لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

جولة مع يسوع إلى السامرة

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

خادم الرب الأخ: حليم حسب الله
 

الفصل الثامن عشر

المرأة السامرية وحاجتها للمياه الحية

"البائسون والمساكين طالبون ماء ولا يوجد. لسانهم من العطش قد يبس. أنا الرب استجيب لهم. أنا إله إسرائيل لا أتركهم" (إش41: 17).

من المعروف لنا أن الإنسان يتكون من روح ونفس وجسد (1تس5: 23). الإنسان يبذل كل جهده في سبيل أن يدبر احتياجاته الجسدية، فعمل ووفر لنفسه ما يوجد له حياة الرفاهية والراحة، وعمل جاهدا في توفير ما ينشئ السعادة له، لكنه نسي حاجة الروح. لقد قال الرب يسوع "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت4: 4).

وكما أنه توجد بعض الأشياء الضرورية للحياة الطبيعية التي لا يمكن الاستغناء عنها، مثل: الهواء والماء والطعام والنور، هكذا أيضا توجد أشياء روحية ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها أعطيت لنا في شخص المسيح، فهو يعطي الحياة الجديدة (يو1: 12و13)، ويعطي الروح القدس (يو7: 37-39)، وهو خبز الحياة (يو6: 18) ونور الحياة (يو1: 4و5) وهو يعطينا أيضا ماء الحياة مجانا (رؤ22: 17).

لقد أظهر الرب يسوع أنه محتاج لماء من هذه المرأة، مع أنها هي أيضا تحتاج إليه، وكأنه يقول لها "أعطيني ماء لأشرب وأنا أعطيك ماء يروي عطشك. أعطيني من مما عندك وأنا أعطيك ما هو عندي. يا له من مخلص رائع. لم يتحدث معها عن خطاياها وفجورها لكنه استخدم أرقى وألطف عبارات تعود أن يستخدمها مع الخطاة نظيرنا.

لقد قال لعروسه "افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي..."، لكن كان جوابها له "قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه. قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما" (نش5: 2و3). إنه يظهر نفسه كالمحتاج إلينا لكن سرعان ما نكتشف أننا نحتاج إليه.

"أعطيني لأشرب" هكذا قال لها، لكن جوابها كان قاسيا على اليهود لأنها تعلم أنهم يحتقرونها وبالرغم من أن ربنا يسوع كان فريدا من نوعه، لكنها قالت له "كيف تتطلب مني". يا لها من عبارة!! ورغم ذلك أظهر لها كل لطف وحنان.

كم من المرات أغلقنا الباب في وجهه، وكم من المرات أعلنا الرفض له، لكنه لازال يقول "هنذا واقف على الباب وأقرع..." (رؤ3: 20). كم من المرات قرع ولم نبال به؟ ومع ذلك لم يتركنا ولم يرفضنا لكنه عاد وقرع. لقد أغلقت المرأة السامرية الباب في وجهه، لكن ظل قلبه مفتوحا لها. لو علم الرافضون ليسوع أنه هو الله المحب العاطي لطلبوا منه وترجو أن يعطيهم من فيض نعمته.

لقد بذل جهده معها ليحولها من الأمور الأرضية إلى البركات السماوية. قال لها "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا". بمعنى لو شربنا من الماء الطبيعي فبعد فترة وجيزة نعطش ونطلبه مرة أخرى. وكذلك ماء البحر المالح كلما شربنا منه نعطش أيضا. هذا هو المعنى الطبيعي البسيط. لكن الرب كان يقصد معنى روحيا رائعا وهو إن ما يقدمه العالم من شهوات وملذات لا تزيد عن ماء مالح تتلذذ به النفس وقتيا لكن سرعان ما تعود النفس إلى عطشها مرة أخرى. ويمكن أن نفسر العبارة أيضا بأن "كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن" بمعنى "العين لا تشبع من النظر والأذن لا تمتلئ من السمع" (جا1: 7و8). فكم من الناس يعذبون أنفسهم بالسمع والنظر والأفعال الأثيمة والقلب ليس بشبعان مثل لوط البار (2بط2: 8). كثيرون يموتون من العطش بينما الماء العذب بالقرب منهم. لقد قال المسيح "إن عطش أحد فليقبل إليَ ويشرب". والذي يشرب من الماء الذي يعطيه الرب فلن يعطش إلى الأبد. وهنا نسأل ما هو الماء المروي؟ لقد تحدث الرب يسوع في الأصحاح السابع عن الروح القدس الذي يشبع ويروي النفس بالأشياء الروحية والأمور السماوية وبالرب يسوع نفسه. إنها "شركة الروح القدس".

لقد كانت المرأة منشغلة كثيرا بمشاكلها المسببة لها قلقا وتعبا، فبينما كان الرب يتكلم معها عن الماء الروحي، كانت هي تتحدث معه عن الماء الموجود في البئر. مرات كثيرة يريد الرب أن يغير أشياء كثيرة فينا لكننا ننشغل بظروفنا أكثر من الرب.

قالت المرأة للرب يسوع "لا دلو لك" لكن الرب قصد أن يعرفها أنه يعطي ماء من نوع آخر، لكنها لم تفهم بدليل أنها قالت له "يا سيد أعطني هذا الماء لكي لا أعطش ولا آتي إلى هنا لأستقي" (يو4: 15). لقد ظنت أنها مياه بدل مياه، لكن الرب كان يقصد شيء آخر. لقد سبق ووعدها بأنه سيعطيها لو طلبت منه "لطلبت أنت منه فأعطاك"، لذلك قالت له "أعطني" وهو من جانبه كان لا بد أن يعطيها لأن الله لا يغير ما خرج من فمه. لكن لنعلم أن الرب قبل أن يعطي لابد أن يعمل عملية تغيير وتنظيف وتطهير لذلك قال لها "اذهبي وأدعي زوجك وتعالي إلى ههنا". ويبدو لنا من هذا العدد أن الرب يريد العائلات كما يريد الأشخاص.

"لا دلو لك والبئر عميقة ": أن هذه العبارة قالتها المرأة السامرية للرب يسوع، لكنها وصفت ما يقدمه العالم للإنسان دون أن تدري. فآبار العالم عميقة، والوصول إلى مياهها مكلف، وأين الإنسان الذي له دلو ليصل إلى هذه المياه؟ فكل ينطبق عليه القول "لا دلو لك والبئر عميقة". أما الرب يسوع فهو الماء والبئر والقريب من كل واحد منا وعلى أتم الاستعداد أن يهب ماء الحياة مجانا (رؤ22: 17). لكن كما قال هو عن شعبه"لأن شعبي عمل شرين. تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم آبارا، آبارا مشققة لا تضبط ماء" (إر2: 13).

مياه العالم والماء الحي

"يا الله إلهي أنت. إليك أبكر. عطشت إليك نفسي يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء" (مز63: 1).

لقد ذهب الرب يسوع إلى السامرة خصيصا ليتقابل مع المرأة السامرية التي كانت تشرب من مياه شرب منها الإنسان والحيوان. وهذا ما قالته هي عن مياه بئر يعقوب "شرب منها هو وبنوه ومواشيه". لقد كان الرب في كلامه معها رقيقا ولطيفا. فهو لم يجرح ولم يؤذي مشاعرها نهائيا. إنه "قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ" (إش42: 3). فهو رقيق العواطف وقلبه مملوء بالحنان. لقد قال "أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكن لهم أفضل" (يو10: 10) لقد جاء مملوءا نعمة وحقا. لقد تعامل مع المرأة السامرية بالنعمة، وفي ذات الوقت تعامل معها بالحق. لقد أظهر ما فيها من خطأ ليهبها الخلاص أيضا بالنعمة.

من المعروف أنه يمكن للإنسان أن يعيش بدون طعام لمدة طويلة، لكنه لا يستطيع أن يعيش بدون ماء ولو لفترة قصيرة. والرب يسوع يستخدم من الماء كلاما مجازيا وروحيا، وهذا كان مفهوما عند اليهود. لذلك لم يستخدم الرب يسوع في حديثه تعبيرات غريبة عن عقلية اليهودي. وهذه المعاني تتكرر في الكتاب المقدس بعهديه. يقول صاحب المزمور "عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي" (مز42: 2). وفي سفر إشعياء نقرأ وعد الله لشعبه القديم "وتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص" (إش13: 3). وأيضا "أسكب ماء على العطشان وسيولا على اليابسة" (إش44: 3). ويوجه الدعوة إلى العطاش قائلا "أيها العطاش جميعا هلموا إلى المياه" (إش55: 1). وفي العهد الجديد نقرأ قول الرب "أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا" (رؤ21: 6). وأيضا "والخروف الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية" (رؤ7: 17).

إن مياه العالم تختلف تماما عن الماء الحي، وهذا ما تعلمنا إياه كلمة الله، فالفروق كثيرة لكننا نذكر البعض منها:-

أولا: مياه العالم وأوصافها:-

1-  مياه العالم لا تروي وليس من السهل الحصول عليها: لقد قال بني قورح للرب "كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي" (مز42: 1). في هذه العبارة نرى أن هؤلاء القوم لو وجدوا الارتواء في شيء غير الرب ما كانوا أعلنوا عطشهم للرب. ولقد قالت المرأة السامرية للرب يسوع "لا دلو لك والبئر عميقة". إن هذه العبارة لم تتحدث عن بئر يعقوب فقط، لكنها تتحدث أيضا عن بئر النفس في أعمق احتياجاتها. والتي على قدر ما نعطيها لكنها لا ترتوي. مرات كثيرة حتى ونحن نصلي لا نعرف ما نحن نحتاج إليه، فبئر النفس عميقة. يقول داود "داخل الإنسان وقلبه عميق" (مز64: 6). ف فالإنسان مثلا يحتاج إلى من يحبه، وأين المحبة الصحيحة المخلصة؟! إن بئر الحب العميقة فينا لا يمكن أبدا أن يملأها إلا المحب الحقيقي وحده ربنا يسوع المسيح. كم من أناس ينتحرون لأنهم لم يجدوا من يشبع جوعهم إلى الحب.

2-  مياه العالم وقتية ولا تدوم: لقد قال الرب عن شعبه القديم "...تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم آبارا آبارا مشققة لا تضبط ماء" (إر2: 13). والأشرار "يحسبون تنعم يوم لذة" (2بط2: 13). لقد ذهب الابن الضال بعيدا عن أبيه بعد أن جمع كل شيء وسافر إلى كورة بعيدة بحثا عن الارتواء، وبذر ما له بعيش مسرف، ولما أنفق كل شيء ابتدأ يحتاج (لو15: 11-16) لقد صار في عوز شديد لكل شيء لأنه فقد كل شيء. مهما سعى الإنسان وشرب من مياه العالم لكنها تنتهي بانتهاء الحياة. فالمال مثلا مهما ملك الإنسان منه سيأتي اليوم الذي فيه يتركه بالموت، أو إن طال به العمر ربما المال يتركه. أما الماء الحي الذي يعطيه المسيح يستمر وينبع إلى حياة أبدية. ويقول إرميا النبي عن مياه العالم أنها "مياه غير دائمة" (إر15: 18).

3-  مياه العالم رديئة: قال أهل أريحا لرجل الله أليشع عن المدينة "هوذا موقع المدينة حسن... وأما المياه فرديَة..." (2مل2: 19).ولقد قالت المرأة السامرية عن بئر يعقوب "شرب منها هو وبنوه ومواشيه" (يو4: 12). إنها مياه شرب منها الإنسان والحيوان.

4-  مياه العالم تكلف: يقول الرب "أيها العطاش جميعا هلموا إلى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا. لماذا تزنون فضة لغير خبز وتعبكم لغير شبع" (إش55: 1و2). إن إبليس الكذاب الماكر يظل يخدع النفوس ويغريها. لقد قال الرب يسوع عنه "السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك" (يو10: 10). إنه يدفع الإنسان لوهم بأغلى الأثمان. يكذب على الإنسان ويدفعه للشرب من مياه العالم، لكن لا توجد مياه بلا ثمن. وكأنه يقول للإنسان اشرب كيفما شئت لكن ادفع الثمن: مرض، سجن، تعب نفسي ومعنوي، انهيار مادي واقتصادي، ضياع الصحة وغيرها. لقد شرب شمشون من مياه العالم وطال زمن شربه لكنه دفع حياته. وداود مرنم إسرائيل الحلو دفع ثمنا عظيما لهذه المياه. يكفي أنه كان "يعوم في كل يوم سريره بدموعه" (مز6: 6). لقد جفت حياته الروحية وكان يطلب من الرب قائلا "رد لي بهجة خلاصك" (مز32: 3و4، 51: 12).

5-  مياه العالم مالحة ومرة: مثل مياه مارة التي عندما شرب منها بنو إسرائيل تذمروا قائلين "ماذا نشرب" (خر15: 22-24). ومثل أمنون الذي أزل ثامار أخته بالخداع، وبعد سقوطه معها في الخطية كانت نفسه مرة حتى أنه أبغضها أكثر من الحب الذي أحبها به" (2صم13: 1-15). هكذا تفعل الخطية مع الناس.

6-  مياه العالم لا تملأ النفس ولا تفي بالاحتياج: يقول الحكيم "كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن. إلى المكان الذي جرت منه الأنهار إلى هناك تذهب راجعة". وأيضا "العين لا تشبع من النظر والأذن لا تمتلئ من السمع" (جا1: 7و8). مياه العالم حتى وإن كانت حلوة المذاق لكنها لا تروي (أم9: 17).

7-  مياه العالم لا تصلح للأبدية: لا يمكن لمياه العالم أن تروي النفس البشرية لا في هذه الحياة، ولا حتى في الأبدية. فالغني بعد أن مات ودفن ورفع عينيه وهو في الهاوية وهو في العذاب، طلب ولو قطرة ماء يبرد بها لسانه لأنه معذب في اللهيب، لكن هيهات فمن ذا الذي يستطيع أن يصل بهذه القطرة إليه؟ (لو16: 24).

ثانيا: الماء الحي الذي يروي:-

الماء الحي الذي يعطيه الرب يسوع هو وحده الذي يروي النفس، بل ويجعل فيها أيضا أنهار ماء حي والسبب لأنه يكون داخل الإنسان وليس خارجه. يقول الرب يسوع "يصير فيه" أي في داخله. إن أفراح العالم تأتي إلى الإنسان من الخارج ثم تعود إلى الخارج. أما فرح الرب ينبع من الداخل ويعلن في الخارج لكنه يعود إلى الداخل ويدوم حتى ولو في داخل السجون (أع16: 25).

إن كلفة الماء الحي بالنسبة للإنسان العطشان هي "ومن يعطش فليأت. ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجانا" (رؤ22: 17). لقد دفع المسيح ثمنه كاملا من خلال موته على الصليب. لقد قال وهو على الصليب "أنا عطشان" (يو19: 28). إن الصخرة التي أخرجت ماء لارتواء الشعب القديم لم تخرج هذا الماء الحي إلا بعد أن ضربت بالعصا التي في يد موسى رجل الله (خر17: 6). قال الرسول بولس عن هذا الشعب "وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا. لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح" (1كو10: 4). المسيح لكي يروينا كان لابد له أن ينزل كل عرقه ودمه، ولذلك بعد أن أسلم الروح ومات طعنه الجندي الروماني بالحربة في جنبه فخرج دم وماء (يو19: 34) لذلك له الحق وحده أن ينادي قائلا "إن عطش أحد فليقبل إليَ ويشرب".

 في سفر الجامعة يعلن الحكيم أن البحر مياهه مالحة وبالتالي لا تروي، وهذه صورة للنفس البشرية. "كل الأنهار تصب في البحر، والبحر ليس بملآن". تأتي إلى النفس البشرية مياه كثيرة من العالم، لكن كلها مياه مالحة لا تروي. كل الأنهار تصب في كيان الإنسان المالح ولكن ليس بملآن. فكل من يعمل الخطية يزداد فيها. لا يمكن أن يملأ النفس ويرويها إلا المسيح وحده.

المرأة السامرية حاولت أن ترتوي من خلال ابتعادها وانحرفها وانحدارها وانغماسها في العالم لكنها لم ترتوي. لازال الشيطان يحاول بكل قوته أن يخدع البشر فيعرض عليهم أشياء يوهمهم بأنها تشبع القلب ويحث على الإكثار منها، تكنولوجيا العصر والأفلام والإنترنت ومحبة المال والطمع والجشع والانغماس في الملذات والشهوات ووسائل الترفيه والتسلية المختلفة الأشكال ويظل القلب خاوي وفارغ إلى أن تلتقي النفس بالمسيح المشبع والمروي.

إن قصة هذه المرأة ليست هي قصة نقرأها، لكنها قصة كل واحد من البشر يعيش اليأس ويعاني الفراغ والعطش بعد البحث الطويل عن الارتواء، إلى أن يصغ إلى صوت الله المحب ويلتق بالمسيح المخلص. كل قلب يجول هنا وهناك للارتواء والشبع لا يجدهما إلا في المسيح الذي لا ينتظر حتى نطلب بل هو الذي يأتي إلينا بخلاصه العظيم.

إن كان الروح القدس يقدم لنا المسيح في بداية إنجيل يوحنا باعتباره "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان" (يو1: 9). "الله الكلمة" و"الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب" (يو1: 1و18)، لكنه هنا في الأصحاح الرابع نري جلال ومجد وعظمة شخصه في مقابلته للبشر، بل وأيضا عظمة النعمة في عطاياها ممثلا في مقابلته للمرأة السامرية. لقد تحدث الرب يسوع مع المرأة عن نوع آخر من الماء الذي يعطيه هو، لا يمكن الأخذ منه إلا إذا انتهى من أمامها الماء الأول الذي تشرب منه. في العهد القديم لم يرسل الرب لشعبه المن السماوي إلا بعد أن فرغ منهم طعام مصر الذي خرجوا به من هناك. وفي عرس قانا الجليل أيضا لم يحول الماء إلى خمر إلا بعد أن انتهوا من "الدون" حتى أن رئيس المتكأ تعجب من هذا. ففي العادة يقدم الجيد ثم الدون، لكن حدث العكس فلما انتهوا من الدون ظهر الخمر الجيد، فالرب دائما عنده الجيد لكن لا يظهر إلا إذا انتهى الأول.

في هذه القصة نرى أن نداء النعمة ونبعها الجاري قد تدفق ووصل إلينا. فيسوع المسيح ابن الله الحي الذي سار في طريق الصليب وتحمل ضربة العدل الإلهي وسيفه فتفجرت المياه الحية للعطاشى، وأصبح من حقه أن يهبهم ماء الحياة مجانا، هو ذاته الذي قال للمرأة "أعطيني لأشرب"، وعلى الصليب طلب ذات الطلب إذ قال أنا عطشان (يو19: 28). المرأة لم تعطه ليشرب وعلى الصليب أيضا لم يشرب. المرأة السامرية هي التي شربت وكذلك نحن الذين نتيجة عمله المبارك شربنا وارتوينا.

الرب يسوع شخص عظيم جدا وعطاياه ثمينة جدا، ولا يمكن أن نتعامل معه بشيء من الخفة والاستهتار. لذا نرجو من القارئ العزيز أن لا يسمع أو يقرأ عنه وكأنه يقرأ أو يسمع عن رواية ما. إنه يتعامل معنا بجدية، أنت لازلت على قيد الحياة لذلك في امكانك أن تشرب دون أن تتكلف شيء. لكن إذا تعاملت مع كلامه بشيء من الاستخفاف يضيع الوقت وتكون النتيجة سيئة، الطرح في بحيرة النار والكبريت حيث لا ماء ولا يستطيع أحد أن يصل بالماء إليك (لو16: 20-26).

لقد قال الرب يسوع للمرأة "اذهبي وأدعي زوجك" وهنا نرى كما أن الزوجة تحتاج إلى المياه الحية هكذا الزوج أيضا فلا فرق بين الزوج والزوجة.

يحدثنا الروح القدس في كلمة الله عن أمور حية:-

 · المسيح الحي "إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم" (عب7: 25).

 · الولي الحي "أما أنا فقد علمت أن وليي حي والآخر على الأرض يقوم" (أي19: 25).

 · الكلمة الحية "لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين" (عب4: 12).

 · الطريق الحي "فإذ لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع. طريقا كرسه لنا حديثا حيا..." (عب10: 19و20).

 · الرجاء الحي "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي... ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات" (1بط1: 3).

 · الحجر الحي "...الذي إذ تأتون إليه حجرا حيا..." (1بط2: 4).

 · الماء الحي "...لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيا" (يو4: 10).

واضح لنا من الكلام السابق أن المسيح وكلمته وروحه هو الحي والذي يحيي ويروي.

*********************

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادي عاشر

الفصل الثاني عشر

الفصل الثالث عشر

الفصل الرابع عشر

الفصل الخامس عشر

الفصل السادس عشر

الفصل السابع عشر

الفصل الثامن عشر

الفصل التاسع عشر

الفصل العشرون

الفصل الحادي العشرون

الفصل الثاني والعشرون

الفصل الثالث والعشرون

الفصل الرابع والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل السادس والعشرون

الفصل السابع والعشرون

الفصل الثامن والعشرون

الكتاب كاملاً

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.