الإعلان المباشر عن الألوهية
  مقدمة: من هو يسوع
المحاكمة
إعلانات أخرى
السجود ليسوع كإله
ماذا قال الآخرون عنه؟
الخلاصة: يسوع هو الله
الإعلان غير المباشر عن الألوهية
  يغفر الخطايا
يصرح بأنه «الحياة»
فيه الحياة
يسوع له السلطان

الأسماء الإلهية
  يهوه- الرب
ابن الله
ابن الإنسان
أبا -الآب

1(أ) الإعلان المباشر عن الألوهية

1(ب) مقدمة: من هو يسوع؟
يقول الكاتب الشهير تيم لاهاي: «إن أي شخص سمع عن يسوع كان له رأي فيه. وهذا أمر متوقع، لأنه ليس فقط أشهر شخص في التاريخ، لكنه أيضاً أكثر شخصية دار حولها الجدل» (La Haye, JWH, 59)

ويتفق فيليب يانسي مع هذا الرأي قائلاً: «إن جميع النظريات الفاسدة عن يسوع والتي ظهرت بشكل تلقائي منذ يوم موته لا تؤكد سوى المخاطرة الجسيمة التي خاضها الله عندما مدَّد ذاته على طاولة التشريح- وهي مخاطرة كان يرحب بها، قائلاً «افحصوني. اختبروني. ولكم القرار» (Yancey, JNK, 21)

يدعونا كُتَّاب الكتاب المقدس أن نفحص شخص يسوع بأنفسنا ونقرر بأنفسنا أهميته. ولكننا لا يمكن أن نركز بحثنا في تعاليمه أو أعماله فقط. فأولاً وقبل كل شيء، يجب أن نركز البحث في هويته.

من الواضح أن السؤال من هو يسوع؟ لا يقل أهمية عن ماذا فعل؟. (Linton, SV, 11).

«إن التحدي الذي تفرضه شهادة العهد الجديد ليسوع بالنسبة للأجيال المتعاقبة ليس هو «بماذا علَّم يسوع؟» بقدر ما هو «من هو يسوع؟» وما علاقته بنا (McGrath, UJ, 16)

فمن هو يسوع؟ وأي نوع من الأشخاص هو؟

«إن تصريحات يسوع لو نطق بها أي شخص آخر لكانت تدل على جنون العظمة، لأن يسوع يعلن بوضوح أن العالم كله يدور حول شخصه وأن مصير البشر جميعاً يعتمد على قبولهم أو رفضهم له». (Stein, MMJT, 118)

مما لا شك فيه أن يسوع يختلف عن سائر القادة الدينيين. كتب توماس شولتس قائلاً: «لم يعلن أي قائد ديني معروف مثل موسى أو بولس أو بوذا أو كونفشيوس... وغيرهم، أنه الله إلا يسوع المسيح. فالمسيح هو القائد الديني الوحيد الذي أعلن عن ألوهيته وهو الشخص الوحيد الذي أقنع قسماً كبيراً من العالم بأنه الله» (Schultz, DPC, 209).

كيف يمكن لإنسان أن يجعل الآخرين يعتقدون أنه الله؟ يقول لنا ف. چ. ملدو: «كانت تعاليمه نهائية وقطعية فوق تعاليم موسى والأنبياء. فلم يكن يضيف لتعاليمه أفكاراً أو ينقحها فيما بعد، ولم يتراجع عنها أو يغيرها أبداً، ولم يكن يظن أو يتحدث عن غير يقين. وهذا كله يخالف المعلمين من البشر وتعاليمهم» (Meldou, PDC, 5).

أضف إلى ما سبق رأي فوستر: «ولكن السبب الرئيسي الذي أدى مباشرة إلى القتل الشائن للمعلم الجليلي كان تصريحه غير المعقول بأنه، وهو ابن النجار البسيط الذي يعيش وسط النجارة والنشارة في ورشة أبيه، كان بالحقيقة الله الظاهر في الجسد» (Anderson, LH, 49).

وربما قال شخص: «بالطبع فإن وصف يسوع في الكتاب المقدس جاء على هذا النحو لأنه كتب بأيدي أتباعه الذين أرادوا أن يخلِّدوا ذكراه». إلا أننا لو أغفلنا الكتاب المقدس كله، لا نكون بذلك قد أغفلنا كافة البراهين، كما رأينا في المصادر التاريخية التي تذكر يسوع وأعماله وتعاليمه. يقول وليم روبنسون: «لو تناولنا هذه المسألة من منطلق تاريخي موضوعي، فإننا نجد أنه حتى المصادر التاريخية العلمانية تؤكد أن يسوع عاش على الأرض وأن العبادة كانت تقدم له كإله. وقد أسس الكنيسة التي ظلت تتعبد له على مدى 1900 عام. لقد غيَّر مجرى التاريخ العالمي». (Robinson, OL, 29).

ولندرس أولاً البرهان الذي يعتمد على شهادة يسوع القانونية عن نفسه أثناء محاكمته في محكمة بشرية.

2(ب) المحاكمة
«أما هو فكان ساكتاً ولم يجب بشيء. فسأله رئيس الكهنة أيضاً وقال له أأنت المسيح ابن المبارك. فقال يسوع أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً في سحاب السماء. فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال ما حاجتنا بعد إلى شهود. قد سمعتم التجاديف. ما رأيكم. فالجمع حكموا عليه أنه مستوجب الموت» (مرقس 14: 61- 64).

يقول القاضي جينور رجل القضاء الضليع بمحكمة نيويورك، في حديثه عن محاكمة يسوع: «إن التجديف كان هو الاتهام الموجَّه ليسوع أمام مجمع السنهدريم، يتضح من نصوص الإنجيل أن الجريمة المزعومة التي حوكم يسوع من أجلها وصدر الحكم عليه كانت التجديف.. لقد أعلن يسوع عن قواه الخارقة للطبيعة التي تعتبر بالنسبة لكائن بشرى تجديف» (ويشير إلى يوحنا 10: 33). إن إشارة جينور هنا إلى أن يسوع «يجعل نفسه إلهاً» وليس إلى ما قاله يسوع عن الهيكل. (Deland, MTJ, 118- 119)

ويقول أ. ت. روبرتسون عن أسئلة الفريسيين له: «يقبل يسوع التحدي ويقر بإعلانه، إنه هذه الثلاثة معاً (المسيا، ابن الإنسان، ابن الله). أما تعبير «أنت تقول» (Humeislegete) فهو مصطلح يوناني يعني (نعم) (قارن ذلك مع عبارة «أنا هو» في مرقس 14: 62، "أنت قلت" في متى 26: 64). (Robertson, WPNT, 277)

إن إجابة يسوع هي التي دفعت رئيس الكهنة لتمزيق ثيابه. ويوضح هـ. ب. سويتي مغزى رد الفعل هذا: «كان الناموس يحظر على رئيس الكهنة أن يمزق ثيابه في النزاعات الخاصة» (لاويين 10: 6، 21: 10)، ولكن بصفته قاضياً فقد جرى العرف على أن يعبر بهذه الطريقة عن فزعه إزاء أي تجديف يصدر في محضره. فيتضح هنا وبهذه الطريقة تخفيف القاضي لمشاعره المتأذية. وإن لم يكن للدليل القاطع أن يظهر سريعاً، فإن الضرورة لا تقتضيه الآن: لقد أدان المتهم نفسه. (Swete, GASM, 339)

إننا نرى الآن أن هذه المحاكمة ليست محاكمة عادية. ويشير إروين لينتون المحامي إلى ذلك قائلاً: «تختلف هذه المحاكمة عن سائر المحاكمات الجنائية حيث أن لب القضية ليس أفعال المتهم ولكن هويته. فالتهمة الجنائية الموجهة للمسيح، والاعتراف أو الشهادة أو بالحري السلوك الذي أبداه في محضر المحكمة، والذي أُدين على أساسه، واستجواب الحاكم الروماني، والكتابة التي عُلِّقت فوق الصليب وقت تنفيذ الحكم تتصل جميعها بهذه المسألة الواحدة وهي شخصية يسوع الحقيقية وهويته. «ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟» (Linton, SV, 7)

وفيما يتعلق بالأمر ذاته يوضح فرانك موريسون الذي كان قبلاً متشككاً أن : «يسوع الناصري حكم عليه بالموت، ليس على أساس شهادة خصومه، ولكن على أساس اعتراف انتزع منه تحت القسم» (Morrison, WMS, 25).

ويضيف هيلارين فيلدر: «إن دراسة محاكمة يسوع كافية كي تعطينا القناعة التامة بأن المخلِّص اعترف بألوهيته الحقيقية أمام القضاة» (Felder, CAC, 299- 300).

وعن محاكمة يسوع قال سيمون جرينليف، الذي كان يوماً أستاذاً للقانون في هارفارد والمحامي الشهير: «ليس من السهل تصوير الأدلة التي يمكن من خلالها الدفاع عن سلوكه أمام أي محكمة إلا من خلال تلك التي تستند إلى طبيعته الفائقة. ويمكننا أن نفهم أنه لا يمكن لأي محامي أن يفكر في تأسيس دفاعه على أي أساس آخر» (Greenleaf, TT, 562)

ورغم أن إجابات يسوع أمام القضاة تظهر بأشكال مختلفة في الأناجيل، إلا أننا نرى، كما يقول موريسون، إنها جميعاً متساوية المعنى: «إن هذه الإجابات متطابقة تماماً. فعبارات مثل «أنت قلت» أو «أنت تقول إني أنا هو» التي تبدو على مسامع القاريء الحديث مراوغة، لم يكن لها أي دلالة من هذا النوع لدى اليهودي المعاصر لتلك الأحداث. فالتعبير «أنت تقول» كان هو الشكل التقليدي لإجابة اليهودي المثقف رداً على سؤال خطير. فكان من اللياقة تجنُّب الرد المباشر باستخدم كلمتي «نعم» أو «لا» (Morison, WMS, 26).

ولا شك أن يسوع كان يقصد ذلك من إجاباته. ويتناول س. ج. مونتفيور العبارة التي تلي اعتراف المسيح بألوهيته بالتحليل قائلاً: «إن تعبيري «ابن الإنسان» (الذي تردد على لسانه كثيراً) و«عن يمين القوة»... (وهي تعبير عبري خاص يدل على الألوهية) يدلان على أن جواب يسوع يتفق تماماً مع مغزى الحديث وأسلوبه». (Montefiore, TSG, 360).

كتب أيضاً كريج بلومبرج الكاتب والعالم الشهير للعهد الجديد قائلاً:

ربما وجَّه يسوع الاتهام إلى المحققين معه بصياغته للأمور على هذه الصورة. ولكنه لا يتوقف عند هذا الحد فهو يمضي قائلاً: «وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً في سحاب السماء» (مرقس 14: 62). وهذا الجواب يتضمن إشارة إلى (دانيال 7: 13 ومزامير 110: 1). وهنا تعني عبارة «ابن الإنسان» أكثر من مجرد إنسان. فيسوع يصف نفسه بعبارة دانيال: «وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه فأعطى سلطاناً وقوة على البشرية كلها حتى تخضع لسلطانه المسكونة كلها إلى الأبد». (دانيال 7: 13 و14). إن هذا التصريح بأنه أكثر من مجرد إنسان عادي قد استلزم صدور حكم التجديف من قِبَل المحكمة اليهودية العليا. (Blomberg, JG, 341- 43).

كتب ف. ف. بروس، الأستاذ بجامعة مانشستر بانجلترا يقول: «إن رؤيا دانيال تشير ضمنياً، إذ لم يكن صراحة، إلى أن هذا الكائن كان متوَّجاً... ربط يسوع بين هذين النصين الكتابيين عندما تحدَّاه رئيس الكهنة اليهودي أن يعلن عن هويته». (Bruce, RJ, 64- 65)

فمن ثم يتضح تماماً أن هذه هي الشهادة التي أراد يسوع أن يعلنها عن نفسه. كما نرى أيضاً أنه لابد أن يكون اليهود قد فهموا جوابه هذا على أنه ادَّعاء بالألوهية. وهنا كان أمامهم خياران: إما أن تصريحاته كانت محض تجديف أو أنه كان الله. لقد كان الأمر واضحاً تماماً أمام قضائه حتى أنهم عندما صلبوه عيَّروه قائلين: «قد اتَّكل على الله... لأنه قال أنا ابن الله» (متى 27: 43). (Stevenson, TTG, 125).

وهكذا نرى أن يسوع صُلِب بسبب حقيقة شخصيته، لأنه كان ابن الله. وهذا الأمر نفهمه من تحليل شهادته عن نفسه التي أكد فيها أنه ابن الله، وأنه الشخص الذي يجلس عن يمين القوة، ابن الإنسان الآتي على سحاب السماء.

ويخلص وليم تشيلدز روبنسون إلى أن: «كل من هذه التصريحات (الثلاثة) خاصة بالمسيا. والتأثير المركَّب لها معاً في غاية الأهمية والخطورة» (Robinson, WSYIA, 65)

يعلق هورشيل هوجس قائلاً:

أدرك أعضاء السنهدريم ما أشار إليه فوجهوا له سؤالاً واحداً: «هل أنت ابن الله» وكان سؤالهم يحمل معنى إيجابياً، وكأنه إقرار منهم بلاهوته، ولهذا أجابهم يسوع: «أنت قلت إني أنا هو»، وهكذا جعلهم يعترفون بلاهوته قبل أن يحكموا عليه بالموت. لقد كانت خطة بارعة من جانب يسوع، فلم يمت على أساس شهادته عن نفسه فحسب، بل أيضاً على أساس اعترافهم بلاهوته.

ولم تعد هناك حاجة إلى مزيد من الشهود، لأنهم قد سمعوه بأنفسهم، فأدانوه بما نطق به هو. كما أنه أدانهم بما نطقوا به. فلا يمكنهم القول بأنهم لم يصرِّحوا أن ابن الله مستحق الموت. (Hobbs, AEGL, 322)

كتب روبرت أندرسون: ليس هناك دليل أكثر إقناعاً من شهادة الخصوم. وحقيقة أن الرب أعلن ألوهيته بأسلوب ثابت بلا نزاع بشهادة أعدائه. وينبغي لنا أن نتذكر أن اليهود لم يكونوا مجموعة من البرابرة الجهلاء ولكنهم كانوا قوماً على قدر عال من الثقافة والتدين، وعلى أساس هذا الاتهام حكم مجلس السنهدريم بموته بالإجماع - وهو المجلس الوطني الأعلى لديهم والذي يتألف من أبرز القادة الدينيين مثل غمالائيل وتلميذه شاول الطرسوسي (Anderson, LH, 5).

ويلقي هيلارين فيلدر مزيداً من الضوء على الحكم الذي فرضه الفريسيون على أنفسهم: «ولكن بما أنهم يدينون المخلِّص كمجدِّف على أساس اعترافه، فإن القضاة يبرهنون رسمياً وبقسم أن يسوع اعترف ليس فقط بأنه الملك والمسيا وابن الله كإنسان، ولكن أيضاً أنه المسيا الإلهي وابن الله بالجوهر، وعلى أساس هذا الاعتراف حكم عليه بالموت».(Felder, CATC, Vol. 1, 306).

نتيجة لما سبق دراسته يمكننا أن نصل إلى أن يسوع صرَّح بألوهيته بشكل أدركه جميع المشتكين عليه. وهذه التصريحات اعتبرها القادة الدينيون تجديفاً، وبموجب الأعراف والقوانين العبرية كان الموت عقاب ذلك. فصلبوا يسوع لأنه «جعل نفسه ابن الله» (يوحنا 19: 7) (Little, KWYB, 45).

3(ب) إعلانات أخرى

1(ج) مساواته للآب
أعلن يسوع مساواته مع الله الآب في عدد من المناسبات.

1(د) يوحنا 10: 25- 33
«أجابهم يسوع.. أنا والآب واحد. فتناول اليهود أيضا حجارة ليرجموه. أجابهم يسوع أعمالاً كثيرة حسنة أريتـكم من عند أبي. بسبب أي عمل منها ترجمونني. أجـابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجـل تجـديـف. فـإنـك وأنـت إنسان تجعل نفسك إلهاً».

وتوضح هذه الفقرة أن اليهود قد فهموا بوضوح كلمات المسيح على أنها ادِّعاء بالألوهية. ويبين ردّ فعلهم، كما حدث أيضاً أثناء المحاكمة، أنهم قد فهموا تماماً ماذا يعنيه بهذه الكلمات. وهناك دلالة أخرى نكتشفها من دراسة الكلمات اليونانية للنص السابق. يشير أ.ت. روبرتسون إلى ما يلي: «كلمة واحد» (hen) هي كلمة محايدة، ولا تدل على المذكر (Heis) فهي لا تعني شخصاً واحداً (قارن ذلك مع استخدام كلمة «واحد» heis في غلاطية 3: 28)، ولكنها تعني جوهر أو طبيعة واحدة. (Robertson, WPNT, 186).

ويتفق چ. كارل لاني المعلق الكتابي على هذا الرأي قائلاً: كلمة «واحد» (hen) محايدة ويُقصد بها جوهر واحد وليس شخص واحد... يشترك الآب والابن في وحدة الجوهر الإلهي، ويتمايزا كأقنومين مختلفين داخل اللاهوت». (Laney, JMGC, 195- 96).

ويمضي روبرتسون فيقول: «إن هذه العبارة الواضحة تصل بتصريحات المسيح إلى الذروة فيما يختص بالعلاقة بين الآب وبينه (الابن). وهذه الأقوال تثير غضب الفريسيين بشدة. (Robertson, WPNT, 187)

يتضح إذاً أن الذين سمعوا هذه العبارة لم يشكوّا في أن يسوع كان يصرِّح لهم بألوهيته. ومن ثم: «لم يكن أمام اليهود إلا أن يعتبروا كلمات يسوع تجديفاً، فمضوا ينفذون الحكم بأيديهم. لقد نصَّت الشريعة على أن التجديف عقوبته الرجم (لاويين 24: 16). ولكنهم لم يكونوا ليسمحوا بأن تسير إجراءات ا1لشريعة في مجراها الطبيعي. فلم يعدوا اتِّهاماً على أساسه يمكن للسلطات أن تتخذ الإجراء اللازم بموجبه. بل في غضبهم نصبوا أنفسهم قضاة وجلادين في آن واحد. وتشير كلمة «أيضاً» إلى محاولتهم السابقة لرجمه (يوحنا 8: 59). (Burce, NICNT, 524)

وتدل محاولتهم لرجم يسوع لعلّة التجديف على فهمهم لأقواله تماماً. كما تدل عى عدم رؤيتهم لفحص تصريحه بالألوهية، وهل كان صحيحاً أم لا!

2(د) يوحنا 5: 17و 18
«فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضاً إن الله أبوه معادلاً نفسه بالله».

ويوضح العالم الكتابي المعروف ميريل س. تيني قائلاً: «غضب اليهود بسبب كسر يسوع ليوم السبت، ولكن غضبهم وصل إلى ذروته عندما أعلن يسوع صراحة مساواته للآب. وهذا التصريح من قِبَل يسوع عمق الفجوة بينه وبين خصومه، لأنهم أدركوا أنه بذلك يؤكد ألوهيته. وكلماته توحي بأنه لم يعلن أنه شخص الآب، ولكنه يؤكد وحدته مع الآب في علاقة يمكن وصفها بعلاقة البنوة» (Tenney, GJ, 64).

وفي درسة لمفردات العهد الجديد قام بها أ.ت. روبرتسون في كتابه: «صور الكلمات في العهد الجديد» يقدم لنا بعض الأفكار التي توضح النص: إن يسوع يقول تحديداً: «أبي»» (ho Pater mou). وليس «أبانا»، وهذه إشارة إلى علاقته الخاصة بالآب. ويقول أيضاً: «يعمل حتى الآن» (heos arti ergazetai)... وهو هنا يجعل نفسه نداً للآب من جهة العمل وهكذا يبرر شفائه في يوم السبت (Robertson, WPNT, 82- 88).

وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن اليهود لم يشيروا إلى الله بكلمة «أبي» وإن فعلوا ذلك فإنهم يضيفون إليها عبارة «الذي في السماء» إلا أن يسوع لم يفعل ذلك. لقد أطلق يسوع تصريحاً لم يكن اليهود ليخطئوا فهمه عندما دعا الله بكلمة «أبي» (Morris, GAJ, 309).

لقد صرَّح بعلاقة فريدة مع الله قائلاً إنه أباه. وكما أن ابن أي شخص من البشر يجب أن يكون إنساناً من البشر بالتمام، فهكذا ابن الله يجب أن يكون هو الله بالتمام. وكل ما للآب فهو للابن.

ويشير يسوع أيضاً إلى أنه مادام الله يعمل فإنه، أي الابن، يعمل أيضاً .(Pfeiffer, WBC, 1083) ومرة أخرى يفهم اليهود الإشارة إلى أنه ابن الله. ونتيجة لهذا التصريح، فإن كراهية اليهود قد بلغت مداها. ورغم أنهم كانوا يسعون أساساً إلى اضطهاده. إلا أن رغبتهم في قتله بدأت في تتزايد (Lenski, ISJG, 375).

2(ج) «أنا كائن»
«قال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» (يوحنا 8: 58).

ويوضح أحد المفسرين هذه الفقرة قائلاً: «قال لهم: الحق الحق أقول لكم...»، وبهذا التوكيد الشديد صرَّح يسوع بالاسم غير المتداول للذات الإلهية. وأدرك اليهود ما يرمي إليه فانزعجوا وحاولوا رجمه» (Spurr, JIG, 54).

كيف تقبَّل اليهود هذا التصريح؟ يقول هنري ألفورد: «إن أي تفسير منصف لهذه الكلمات يتوصل إلى أنها إعلان عن الوجود الأزلي للمسيح» (Alford, GT, 801- 02).

ويقول مارفين فينسنت في كتابه «دراسات في مفردات العهد الجديد»، إن عبارة يسوع هي «صيغة للمطلق، فعبارة «أنا كائن» (eimi) غير محدودة بزمن (Vincent, WSNT, vol, 2, 181).

وإذا اعتمدنا على العهد القديم، فإننا نجد أن عبارة «أنا كائن» تشير إلى اسم الله نفسه، يهوه (وتترجم غالباً في الترجمات الإنجليزية للكتاب المقدس بكلمة «LORD» المنضَّدة بحروف كبيرة). ويصل أ.ج. كامبل إلى النتيجة التالية: «يتضح من العهد القديم كما في خروج 3: 14، تثنية 32: 39، وإشعياء 43: 10، أن يسوع لم يأت بفكرة جديدة. لقد كان اليهود يعلمون أن يهوه العهد القديم هو الله الموجود أزلاً. أما ما كان جديداً على اليهود فهو إطلاق هذه التسمية على يسوع» (Campbell, GTDC, 12).

ومن ردود أفعال اليهود المحيطين بيسوع نستدل على أنهم أدركوا إشارته إلى تصريحه بالألوهية المطلقة. وهذا الإدراك دفعهم إلى محاولة تنفيذ شريعة موسى في التجديف برجم يسوع (لاويين 24: 13- 16). ويعلق بيتر لويس قائلاً: «في عبارة واحدة صرَّح بالحقيقة الفائقة عن الإنسان الفائق -أزليته ووجوده المطلق» (Lewis, GC, 92).

ويوضح كامبل ذلك لغير اليهود قائلاً: «أما أننا يجب أن نفهم تعبير «أنا كائن» (eimi) على أنه يشير إلى ألوهية المسيح الكاملة فهو واضح من عدم محاولة يسوع لتقديم تفسير. فهو لم يحاول أن يقنع اليهود بأنهم أخطأوا فهمه، بل إنه كرر العبارة نفسها مرات عديدة في مناسبات مختلفة.» (Campbell, GTDC, 12- 13).

وبالإيجاز كتب العالم الكتابي الشهير ريموند براون إشارة إلى هذه العبارة: «ليس في الإنجيل إشارة أوضح من تلك للألوهية» (Brown, GAJ, 367).

3(ج) يسوع له نفس الكرامة التي تليق بالله
«لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله. الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة» (يوحنا 5: 23 و24).

في الجزء الأخير من هذه الآية يحذِّر يسوع من يتهمونه بالتجديف. فهو يقول لهم إنهم بإساءة معاملتهم له فإنما يسيئون معاملة الله، وأن الله هو الذي سيغضب بسبب معاملتهم ليسوع (Godet, CGSJ, vol. 2, 174).

ويصرِّح يسوع أيضاً بأن له الحق في أن تقدم له العبادة مثل الله. وعلى ذلك، وكما أشرنا سلفاً، فإن من لا يكرم يسوع فإنه لا يكرم الله (Robertson, WPNT, 86).

4(ج) «أن تعرفوني»
«فقالوا له أين هو أبوك. أجاب يسوع لستم تعرفوني أنا ولا أبي. لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً» (يوحنا 8: 19).

أعلن يسوع أن من يعرفه ويراه كمن يعرف ويرى الله. إن يسوع هو إعلان الآب الكامل لأنه من جوهر الآب ويرتبط معه بعلاقة البنوة.

5(ج) «آمنوا بي»
«لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي» (يوحنا 14: 1).

يوضح ميريل تيني قائلاً: «لقد كان مصيره الموت، الموت الذي يحلّ بجميع البشر. ومع ذلك، فقد كانت له الشجاعة في أن يطلب منهم أن يجعلوه موضوع إيمانهم. لقد جعل من نفسه مفتاحاً للغز المصير، وأعلن بوضوح أن مستقبلهم يتوقف على عمله، ووعد بأن يعدّ لهم مكاناً، وأن يعود ليأخذهم إليه» (Tenney, JGB, 213).

6(ج) «الذي رآني...»
«قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب وكفانا. قال له يسوع أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب». (يوحنا 14: 8 و9).

7(ج) «أقول لكم...»
(متى 5: 20 و22 و26 و28 و32 و34 و44)

يعلِّم يسوع في هذه النصوص الكتابية ويتحدث باسمه هو. وبهذه الطريقة فإنه يرتفع بسلطان كلماته إلى السماء مباشرة. وبدلاً من أن يتحدث بلغة الأنبياء قائلاً: «هكذا قال الرب»، يقول يسوع «وأما أنا فأقول لكم».

ويشير كارل شيفران وهنري كرايسلر إلى ما يلي: «لم يتردد يسوع أبداً ولم يعتذر. ولم يكن يحتاج إلى أن يناقض أو يتراجع عن أو يعدل أي شيء قاله. فتحدث بكلمات الله القاطعة (يوحنا 3: 43). فقد قال: «السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول!» (مرقس 13: 31) (Scheffrahn, JN, 11).

4(ب) السجود ليسوع كإله

1(ج) السجود لله وحده

1(د) إن السجود هو أعظم فعل للعبادة والتقديس يمكن تقديمه لله (يوحنا 4: 20- 22، أعمال 8: 27).

2(د) يجب أن يسجد الناس لله بالروح والحق (يوحنا 4: 24).

3(د) «للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» (متى 4: 10، لوقا 4: 8).

2(ج) تلقَّي يسوع السجود وتقبَّله كما إلى الله

1(د) «وإذا أبرص قد جاء وسجد له» (متى 8: 2).

2(د) والمولود أعمى بعد شفائه خرَّ وسجد له (يوحنا 9: 35- 39).

3(د) التلاميذ «سجدوا له قائلين بالحقيقة أنت ابن الله» (متى 14: 33).

4(د) «ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمناً. أجاب توما وقال له ربي وإلهي. قال له يسوع لأنك رأيتني يا توما آمنت. طوبى للذين آمنوا ولم يروا» (يوحنا 20: 27- 29).

3(ج) يسوع في مقابل الآخرين

1(د) وقع قائد المائة كرنيليوس على قدمي بطرس وسجد له، ولكن بطرس وبخه قائلاً: «قم أنا أيضاً إنسان» (أعمال 10: 25 و26).

2(د) خرَّ يوحنا عند قدمي الملاك في سفر الرؤيا ليسجد له، ولكن الملاك قال له: «أنا عبد معك» وأيضاً: «أسجد لله» (رؤيا 19: 10).

4(ج) وكما نرى فإن يسوع قبل السجود الذي يكون لله وأمر به. وهذا ما جعل ثيسين يقول: «لو كان مخادعاً أو مخدوعاً وفي كل الحالتين لو لم يكن هو الله فهو ليس صالحاً» (Thiessen, OLST, 65).

ويقول أيضاً أليستر ماكجراث اللاهوتي والمحاضر الشهير بجامعة أوكسفورد: «في المجتمع اليهودي حيث ظهر المسيحيون أولاً، كان الله والله وحده هو الذي يسجدون له . وقد حذر بولس المسيحيين في روما دائماً من خطر السجود للمخلوق بدلا ًمن السجود للخالق (رومية 1: 23). إلا أن المسيحيين في الكنيسة المسيحية الأولى كانوا يسجدون للمسيح كما يليق بالله- وهو ما نراه بكل وضوح أيضاً في العهد الجديد» (McGrath, CT, 280).

5(ب) ماذا قال الآخرون عن يسوع

1(ج) الرسول بولس

1(د) رومية 9: 5
«ولهم (شعب اليهود) الآباء ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد آمين». (رومية 9: 5).

يعلق تشارلز هودچ العالم الكتابي واللاهوتي العظيم بجامعة برينستون قائلاً: «بولس... يعلن أن المسيح، الذي قال عنه تواً إنه بحسب الطبيعة البشرية أو كإنسان من نسل إسرائيل، هو من ناحية أخرى الله المهيمن أو الله الكائن على الكل والمبارك إلى الأبد... ومن ثم تبين هذه الفقرة أن المسيح هو الله بأسمى ما في الكلمة من معنى» (Hodge, CF, 300, 302).

وبعد الدراسة المتمعنة لهذه الفقرة الواردة في رومية في الأصل اليوناني، ينتهي الدكتور موراي چ. هاريس عالم العهد الجديد الشهير إلى ما يلي: «ما ىؤكد عليه الرسول في نهاية رومية 9: 1- 5 هو ما يلي: على النقيض من الإهانة والرفض الذي يلقاه من شعبه الإسرائيلي، فإن المسيا، يسوع المسيح، في الحقيقة ممجد على كل الخليقة الحية وغير الحية، ومن بين ذلك اليهود الذين رفضوه باعتبار أنه الله بطبيعته والهدف الأزلي للعبادة» (Harris, JG, 172).

2(د) فيلبي 2: 6- 11
«الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفَّعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب». (فيلبي 2: 6- 11).

تصف الآيات 6- 8 المسيح الممجد وطبيعتيه: طبيعة الله (2: 6) وطبيعة العبد (2: 7). وتقدم هذه الفقرة يسوع باعتباره الله الكامل والإنسان الكامل بالطبيعة. ويكتب بيتر تون: توحي المقابلة بين السماوى والأرضي أن كلمة morphe (المستخدمة في الآية 6 والآية 7 والمترجمة «صورة أو طبيعة الله أو العبد» تشير إلى المشاركة في الله وهي حقيقية، تماماً كما كان الاشتراك في الحياة والتاريخ البشري حقيقياً بالنسبة ليسوع. (Toon, OTG, 168).

والآيات من 9- 11 تعادل المسيح بالله. كتب ف.ف بروس: تشتمل هذه الأنشودة على أصداء من إشعياء 52: 13.. وأيضاً إشعياء 45: 23 حيث يقسم الله الحقيقي الواحد بنفسه: «لي تجثو كل ركبة، يحلف كل لسان». ولكن في أنشودة المسيح فإن الله نفسه هو الذي يأمر بأن تنحني كل ركبة لاسم يسوع ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب...

وأحياناً يسأل البعض عن المقصود من عبارة «اسماً فوق كل اسم» في أنشودة المسيح، فهل هو «يسوع» أم «الرب» إن هذا الاسم يشتمل على كليهما معاً، لأنه بموجب القرار الإلهي أصبح اسم «يسوع» منذ تلك اللحظة مساوياً للاسم «الرب» بكل ما فيه وأسمى ما فيه من معاني -معاني الاسم العبري يهوه. (Bruce, TJ, 202).

ومن ثم فإن فيلبي 2: 6- 11 توضح ألوهية المسيح بطريقتين: عن طريق الطبيعة الثنائية له وعن طريق نعته بأسماء الله الخاصة (الرب، يهوه) في العهد القديم.

3(د) كولوسي 1: 15- 17
«الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة. فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق، الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل» (كولوسي 1: 15- 17).

في الآية 15 دعي المسيح: «صورة الله غير المنظور» ويشير بيتر لويس إلى أن «ما يعكسه من صور لابد أيضاً أن يحوذه، فهو يعكس جوهر الله الحقيقي لأنه يشارك في هذا الجوهر الحقيقي. وباعتباره صورة الله، فإن يسوع المسيح هو المساوي لله في عالم البشر» (يوحنا 14: 9). (Lewis, GC, 259- 60).

ويضيف ف.ف. بروس: «الكلمات التي قالها والأعمال التي قام بها والحياة التي عاشها وشخصه الذي تجلَّى - كلها أعلنت عن الآب غير المنظور. فهو، على حد قول بولس، الصورة المنظورة لله غير المنظور». (Bruce, RJ, 158)

إن تعبير «بكر كل خليقة» يعني أنه وارث كل الأشياء، باعتباره الابن الأزلي. (Ryrie, RSB, 1831)، ونرى هذا أيضاً في حقيقة أنه خالق كل الأشياء (الآيات 16 و17) فمن يكون يسوع إلا الله؟

4(د) كولوسي 2:9
«فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً» (كولوسي 2: 9)

تلفت هذه العبارة البسيطة أنظارنا إلى حقيقة يسوع وأهميته بالنسبة لنا. يعلق كارل ف. هـ قائلاً: «إن العقيدة التي يتفرد بها الإيمان المسيحي -وهي أنه في يسوع المسيح حل «كل ملء اللاهوت جسدياً» (كولوسي 2: 9) هي مكوِّن أساسي وجوهري في تعاليم العهد الجديد، فقد كرره وأكَّد عليه الرسل الذين عاصروا يسوع». (Henry, IJ, 53).

5(د) تيطس 2: 13
«منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح»، (تيطس 2: 13).

تظهر هذه الآية في الترجمة كما لو كان هناك شخصان: الله ويسوع المسيح. إلا أن التركيب اليوناني يعبِّر عن أن اللقبين معاً: «الله العظيم» و «مخلصنا» يشيران إلى شخص واحد هو يسوع المسيح (Harris, JG, 173- 85).

2(ج) يوحنا المعمدان
«ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة، وكان صوت من السماء قائلاً أنت ابني الحبيب بك سررت» (لوقا 3: 22).

في يوحنا 1: 29 و34 نادى يوحنا المعمدان قائلاً: «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم... وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله».

3(ج) الرسول بطرس

1(د) لعل أشهر أقوال بطرس هو الموجود في (متَّى 16: 15- 17) «قال لهم وأنتم من تقولون إني أنا. فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات».
وعن هذه العبارة كتب شيفران وكرايسلر: «بدلاً من أن ينتهر يسوع بطرس لاندفاعه (كما كان دائماً يفعل إذا ما واجه خطأ) فإنه يبارك بطرس لاعترافه بالإيمان. خلال فترة خدمته قبل يسوع الصلاة والسجود له كأمر لائق به» (Schefrahn, JN, 10).

2(د) مرة أخرى يؤكد بطرس على إيمانه في (أعمال 2: 36) «فليعلم يقيناً جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم رباً ومسيحاً».

3(د) كتب الرسول بطرس في إحدى رسائله: «سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيماناً ثميناً مساوياً لنا ببر إلهنا والمخلص يسوع المسيح» (2بطرس 1: 1).
بعد دراسة النص في أصله اليوناني قال موراي چ هاريس «والنتيجة الحتمية هي أنه في 2بطرس 1: 1 يشير اللقب (إلهنا والمخلص).. إلى يسوع المسيح» (Harris, JG, 238).

4(ج) توما الرسول
أعلن توما الشهادة الموجودة في (يوحنا 20: 28): «أجاب توما وقال له ربي وإلهي».

يعلق چون ستوت في كتاب «المسيحية الأساسية» على إعلان توما قائلاً: «في الأحد الذي بعد القيامة كان توما غير المؤمن مع التلاميذ في العلية عندما ظهر يسوع. ودعا يسوع توما ليلمس جراحاته. وإذ تأخذه الدهشة يصرخ توما. «ربي وإلهي!» (يوحنا 20: 26- 29). ويقبل يسوع هذا الوصف. فهو يوبخ توما لعدم إيمانه، ولكنه لا يوبِّخه على تقديم العبادة له» (Stott, BC, 28).

كما أشرنا قبلاً عندما كانت العبادة تقدم إلى البشر أو الملائكة فإنهم على الفور كانوا يوبخون أصحاب هذا الفعل ويوجهونهم إلى عبادة الله (أعمال 10: 25 و26، رؤيا 19: 10). أما يسوع فإنه لم يقبل هذه العبادة من توما فحسب، ولكنه أشاد بعبارة الإيمان هذه.

5(ج) كاتب العبرانيين

1(د) عبرانيين 1: 3
«الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته...» (عبرانيين 1: 3)

يعلق ف.ف. بروس على كلمة «رسم» قائلاً: «كما أن الصورة والكتابة المنقوشة على عملة معدنية تماثل تماماً صورة القالب الذي سُكَّت منه، كذلك فإن ابن الله هو «رسم جوهره». إن الكلمة اليونانية المستعملة هنا Charakter، والتي لا ترد إلا في هذا الموضع فقط من العهد الجديد، تعبر عن هذه الحقيقة بشكل أقوى من كلمة eikon التي تستخدم في غير ذلك من المواضع لتشير إلى المسيح بصفته «صورة» الله (2كورنثوس 4: 4، كولوسي 1: 15)... فجوهر الله صار ظاهراً في المسيح» (Bruce, EH, 48).

2(د) عبرانيين 1: 8
«وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب استقامة قضيب ملكك» (عبرانيين 1: 8).

كتب توماس شولتس يقول: «أسلوب النداء في «كرسيك يالله» أفضل من الأسلوب الخبري حيث يمكن أن يقال: «الله كرسيك» أو «كرسيك الله». ومرة أخرى تقطع الشواهد بأن يسوع المسيح يُدعى الله في الكتاب المقدس» (Schultz, DPC, 180).

6(ج) الرسول يوحنا

1(د) يوحنا 1: 1 و14
«في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسداً وحلّ بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً». (يوحنا 1: 1 و14).

يعلق العالم واللاهوتي د.س. سبرول على (يوحنا 1: 1) مشيراً إلى «الكلمة» (اللوجوس في اليونانية): «في هذه الفقرة يتميز اللوجوس عن الله («كان عند الله») ويشير في الوقت ذاته إلى الله («كان الكلمة الله»). وهذه المفارقة كان لها أكبر الأثر في تكوين عقيدة التثليث حيث اللوجوس هو الأقنوم الثاني في الثالوث. وهو يتميز عن الآب كأقنوم ولكنه يتحد معه في الجوهر». (Sproul, ETCF, 105).

ويشيـر چ. كــارل لاني أيضاً إلـى أن (يوحنـا 1) يـــؤكــد عـلى «الــوجــود الأبــدي» (عدد 1أ)، التميز الأقنومي (عــدد 1ب)، والطبيعة الإلهية للوجوس (الكلمة) (عدد 1ج). (Laney, J, 37- 38). ويعلق الدكتور دانيال ب. والس العالم والنحوي اليوناني على أهمية التركيب اليوناني هنا: «إن التركيب الذي اختاره البشير ليعبر به عن الفكرة هو أبلغ تعبير يمكن استخدامه للتعبير عن أن الكلمة هو الله ومع ذلك فهو يتميز عن الآب». (Wallace, GGBB, 269)

2(د) 1يوحنا 5: 20
«ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية» (1يوحنا 5: 20).

ومرة أخرى لا يتردد يوحنا، الذي كان شاهد عيان ليسوع المسيح، في أن يدعوه «الإله».

6(ب) الخلاصة: يسوع هو الله

استناداً إلى الأدلة يورد وليم بيدرولف المقارنة الملائمة التالية:

«إن من يقرأ العهد الجديد ولا يرى تصريح المسيح بأنه أكثر من إنسان عادي، كمن ينظر إلى السماء الصافية وقت الظهيرة ولا يرى الشمس». (Mead, ERQ, 50)

وفي الختام يقرر الرسول الحبيب يوحنا ما يلي: «وآيات أُخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تُكتب في هذا الكتاب. وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه» (يوحنا 20: 30 و31).

2(أ) الإعلان غير المباشر عن الألوهية

في الكثير من المناسبات أعلن يسوع عن ألوهيته بشكل غير مباشر من خلال كلماته وأفعاله. وفيما يلي عدد من هذه الإشارات غير المباشرة، وبعض التصريحات المباشرة أيضاً.

كما أننا نلقي المزيد من الضوء هنا على بعض التصريحات السابقة التي تحتاج إلى إيضاح:

1(ب) يسوع يغفر الخطايا
«فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج يا بني مغفورة لك خطاياك. وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون في قلوبهم لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف. من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده» (مرقس 2: 5- 7).

بالنسبة للعقلية اليهودية المدربة في ناموس الله فإن فكرة أن يغفر إنسان خطايا دون الله هي فكرة غير مقبولة. فالغفران هو حق لله وحده. كتب چون ستوت اللاهوتي والعالم الكتابي الشهير: «ربما نغفر نحن للآخرين إساءاتهم إلينا، ولكن الخطايا التي نرتكبها في حق الله لا يغفرها إلا الله وحده» (Stott, BC, 29).

وربما تساءل البعض إن كان ليسوع حقاً السلطان الإلهي لغفران الخطايا. لقد عرف يسوع أن الحاضرين معه كانت لهم هذه الشكوك، فبرهن سلطانه لهم: «أيما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يقال قم واحمل سريرك وامش. ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا. قال للمفلوج لك أقول قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك. فقام للوقت وحمل السرير وخرج قدام الكل حتى بهت الجميع ومجَّدوا الله قائلين ما رأينا مثل هذا قط» (مرقس 2: 9- 12).

في هذه الحادثة يسأل يسوع أيهما أيسر أن يقال: «مغفورة لك خطاياك» أو أن يقال: «قم وامش»، ويعلق وايكليف قائلاً إنه «سؤال تصعب الإجابة عليه. فكلتا العبارتين يسهل النطق بها، ولكن قول أي منهما مصحوباً بالأثر الفعلي يتطلب قوة إلهية. وبالطبع فإن العبارة الأولى أيسر بالنسبة لشخص محتال يحاول تجنُّب افتضاح أمره. أما يسوع فقد شفى المرضى أيضاً حتى يعرف الناس أن له سلطان على التعامل مع سبب المرض» (Pfeiffer, WBC, 944).

وعند ذلك اتهمه الكتبة والفريسيون بالتجديف «كانت التهمة الموجهة إليه من قِبَل الكتبة والفريسيين... أنه ينسب لنفسه الحقوق الإلهية» (Pfeiffer, WBC, 943).

ويقول س. إ. چيفرسون: «لقد غفر الخطايا وتحدث كمن له سلطان. وحتى أشر الخطاة عندما تابوا وخروا عند قدميه وجـدوا عـنده ضمـان الغفران بسلطانه» (Jefferson, CJ, 330).

ويشير لويس سبيري شيفر إلى أنه: «ليس أحد على الأرض له الحق أو السلطان لمغفرة الخطايا. لا يستطيع أحد أن يغفر الخطايا إلا الواحد الذي أخطأ الجميع في حقه. فعندما غفر المسيح الخطايا، وهو ما فعله يقيناً، لم يكن يمارس امتيازاً بشرياً، ولما كان الله وحده هو القادر على غفران الخطايا، يتبين جلياً أن المسيح هو الله إذ غفر الخطايا، وما دام هو الله فهو أزلي» (Chafer, ST, vol. 5,21).

2(ب) يسوع يعلن أنه «الحياة»
في يوحنا 14: 6 قال يسوع: «أنا هو الطريق والحق والحياة. وفي شرح هذه الآية يقول ميريل تيني: «لم يقل إنه يعرف الطريق والحق والحياة أو إنه يعلِّم بها. ولم يجعل من نفسه نذيراً لنظام جديد، بل أعلن أنه هو نفسه المفتاح النهائي لكل المعضلات» (Tenney, JGB, 215).

3(ب) فيه الحياة
«وهذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة» (1يوحنا 5: 11- 12).

كتب چون ستوت متحدثاً عن هذه الحياة: «فشبَّه اعتماد أتباعه عليه بالدعم الذي تقدمه الكرمة لأغصانها. وقال: إن الله قد أعطاه السلطان على كل جسد حتى يعطي الحياة لكل من يعطيه إياه الله» (Stott, BC, 29).

4(ب) يسوع له السلطان
يعلِّم العهد القديم بوضوح أن الله هو الدَّيان على الخليقة كلها. (تكوين 18: 25، مزامير 50: 4- 6، 96: 13). إلا أنه في العهد الجديد قد أخذ الابن عن الآب سلطان الدينونة هذا: «وأعطاه (أي الله ليسوع) سلطاناً أن يدين أيضاً لأنه (أي يسوع) ابن الإنسان» (يوحنا 5: 27).

وبتصريحه أنه سوف يدين العالم، فإن يسوع نفسه سوف يقيم الموتى ويجمع الأمم أمامه، ويجلس على عرش مجده ويدين العالم، وعلى أساس دينونته البعض سوف يرث السماء - والآخرون جهنم.

ويضيف چون ستوت: «لن يكون يسوع هو الديان فحسب، ولكن معيار الدينونة سيكون موقف الناس منه كما يظهر من معاملتهم لإخوته أو استجابتهم لكلمته... وهو تصريح عظيم الشأن حقاً وتصعب المبالغة فيه. تخيل أحد الخدام يخاطب جمهور الحضور بهذه الكلمات اليوم: «انصتوا جيداً إلى كلماتي، فمصيركم الأبدي يعتمد على ذلك. سوف أعود في نهاية العالم لأحكم فيكم، ومصيركم سوف يتحدد بناءً على طاعتكم لي! إن مثل هذا الواعظ سوف يلفت أنظار الشرطة والأطباء النفسيين إليه لا محالة» (Stott, BC, 31- 32).

3(أ) الأسماء الإلهية

1(ب) يهوه- الرب
يرد اسم الله في الكثير من الترجمات الإنجليزية للكتاب المقدس مترجماً بكلمة «الرب» LORD (المكتوبة بحروف كبيرة) أو «يهوه». وتتكون الكلمة في النص العبري الأصلي من أربعة حروف ساكنة: .YHWH والترجمة الإنجليزية الحرفية لها هي Yahweh.

1(ج) تقديس اليهود لهذا الاسم
كتب هربرت ف ستيفنسون: «المعنى الدقيق لهذا الاسم غير معروف. وفي اللغة العبرية كان يتألف في الأصل من أربعة أحرف ساكنة YHWH- ويعــرف لـدى اللاهـوتيين بـ«الرباعي الأحرف» The Tetragrammaton- وقد أُضيف لهذا الاسم حروف العلة لكلمة «أدوناي» Adonai فيما بعد (إلا في حالة اجتماعه مع الاسم «أدوناي»، وعند ذلك تستخدم حروف العلّة لكلمة إلوهيم Elohim). إلا أن اليهود أصبحوا يعتبرونه مقدساً ولا ينبغي نطقه، فاستبدلوه في القراءات العامة للأسفار المقدسة بكلمة «أدوناي»- لقد كان اسم يهوه بالنسبة له «اسماً لا ينطق به» (Stevenson, TTG, 20).

كتب الدكتور بيتر تون اللاهوتي والكاتب المعروف: «أخذ اليهود يبجلون هذا الاسم أكثر فأكثر حتى امتنعوا عن النطق به إبان القسم الأخير من عصر العهد القديم» (Toon, OTG, 96).

ويشير ل. س. شيفر إلى ما يلي: «قد يحكم البعض على تجنب النطق الفعلي لهذا الاسم بأنه محض خرافة، ولكن من الواضح أنه كان محاولة للتبجيل. ولا شك أن هذا الأمر، بكل ما أسفر عنه من نتائج مشوشة، قد عمل على خلق الانطباع العام بقدسية الطبيعة الإلهية التي لا ينبغي النطق بها» (Chafer, ST, vol. 1, 264).

وتشير الموسوعة اليهودية (ed., Isidore Singer, Funk and Wagnalls, vol. 1, 264) إلى أن ترجمة «يهوه» بكلمة «الرب» يمكن تتبعها حتى الترجمة السبعينية. وليس هناك معلومات موثوقة بشأن الإسم المميز «يهوه». وبدءاً من العصر الهلِّيني، خُصِّص هذا الاسم للاستعمال في الهيكل: «كان يسمح للكهنة أن ينطقوا هذا الاسم وقت منْح البركة فقط في الهيكل، وفي غير ذلك كان يتحتم عليهم استخدام الاسم العام «أدوناي».

وتذكر الموسوعة اليهودية أيضاً أقوال المؤرخِّين اليهود فيلو ويوسيفوس. فيلو: «لا يذكر أو يسمع هذه الحروف الأربعة إلا أناس مقدسون تطهرت آذانهم وألسنتهم بالحكمة، ولا يكون ذلك لغيرهم أياً كان»(Life of Moses, iii, 41)

يوسيفوس: «تضرع موسى إلى الله أن يمنحه معرفة اسمه ونطقه حتى يستطيع أن يدعوه باسمه في الأمور المقدسة، وعليه فقد أعطاه الله اسمه الذي لم يكن معروفاً لأحد، ومن الخطية بالنسبة لي أن أذكره». (Antiquities, ii 12, Par. 4)

2(ج) معنى هذا الاسم
يشير النص في (خروج 3: 14) كما تشير الأبحاث الحديثة إلى أن يهوه / أهيه يشتق من فعل الكينونة haya. وفي ضوء ذلك نرى أن هناك معنيين ينطوي عليهما هذا الاسم. أولاً: من (خروج 3: 14 و15) نفهم أن يهوه/ أهيه (أنا كائن) كاسم يدل على التوكيد الإيجابي بعمل الله ودعمه وحضوره. إن «أنا كائن» (يهوه/ أهيه) سوف يكون دائماً مع شعبه. فهو كائن الآن وسوف يكون أيضاً. ثانياً: اعتماداً على النصوص الواردة في (تثنية 4: 39، 1ملوك 8: 60، وإشعياء 45: 21 و22)، فإن يهوه هو الإله الواحد الأوحد الكائن فوق خليقته وفي خليقته، وكل الآلهة الأخرى هي مخلوقات أو تصورات للخيال البشري (Toon, OTG, 97).

3(ج) المسيح يتحدث عن نفسه بصفته يهوه
يقول و. س. روبنسون نقلاً عن سكوتشمر: «إن القول بأن ربنا يسوع المسيح هو رب العهد القديم يؤدي إلى العقيدة الواضحة بألوهيته» (Robinson, WSYTIA, 118)

كتب كرايسلر وشيفران:

نسب يسوع لنفسه عهد يهوه. نقرأ في الأصحاح الثامن من إنجيل يوحنا: «إن لم تؤمنوا أني أنا هو (أنا كائن)، تموتون في خطاياكم» عدد 24، «متى رفعتم (أي على الصليب) ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون أني أنا هو (أنا كائن)» عدد 28، «الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» عدد 58. إن استخدامه لتعبير «أنا كائن» يرتبط بما ورد في خروج 3: 14 حيث أعلن الله ذاته لموسى: «أهيه (أنا كائن) الذي أهيه»، وقال هكذا تقول لبني إسرائيل أهيه أرسلني إليكم». وهكذا فإن اسم الله في العبرية هو يهوه/ أهيه أو «أنا كائن» (Scheffrahn, JN, 11).

في متى 13: 14 و15 تحدث المسيح بصفته «الرب» (أدوناي) الذي كان في العهد القديم (إشعياء 6: 8- 10) (Meldau, PDD, 15)

يقول كلارك بينوك في كتاب «قدّم برهانك»: «دوت تعاليمه بعبارات «أنا كائن» (يهوه) العظيمة التي تشير إلى الألوهية تركيباً ومحتوى (خروج 3: 14، يوحنا 4: 26، 6: 35، 8: 12، 10: 9 و11: 25) (Pinnock, SFYC, 60).

يصف نصّ (يوحنا 12: 41) المسيح بأنه الشخص الذي رأه إشعياء في (إشعياء 6: 1). قال وليم س. روبنسون: «ويكتب إشعياء أيضاً عن الرسول السابق ليهوه: «أعِّدوا طريق الرب» (إشعياء 40: 3). وصدق المسيح على شهادة السامريين عندما قالوا: «إننا... نعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلِّص العالم» (يوحنا 4: 42). ونعرف من العهد القديم أن هذا لا يمكن أن يشير إلا إلى يهوه- الله. يعلن الله في (هوشع 13: 4) «أنا الرب إلهك... وإلهاً سواي لست تعرف ولا مخلص غيري» (Robinson, WSY, 117- 18).

2(ب) ابن الله
كتب اللاهوتي والأستاذ الكتابي الشهير تشارلز ريري فيما يختص بلقب «ابن الله»: «ماذا يعني هذا الاسم؟ رغم أن كلمة «ابن» يمكن أن تعني «ذرية»، ولكنها أيضاً يمكن أن تحمل معنى «من رتبة». وفي العهد القديم كانت عبارة «بنو الأنبياء» تعني من رتبة الأنبياء (1ملوك 20: 35)، وعبارة «بنو المغنين» كان يقصد بها من رتبة المغنين (نحميا 12: 28). وعندما يستخدم لقب «ابن الله» للإشارة إلى ربنا فإنه يعني من جنس الله وهي إشارة قوية وواضحة إلى الألوهية الكاملة» (Ryrie, BT, 248).

يعلِّق هـ.ف. سيتفنسون قائلاً: «صحيح أن عبارة «أبناء الله» استخدمت للإشارة إلى البشر (هوشع 1: 10) والملائكة في العهد القديم (تكوين 6: 2، أيوب 1: 6، 38: 7)، إلا أن لقب ابن الله في العهد الجديد يستخدم عن ربنا بشكل مختلف تماماً. فأينما ورد هذا التعبير فإنه يدل على أن المسيح هو الابن الواحد الوحيد المساوي للآب والأزلي معه» (Stevenson, TTG, 123).

إن الاستخدام المتكرر لكلمة «الابن» جنباً إلى جنب مع كلمة «الآب» تبين تصريح يسوع بمساواته للآب وتمثل حقيقة التثليث (متى 23: 9 و10، مرقس 13: 32، يوحنا 3: 35، 5: 19- 27، 6: 27، 10: 33- 38، 14: 13).

وفي قيصرية فيلبس امتدح يسوع بطرس لاعترافه بأنه ابن الله: «فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقاله له طوبى لك ياسمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات» (متى 16: 16، 17).

كتب فيلدر عن مفهوم المسيح بأن الله أبوه: «عندما يتحدث يسوع عن علاقته بأبيه فإنه يستخدم دائماً وبلا استثناء تعبير «أبي»، وعندما يلفت انتباه تلاميذه إلى بنوتهم لله فإنه يستخدم كذلك التعبير المحدد «أبيكم». ولكنه لا يربط نفسه أبداً بالتلاميذ والناس بصيغة الكلام الطبيعية «أبانا».

ويمضي فيلدر قائلاً:

وحتى في هذه المواقف التي يوحد فيها يسوع بين نفسه وبين تلاميذه أمام الله، ومن ثم يتوقع منه أن يستخدم التعبير الجامع: «أبانا» فإنه يستخدم على العكس التعبير «أبي»: «من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينماً أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي» (متى 26: 29).

«وها أنا أرسل إليكم موعد أبي» (لوقا 24: 49) «تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم» (متى 25: 34). وفي هذه المواضع وغيرها يميز يسوع بشكل واضح بين بنوته الإلهية وبنوة التلاميذ والناس بشكل عام (Felder, CAC, 268- 69).

3(ب) ابن الإنسان
يستخدم يسوع لقب «ابن الإنسان» على ثلاثة أوجه متمايزة:

1- فيما يتعلق بخدمته الأرضية:
- متى 8: 20
- متى 9: 6
- متى 11: 19
- متى 16: 13
- لوقا 19: 10
- لوقا 22: 48

2- عندما ينبيء بآلامه:
- متى 12: 40
- متى 17: 9 و22
- متى 20: 18

3- في تعليمه عن مجيئه ثانية:
- متى 13: 41
- متى 24: 27 و30
- متى 25: 31
- لوقا 18: 8
- لوقا 21: 36

ويعزي ستيفنسون أهمية خاصة للقب «ابن الإنسان»: «لأن هذا الاسم هو الذي استخدمه ربنا مراراً للإشارة إلى نفسه. وهو لا يتردد على لسان أحد في العهد الجديد إلا هو -فيما عدا عندما ردد سائلوه كلماته (يوحنا 12: 34)، وعندما تهلل استفانوس فرحاً وقت استشهاده: «ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله» (أعمال 7: 56). وواضح أنه اسم مسياني، كما أدرك ذلك اليهود أيضاً» (يوحنا 12: 34). (Stevenson, TTG, 120).

كتب كرايسلر وشيفران: «واضح أن يسوع كان موقناً بأنه شخصياً تتم فيه نبوات العهد القديم عن المسيا. وكان يشير إلى نفسه على نحو مستمر مستخدماً لقب «ابن الإنسان» الذي ورد في رؤيا دانيال» (دانيال 7: 13 و14) (Scheffrahn, JN, 9- 10).

في (مرقس 14: 61- 64) يشير يسوع بما ورد في (دانيال 17: 13 و14) وأيضاً في (مزمور 110: 1) إلى نفسه كشيء سوف يتجلى أمام أعينهم. وفي ذلك يقول س.ج. مونتيفيور: «إذا كان يسوع قد قال هذه الكلمات فلا يمكن لنا أن نظن أنه فرَّق بين نفسه وبين ابن الإنسان وبين المسيا. فابن الإنسان لابد أن يكون هو المسيا، وكلاهما يشيران إلي شخصه» (Montefiore, SG, 361).

4(ب) أبا- الآب
كتب مايكل جرين في كتابه «العالم الهارب» يقول إن المسيح: أكد أن له علاقة خاصة بالله لم يدَّعيها أحد قبله. وهذه تظهر في الكلمة الأرامية «أبا» Abba التي فضل دائماً استخدامها، وخاصة في الصلاة. وليس أحد قبله في تاريخ إسرائيل كله ناجى الله بهذه الكلمة... وبالطبع اعتاد اليهود على الصلاة لله كأب لهم، ولكنهم كانوا يستخدمون في ذلك كلمة «أبهينو» Abhinu وهي تدّل أساساً على التضرع لله لطلب الرحمة والغفران. وليس هناك أي نوع من التضرع لله لطلب الرحمة في أسلوب خطاب يسوع بكلمة أبا Abba. إنها الكلمة المألوفة التي تدّل على علاقة حميمة. ومن هنا كانت تفرقته بين علاقته الخاصة بالله كأبيه وعلاقة الآخرين بالله (Green, RW, 99- 100).

ومن الأهمية أن نعرف أنه حتى داود، مع كونه مقرَّباً إلى الله، لم يتحدث إليه كالآب ولكنه قال: «كما يترأف الآب... يترأف الرب» (مزمور 103: 13). وفي المقابل استخدم يسوع كلمة «الآب» كثيراً في الصلاة. لقد أدرك الفريسيون بالطبع دلالات هذه الكلمة، فاتهموه بالتجديف (يوحنا 5: 18) «... بل قال أيضاً إن الله أبوه معادلاً نفسه بالله». ولا شك أن كلماته كانت ستصير كلمات تجديف إن لم يكن بالفعل معادلاً لله» (Stevenson, TTG, 97).

 

 

 

التالي

السابق