جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 2، آية 10

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 2، آية 10

10-"أجاب حبيبي وقال لي قومي يا حبيبتي ويا جميلتي وتعالي".

"أجاب حبيبي" يبدوا ان الحبيب أجاب عن طلبة سرية قد قدمتها الحبيبة إليه، وان كانت هذه الطلبة لم تدون هنا إلا أنها حركة عواطفه المقدسة، لأنه تبارك اسمه لكل الذين يدعونه _ الذين يدعونه بالحق "أحببت لان الرب يسمع صوتي تضرعاتي"(مز116: 1) وقد أكد الرب له المجد بان "كل من يسأل يأخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له" ليتنا ندرب أنفسنا على الإكثار من الصلوات والتضرعات إلى إلهنا "سامع الصلاة" "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لها بعين بكل مواظبة وطلبة"(أف6: 18).

*     *     *

ثم ان العروس تردد نفس كلمات العريس التي تكلم بها إليها كلمة فكلمة "أجاب حبيبي وقال لي" ما أغنى النفس التي تحفظ أقواله وتلهج فيها "نهارا وليلا" وتتحفظ للعمل بها أنها تكون "كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل"(مز1). أنها (أي كلمة الله) "صادقة تصير الجاهل حكيما. . . أنها تفرح القلب وتنير العينين هي أشهى من الذهب والإبريز الكثير وأحلى من العسل وقطر الشهاد. . . وفي حفظها ثواب عظيم"(مز19).

هل يستطيع كل منا ان يقول بالحق "كم أحببت شريعتك. اليوم كله هي لهجي"(مز119: 97) ان كلام المسيح هو "روح وحياة" فما أسعدنا ان كنا نخبئ كلمه في قلوبنا ككنـز ثمين "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى"(كو3: 16).

*     *     *

"قومي يا حبيبتي. . . وتعالي" ترى العروس في القسم الأول من هذا السفر مكان الحب والإعزاز، فهي ترى في حجال الملك وفي بيت الخمر وبين ذراعيه _ أعني في أقرب مكان إلى قلبه حيث له ان تتمتع بمحبة العريس في كل كمالاته بحسب أفكاره وقصده الإلهي، إلا أننا نرى هنا وفي أجزاء كثيرة من هذا السفر ان محبي المسيح لا يتمتعون دائما بملء هذه المحبة بقدر الذي يريده لهم، لهذا يتحدث إليه كثيرا ويريهم المكان الذي لهم في قلبه بحسب أفكاره الطيبة وذلك لكي يصل بهم إلى أسمى حالة من التمتع بمحبته فيقول "قومي يا حبيبتي. . وتعالي" وبذا يحثها بان تضع قلبها وعواطفها على ما فوق حيث هو، وان تثبت بصره لا في الأمور الوقتية التي ترى بل إلى الأمور الأبدية التي لا ترى، وأنها بعمل الروح القدس الساكن فيها تتحقق من ان سيرتها هي في السمويات، وأنها أقيمت مع المسيح المقام والممجد، وأنه أجلست في السمويات فيه، وأنها ليست من العالم ولكنها أرسلت من الرب سيدها وعريسها في إرسالية إلهية، وان بيتها ووطنها هما فوق "قومي. . . وتعالي" فليس هو وقت التراخي والنوم بل الوقت لطلب الرب، لذلك يقول "أستيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح"(أف5: 14).

"يا حبيبتي يا جميلتي" ما أحلك يا ربنا يسوع وما أحلى محبتك لعروسك التي دفعت فيها ثمنا غاليا _ دمك الكريم. لقد انسكبت النعمة على شفتيك وها أنت تخاطب عروسك قائلا "يا حبيبتي يا جميلتي" أليس عجيبا ان يرى الرب عروسه جميلة؟ أنه تبارك اسمه يرى كل مؤمن حقيقي جميلا حقا في عينيه، ومع أنه صار "فيه" وقد اكتسى ببر إلهي (بر الله). لقد أصبح "مقبولا في المحبوب"، والإيمان وحده هو الذي أعطاه كل هذا الجمال، فقد "اعتمد للمسيح". هذا هو جمال المؤمن فهو جميل وحلو في عين المسيح، الأمر الذي ينبر عليه هذا السفر كثيرا. ولا ريب في ان جمال كهذا ليس فيه إي عيب أو نقص لان المسيح نفسه هو الذي به قد اكتسى المؤمن وتسربل "لبستم المسيح". أنه له المجد هو "الحلة الأولى" التي لبسها المؤمن في بيت الآب (لو15) هذا هو تعليم الإنجيل الذي يتغنى به العريس هنا. حقا ما أجمل التوافق والانسجام بين الأناجيل وسفر النشيد.