في أنه في كلتا الحالتين قطرت هناك أطياب ذكية للرب الحبيب، فكل الظروف التي ترتبها المحبة للقديسين تؤول بكل يقين إلى الثمر المبهج لقلب الرب "ونحن نعلم ان كل الأشياء (ريح الشمال وريح الجنوب) تعمل معا للخير للذين يحبون الله"(رو8: 28).

*     *     *

"ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس" : هذه الكلمات القليلة هي وحدها التي نطقت بها شفتا العروس في كل هذا الإصحاح، ولكنها كلمات لها قيمتها الغالية لدى عريسها الكريم، فهي تقول "حبيبي" أي أنه شخصيا لها وهي تعلم هذه الحقيقة وتستمتع بها. أنه سيدها المعبود ومخلصها الحبيب "حبيبي" ولكنها في الكلام عن الجنة تقول أنها "جنته" وفي الكلام عن الثمر أنه "ثمرة النفيس" وهذا حق فأننا نقرأ في موضع آخر "كان لحبيبي كرم على أكمة خصبة" وهو يقول عن ذلك الكرم أو بالحري الكرمة المشتهاة "أنا الرب حارسها. أسقيها كل لحظة لئلا يوقع بها احرسها ليلا ونهارا"(أش5: 1و27: 2و3).

يتكلم الرب في يو15 عن نفسه بأنه الكرمة الحقيقية وعن شعبه بأنه الأغصان وعن أبيه بأنه الكرام، ويا له من مشهد: ان يتطلع الآب من السماء فيرى ابنه الحبيب مثمرا لمجده عن طريق الأغصان الحية النابعة من تلك الكرمة، وما أحلاه منظرا لعين الآب ان يرى الأغصان مرتبطة بابنه الحبيب ومثمرة لمجده "مملوئين من ثمر البر الذي بيسوع المسيح لمجد الله وحمده"(في1: 11) "بهذا يتمجد أبي ان تأتوا بثمر كثير(يو15: 8).

*     *     *

لقد ظهر الثمر في حياة العروس ولذا تدعو حبيبها ليأتي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس، وهو _ له المجد _ يجيبها على الفور  "قد دخلت جنتي"(ص5: 1) أنه _ تبارك اسمه لا يرجئ الإتيان إليها فلا يقول لها سأدخل بل "دخلت" فكأنه في اللحظة التي تدعوه فيها تراه حاضرا لان قلبه على استعداد دائما ان يلبي نداء أحبائه.

*     *     *

"وبعد قليل جدا" سنتقل أغراس جنة الرب إلى الفردوس الأسنى، أو بالأحرى إلى بيت الآب نفسه حيث الهدوء والسلام والراحة الكاملة، وحيث لا تكون هناك حاجة إلى ريح الشمال العنيفة _ ريح الضيق والتأديب. هناك لا يكون للخطية أثر وبالتالي لا يكون هناك وجع أو حزن. هناك ترتوي أغراس الرب من ندى المحبة الأبدية، فلا تذبل أبدا وتكون لبهجة قلب الآب ولمجد ربنا المعبود حيث الله الروح القدس معنا إلى الأبد.