لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

 تفسير إنجيل لوقا

بنيامين بنكرتن

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الأصحاح الثاني والعشرون

1 وَقَرُبَ عِيدُ الْفَطِيرِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْفِصْحُ. 2 وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ. (عدد 1، 2).

وصلنا إلى الفصل المُخبر بموت الرب والحوادث المُتعلقة بهِ. فنراه هنا يستعدُّ ليأخذ موضعهُ كذبيحة لكي يتم فيهِ ما رُمز إليهِ بالفصح. قد رأينا سابقًا براهين كثيرة على شرورهم الإنسان ولا سيما الذين تكلفوا بخدمة الديانة ولكن الوحي مزمع أن يُرينا في هذا الفصل أن اهتمام الجسد هو عداوة لله يعني أن الجميع أعداء لله إذ برفضهم المسيح وقتلهِ بلغ الإثم إلى درجتهِ القصوى في الشعب والكهنة والرؤساء. فإن رؤساء الأُمة الذين كان يجب أن يُميزوا الأدلة التي أثبتت أن يسوع الناصري هو مسيحهم وقبلوهُ ويقودوا الشعب إلى الخضوع لهُ. لم يفعلوا ذلك بل إمتلأوا حسدًا وحمقًا واعتمدوا على قتلهِ وأسلموهُ إلى سلطان الأُمم مع أن الوالي الوثني نفسهُ شهد أنهُ بارٌّ وغسل يديهِ وأسلَّمهُ إلى أيدي الذين طلبوا إهلاكهُ. حتى تلاميذهُ الاثنى عشر لم يقدروا الثبات فواحد منهم أصبح خائنًا وآخر أنكرهُ والجميع تركوهُ وهربوا. فإذًا حالة الإنسان الساقط قد أُعلنت تمامًا من كل وجه بالحوادث المُتعلقة برفض المسيح وموتهِ. فلا يجوز أن ننتظر شيئًا صالحًا في الإنسان. لا شك بوجود بعض صفات جميلة طبيعية تظهر في البشر بعض الأوقات ولكن عند امتحانها بالمحك أي المسيح توجد ناقصة لأن ليس لله موضع فيها. فلم يوجد أحد كاملاً عند الامتحان إلاَّ المسيح وحدهُ. وكما قد رأينا كمالاتهِ في خدمتهِ الجهارية سنراهُ أيضًا كاملاً في ظروف إهانتهِ وموتهِ.     

3 فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاثْنَيْ عَشَرَ. 4 فَمَضَى وَتَكَلَّمَ مَعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ الْجُنْدِ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ. 5 فَفَرِحُوا وَعَاهَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً. 6 فَوَاعَدَهُمْ. وَكَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ خِلْوًا مِنْ جَمْعٍ. (عدد 3-6).

فالشيطان ألقى في قلب يهوذا أن يتفق مع رؤساء الكهنة لتسليم سيدهِ قبل العيد بيومين (مرقس 1:14) ثم عمل معهُ بقوة ليحملهُ على تتميم عهدهِ معهم بعد أن أخذ اللقمة. كان يُحب المال فلما ظهر لهُ أنهُ يقدر أن يكتسب مبلغًا منهُ مضى وتخابر مع الرؤساء وعاهدهم بأنهُ يُسلمهُ إليهم. كنا نظنُّ أن يهوذا كان قد سمع من فم الرب إنذارات من جهة محبة المال تكفي لإقناعهِ بأن ذلك ليس مُحَّرمًا فقط بل يغرق الناس أيضًا في عطب وهلاك ولكن لم يكن لكلام الله موضع فيهِ من الأول إلى الآخر. ونرى أنهُ كلما كان أحد قريبًا من المسيح ومُنتسبًا إليهِ كتلميذ إذا كانت ليست فيهِ الحياة الروحيَّة يتقسى أكثر فأكثر من مجرد سماع أقوال المسيح ويصير أكبر عدو لله وأقوى آلة في يد الشيطان لتنفيذ مقاصدهِ ضد المسيح. إن كان نور كلمة الله قد أشرق علينا ولم نقبلهُ لا يلبث أن الشيطان يدخل ويستخدمنا لمقاومة الحق أكثر من الذين لم يسمعوا شيئًا منهُ. فما أحزن الصورة المرسومة هنا لشر الإنسان. كان الرؤساء يطلبون كيف يقتلون المسيح وكان يهوذا يطلب ويشتهي مقدرًا من الدراهم فبادر إبليس أن يجمعهم معًا. كان الفريقان كبائع ومُشتري فحصل كل واحد على مرغوبهِ. قال الحكيم: اقتنِ الحق ولا تبعهُ. وأما يهوذا فتاجر بالحق وخسر ليس الحق فقط بل نفسهُ أيضًا.  

7 وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ. 8 فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلاً:«اذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ لِنَأْكُلَ». 9 فَقَالاَ لَهُ:«أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ؟». 10 فَقَالَ لَهُمَا:«إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَدِينَةَ يَسْتَقْبِلُكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اِتْبَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ حَيْثُ يَدْخُلُ، 11 وَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ الْمُعَلِّمُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟ 12 فَذَاكَ يُرِيكُمَا عِلِّيَّةً كَبِيرَةً مَفْرُوشَةً. هُنَاكَ أَعِدَّا». 13 فَانْطَلَقَا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، فَأَعَدَّا الْفِصْحَ. (عدد 7-13).

سبق فأرسل اثنين من تلاميذهِ (إصحاح 28:19-35). لكي يأتيا بجحش استعدادًا لدخولهِ إلى المدينة كملك وأما هنا فيرسل اثنين منهم إرسالية أخرى لكي يجدا لهُ أُوضة حيث يأكل الفصح معهم وأظهر في الحادثتين سلطانهُ على قلوب الناس. فصاحب العِلِّيَّة الكبيرة المفروشة أعطاها طبقًا للقول: يقول لك المعلم: أين المنزل حيث آكل الفصح الخ؟ كما عمل صاحب الجحش طاعةً للقول: الرب مُحتاج إليهِ. كان مرفوضًا ولكن إرساليَّة التلميذين للتفتيش على منزل برهنت لهما أن لكلمة المُعلِّم فعلاً ونفوذًا بعد. فانطلقا ووجدا كما قال لهما. فأعدَّا الفصح. كلما تكاثرت الغيوم على طريق المسيح زاد مجهُ الذاتي لمعانًا. فأوصى بإعداد الفصح بالهدوء الإلهي بلا أقل انزعاج أو تردُّد كما سبق ورتَّب لدخولهِ إلى المدينة باحتفال ملكي لأنهُ عرف كيف يتصرف باعتبار الأحوال والظروف المُهيئة لهُ بمشيئة الله. نعم كان الإتضاع والموت طريقًا جديدًا لابن الله ورئيس الحياة ولكنهُ سلكهُ بغاية الكمال طاعةً للذي أرسلهُ. فتوجه إلى العِلِّيَّة بخطوات ثابتة مع أنها كانت في طريقهِ إلى الصليب.

14 وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ اتَّكَأَ وَالاثْنَا عَشَرَ رَسُولاً مَعَهُ، 15 وَقَالَ لَهُمْ:«شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ، 16 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِنْهُ بَعْدُ حَتَّى يُكْمَلَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ». 17 ثُمَّ تَنَاوَلَ كَأْسًا وَشَكَرَ وَقَالَ:«خُذُوا هذِهِ وَاقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُمْ، 18 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ اللهِ». (عدد 14-18).

فحفظ العيد في وقتهِ الرسمي أي في الربع عشر من الشهر مساءً (خروج 6:12). وقال لهم: شهوة اشتهيتُ أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم. كان قد حفظ العيد معهم قبل ذلك واشتهى أن يحفظهُ معهم هذه المرة الأخيرة إذ كان مزمعًا أن يُفارقهم غدًا ولا يعود يشترك معهم كإسرائيليين في ما تعيَّن لهم جميعًا تذكارًا لفداء آبائهم من عبودية مصر. ونرى هنا حاسياتهِ وعواطفهُ الإنسانية لأنهُ عاملهم كعائلة وهو رأسها فطلب أن يجتمع معهم هذا الاجتماع الأخير الوداعي ونرى في إنجيل يوحنا كم من الأقوال الحُبيَّة كانت عندهُ لأجل تعزيتهم ولكن الوحي شاء أن يذكر اشتهاءهُ هنا ويدرج الأقوال الحلوة هناك. وبمقابلة كلام الأربعة البشيرين معًا نرى الصورة الكاملة ونشتمُّ البخور العطر الصاعد منهُ كالرائحة الذكية. لأني أقول لكم: إني لا آكل منهُ بعد حتى يكمل في ملكوت الله. ينبغي أن نُلاحظ أن هذه الجملة في الأصل اليوناني أشدُّ من ترجمتها فإنهُ قال: إني لا آكل منهُ بتةً حتى يكمل الخ ومعنى يكمل يتمُّ المرموز إليهِ بهِ ويبطل كفرض رمزي. وتركيب الجملة لا يفيد أنهُ يعود يأكل منهُ بعد تكميلهِ. ربما ظهر للقارئ على أول وهلة أن لفظة حتى تفيد أنهُ يأكل منهُ بعد الحادثة المُشار إليها كقولهِ: إني لا اذهب إلى الموضع الفلاني بعد حتى اصحُّ يعني أنك تذهب بعد أن تصحُّ. ولكن معنى حتى هنا ليس هكذا بل كمعناها في قولهِ: إني لا  أمتلك صحتي بتةً حتى أموت. فمعناه أن مرضك إنما ينتهي بالموت. وهذا مقصد الرب هنا أنهُ يأكل الفصح معهم آخر مرة قبل أن يتم ويُلغى بواسطة موتهِ لأنهُ هو الفصح الحقيقي الذي ذُبح لأجلنا. وأما العبارة: ملكوت الله. فقد رأيناها مِرارًا عديدة في هذا الإنجيل وقد كتبت عنها آنفًا أنها تعني سلطان الله وحكمة وتُطلق بعض الأوقات على ممارسة سلطانهِ على هيئة حالية وأخرى على إظهارهِ إياهُ بالقوة فيما بعد. فقول المسيح عن الفصح هنا أنهُ يكمل في ملكوت الله يعني أن الله مزمع أن يُكملهُ بموت المسيح لأن ذلك لم يحصل بصدفةٍ أو بمشيئة البشر بل بحكم الله وإجراءهِ مقاصدهُ وهو يُمارس سُلطانهُ المُطلق. لأنهُ كان من الأول ينظر لا إلى الذبائح الحيوانيَّة بل إلى ابنهِ العزيز المرموز إليهِ فيها. ثم تناول كأسًا وشكر وقال: خذوا هذه واقتسموها بينكم. قيل: أن اليهود شربوا عدَّة كوؤس عند ممارستهم العيد. فهذه الكأس كانت من تعلُّقات الفصح وليس لها أقلُّ مدخل في العشاء الرباني. لأني أقول لكم: إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله قابل هذا مع كلامهِ الوارد في (مَتَّى 29:26؛ مرقس 25:14) لأنهُ يوضح المعنى تمامًا. وقد رأينا هناك أن نتاج الكرمة عبارة عن الأفراح الإنسانية وقولهُ في مَتَّى ومرقس حتى أشربهُ جديدًا الخ يُشير إلى اشتراكهِ معهم في هذه الأفراح على هيئة أخرى خلاف ما كانوا عليهِ في تلك الليلة المُحزنة نعم وفي موضع آخر أيضًا: حتى يأتي ملكوت الله. يعني إتيان ملكوت الله بالقوة ولكنهُ ليس يقصد إتيانهُ على الأرض بل اجتماع تلاميذه جميعًا معهُ في ملكوت أبيهِ كما قال في مَتَّى: أو في بيت أبيهِ كما قال في (يوحنا 1:14-3). راجع أيضًا حادثة التجلي والشرح عليها. لا شك بأن هذا يتم وقت مجيئهِ ليُقيم الملكوت على الأرض ولكنهُ ليس مُتكلمًا عن إتيانهِ إلى الأرض بل اجتماع قديسيهِ إليهِ حيث هو لكي يشترك معهم في تلك الأفراح السماويَّة كما قيل لكل من العبيد الأمناء: أُدخل إلى فرح سيدك. يوحنا قد أدرج أقوالهُ التي نطق بها في تلك الليلة ونرى أنهُ يعتبر إتيانهُ فيها بهذا الوجه عينهِ. كقولهِ: وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا (يوحنا 3:14). فما أحلى محبة المسيح لخاصتهِ الذين اختارهم من البشر لأنهُ لا يقدر أن يمتلك فرحهُ الكامل حتى يكون قد جمعهم جميعًا إليهِ في بيت الآب وملكوتهِ فعندما يُشاهدهم هناك لابسين أجسادًا مجيدة مثلهُ يفرح ويبتهج معهم. لا شك بأن فرحهُ يفوق فرحنا على قدر ما كانت أحزانهُ أشدَّ من أحزاننا ولكن مع ذلك تكون لنا الشركة الأبدية معهُ في فرحهِ كما اشتركنا في آلامهِ من أجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الابتهاج أكثر من شركائك (عبرانيين 9:1). لأنهُ ينبغي أن يكون هو مُتقدمًا في كل شيء.

19 وَأَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». 20 وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً:«هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ. (عدد 19، 20).

لا يخفى على القارئ المسيحي أن هذا إنشاء العشاء الرباني ولم يكن للخبز والكأس المذكورين هنا أقلُّ علاقة مع الفصح لأنهُ ناولهم إياهما بعد عشاء الفصح وأوضح لهم معناهما. فأخذ رغيفًا من الأرغفة الموجودة وشكر. لا يخفى أن الخبز يُشير إلى جسد المسيح الذي اتخذهُ لمجد الله لكي يمكن أن يقوم مقام الذبائح الرمزية. كما قيل: لأنهُ لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا. لذلك عند دخولهِ إلى العالم يقول ذبيحةً وقربانًا لم تُرِد ولكن هيَّأت لي جسدًا. بمحرقات وذبائح للخطية لم تُسرَّ. ثم قلتُ: هأنذا أجيء في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله. فبهذه المشيئة نحن مُقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرَّةً واحدة (عبرانيين 4:10-10). سلك المسيح مسلك الكمال كإنسان عائش بكل كلمة تخرج من فم الله وقد رأيناهُ وهو يُصلي لله عدَّة أوقات في هذا الإنجيل. فنراهُ هنا يُقدم شكرًا لله على الخبز المُشار بهِ إلى جسدهِ العتيد أن يكسر بالآلام ويُبذل ذبيحةً لأجلنا كان الموت والقبر قدامهُ ولكنهُ استمرَّ في طريقهِ وكان يقبل مشيئة الآب لإرشادهِ في كل خطوة خطاها ويُبارك ويشكر. أُبارك الرب الذي نصحني. وأيضًا بالليل تنذرني كليتاي. جعلت الرب أمامي في كل حين لأنهُ عن يميني فلا أتزعزع. لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي. جسدي أيضًا يسكن مُطمئنًا. لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيَّك يرى فسادًا. تُعرفني سبيل الحياة. أمامك شبع سرور. في يمينك نِعَم إلى الأبد (مزمور7:16-11). فبعد الشكر كسر الخبز وأعطاهُ للتلاميذ لأن الكسر يُشير إلى الموت فأكلوا من الخبز المكسور دلالةً على اشتراكهم في فوائد موت المسيح بعد ما تمَّ. هذا هو جسدي الذي يُبذل عنكم. قابل هذا مع (مَتَّى 26:26 ؛ مرقس 22:14). حيث قال: خذوا كلوا هذا هو جسدي. فبلا شك الرب نطق بعدَّة كلمات والوحي أرشد كل واحد من البشيرين أن يقتبس منها ما يُناسب مقصدهُ الخصوصي. وإني أرى أن قصدهُ في مَتَّى ومرقس ليدلنا على اتخاذهم المسيح واشتراكهم فيهِ بدل نظامهم القديم بحيث أن جسدهُ قام مقام الذبائح القديمة وأما في لوقا فالأهميَّة العظمى هي لقولهِ: الذي يُبذل عنكم يعني النعمة التي أظهرها ببذلهِ نفسهُ ذبيحةً عنهم. لاحظ أن الرب نفسهُ لم يأكل من الخبز لأنهُ لم يكن مُحتاجًا إلى الفداء بحيث هو الفادي ونحن المفديون. اصنعوا هذا لذكري. هذا القول ليس بموجودٍ في مَتَّى ومرقس ولكنهُ موجود في (كورنثوس الأولى 24:11). مع قولهِ الآخر. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تُخبرون بموت الرب إلى أن يجيء. فبهذه الأقوال أعلن مشيئتهُ بأن العشاء يُحفَظ دائمًا من تلاميذِ إلى أنهُ يجيء. وكذلك الكأس أيضًا بعد العشاء قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم. فبقولهِ. بعد العشاء يُشير إلى عشاء الفصح ويُخبرنا بأن الرب إنما أخذ هذه الكأس بعد ما أكمل الفصح ولا مدخل لها في ذاك. لاحظ أن كلام لوقا عن هذا الموضوع مُختصر. فيجب أن نلاحظ أولاً أنهُ قد ورد عدَّة ألفاظ وعبارات عن موت المسيح كبذلهِ جسدهُ وكسرهِ وسفك دمهِ إلى خلاف ذلك من كلمات الوحي المعروفة عند كل قارئ مسيحي فتُشير كلها إلى الآلام التي احتملها وهو على الصليب مرفوضًا من البشر ومضروبًا من الله حيث كان وقتئذٍ في مقام فادٍ مُتألم وذبيحٍ. لا يخفى وجود عدَّة أوجه لآلامهِ والفوائد الناتجة منها ولكنها تمَّت فيهِ مرَّة واحدة على الصليب كان البشر الواسطة لإيصالهِ إلى الصليب. ولكن لم يكن في طاقة يدهم أن يعملوا معهُ أكثر من ذلك. فالله هو الذي أخطأنا إليهِ فكنا نحتاج إلى مَنْ يستطيع أن يحتمل الآلام الكفاريَّة من يدهِ كذبيح طاهر قدوس. لو نظرنا إلى موتهِ باعتبار كونهِ من أيدي الناس فقط لحسبناهُ شهيدًا من الشهداء فقط ولكنهُ كان أكثر من ذلك بما لا يُوصف لأنهُ تألم كذبيح من يد الله الذي أقامهُ مقامنا وأجرى في نفسهِ البارَّة القصاص الذي كانت العزَّة الإلهيَّة تقتضيهِ لكي يمكن لله أن يكون بارًّا ويُبرّر كل مَنْ يؤمن. إني كتبت سابقًا عن هذا الموضوع في الشرح على (مَتَّى 26:26-28) أن دمهُ سُفك على الأرض وأما موضع لقدميهِ فهو في السماء وذلك صحيح ككلام مبني على بعض الرموز كدخول رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس مرَّةً واحدة في السنة بالدم الذي رشَّهُ على غطاء تابوت العهد ولكن عند تخصيصنا ذلك لحادثة موت المسيح نقول أن الله تعالى ذاتهُ حضر في تلك الساعة حين حجب وجههُ عن ابن محبتهِ وألمَّهُ بتلك الآلام التي كانت للكفارة عنا. وكأن السماء والأرض نعم وقوات الظلمة اجتمعت جميعهنَّ عند صليب يسوع المسيح. حتى الكلام عن سفك دمهِ الوارد في مواضع كثيرة يُشير إلى وضعهِ نفسهِ ذبيحةً طبقًا للرموز القديمة مع أننا نعلم أن دمهُ قد سُفك حرفيًّا. لم يكن من الأُمور الممكنة أن الذبائح الحيوانيَّة تصوّر لنا تمامًا آلام المسيح لأنهُ فيها يكون بالضرورة موت الذبيحة قبل كل شيء ثم بعد ذلك تقديم دمها وإحراق جسمها إلى خلاف ذلك من الأفعال الرمزيَّة وأما في حادثة كفارة المسيح كانت الآلام

 أولاً- ولم يسلم روحهُ حتى بعدما أكمل كل شيء.

ثانيًا- قولهُ عن الكأس: هي العهد الجديد بدمي. يُشير إلى العهد الجديد كمعلوم بحيث أنهُ ذُكر صريحًا في (إرميا 31:31-34) عدا الإشارات الكثيرة إليهِ الواردة في مواضع أخرى انظر (عبرانيين7:8-13) حيث الرسول يُقابلهُ مع العهد القديم ويُبرهن أنهُ أعظم وأفضل من ذاك بقدر ما كان دم المسيح أعظم قيمةً من دم الحيوانات. لأن الجديد تثبَّت على دمهِ. لم يتوقف شيءٌ من هذا العهد على أمانة إسرائيل بل توقف كلهُ على أمانة الله وصدقهِ. سبق فوعد بأنهُ يجري في قلوبهم وأذهانهم عملاً روحيًّا فعَّالاً ويكون صفوحًا عن آثامهم ولا يذكر خطاياهم وتعدّياتهم فيما بعد ثم تمَّم مواعيدُ بإرسالهِ المسيح ووضعهِ إثم الجميع عليهِ. معلوم أنهُ قطع هذا العهد الأفضل مع إسرائيل في ذات المسيح ولكنهُ ترتَّب على مبدأ الإيمان يعني ليس أحد يقدر أن يدخل تحتهُ إلاَّ بالإيمان فإذًا صار ممكنًا للأُمم أيضًا أن يدخلوا بالإيمان.

21 وَلكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22 وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ!». 23 فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ:«مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هذَا؟». (عدد 21-23).

ليهوذا الإسخريوطي مقام خصوصي في الإثم بحيث أنهُ من المُرتدين. ولا يخفى أن الارتداد موصوف في الكتاب كشيء يفوق كل ما سواهُ من الخطايا ضد الله لم يكن يهوذا كأحد الجموع ولا كأحد رُسل المسيح قريبًا إليهِ وعاين أعمالهُ وسمع أقوالهُ وتظاهر بالمحبة والطاعة لهُ بينما كان أولئك مُقاومين لهُ من الأول. كان إسرائيل كأُمة قد ارتدُّوا عن دعوة الله قديمًا فجلبوا على أنفسهم قصاصًا أشدَّ مما وقع على غيرهم. ونعلم من النبوات أن جمهور النصارى سيرتدُّون عن الإيمان المسيحي فيما بعد ويُعاقبون عقابًا أشدَّ بقدر ما أُعلنت لهم نعمة أزيد من غيرهم. وقد جرى اسمهُ مثالاً للخيانة والارتداد عن الحق والكفر بالنعمة. صار هو العلاقة بين المسيح وأعداءهِ والواسطة لتسليمهِ إليهم. لاحظ قساوة قلبهِ فإنهُ استمرَّ يُعاشر الرب وكانت يدهُ معهُ حتى على المائدة مع أن قلبهُ كان مُرتبطًا مع أعداءهِ. حقًّا محبة المال أصل لكل الشرور. كان ابن الإنسان ماضيًا في طريقهِ إلى الموت كما هو محتوم يعني بحسب مشيئة الله المُعلنة من زمان طويل ولكن قضاء الله في موت ابنهِ كفارةً عنا لم يُخفف خطيَّة ذاك التلميذ الخائن. فالويل لهُ. نعم والويل أيضًا لغيرهِ من الذين يرتدُّون عن الإيمان أو يبيعون ربهم وخلاص أنفسهم بمبلغ من المال. إذا حدنا عن الحق خطوة واحدة لا نعلم إلى أين نصل فيما بعد. لم يخطر ببال يهوذا حين تخابر مع الكهنة أن المال الذي وعدوهُ بهِ يؤديهِ إلى الهلاك المُضاعف. كلام الرب أثَّر في جميع التلاميذ الآخرين وأوقعهم في حيرةٍ فتساءلوا فيما بينهم: تُرى مَنْ منهم هو المُزمع أن يفعل هذا؟ كانت قلوبهم مُخلصة ونيتهم مُستقيمة فتأثروا من كلام سيدهم ولكننا سنرى في الفصل القادم أنهُ كانت أُمور أخرى في قلوبهم عدا استقامة النية.

24 وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضًا مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ. 25 فَقَالَ لَهُمْ:«مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ. 26 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ. 27 لأَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ: أَلَّذِي يَتَّكِئُ أَمِ الَّذِي يَخْدُمُ؟ أَلَيْسَ الَّذِي يَتَّكِئُ؟ وَلكِنِّي أَنَا بَيْنَكُمْ كَالَّذِي يَخْدُمُ. (عدد 24-27).

نرى هنا صورة لسرعة انتقال قلوبنا الضعيفة من مفعول كلمة الله إلى الكبرياء والأباطيل. قال سليمان الحكيم: لولا قليل لكنتُ في كل شرٍ في وسط الزمرة والجماعة (أمثال 14:5) يعني أنهُ في الاجتماعات لعبادة الله تعجَّب من حركات الفساد في داخلهِ. ولا شك بأننا جميعًا قد اختبرنا مثلهُ هذا الاختبار العجيب المُذلّل. كان التلاميذ مع الرب في تلك الساعات الخطيرة وكلماتهُ الفعالة تطرب مسامعهم ومع ذلك تشاجروا معًا في مسألة تتعلق بكبرياءهم فلم يزالوا يتصورون ملكوت المسيح على هيئة عالميَّة وطلبوا كل واحد منهم أكرم موضع فيهِ لنفسهِ. لم يكن صبر الرب قد أُفرغ معهم بعد فأخذ يزيل أفكارًا كهذه من بالهم بغاية اللطف. فدلهم على ترتيب ممالك هذا العالم بحيث للبعض المقام الملكي ويتسلطون على الآخرين ويُقال لهم مُحسنين أيضًا حيث يدعون بأنهم يعملون خيرًا بسيادتهم على الرعيَّة. فليكن الأمر مع ملوك العالم هكذا لأنهُ يوافق ترتيب العالم وأما الترتيب الذي رتَّبهُ المسيح لاتباعهِ فخلاف ذلك تمامًا. كقولهِ: وأما أنتم فليس هكذا. فلا يوجد موضع بين تلاميذ المسيح للتسلُّط العالمي. بل الكبير فيهم ليكن كالأصغر والمُتقدم كالخادم. توجد درجات مُتفاوتة من التقدُّم روحيًّا ولكننا إنما نُظهر تقدُّمنا بالتواضع وخدمة الآخرين بالمحبة وترك ما هو لأنفسنا. لأن مَنْ هو أكبر الخ؟ كان لهُ مقام السيادة بلا شك ولكنهُ تنازل إلى أن يشغل مقام خادم فأعطانا قدوةً في ذلك. غير أنهُ يوجد فرق عظيم بينهُ وبيننا مهما أظهرنا من التواضع بحيث أن التواضع واجب علينا باعتبار ماذا نحن فإننا تراب ورماد بل كتلة فساد بجملتنا فإذا خدمنا اخوتنا بالتواضع فذلك يليق بنا ولا نقدر أن نحسبهُ من التنازل أبدًا. وبالحقيقة التواضع فينا هو تركِنَا الكبرياء التي فينا بالطبيعة والتي تحملنا للمُشاجرة في مَنْ منا يظنُّ أنهُ يكون أكبر. فالتنازل عن الخطية وتركها من واجباتنا وليس لنا فضل منهُ.  

28 أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، 29 وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، 30 لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ». (عدد 28-30).

كان كلامهُ السابق كتوبيخ لهم فاستحقوهُ كل الاستحقاق ولكن الرب بتوبيخات فمهِ لا يبعدنا عن محبة قلبهِ. فبعد ما وضعهم في مقامهم عاد ذكر ثُبُوتهم معهُ في تجاربهِ. يعني أنهم رافقوهُ مدة خدمتهِ الجهارية. لاحظ أنهُ يُراجع خدمتهُ في وسط إسرائيل ويصفها بكلمة واحدة. تجاربي. لأنهُ ابتدأها بتجربتهِ من إبليس وفي مدَّتها احتمل من الخطاة مقاومةً لنفسهِ وها هو مُنهيها بخيانة أحد تلاميذهِ وفضهِ من الأُمة المُختارة التي أحبَّها. وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتًا. الثبوت والتألُّم مع الرب قد ترتَّب لنا استعدادًا لاشتراكنا معهُ في ملكوتهِ العتيد. إن كنا نصبر معهُ فسنملك أيضًا معهُ (تيموثاوس الثانية 12:2). انظر أيضًا وعدهُ. مَنْ يغلب فسأُعطيهِ أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضًا وجلست مع أبي في عرشهِ (رؤيا 21:3). لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي وتجلسوا على كراسيَّ تدينون أسباط إسرائيل الاثنى عشر. فيكون ملكوت المسيح المُستقبل مائدة وعرش ولا يخفى عن القارئ المسيحي أن المائدة عبارة عن الأُلفة والمحبة المُتعلقة بعائلة وأما العرش فعبارة عن الحكم وإظهار المجد في الملكوت فيكون لنا الاشتراك مع المسيح من الجهتين لأننا سنكون معهُ كعروسهِ ورفقاءهِ ونملك معهُ أيضًا كملوك جالسين على عروش حول عرشهِ. غير أنهُ يُعطي جزاءً خصوصيًّا للاثنى عشر بأن يكون لهم الحكم على أسباط إسرائيل فالواضح أن هذا خاصٌّ بهم لأنهُ لا يمكن لغيرهم أن يفوزوا بهِ ولكن يوجد كلام كثير في مواضع أخرى يؤكد لنا أن جميع المؤمنين سيملكون مع المسيح. وقد رأينا سابقًا أن مجازاة الملكوت تختلف بعضها عن بعض. ونرى هنا أن الرُّسل يدينون أي يتسلطون على أسباط إسرائيل الذي يُحسبون أول الأُمم وقت الملكوت.

31 وَقَالَ الرَّبُّ:«سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ! 32 وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ». 33 فَقَالَ لَهُ:«يَارَبُّ، إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إِلَى السِّجْنِ وَإِلَى الْمَوْتِ!». 34 فَقَالَ:«أَقُولُ لَكَ يَابُطْرُسُ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي». (عدد 31-34).

كانوا قد تبعوهُ كمسيح حيّ منتظرين أنهُ يبقى معهم إلى الأبد بدون أن يموت ولكن الموت كان أمام الرب في الطريق المُعيَّنة لهُ وكأنهم قد وصلوا إلى مفارق الطريق فيُبادر الشيطان ليأخذ فرصةً من انقلاب أفكارهم وحيرتهم لكي يُغربلهم جميعًا كالحنطة كما صار. سبق الرب وأصلحهم من الكبرياء العالميَّة وأما هنا فيمتحنهم في شيء آخر أي ثقتهم الذاتية. كان الشيطان مُزمعًا أن يُغربلهم جميعًا لا سيما سمعان بطرس لكونهِ واثقًا في نفسهِ أكثر من رفقاءهِ. فخاطبهُ خصوصًا لعلَّهُ ينتبه. ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك. فعندما يأتي بهِ الشيطان إلى نكران سيدهِ يكون في أعظم خطر أن يتقدم أكثر ويفنى إيمانهُ ويتلاشى تمامًا ولكن الرب سبق وطلب من أجلهِ أن الآب يُراقبهُ ويرجَّعهُ بعد ضلالهِ وينهضهُ بعد سقوطهِ. وأنت مَتَى رجعت ثبِّتْ إخوتك. ويكون قادرًا على هذه الخدمة لإخوتهِ المتزعزعين لكونهِ قد اختبر عظم نعمة الله أكثر منهم. ونراهُ مُتممًا هذا العمل في أوائل سفر الأعمال. فقال لهُ: يا رب إني مُستعدٌّ أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت الخ. كان خيرًا لسمعان لو انتبه وارتاب بنفسهِ قليلاً ولكن ثقتنا الذاتية لا تموت إلاَّ بضربة شديدة. وربما كانت فينا استقامة النية ومحبة قلبية للمسيح كما كانت في بطرس ولكن ذلك لا ينزع منا الثقة بذواتنا وكثيرًا ما لا يوجد علاج لها حتى أن الله يتركنا لنمتحن قوتنا وحكمتنا في مواجهة العدو العظيم المُحتال فبعد سقوطنا وإهانتنا اسم الذي نُحبُّهُ نتواضع ونبتدئ نسلك بالاحتراص. فسمعان بدل ما يتبع الرب إلى السجن والموت يخاف من أقلّ سبب وينكرهُ ثلاث مرَّات.

35 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:«حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ، هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ». 36 فَقَالَ لَهُمْ:«لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا. 37 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضًا هذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38 فَقَالُوا: «يَارَبُّ، هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ:«يَكْفِي!». (عدد 35-38).

فمرام الرب بهذا الكلام أن يُنبههم على الحقيقة العظيمة أنهُ مُزمع أن يُفارقهم فتنقطع علاقتهُ ونسبتهُ الحاضرة معهم. كانت بينهُ وبينهم نسبة خصوصية مدة حياتهِ بحيث أنهُ كان مسيحهم الحيّ الحاضر في وسط إسرائيل واختارهم كما رأينا آنفًا وأرسلهم إرسالية خصوصية ورتَّب أُمورهم بعنايتهِ حتى أنهم لم يحتاجوا إلى شيء مع أنهم جالوا بالفقر. فقال لهم: ولكن الآن مَنْ لهُ كيس فليأخذهُ ومزودٌ كذلك ومَنْ ليس لهُ فليبع ثوبهُ ويشترِ سيفًا الخ. فيذكر لهم شيئين مما تعلَّق بنسبتهم لهُ يعني القوت والعناية أو المُحامات فكان هو يقوتهم ويحميهم في وسط أعدائهم لأن السيف مجاز ويُشير إلى ذلك وفحوى كلامهِ إني ما دمتُ معكم كنتُ أعتني بكم هكذا وأما الآن فأنا مُزمع أن أُفارقكم فتصبحون على حالة أخرى مَتَى رُفض ابن الإنسان وأُحصي مع الأثمة. لأن ما هو من جهتي لهُ انقضاءٌ. يعني النبوات القديمة تتم في موتهِ. فقالوا: يا رب هوذا هنا سيفان. فقال لهم: يكفي. يعني يكفي الكلام عن هذا الموضوع لأنهم ما فهموا كلامهُ.

39 وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلاَمِيذُهُ. 40 وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ:«صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». 41 وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42 قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44 وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 45 ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ. 46 فَقَالَ لَهُمْ:«لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». (عدد 39-45).

لما أنهى كل كلامهِ معهم في العلِّيَّة خرج من المدينة كعادتهِ وسلك الطريق المؤدي إلى جبل الزيتون وأما البستان الذي دخلهُ مع التلاميذ فعند أسفل الجبل المذكور وعند وصولهم إليهِ قال لهم: صلُّوا لكي لا تدخلوا في تجربة. ينبغي أن نُلاحظ التغيير الذي حصل في اختبارات الرب. سبق وقال لهم في العلِّيَّة: لا أتكلم أيضًا معكم كثيرًا لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس لهُ فيَّ شيءٌ (يوحنا 30:14) وقد رأينا في (إصحاح 4) أن إبليس لما أكمل كل تجربة فارقهُ إلى حين. وأما هنا فنراهُ مُقبلاً إلى الرب ثانيةً ليس كالمُجرِّب بل كرئيس هذا العالم لهُ اليهود والأُمم تحت سُلطانهِ نعم والموت أيضًا كإحدى آلاتهِ لأن الإنسان من حين أُستعبد لإبليس صار عُرضةً للموت. لاحظ أنهُ لا يقول للتلاميذ أن يُصلُّوا لأجلهِ بل لأجل أنفسهم لكي لا يدخلوا في تجربة. كان العدو آتيًا عليهم جميعًا مُهيجًا العالم ضدَّهم فإذا اشتبكوا بحبائل الشبكة فلا بد أن يسقطوا كما سقط بطرس نفسهُ. فكان يجب أن ينتبهوا للظروف الخطرة  المُحيطة بهم ويصرخوا لله القادر أن يحفظهم من التجربة. وهذه من الطلبات الواجب علينا تقديمها دائمًا كما قيل في الصلاة الربانية. ولا تُدخلنا في تجربةٍ بل نجنا من الشرير (مَتَّى 13:6). الفتور في الصلاة والثقة الذاتية ليسا من الوسائط لحفظنا ثابتين في سبل البرّ. قال بطرس الرسول: اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول مُلتمسًا مَنْ يبتلعهُ هو (بطرس الأولى 8:5) لا يخفى عن المسيحي الخبير أننا في تجربة من الجهتين:

أولاً- أن نثق بأنفسنا غير مُبالين بحضور العدو وقوتهِ فبدل ما نُمارس الصلاة نرتخي وننام فيُهاجمنا فجأةً ويوقعنا في فخاخهِ.

ثانيًا- من الجهة الأخرى، إذا انتبهنا في وقتٍ ما ورأينا قوة العدو وهو عامل ضدّنا لا نزال في تجربة أن ننشغل بهذا المنظر الفظيع ونمتلئ خوفًا وحينئذ ينتصر علينا لأن الخوف منهُ يفتح بابًا لهُ بحيث أنهُ يُضعف إيماننا في وقتهِ ويعمي نظرنا حتى لا نقدر أن نرى يد الله وقوتهُ العاملة معنا لتُعطينا النصرة. وقد ورد مثال جميل لذلك في حادثة غلام أليشع النبي، فبكَّر خادم رجل الله وقام وخرج وإذا جيش محيط بالمدينة وخيل ومركبات فقال غلامهُ لهُ: آه يا سيدي كيف نعمل؟ فقال لا تخف لأن الذين معنا اكثر من الذين معهم. وصلى أليشع وقال: يا ربّ افتح عينيهِ فيُبصر. ففتح الرب عيني الغلام فأبصر وإذا الجبل مملوء خيلاً ومركبات نار حول أليشع (ملوك الثاني 15:6-17). وهكذا الأمر معنا إذا نظرنا قوة العدو فقط نخاف من منظرها ونقول آه كيف نعمل؟ ولكن إذ انفتحت أعيننا روحيًّا نرى منظرًا آخر يختلف عن ذاك اختلافًا عظيمًا فإننا نرى الله معنا فنثبت هادئين.فنحتاج إلى المُداومة على الشركة مع الله في كل حين لكي ننتصر على إبليس ونسلم من تجاربهِ. وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على رُكبتيهِ وصلَّى. نرى الرب هنا في مقامهِ كإنسان إذ لم يستعمل قُدرتهِ الإلهية ليُخلص نفسهُ من مواجهة العدو المُقبل عليهِ بالقوة. فتصرَّف كما يليق بإنسان كامل متوكل على الله. أنذر تلاميذهُ بأن يُصلُّوا لأنفسهم ولكنهُ انفصل عنهم لكي يُصلِّي وحدهُ لأنهُ كان فرق عظيم بينهُ وبينهم كما قد رأينا آنفًا بحيث أنهُ كان يُصلِّي باعتبار النسبة الفريدة الخصوصية بينهُ وبين الآب فلم يقدر أن يُصلِّي مع تلاميذهِ كأنهُ يتقدمهم وينطق بطلبات تُناسبهُ وإياهم سويةً فنراهُ مُحافظًا على مجد شخصهِ الخاص حتى في أشدّ إتضاعهِ. قائلاً: يا أبتاهُ إن شئت أن تُجيز عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك. قد رأينا في أول هذا الإصحاح أن الرب بعد ما أكمل خدمتهُ الجهارية كمُعلِّم ونبي أخذ مقامًا آخر أي مقام ذبيحة فصار الموت قُدَّامهُ وأي موت. الموت تحت حكم الله العادل مع صرف وجههِ عن ابن محبتهِ. فلم يكن من الأُمور اللائقة بهِ كإنسان أن يرتعب في الموت فخاطب الآب أن يُجيز عنهُ هذه الكأس غير أنهُ سلَّم إرادتهُ لا إرادة أبيهِ وبذلك أظهر طاعتهُ الكاملة حتى الموت. الذي في أيام جسدهِ إذ قدَّم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرُّعات للقادر أن يُخلِّصهُ من الموت وسُمع لهُ من أجل تقواهُ. مع كونهِ ابنًا تعلَّم الطاعة مما تألَّم بهِ (عبرانيين 7:5، 8). وظهر لهُ ملاك من السماء يُقويهِ. هذا كان الجواب الحالي لتقواهُ أو خضوعهِ الكامل لإرادة أبيهِ إذ ظهر ملاك من السماء وقوَّى الرب جسدًا لكي يحتمل كل ما تعيَّن لهُ. لاحظ إنهُ لم يكن يشرب الكأس بعد بل إنما ينتظرها وانتظارها فعل فيهِ إلى هذا المقدار حتى طلب أن تعبر عنهُ إن أمكن. معلوم أن الحزن الشديد لا يؤثر في الروح فقط بل في الجسد أيضًا فلذلك احتاج إلى التقوية بواسطة الملاك الذي تعلَّقت خدمتهُ بالجسد فقط وأما تعزية نفسهِ فاستمدها من الآب بالشركة معهُ. وإذ كان في جهادٍ كان يُصلِّي بأشد لجاجةٍ وصار عرقهُ كقطرات دمٍ نازلة على الأرض. فمن هذا يتضح التأثير العظيم الذي صار في جسد فادينا العزيز حين كان ينظر إلى الآلام العتيدة أن تحصل لهُ عندما يكون متروكًا من الله ومضروبًا من يد العدل كفارةً عنا. كلما اشتدَّ حزنهُ ازدادت شركتهُ مع أبيهِ مُسلِّمًا كل شيء لإرادتهِ. وذلك خلاف ما يصير في القديسين أوقاتًا كثيرة في شدائدهم إذ تنقطع شركتهم مع الله إلى حين ومن ضعفهم يضجرون وربما ينسبون الحماقة لله. ونرى مثال ذلك في أيوب نفسهِ الذي اشتهر بصبرهِ ومع ذلك أعيى وضجر في وقت الضيق. فأجاب أيوب وقال: اليوم أيضًا شكواي تمرُّدُ. ضربتي أثقل من تنهُّدي. مَنْ يعطيني أن أجدهُ فآتي إلى كُرسيهِ. أُحسن الدعوى أمامهُ وأملأ فمي حججًا. فأعرف الأقوال التي بها يُجيبني وأفهم ما بقولهِ لي (أيوب 1:23-5). لم يزل هذا العبد المُتضايق واثقًا بالله إنهُ ينصفهُ لو استطاع أن يجدهُ ويأتي إليهِ بدعواهُ ولكنهُ لم يكن وقتئذٍ في الشركة معهُ وأما المسيح فلم تنقطع شركتهُ مع الآب إلاَّ على الصليب فقط. ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذهِ فوجدهم نيامًا من الحزن. فلم يكونوا غير مُتأثرين مما شاهدوهُ في سيدهم ولكن حزنهم غلب عليهم وأوقعهم في النوم خلاف حزن الرب الذي إنما قادهُ إلى الشركة مع أبيهِ. فللحزن الشديد أفعال متنوعة في البشر كما لا يخفى ولكن فعلهُ يكون أكثر نفعًا لنا إذا حملنا إلى عرش النعمة لكي نسكب قلوبنا أمام إلهنا بالصلاة. كان الرب يصنع كل شيء في الوقت المُعيَّن بغاية الكمال ففي وقت الصلاة كان مُنفصلاً عن التلاميذ يُصلِّي فاستمدَّ من أبيهِ المعونة وارتفع فوق قوات الظلمة وحالما انتهى جهادهُ افتكر في تلاميذهِ وجاء إليهم. فقال لهم: لماذا أنتم نيام؟ قوموا وصلُّوا لئلا تدخلوا في تجربةٍ. كان الأعداء مع يهوذا الإسخريوطي قادمين إلى البستان وها التلاميذ نيام غير مُستعدين لحادثة كهذه. لا يمكن أن إلهنا يقودنا إلى الخطية ولكنهُ من الأُمور الممكنة أنهُ يُدخلنا في تجربة يعني يسمح أن نكون في غربال الشيطان إلى حين حتى ينكشف لنا الجسد الفاسد فينا فنتعلم أن نتكل على الله وليس على أنفسنا وحكمتنا. وكثيرًا ما يظهر فينا مقدار عظيم من القساوة أو الخفَّة أو عدم الانتباه إلى إنذارات الرب ونستمرُّ في طريقنا حتى أخيرًا لتنبيهنا وسحقنا يلزم أن يتركنا الآب لأنفسنا لكي نختبر قوة العدو الذي لم نكن نسهر ونُصلي ضدَّهُ ونتعلم أيضًا ضعف الإنسان وعدم نفع الجسد وحينئذٍ بعد رد نفوسنا نسلك بالتواضع وبخوف الله غير متكلين على أنفسنا. فيليق بنا أن نُصلي في كل حين لئلا ندخل في تجربةٍ يعني أن أبانا يحفظنا سالكين معهُ حتى لا يكون داعٍ يوجب أن يرمينا لأجلهِ في غربال الشيطان. لا شك أنهُ من نعمتهِ المُتفاضلة يعتني بنا وإذا لزم يُنقينا بوسائط مؤلمة ومرَّة كهذه ولكن مع ذلك مُخيف هو الوقوع في يدي الله الحيّ. خير لنا أن نتعلم ضعفنا وقوة العدو بالسلوك مع الله والمواظبة على الصلاة من أن نتعلم ذلك من الاختبار المُرّ الناتج من سقوطنا تحت قوة التجربة. لا يخفى على القارئ المسيحي أن جهاد الرب في البستان يُظهر لنا حقيقة ناسوتهِ لأننا نراهُ يُصلي بلجاجة شديدة إلى أبيهِ وحصل على الجواب منهُ لا بإجازة الكأس عنهُ بل بإرسال ملاكٍ ليُقويهُ جسدًا حتى يستطيعه أن يُكمل مشيئة الآب تمامًا. ينبغي أن نُلاحظ جيدًا أنهُ يُقال عنهُ أنهُ كان خائفًا بل أنهُ كان حزينًا جدًا حتى الموت كما ورد في (مَتَّى 38:26) وأنهُ كان في جهادٍ. لأن الخوف لا يليق بهِ كابن الله وإنسان كامل الاتكال على الذي أرسلهُ. لا شك بأن الخوف يغلبنا نحن أوقاتًا كثيرة لضعف إيماننا. لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف لهُ عذاب وأما مَنْ خاف فلم يتكمل في المحبة (يوحنا الأولى 18:4). فإن سأل لماذا اشتدَّ جهاد السيد إلى هذا المقدار إن لم يكن فيهِ الخوف مما هو عتيد أن يأتي عليهِ؟ فأقول:

أولاً- إن الوحي لا ينسب لهُ الخوف.

ثانيًا- يوجد سبب آخر يكفي لجهادهِ العظيم في البستان بحيث أنهُ كان رئيس الحياة والموت حالة استثنائية للإنسان فإنهُ إنما دخل بواسطة الخطية فضلاً عن كونهِ مُزمعًا أن يموت تحت حكم الله العادل كذبيحة بدلاً عنا. فلم يكن من الأُمور اللائقة بالمسيح أن يستخفَّ بالموت على أي وجه كان فأظهر كمالهُ بالتجائهِ إلى أبيهِ بالصلاة وبإقرارهِ بأنهُ قادر إن شاء أن يُجيز عنهُ هذه الكأس. لاحظ أنهُ ليس مذكورًا هنا أنهُ كرَّر هذه الطلبة ثلاث مرات ولا قولهُ للآب إن كل شيء مستطاع عندهُ لأن المقصد الخصوصي هنا إظهار جهادهِ ثم تقواهُ الكاملة بخضوعهِ لإرادة أبيهِ. فنقول بالاختصار أنهُ من كمالهِ طلب إجازة الكأس عنهُ ومن كمالهِ قبلها أيضًا من يد أبيهِ. لم يقبل شيئًا من يد العدو ولا من يد البشر وبذلك أعطانا قدوةً للتصرُّف اللائق بنا في وقت الضيق والتجربة بحيث أنهُ يجب أن نُراعي يد أبينا في كل شيء ولا ننظر إلى الأسباب الثانوية. وأما على الصليب فكان وحدهُ وناب عنا.                 

47 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ، وَالَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، يَتَقَدَّمُهُمْ، فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. 48 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟» 49 فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَايَكُونُ، قَالُوا:«يَارَبُّ، أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟» 50 وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. 51 فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ:«دَعُوا إِلَى هذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا. (عدد 47-51).

مَتَى كنا سالكين في طريق الطاعة لا نُناقض واجباتنا بعضها بعضًا لأن الروح لا يرشدنا إرشادًا يقتضي أن نكون في موضعين في وقت واحد أو أن نعمل عملين معًا غير أننا من ضعفنا نقصر عن إدراك قيادتهِ ونغلط ونقع في حيرةٍ مِرارًا عديدة خلاف سيدنا الذي أكمل كل شيء في وقتهِ ومكانهِ بدون تردُّد والتباس كما يظهر لنا هنا لأنهُ جاهد في الصلاة وقت الصلاة ولكنهُ فرغ منها وتقدَّم إلى باب البستان لكي يواجه الجمع المُقبلين عليهِ وأما مقصد هذا الفصل الخصوصي فهو:

أولاً- لإظهار خيانة يهوذا الذي كان دليلاً للجمع ودنا من يسوع ليُقبلهُ. ونرى هنا إلى أي مقدار تُقسي محبة المال القلب فبقى يهوذا محمولاً منها ولم يتردد عن تسليم ابن الإنسان بقبلةٍ.

ثانيًا- لإظهار سوء عمل التلاميذ إذ قالوا في حيرتهم: يا ربَّ أَ نضرب بالسيف؟ كانوا نيامًا وقت السهر والصلاة فلم يعرفوا كيف يتصرفون وقت التجربة. ولا يخفى أننا نعمل مثلهم أوقاتًا كثيرة إذ ننام في الوقت المُعطى لنا للصلاة ثم تُفاجئنا التجربة ونضرب بالسيف في الوقت المُعيَّن للهدوء والتسليم. فأجاب يسوع وقال: دعوا إلى هذا الخ. نعلم أن بطرس هو الذي ضرب عبد رئيس الكهنة وقطع أُذنهُ ولكن لوقا لا يذكر اسمهُ لأنهُ يقصد أن يُرينا لطف السيد إذ قال للذين كانوا يربطون يديهِ دعوا إلى هذا. يعني طلب منهم أن يرخوا يدهُ قليلاً حتى يمدَّها إلى الأُذن المجروحة بسيف تلميذهِ الغيور فيبرئها. فما أعظم لطفهُ لأنهُ كثيرًا ما يُبرئ الجروح التي تحصل للآخرين من ألسنتنا التي هي كسيوف حادَّة إذا استعملناها في الغضب أو في الغيرة الجسدية.

52 ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ:«كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! 53 إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلكِنَّ هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ». (عدد 52، 53).

نرى في يسوع شيئين مجموعين وهما القوة مع الله والصبر مع الناس. فصلى بلجاجةٍ إلى الله في البستان وأظهر كامل الثقة والطاعة وأما عند مواجهتهِ الناس فكان هادئًا وعمل وتكلَّم معهم كما يليق بالحال. أبرأ الأُذن المقطوعة ثم سلَّم يدهُ الحنونة القديرة للقيد وأخذ يُخاطب الرؤساء بما يُناسبهم. لماذا خرجوا عليهِ كأنهُ على لصّ بالأسلحة اللازمة لضبط العتاة؟ كان قد صرف مدة معهم يُعِّم جهارًا فلو كان رجلاً شريرًا مُضلاًّ فلماذا لم يمسكوهُ قبلاً؟ فإن كانوا مُتكلفين بحفظ التعليم الصافي للشعب وقصاص المُضلين كان ينبغي أن ينتبهوا لمسئوليتهم قبل ذلك. أما الظالم فلا يعرف الخزي (صفنيا 5:3). لم يكن عندهم جواب لسؤال الرب ومع ذلك عملوا معهُ كأنهُ لصّ. على أنهُ لم يعمل ظُّلمًا ولم يكن في فمهِ غشٌّ (إشعياء 14:53). ولكن هذه ساعتكم وسُلطان الظُّلمة. هذا هو التفسير الحقيقي لعملهم. كانت الساعة المُعيَّنة لتسليمهِ إلى أيدي الناس قد أتت وهي ليست ساعتهم فقط بل ساعة سلطان الظُّلمة أيضًا. يعني أنهم آلات في يد العدو العظيم الذي هو مصدر الغش والضلال.

54 فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ. 55 وَلَمَّا أَضْرَمُوا نَارًا فِي وَسْطِ الدَّارِ وَجَلَسُوا مَعًا، جَلَسَ بُطْرُسُ بَيْنَهُمْ. 56 فَرَأَتْهُ جَارِيَةٌ جَالِسًا عِنْدَ النَّارِ فَتَفَرَّسَتْ فيهِ وَقَالَتْ:«وَهذَا كَانَ مَعَهُ!». 57 فَأَنْكَرَهُ قَائِلاً:«لَسْتُ أَعْرِفُهُ يَا امْرَأَةُ!» 58 وَبَعْدَ قَلِيل رَآهُ آخَرُ وَقَالَ:«وَأَنْتَ مِنْهُمْ!» فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ أَنَا!» 59 وَلَمَّا مَضَى نَحْوُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ أَكَّدَ آخَرُ قَائِلاً:«بِالْحَقِّ إِنَّ هذَا أَيْضًا كَانَ مَعَهُ، لأَنَّهُ جَلِيلِيٌّ أَيْضًا!». 60 فَقَالَ بُطْرُسُ:«يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ أَعْرِفُ مَا تَقُولُ!». وَفِي الْحَالِ بَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ صَاحَ الدِّيكُ. 61 فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ، كَيْفَ قَالَ لَهُ:«إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 62 فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا. (عدد 54-62).

لاحظ أن كلام لوقا مُختصر جدًّا عن الحوادث التي جرت مع الرب في تلك الليلة قابل كلامهُ مع (مَتَّى 47:26-75) فترى ذكر عدَّة أشياء ليست مذكورة هنا. وأما الفصل الذي نحن في صددهِ فيُخبر عن تجربة بطرس وسقوطهِ. معلوم أنهم أخذوا الرب بالليل إلى دار رئيس الكهنة وفحصوهُ غير قانوني أمام حنان الذي لم يكن رئيس الكهنة وقتئذٍ بل كان حما قيافا الذي امتلك رئاسة الكهنة في تلك السنة انظر (يوحنا 13:18، 14). فقد سبق الشرح على سقوط بطرس في (مَتَّى 69:26-75).فلا حاجة أن أتكلَّم كثيرًا هنا عن هذا الموضوع المُحزن. غير إني أقول أن الوحي قد أدرج سقوط ذلك التلميذ الغيور مع تفاصيلهِ ليس لكي يعيبهُ ويشهرهُ بل لأجل إفادتنا نحن لأننا لا نزال نحتاج إلى التعليم عن ضعف الجسد والإنذارات عن الاتكال الباطل على أنفسنا الذي لا ينتج منهُ سوى الخجل أمام الناس والحزن أمام الله. يظهر من مُقابلة كلام الأربعة البشيرين أن جميع التلاميذ هربوا إلى بعيدٍ  في الأول ثم رجع بطرس ويوحنا وتبعا في أثر الذين كانوا يسوقون السيد إلى المدينة. ولكنهُ يُقال عن بطرس أنهُ تبع الرب من بعيدٍ. ثم عند وصولهم إلى دار الرئيس جلس بين الخدام في الخارج عند النار. لا شك بأنهُ كان يُحبّ الرب ولكنهُ كان يخاف من الناس أيضًا. فكان خير لهُ والحال هكذا لو بقى بعيدًا عن الأعداء مع رُفقاءه الذين استغنموا الفرصة وهربوا من طريق الظالمين وبقوا مُختبئين في ظلام الليل. إن كنا لا نقترب إلى الله بالصلاة نخاف من الناس في وقت التجربة وربما نسقط في ذات الفخ الذي كنا نخاف منهُ. لأننا لا نقدر أن ننجو من قوة العدو إن لم نكن قريبين من الله مصدر الحكمة والمعونة. فكان بطرس المسكين مُبتعدًا عن الرب روحيًّا على قدر ما ابتعد عنهُ جسديًّا. فحالة الابتعاد إنما نتجت من الضعف وقدَّمت فرصة مناسبة للمُجرِّب. ونرى أيضًا أن أقلَّ سبب يُخيفنا إذا قوى عدم الإيمان في قلوبنا كما يذكر الوحي هنا عن بطرس إذ رأتهُ جارية عند النار فتفرست فيهِ وقالت: وهذا كان معهُ. فأنكرهُ قائلاً: لست أعرفهُ يا امرأة. ينبغي أن نُلاحظ أيضًا أنهُ بعد النُكران الأول صارت لهُ فرصة مرة بل مرَّتين للانتباه ولكن الخوف بقى مستوليًا على قلبهِ الضعيف حتى أنكر سيدهُ ثلاث مرات كما سبق الرب وأنذرهُ. وأما يسوع وحدهُ فكان كاملاً في وسط الجميع. فلم يكن مشغولاً ومغلوبًا من إهانة الأشرار ولا نسى تلميذهُ الساقط بل نظر إليهِ فانتبه وخرج إلى خارج وبكى بكاءً مرًّا.

63 وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ، 64 وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ قَائِلِينَ:«تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟» 65 وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ. (عدد 63- 65).

لا يخفى أن هؤلاء جميعًا كانوا إسرائيليين وعرفوا كثيرًا عن حياة المسيح وخدمتهِ فصرفوا ما بقى من الليل بإهانة ابن الله مسيحهم وبرهنوا لنا تمامًا عُظم عداوة الإنسان لله. ولكن الوحي في هذا الإنجيل إنما يُشير إلى ذلك في سياق الكلام لأنهُ يختصر كثيرًا ذكر الحوادث المُتعلقة بآخر حياة المسيح وموتهِ. 

66 وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67 قَائِلِينَ:«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا!». فَقَالَ لَهُمْ:«إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ، 68 وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69 مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ». 70 فَقَالَ الْجَمِيعُ:«أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ». 71 فَقَالُوا:«مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ». (عدد 66-72).

هذا كان مجمعهم العظيم القانوني المؤلف من شيوخ ورؤساء الكهنة الذي كان لهُ الحق أن يحكم في الدعاوي الدينية. وكان قيافا رئيس الكهنة صاحب الكرسي في هذا المجمع. هؤلاء هم القضاة الذين أخذوا عليهم المسئولية الباهظة بأن يدينوا ابن الله مُخلصهم. ويتضح أنهم صرفوا الليل بالنوم بينما كان خُدامهم يهينونهُ. ثم لما استوفوا راحتهم اجتمعوا معًا اجتماعًا رسميًّا لكي يحكموا في دعوى ربّ المجد وأصعدوهُ إلى مجمعهم قائلين: إن كنت أنت المسيح فقُل لنا. نعلم من مواضع أخرى أنهم فتشوا على شهود زور ولم تتفق شهادات الشهود حتى التزموا أخيرًا بأن يقضوا عليهِ بموجب ذات إقرارهِ وأما لوقا فلا يُشير إلى ذلك لأن مقصدهُ أن يُرينا صدق المسيح لا نفاق قضاتهِ. فلما عجزوا عن وجدان شاهدين يشهدان عليهِ بالاتفاق بحسب شريعتهم سألوهُ ماذا إقرارهُ عن نفسهِ؟ فقال لهم: إن قُلت لكم لا تُصدقون. وإن سألت لا تُجيبونني ولا تطلقونني. يعني إن كان يقول لهم الحق لا يُصدّقون لأنهم كانوا قد رفضوا الحق الذي طالما أعلنهُ لهم وإن سألهم سؤالات ليظهر لهم اعوجاج حكمهم لا يقبلونها لأنهم ليسوا طالبين إجراء العدل. فلماذا يصرف وقتهُ بكلام بلا نفع مع قضاة كهؤلاء. فتركهم لحيرتهم وعجزهم. منذ الآن يكون ابن الإنسان جالسًا عن يمين قوة الله. نعلم من كلام مَتَّى أن رئيس الكهنة تظاهر بتقوى عظيمة واستحلف الرب الذي اعتبر القسم وأقرَّ بهذا الإقرار ولكن لوقا لا يذكر ذلك. فمعنى الرب بكلامهِ الوارد في هذه الآية هو أنهُ ابن الإنسان وأنهُ مُزمع من الآن أن يأخذ مقامًا جديدًا خلاف ما كان عليهِ إلى ذلك الوقت فإنهُ يجلس عن يمين قوة الله أي يرتفع ويتمجد. لم يزل يقف بينهم في حالة الضعف فأهانوهُ ولكنهُ يأخذ مقام القوة ولا يمكنهم أن يعرفوهُ إلاَّ هناك. فقال الجميع أَ فأنت ابن الله؟ هذه كانت شكواهم العُظمى عليهِ. فقال لهم: أنتم تقولون إني أنا هو. معلوم أن هذا اصطلاح معناهُ أنا كما تقولون. أي ابن الله. فقالوا: ما حاجتنا بعد إلى شهادة؟ لأننا نحن سمعنا من فمهِ. فحكموا عليهِ بموجب إقرارهِ بأنهُ ابن الله ولم يزل إسرائيل إلى هذا اليوم مُصادقين على حكم رؤساءهم.

12 11 10 9 8 7 6 5 4 3 2 1 المُقدمة
24 23 22 21 20 19 18 17 16 15 14 13

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة