ما هي أسفار موسى الخمسة؟
ما الذي تحتويه هذه الأسفار؟
الغرض من الأسفار الخمسة وأهميتها
أصل وتاريخ نظرية أن موسى ليس الكاتب

 

1(أ) ما هي أسفار موسى الخمسة؟
كما ذكرنا من قبل، فإن الأسفار الخمسة الأولى: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، والتثنية - تعرف باسم أسفار موسى الخمسة. إن كلمة Pentateuch (أسفار موسى الخمسة) مشتقة من الكلمة اليونانية Pentateuchos التي تعني «خمس كتب مجموعة» (أي جُمعت) أو «خمس مجلدات». (Aalders, ASIP, 13). ويسمى التقليد اليهودي هذه الكتب الخمسة التوراة (التي اشُتفت من الكلمة العبرية Tara، التي تعني الوصايا أو الأوامر)، أو كتاب الناموس، ناموس موسى أو ببساطة الناموس (Albright, ACBC 903). كان أوريجانوس وهو أب من آباء الكنيسة في القرن الثالث أول من أعطى اسم «أسفار موسى الخمسة» لهذه الكتب الخمسة التي يفترض أن موسى كتبها. (Harrison, IOT,495)

2(أ) ما الذي تحتويه هذه الأسفار؟
يحلل هاريسون محتويات الأسفار الخمسة كما يلي:

1- التاريخ البدائي مع خلفية من الحقب التاريخية السحيقة: (تكوين 1-11).
2- تاريخ الآباء: (تكوين 12-50).
3- اضطهاد إسرائيل واستعدادات الخروج: (خروج 1-9).
4- الخروج، الفصح، والوصول إلى سيناء: (خروج 10-19).
5- الوصايا العشر والعهد الذي أعطاه الله لإسرائيل في سيناء: (خروج 20-24).
6- الشريعة فيما يخص خيمة الاجتماع وكهنوت هارون: (خروج 25-33) .
7- الانتهاك الوثني للعهد: (خروج 32-34) (عبادة عجل الذهب).
8- إنجاز النظام الخاص بخيمة الاجتماع: (خروج 35-40) .
9- شرائع التقدمات: (لاويين 1-7) .
10- رسامة الكهنة وتقديم الذبائح: (لاويين 8-10).
11- قوانين الطهارة: (لاويين 11-15).
12- يوم الكفارة: (لاويين 16).
13- قوانين خاصة بالأخلاق والطهارة: (لاويين 17-26).
14- النذور والعشور: (لاويين 27).
15- التعداد والنواميس: (عدد 1-9).
16- الرحلة من سيناء إلى قادش: (عدد 10-20).
17- التيهان إلى مؤاب: (عدد 21-36).
18- استعادة التاريخ الماضي لفترة البرية: (تثنية 1- 4).
19- الخطاب الثاني، مع مقدمة تحذيرية: (تثنية 5- 11).
20- الفرائض والأحكام: (تثنية 12-26) .
21- اللعنات والبركات: (تثنية 24-30) .
22- تولي يشوع القيادة وموت موسى: (تثنية 31 - 34) (Harrison, IOT,496).


 

3(أ) الغرض من الأسفار الخمسة وأهميتها:
الكتاب المقدس هو تاريخ، ولكنه تاريخ من نوع خاص جداً، إنه تاريخ فداء الله للبشرية، وأسفار موسى الخمسة هي الفصل الأول من هذا التاريخ (Unger,IGOT,187-88).

ويتوسع انجر فيقول:

كان لكاتب الأسفار الخمسة خطة محددة. إنه لم يكرس نفسه لتسجيل قصة تاريخ البشرية. ولكن كانت مهمته بالحري أن يعطي وصفاً لتدبير الله لخلاص البشرية. طبقاً لهذا، فإن أسفار التوراة الخمسة هي تاريخ له باعث خلفه، باعث ديني عميق يصبغ كل هذه الأسفار. من الناحية الأخرى فإن المبدأ الديني الكامن خلف هذا التاريخ لا ينقل الأحداث بأسلوب غير تاريخي. ولكنه فقط يمنح بعض الأحداث أهمية أكثر تتجاوز الأزمنة التي كُتبت فيها، وتصل في أهميتها لتطبيقها على أي أمة وأي شعب، مانحة إياهم قيمة ثمينة للغاية لكل الجنس البشري..

إن الفشل في فهم أسلوب وغرض أسفار التوراة الخمسة قاد كثيراً من النقَّاد إلى إنكار حقيقتها التاريخية كلية، أو تبِّني وجهات نظر تقلل من مصداقيتها. فمثلاً إذا كانت قصة الإقامة المؤقتة في مصر، والخلاص المعجزي، والتجوُّل في البرية كلها خرافات، فإن ارتباطها الحيوي ليس فقط بالتاريخ العبري ولكن بكل الخطة الكتابية عن الخلاص لابد أن تُثير المشكلة التي لا يمكن تفسيرها عن كيف يمكن لهذه الأحداث الرائعة أن تكون مجرد قصص مختلفة ووهمية. (Unger,IGOT,188-89)

يتحدث هوبارد عن الأهمية الرئيسية لأسفار التوراة الخمسة في فهم علاقة إسرائيل بالله:

تشهد الأسفار الخمسة عن أعمال الخلاص التي صنعها الله الذي هو سيد التاريخ والطبيعة. إن الحدث المركزي الذي عمله الله في تلك الأسفار (وفي الحقيقة في كل العهد القديم) هو الخروج من مصر. هنا يبدأ الله عملاً في وعي الإسرائيليين، وكشف عن نفسه أنه الله المخلِّص. إن البصيرة التي كسبوها من هذا الكشف مكَّنتهم تحت قيادة موسى أن يُعيدوا تقييم تقاليد الأسلاف، وأن يروا فيها بداية تعاملات الله التي رأوها بوضوح في تحريرهم من عبودية مصر (Hubbard, NBD,963).

وحتى لانجدون جيلكي وهو عالم يكاد يكون غير محافظ، يسمى الخروج واختبار سينا «النقطة المحورية في الديانة الكتابية». (Gilkey, COTBL, 147)

لهذا السبب فإن أسفار موسى الخمسة تشغل مكاناً هاماً في وجهة النظر المسيحية للكون إذا أنها تسجل أول كشف يكشفه الله عن نفسه للبشرية.

وكما يقول جيلكي إن حادثة الخروج لها أهمية عقائدية وأيضاً أهمية تاريخية. إن مسألة ما عمله الله في سيناء هي ليست مسألة يهتم بها الباحثون في الديانة السامية، ولكنها أكثر تهم المؤمن المعاصر الذي يريد أن يشهد اليوم عن أعمال الله في التاريخ. (Gilkey, COTBL,147).

4(أ) أصل وتاريخ نظرية أن موسى ليس الكاتب
بحسب يوحنا الدمشقي، فإن الناصريين، وهم جماعة مسيحية يهودية المنشأ كانت تعيش في القرن الثاني، هذه الجماعة أنكرت أن موسى هو الذي كتب تلك الأسفار الخمسة (Young, IOT, 113).

إن عظات كليمنتين، وهي مجموعة من الكتابات القديمة التي كتبت بعد القرن الثاني نصَّت على أن أسفار التوراة الخمسة قد كُتبت بواسطة سبعين رجلاً حكيماً بعد وفاة موسى.

ومع أنه كانت هناك العديد من المجموعات والأفراد من القرنين الأولين بعد الميلاد الذين أنكروا كتابة موسى للأسفار الخمسة، فإننا نلاحظ ما يقوله يونج فيما يلي:

أثناء القرنين الأولين من العصر المسيحي لا يوجد أي نقد سُجِّل يعد معادياً للكتاب المقدس بين آباء الكنيسة أو في الكنيسة الأرثوذكسية نفسها. وقبل زمان آباء كنيسة نيقية كانوا يعتقدون أن موسى هو الذي كتب الأسفار الخمسة، وأن العهد القديم كتاب مقدس.

إن مثل هذه المراحل من النقد العدائي التي بدأت في الظهور في هذه الفترة يأتي إما من مجموعات كانت تعتبر هرطوقية من العالم الوثني الخارجي. أو أن هذا النقد عكس افتراضات فلسفية معينة لها سمة منحرفة وغير علمية (Young, IOT,113-114).

هكذا فإن الإدّعاء أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة بدأ أثناء القرنين الأولين بعد الميلاد. إن الأساس الذي يستقر عليه هذا الإتهام كان بسبب وجود فقرات كان يُفترض أنها كُتبت بعد عصر موسى.

ومع أنه كان هناك قليل من الشك أن موسى هو الكاتب أثناء القرون التالية، فإن الجدال لم يتحرك إلى أساس جديد حتى القرن الثامن عشر وسرعان ما ظهرت نظرية عدم كتابة موسى لهذه الأسفار وتطورت بطريقة متسعة. (ولنظرة شاملة على التطورات منذ القرن الثالث وحتى القرن الثامن عشر انظر: E.J. Young, An, Introduction to the Old Testament) (Young, IOT,116-20)

 

 

 

التالي

السابق