لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

الكهنوت الطقسي

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الحجج الخاصة بشفاء المرضى، والردّ عليها

          [ قال يعقوب الرسول "أمريضٌ أحدٌ بينكم، فليدع شيوخ الكنيسة، فيصلّوا عليه بزيت باسم الرب. وصلاة الإيمان تشفي المريض، والرب يقيمه. وإن كان قد فعل خطية تغفر له" (يعقوب 5: 16) ـ فهذه الآية تدل على وجوب وجود كهنة في الكنيسة لهم الحق في دهن المرضى بالزيت، لكي يشفوا هؤلاء وتغفر لهم خطاياهم أيضاً].

          الرد: (أ) إن شيوخ الكنيسة أو قسوسها ليسوا كهنة (لأن الكهنة بالمعنى الحرفي هم الذين يقدمون الذبائح الكفارية للله، وهذه الذبائح لا مجال لها بعد كفارة المسيح كما ذكرنا مراراً وتكراراً ([1]))، بل إنهم ، كما ذكرنا فيما سلف، أشخاص متقدمون في السن وحياة الإيمان، لهم إلمام بكلمة الله ومعاملاته، وقادرون تبعاً لذلك على الوعظ والتعليم.

          (ب) إن الوحي بقوله "أمريضٌ أحد بينكم، فليدع شيوخ الكنيسة"، يعلن لنا خطأ استدعاء شيخٍ واحد في هذه الحالة، ويرجع السبب في ذلك إلى أن شيوخ الكنيسة مجتمعين معاً، يمكنهم بالبحث أن يعرفوا سواء كان المرض الذي حلّ بهذا الشخص، مرضاً عادياً، أو تأديبياً له بسبب خطية عملها (1كورنثوس 11: 30). وإذا كان الأمر كذلك، أدركنا أن قيام قسيس واحد أو بعض الشبان أو السيدات بدهن المرضى بالزيت (كما نشاهد الآن في بعض الجماعات المسيحية)، لا يتفق مع الحقّ الإلهي.

          (ج) إن الآية لا تقول عن القسوس إنهم يدهنون المريض بالزيت (بـ أل التعريف) كما لو كان زيتاً مقدساً (مثلاً)، بل تقول "بزيت" فقط، أي بزيت عادي. كما أنها لا تقول إنهم يرشمونه بهذا الزيت (أو بالحري يرسمون به علامة صليب صغير على جبهة المريض، أو غيرها من أعضاء جسمه كما يعمل البعض في الوقت الحاضر)، بل تقول إنهم يدهنون المريض به، أو بالحري يدهنون جسمه كله به. فضلاً عن ذلك، فإن الآية لا تقول إن الزيت يشفي المريض، بل تقول إن صلاة الإيمان هي التي تشفيه، الأمر الذي يدل على أن القسوس يجب أن لا يكونوا فقط ملمّين بأقوال الله، بل أن يكونوا أيضاً رجال صلاة ورجال إيمان معاً.

          (د) وإذا كان الأمر كذلك، أدركنا أن المراد بكلمة "زيت" هنا، هو زيت الزيتون العادي الذي لا يزال يستعمل في بلاد فلسطين، وفي غيرها من البلاد في الشؤون الطبية، فقد كان اليهود يضعون على الجروح والضربات زيتاً (إشعياء 1: 6)، أو زيتاً وخمراً([2]) (لوقا 10: 34)، أما في العهد الجديد، فقد أعلن الوحي أن المؤمنين الحقيقيين يجب أن لا يكون علاجهم في حالة المرض مقصوراً على الزيت (أو على غيره من الأدوية) ، بل يجب أن يكون مصحوباً بالاعتراف بالخطية والتوبة عنها، إذا كان المرض تأديباً من الرب بسببها، لأنه يجب السعي للحصول على الغفران قبل الحصول على الشفاء. فإذا أضفنا إلى ما تقدّم، أن المسيح شفى شخصاً أعمى بوضع شيء من الطين على عينيه، وليس شيئاً من الزيت (يوحنا 9: 6)، وأن إشعيا النبي أوصى أن يوضع قرص تين وليس شيئاً من الزيت، على الدبل الذي كان يشكو منه حزقيا الملك ليبرأ (إشعياء 38: 21)، اتّضح لنا أنه ليس هناك مجال للاعتقاد بوجود سر خاص في الزيت الذي نحن بصدده، أو أنه وحده هو الوسيلة المنظورة للعلاج المادي ([3]).

          (هـ) أخيراً نقول: إذا رجعنا إلى تاريخ الكنيسة، نرى أن المسيحيين في القرنين الأول والثاني كانوا يعتمدون في أمر الشفاء على صلاة الإيمان وحدها، لكن الذين أتوا بعدهم في القرن الثالث، تسرّب إلى ذهنهم الظن بأن الزيت هو الذي يشفي المرضى. وما لبث هذا الظن طويلاً حتى أصبح عقيدة لديهم. فقد قرر مجمع بافيا سنة 850م أن في هذا الزيت سراً، وأنه يطهر أيضاً من الخطايا والآثام. ولذلك أخذ بعض رجال الدين يدهنون به المشرفين على الموت، حتى (حسب اعتقادهم) ينطلق هؤلاء إلى العالم الآخر أطهاراً أنقياء !!.


[1] - والكهنة بالمعنى الروحي هم المؤمنون الحقيقيون عامةً، لأن لهم امتياز الاقتراب من الله وتقديم الذبائح الروحية كما ذكرنا في كتاب "كهنوت المؤمنين".

[2] - فالأول لترطيب الجروح، والثاني لتطهيرها.

[3] - لأن هناك شفاء من الله مباشرةً، لا يتطلّب زيتاً أو شيئاً آخر، إذ أن كل ما يتطلبه هو صلاة الإيمان.

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.